6213 - ( أَدْرَكْتُ (الْقَوَاعِدَ) وَهُنَّ يُصَلِّيَنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الفرائضَ ) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف .
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (25/130/315) ، و"الأوسط "
(4/204/2/8143) عن أبي شهاب عن ابن أبي ليلى عن عبدالكريم عن عبد الله
ابن فلان (وفي الأوسط : ابن الطيب) عن أم سلمة (وفي الكبير : أم سليم) بنت
أبي حكيم قالت : ... فذكره . وقال :
"لا يُروى عن أم سلمة بنت [أبي] حكيم إلا بهذا الإسناد" .
قلت : وهو ضعيف ، مسلسل بالعلل :
الأولى : أم سلمة هذه ؛ فإني لم أعرفها إلا في هذا الحديث ؛ والإسناد الواهي
عنها ، وإن مما يدلك على ذلك اضطراب رواته في ضبط كنيتها ، فقيل : أم سلمة ،
وقيل : أم سليم ؛ كما رأيت ، وقيل : أم سليمان ؛ كما يأتي . وذكرها ابن عبدالبر
في "الاستيعاب" بهذه الكنى الثلاث ولم يزد! وكذلك الحافظ في "الإصابة" ؛
ولكنه ساق لها هذا الحديث فقط برواية الطبراني في "الأوسط" وابن منده بالإسناد
الأول ، وقال : "أم سليمان بنت أبي حكيم" . وفي رواية له : وأم سليمان بن أبي
حثمة" من طريق أخرى كما يأتي ، في "الكبير" كما في "المجمع" (2/34) فقال :
"وعن سليمان بن أبي حثمة عن أمه قالت :
رأيت النساء القواعد يصلين مع رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد" .
وقال :
"رواه الطبراني في "الكبير" وفيه عبدالكريم بن أبي الخارق وهو ضعيف " .
قلت : ولم أره في "المعجم الكبير" المطبوع مستعيناً عليه بالفهارس الموضوعة
في آخر كل مجلد من محققه ، ثم في فهارسه التي وضعها أخيراً الأخ عدنان
عرعور - وأهدى إلي نسخة منها جزاه الله خيراً - لا في "فهرس الحديث " ولا في
"فهرس مسانيد الرواة" ، فلعله فيما لم يطبع منه بعد . والله أعلم .
هذا ، وقد تبع ابن عبدالبر ابن الأثير في "أسد الغابة" في إيراد هذه المختلف
في كنيتها بكناها الثلاثة ، وزاد فقال :
"لا يوقف على اسمها" .
فكأنه أشار إلى جهالتها وعدم ثبوت صحبتها . والله أعلم .
هذه هي العلة الأولى .
والثانية : عبد الله ابن فلان أو ابن الطيب ؛ مجهول لا يعرف في شيء من
كتب الرجال التي عندي .
والثالثة والرابعة : ضعف ابن أبي ليلى وعبدالكريم ، وبهما أعله الهيثمي
مفرقاً ، والحافظ ، فقال في "الإصابة " :
"والسند ضعيف من أجل ابن أبي ليلى ؛ وهو : محمد ، وشيخه عبدالكريم ؛
وهو : ابن أبي الخارق" .
قلت : وأبو شهاب (ووقع في "الإصابة" ابن شهاب) . اسمه : عبدربه بن نافع ،
وهو من رجال البخاري ، قال في "التقريب" :
"صدوق يهم " .
لكن تابعه أبو محصن حصين بن نمير عند ابن منده ، وأبي نعيم كما ذكر في
"الإصابة" ، قال الحافظ :
"لا بأس به ؛ روى له البخاري " .
ثم رأيته في "المعجم الكبير" (24/317/799 و800) من طريق قيس بن
الربيع وحصين بن نمير كلاهما عن ابن أبي ليلى بسنده المتقدم عن أم سليمان بن
أبي خثمة قالت :
"رأينا النساء ... " .
وله شاهد واهٍ بمرة ، فقال البزار في "مسنده " (1/222/446) : حدثنا خالد
ابن يوسف : ثنا أبي عن الأعمش عن أنس بن مالك :
أنه سئل عن العجائز : أكن يشهدن مع رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة؟ قال : نعم ؛
والشواب .
ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في "الأوسط " (1/36/2 - مجمع البحرين)
وقال :
"لم يروه عن الأعمش إلا يوسف " .
قلت : وهو : ابن خالد السمتي البصري ، متروك ، قال ابن عدي (7/162) :
"قد أجمع على كذبه أهل بلده " . وقال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 131) :
"كان يضع الحديث على الشيوخ ، ويقرأ عليهم ، ثم يرويها عنهم ، لا تحل
الرواية عنه ، ولا الاحتجاج به بحال . قال ابن معين : كان يكذب " . وكذبه غيره
أيضاً . وقال الحافظ في "التقريب" :
"تركوه ، وكذبه ابن معين ، وكان من فقهاء الحنفية" .
وألان القول فيه الهيثمي ، فقال بعد أن عزاه للبزار والطبراني :
"وفيه يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف "!
وقلَّده الشيخ الأعظمي في تعليقه على "البزار"! كما هي عادته ، ولعل من
العوامل على ذلك العصبية المذهبية ، فإنه حنفي مر!
واعلم أنه كان الباعث على تخريج هذا الحديث أموراً :
الأول : تحقيق القول في مرتبته ، وبيان حال رجال إسناده ، حسبما جرينا في
تخاريجنا كلها في "السلسلتين " . ،
الثاني : بيان حال أم سليم بنت أبي حكيم هذه ، وأنها لا تثبت لها صحبة ،
رغم أنهم ذكروها في الصحابيات!
الثالث : الرد على مؤلفة جاهلة أو كاذبة متعصبة على بنات جنسها ، من نمط
تلك الجامعية المسصاة بـ "رغداء بكور الياقتي " في كتيبها "حجابك أختي المسلمة"
التي ذكرت في مقدمته أن كشف الوجوه من النساء في الشوارع مثل مصافحة
الرجال الأجانب ، والاختلاط مع الغرباء !! ضاربة بذلك كل الأدلة الصحيحة من
الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين وأقوال الأئمة المجتهدين المذكورة في
كتابي "حجاب المرأة" عرض الحائط .
أقول : فهذه كتلك المؤلفة التي لم أقف على كتابها ، يجمعهما الجهل
بالشرع ، والتعصب الأعمى ، والهوى الأصم ؛ فقد قالت - والعهدة على من أنقل
عنه (1) - : قال :
"وقالت مؤلفة فاضلة (!) :
أورد الهيثمي في "مجمع الزوائد" عدة أحاديث كلها ضعاف ، ولكن
مجموعها يقويها ، ويجعلها حسنة لغيرها تفيد أن القواعد من النساء فقط كن
يصلين مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دون الشابات " .
قلت : وهذا القول من هذه (الفاضلة!) فيه عدة أكاذيب وجهالات :
الأولى : كذبها على الهيثمي ؛ فإنه لم يذكر ما ادعته من الإفادة إلا حديثاً
مرفوعاً واحداً هو حديث الترجمة ، ولكنها لجهلها توهمت أنه ثلاثة أحاديث ؛ لأن
الهيثمي أورده من حديث أم سلمة ، وأم سليمان ، وأم سُليم ، وهي في الحقيقة
حديث واحد اضطرب أحد رواته الضعفاء في إسناده كما تقدم بيانه .
الثانية : قولها : "ولكن مجموعها يقويها ... " يشعر بأنها جاهلة بشرط التقوية ،
وهو أن لا يشتد الضعف في مفرداتها ، فكيف وليس هنا إلا طريق واحدة وسند
واحد ؟!
الثالثة : قولها : "فقط " ؛ فهو كذب محض ، وجهل مطبق بالأحاديث الأخرى التي يأتي الإشارة إليها ، أما الكذب ، فيبينه أن الهيثمي أورد أيضاً حديث أنس
المتقدم وفيه "والشواب " ، وإن كنا بينا وهاءه ، ولكن المقصود أن ذلك يبطل قولها :
"فقط " .
ومن الغريب حقاً أن حضرة الناقل لهذه الجهالات عنها وصفها بقوله : "مؤلفة
فاضلة" ! فمن أين جاء الفضل وهي بهذه المثابة من الجرأة اللا أدبية التي لا تليق
بالرجال الأقوياء ، فضلاً عن النساء القوارير ! أقول هذا ، وإن كان الفاضل المشار
إليه قد رد عليها تقويتها للحديث ، ولكن على طريقة الفقهاء المتأخرين فقال :
"الأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم تؤكد حضور الشواب للمسجد . ومن
أولئك : أسماء بنت أبي بكر ، وعاتكة بنت زيد (زوج عمر بن الخطاب) وفاطمة بنت
تيس ، وأم الفضل ، وزبنب امرأة مسعود ، والرُّبَيِّع بنت معوِّذ ، وغيرهن كثير" .
قلت : وهذا مسلم لا غبار عليه ، ولكن كان الأولى به أن يبين ضعف
حديثها على طريقة المحدثين أولاً ، على نحو ما فعلنا ، ثم أن يصفها بما فيها من
الجهل الذي ينافي الفضل ؛ لأن ذلك من علم الجرح والتعديل كما هو معروف
عند العلماء ، ولكن يبدو أن الرجل مع فضله وغلبة الصواب على "تحريره " لا
معرفة له بهذا العلم تصحيحاً وتضعيفاً ، وتوثيقاً وتجريحاً ، كما بدا لي ذلك من
عدة مواطن من كتابه ، كما يدل على ذلك الحديث الآتي بعد حديث ، وإن كان
أثنى علي خيراً ، وذكر أنه تتلمذ علي زمناً مباركاً في مقدمة كتابه (ص 28) ،
ولكن سرعان ما تغلب عليه غلوه في "تحرير المرأة" ؛ فانتقدني (ص 35) تلميحاً لا
تصريحاً ؛ لأنني بعد أن أثبت أن وجه المرأة ليس بعورة ، قيدت ذلك بأن لا يكون
عليه من الزينة المعروفة اليوم بـ "الميكياج " من الحمرة والبودرة وغيرها ، ونقل
كلامي مبتوراً ، سامحه الله .
_هذا . ثم ألقي في البال - إنصافاً لتلك المؤلفة الفاضلة (!) - أنها لعلها عنت
بقولها المتقدم : "عدة أحاديث " حديثاً لابن مسعود أورده الهيثمي أيضاً ؛ لأن فيه
لفظ "العجاثز" ، فإن كانت عنته ؛ فحينئذٍ يكون قولها المذكور سالماً من النقد على
اعتبار أن أقل الجمع اثنان ، ولكن يرد عليها أمران آخران :
الأول : أنه لا يفيد ما ادعته من إفادة أن القواعد فقط هن اللاتي كن يصلين
معه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وسترى لفظه تحت الحديث التالي ، وهو شاهد ظاهر لما تريد ، ولكن لم
يورده الهيثمي ؛ لأنه لا أصل له في شيء من كتب السنة مرفوعاً .
والآخر : أنه موقوف ليس له علاقة بـ (العجائز) أو (القواعد) في عهد النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فإذا كان كذلك ؛ فهل يجوز إيهام القراء أنه حديث مرفوع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟!
ذلك ما لا أرجو أن يكون مقصوداً من تلك المؤلفة ، وإن كان غير مستبعد عن
علمها بهذا الفن ؛ فقد وقع في مثله الناقد لها في "تحريره " إياها! فانظر الحديث
(62151) . _________
(1) ذكر الشيخ رحمه الله رقماً لحاشية في الأسفل ، ولكنه لم يذكر مصدره . ولعله
يقصد مؤلف كتاب "تحرير المرأة" . (الناشر) .
2742 - ( ارجعن مأزورات ؛ غير مأجورات ) قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف
روي من حديث علي بن أبي طالب ، وأنس بن مالك .
1- أما حديث علي ؛ فيرويه إسماعيل بن سلمان عن دينارأبي عمر عن محمد ابن الحنفية عن علي قال :
" خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا نسوة جلوس ، فقال : ما يجلسكن ؟ قلن : ننتظر الجنازة ، قال : هل تغسلن ؟ قلن : لا ، قال : هل تحملن ؟ قلن : لا ، قال : هل تدلين فيمن يدلي ؟ قلن : لا ، قال : ..... " فذكره .
أخرجه ابن ماجه ( 1578 ) ، وابن حبان في " الثقات " ( 9/290 ) ، وابن بشران في " الفوائد المنتخبة " ( 62/1 ) ، والبيهقي ( 3/77 ) .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، علته إسماعيل بن سلمان هذا - وهو الأزرق
التميمي الكوفي - وهو ضعيف باتفاقهم ؛ ولذلك جزم الحافظ في" التقريب " بضعفه ، بل قال ابن نمير والنسائي :
" متروك " . وأما ما نقله السندي عن " الزوائد " أنه قال :
" في إسناده دينار بن عمر أبو عمر وهو وإن وثقه وكيع وذكره ابن حبان في الثقات ؛ فقد قال أبو حاتم : ليس بالمشهور . وقال الأزدي : متروك ، وقال الخليلي في " الإرشاد " : كذاب ، وإسماعيل بن سليمان ( كذا ) قال فيه أبو حاتم : صالح . لكن ذكره ابن حبان في " الثقات " ، وقال يخطىء " .
قلت : ففيه أن صاحب " الزوائد " دخل عليه ترجمة في أخرى ، فإن الذي قال فيه أبو حاتم " صالح " ليس هو المترجم ، وإنما هو إسماعيل بن سليمان الكحال الضبي البصري ، ففي ترجمته ذكر ابنه ( 1/1/176 ) عنه أنه قال فيه :
" ضعيف الحديث " . ونقله عنه الحافظ في " التهذيب " .
فالرجل ضعيف بلا خلاف ، وإيراد ابن حبان إياه في " الثقات " ( 4/19 ) مع قوله فيه : " يخطىء " لا يخرجه عما ذكرنا كما لا يخفى ، على أنه لو لم يجرحه بالخطأ ، فمعلوم أنه متساهل في التوثيق ، فلا يعتد به عند التفرد به فكيف مع المخالفة ؟ !
2- وأما حديث أنس ؛ فله عنه طريقان :
الأولى : عن الحارث بن زياد عنه قال :
" خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة ، فرأى نسوة ، فقال : أتحملنه ؟ قلن : لا ، قال : تدفنه ؟ قلن : لا ، قال : .... " فذكره .
أخرجه أبو يعلى ( 3/1060 ) : حدثنا أحمد بن المقدام العجلي : أخبرنا محمد بن حمدان : أخبرنا الحارث بن زياد .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ الحارث بن زياد قال الذهبي :
" ضعيف مجهول " .
ووافقه الحافظ في " اللسان " .
وبه أعله الهيثمي ( 3/28 ) .
ومحمد بن حمدان ؛ لم أعرفه ، ولعله محمد بن حمران القيسي البصري ، فإن يكن هو ؛ فهو صدوق فيه لين كما في " التقريب " .
والأخرى : عن أبي هدية عنه به نحوه وزاد :
" مفتنات الأحياء ، مؤذيات الأموات " .
أخرجه الخطيب في " التاريخ " ( 6/201 ) .
قلت : وأبو هدبة - واسمه إبراهيم بن هدبة - كذاب خبيث ؛ كما قال ابن معين . وقال الخطيب :
" حدث عن أنس بالأباطيل " .
( تنبيه ) : ذكر المناوي في " الفيض " عن ابن الجوزي أنه قال في طريق علي : " جيد الإسناد " ، بخلاف طريق أنس عند أبي يعلى " .
ثم نقل المناوي تضعيف الهيثمي تبعا للذهبي للحارث راويه كما تقدم . قال :
" وقال الدميري : حديث ضعيف تفرد به ابن ماجه ، وفيه إسماعيل بن سليمان ( كذا ) الأزرق ؛ ضعفوه .
ثم اتبعه المناوي بقوله :
" وبهذا التقرير انكشف أن رمز المصنف لصحته صحيح في حديث علي ، لا في حديث أنس ، فخذه منقحا " .
قلت : ما نقحت شيئا ، بل خبطت خبط عشواء ، فمن أين لحديث علي الصحة بل الجودة وفيه ذلك الأزرق المتفق على ضعفه و ( دينار أبو عمر ) وقد كذب ؟ ! ومن عجيب أمر المناوي أنه بعد أن نقل تجويد ابن الجوزي لإسناده أتبعه بنقل تضعيفه عن الدميري ، ثم سكت على هذا التناقض دون أن يرجح أحد النقلين على الاخر ثم قال :
" فخذه منقحا " ! وبناء على زعمه هذا قال في " التيسير " : " إسناده صحيح " !!
3581 - ( خيركن أطولكن يداً ) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع
أخرجه أبو يعلى (13/ 7430) ، والخطيب في "التاريخ" (5/ 6) عن أم الأسود ، عن منية ، من حديث أبي برزة قال :
[ كان ] للنبي - صلى الله عليه وسلم - تسع نسوة ، فقال يوماً : ... فذكره ، فقامت كل واحدة تضع يدها على الجدار ! قال :
"لست أعني هذا ، ولكن أصنعكن يدين" .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ لجهالة منية هذه ؛ قال الذهبي :
"تفردت عنها أم الأسود" . ولهذا قال الحافظ :
"لا يعرف حالها" .
قلت : فما نقله المناوي عن الهيثمي أنه قال : "إسناده حسن" . ليس بحسن ، لا سيما والمحفوظ في هذه القصة أنه قال لهن : "أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً" .
أخرجه البخاري (1/ 359) ، ومسلم (7/ 144) ، والنسائي (1/ 352) ، وأحمد (6/ 121) من طرق عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً .
وفي رواية مسلم أنها زينب بنت جحش ، وهو الصواب .
وفي رواية البخاري أنها سودة بنت زمعة ، وهي وهم كما حققه الحافظ في "الفتح" ، ووقع له وهم نبهت عليه تحت الحديث (6335) .
ثم رأيت كلام الهيثمي في "المجمع" ونصه (9/ 248) :
"رواه أبو يعلى ، وإسناده حسن ؛ لأنه يعتضد بما يأتي" .
يعني الحديث المشار إليه الآتي عن ميمونة بلفظ :
"أولكن ترد علي الحوض أطولكن يداً" .
وهو حديث موضوع ؛ فيه مجمع على تركه ، وهو مسلمة بن علي الخشني ؛ قال الهيثمي : "وهو ضعيف" .
وقد ترتب من تساهل الهيثمي هذا وتسامحه في اقتصاره على تضعيفه فقط للخشني أن اعتبر بعضهم حديثه هذا شاهداً لحديث الترجمة ! فقد عزاه الحافظ في "المطالب العالية" (1/ 257/ 879) لـ "مسند أبي بكر بن أبي شيبة" ، فعلق عليه الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي بقوله :
"لم يحكم البوصيري عليه بشيء ، بل قال : له شاهد من حديث عائشة" !
وسكت عليه الشيخ ولم يتعقبه بشيء ، بل إنه لما أعاده الحافظ في مكان آخر (4/ 131/ 4146) علق عليه مقوياً له بقول الهيثمي المذكور آنفاً ! وهذا من شؤم التساهل في النقد !
ولم يتنبه لهذا المعلق على مسند "أبي يعلى" ، فقال (13/ 425) - وهو يترجم لمنية - :
"ما رأيت فيها جرحاً ، ولم ترو منكراً ، فهي على شرط ابن حبان ، وقد حسن
الحافظ في "المسند" إسنادها" .
ثم نقل كلام الهيثمي في هذا الحديث ، وفي حديث ميمونة الآتي .
وقد خفي عليه - لأنه حديث عهد بهذا العلم - أن الحديث منكر جداً ، بل موضوع ؛ لمخالفته لحديث عائشة المذكور ، وذلك من ناحيتين :
الأولى : في لفظه ؛ فإن فيه : "أسرعكن .." ، فهو من معجزاته - صلى الله عليه وسلم - العلمية ، وفي هذا "خيركن .." ، فهو من الفضائل ، فشتان ما بينهما ! والمقصود بالحديث زينب رضي الله عنها على الأصح ، كما يأتي بيانه تحت حديث ميمونة (6335) ، وعائشة أفضل كل زوجاته - صلى الله عليه وسلم - وخيرهن ، كما هو معلوم .
والأخرى : أن فيه أنهن كن يقسن أيديهن بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - ، وفي هذا أنهن فعلن ذلك بحضرته - صلى الله عليه وسلم - ، فأي نكارة أصرح من هذه ؟!
وأما قوله : "وقد حسن الحافظ في "المسندة" إسنادها" .
فلا أدري ما مستنده في ذلك ، وهو يعني "مسندة المطالب العالية" ؛ فإن نسخة المكتبة المحمودية من "المسندة" (ق35/ 1و171/ 1) ليس فيها التحسين المذكور ، ويستبعد مثله عن الحافظ !
1116 - " نهانا ( يعني أهل فارس ) أن ننكح نساء العرب ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف جدا.
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1/163/2 ) عن الهيثم بن محفوظ السعدي : نا أبو إسرائيل عن السري بن إسماعيل عن الشعبي عن عبد الرحمن بن يعلى عن سلمان الفارسي قال : فذكره وقال :
" لم يروه عن ابن أبي يعلى إلا الشعبي ولا عنه إلا السري ولا عنه إلا أبو إسرائيل تفرد به الهيثم ".
قلت : قال الذهبي :
" لا يدرى من هو ".
والسري بن إسماعيل ضعيف جدا كما قال الساجي، وقال النسائي :
" متروك الحديث ". وكذا قال أبو داود، وبه أعله الهيثمي في " المجمع " ( 4/275 ).
وقد روي من طريق أخرى، يرويه شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق عن الحارث عن سلمان فقال :
" نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتقدم إمامكم، أوننكح نساءكم ".
أخرجه البيهقي ( 7/134 ) وقال : " وروي ذلك من وجه آخر ضعيف عن سلمان ".
قلت : كأنه يشير إلى الطريق الأولى.
والحارث هو الأعور، وهو متروك أيضا.
وشريك ضعيف لسوء حفظه وقد خولف في إسناده، فرواه جماعة من الثقات عن أبي إسحاق بإسناد آخر موقوفا.
أخرجه البيهقي وغيره، وقال البيهقي : " هذا هو المحفوظ : موقوف ".
قلت : ومداره على أبي إسحاق وهو السبيعي وهو مدلس وكان اختلط، وقد تكلمت على حديثه هذا الموقوف في " الإرواء " ( 1632 ) بما يكفي.
1118 - " أعظم نساء أمتي بركة أصبحهن وجها وأقلهن مهرا ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
باطل.
رواه الواحدي في " الوسيط " ( 2/115/2 ) عن محمد بن سليمان بن أبي كريمة حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا.
قلت : وهذا سند واه جدا، ابن سليمان هذا قال العقيلي :
" حدث عن هشام ببواطيل لا أصل لها، منها هذا الحديث ".
قلت : يعني حديثا رواه بهذا السند تقدم برقم ( 434 ).
والحديث قال العراقي في " تخريج الإحياء " ( 4/130 - طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية ) :
" رواه أبو عمر النوقاني في " كتاب معاشرة الأهلين "، وصححه ".
قلت : فلينظر إذا كان عنده من هذا الوجه كما أظن أومن غيره، وهو بعيد، فقد أورده ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1/410/1228 ) بإسناده عن ابن أبي كريمة به. وقال :
" قال أبي : هذا حديث باطل، وابن أبي كريمة ضعيف الحديث ".
1197 - " خير نساء أمتي أصبحهن وجها، وأقلهن مهو را ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع
رواه ابن عدي ( 97/2 ) وعنه ابن عساكر ( 5/64/1 ) عن حسين بن المبارك الطبراني
: حدثنا إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا وقال
ابن عدي :
" هذا الحديث منكر المتن، وإن كان عن إسماعيل بن عياش لأن إسماعيل يخلط في
حديث الحجاز والعراق، وهو ثبت في حديث الشام، والبلاء في هذا الحديث من
الحسين بن المبارك هذا لا من إسماعيل بن عياش، والحسين أحاديثه مناكير ".
قلت : ونقل الذهبي عن ابن عدي أنه قال فيه : " متهم ". ولم أجد هذا في
ترجمته من " الكامل ". والله أعلم. ثم ساق له أحاديث هذا أحدها.
2043 - " عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم ، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم ، ومن أتاه
أخوه متنصلا ؛ فليقبل ذلك منه محقا كان أومبطلا ، فإن لم يفعل ؛ لم يرد علي
الحوض " .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف الإسناد
أخرجه الحاكم ( 4/154 ) من طريق سويد أبي حاتم عن قتادة عن أبي رافع عن أبي
هريرة مرفوعا . وقال :
" صحيح الإسناد " . وتعقبه الذهبي بقوله :
" قلت : بل سويد ضعيف " .
والمنذري ( 3/293 ) ، فقال :
" بل سويد هذا هو ابن عبد العزيز ؛ واه " .
ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2/48 ) دون الشطر الثاني منه .
وقد روي من حديث عائشة مرفوعا ، ولفظه :
" عفوا ؛ تعف نساؤكم ، وبروا آباءكم ؛ تبركم أبناؤكم ، ومن اعتذر إلى أخيه
المسلم من شيء بلغه عنه ، فلم يقبل عذره لم يرد علي الحوض " .
وهذا موضوع الإسناد . قال في " المجمع " ( 8/81 و139 ) :
" رواه الطبراني في " الأوسط " ، وفيه خالد بن يزيد العمري ، وهو كذاب " .
وقد أورده السيوطي في " الجامع " عن الطبراني ، فاعترض عليه المناوي بكلام
الهيثمي هذا ، ثم قال : " فكان ينبغي حذفه " يعني : من " الجامع " ، حيث اشترط
في مقدمته أنه صانه مما رواه وضاع أوكذاب .
ومن هذا الوجه أخرجه أبو الشيخ في " الفوائد " ( 81/2 ) عن خالد بن يزيد
العمري عن يحيى بن عبد الله الزبيري قال : سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير قال
: سمعت عائشة به ؛ دون الشطر الثاني منه .
والزبيري هذا لم أعرفه . ثم رجعت إلى " مجمع البحرين " ( 5/148/7/282 ) فتبين
أنه ( [ عبد الملك بن ] يحيى بن الزبير ) ، سقط من سنده ( عبد الملك بن ) ،
وقد وثقه ابن حبان ( 7/95 ) .
والجملة الأولى منه أخرجها أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2/285 ) من طريق
هشام بن خالد : حدثنا الوليد بن مسلم : حدثنا صدقة بن يزيد : حدثنا العلاء بن
عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا .
وهذا إسناد ضعيف ، صدقة بن يزيد ؛ قال البخاري :
" منكر الحديث " .
وضعفه غيره ، ووثقه بعضهم .
والوليد بن مسلم : يدلس تدليس التسوية .
وهشام بن خالد ؛ قال الذهبي :
" من ثقات الدماشقة ، لكنه يروج عليه " .
وأخرجها ابن عدي ( 6/11 ) من طريق إسحاق بن نجيح الملطي عن ابن جريج عن عطاء
عن ابن عباس مرفوعا .
والملطي هذا : كذاب وضاع .
وقال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1/412 ) :
" سألت أبي عن أحاديث رواها أبو يوسف المديني ، فذكرت منها حديثا حدثنا به يوسف
( كذا ) عن محمد بن المنكدر : قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( فذكره ) .
قال أبي : أبو يوسف هذا اسمه يعقوب ، والوليد ( كذا ) ضعيف الحديث ، وهذا
حديث باطل " .
3209 - ( إن يأجوج و مأجوج لهم نساء يجامعون ما شاؤوا ، وشجر يلقحون ما شاؤوا ، فلا يموت منهم رجل إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً ).
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف
أخرجه النسائي في "التفسير" من "السنن الكبرى" (6/ 408
/ 11334) من طريق ابن عمرو بن أوس عن أبيه عن جده به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات غير ابن عمرو هذا ؛ فإنه لا يعرف .أورده الحافظ في "باب من نسب إلى أبيه أو ....." من "التهذيب" ، وجزم فيه أن اسمه عبد الرحمن . وقال في "التقريب" :
"يقال : اسمه عبد الرحمن ، تقدم في ابن أوس" .
كذا وقع فيه ، والصواب : "في ابن أبي أوس" ؛ فقد قال في أول الباب المشار إليه :
"ابن أبي أوس الثقفي ، وفي رواية : ابن عمرو بن أوس ، يقال : اسمه عبد الرحمن ، هو عبد الله" .
كذا الأصل ، ولعله : "ويقال : هو عبد الله" .
هذا كل ما ترجمه به ، ومنه تبين أن الرجل مجهول لا يعرف .
3779 - ( خديجة بنت خويلد سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - ) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف
أخرجه الحاكم (3/ 184) عن عبد الرحمن بن أبي الرجال ، عن أبي اليقظان عمران بن عبد الله ، عن ربيعة السعدي قال :
أتيت حذيفة بن اليمان وهو في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فسمعته يقول : ... فذكره مرفوعاً .
سكت عليه الحاكم والذهبي ، وكأنه لجهالة بعض رواته ؛ فإن أبا اليقظان هذا لم أجد له ترجمة لا في الكنى ، ولا في الأسماء . وفي الطريق إليه سعيد بن عجب الأنباري ؛ ولم أعرفه أيضاً .
4347 - ( لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أشرفت إلى أهل الأرض لملأت الأرض ريح مسك ، ولأذهبت ضوء الشمس والقمر ) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف
أخرجه البزار (ص 318) و (رقم 3528) - بنحوه مع بعض الاختلاف - ، والمروزي في "زوائد الزهد" (226) ، وابن عدي (55/ 2) ، وابن عساكر (7/ 136/ 2) عن سيار بن حاتم قال : حدثنا جعفر بن سليمان والحارث ابن نبهان ، عن مالك بن دينار ، عن شهر بن حوشب ، عن سعيد بن عامر بن حذيم مرفوعاً . قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ شهر بن حوشب ؛ ضعيف لسوء حفظه .
وسيار بن حاتم ؛ فيه ضعف ، وقال الحافظ في "التقريب" :
"صدوق ، له أوهام" .
ومن طريقه أخرجه أحمد في "الزهد" (ص 185) : حدثنا سيار به ؛ إلا أنه لم ذيكر في إسناده شهراً ولا الحارث بن نبهان ، فلا أدري أهكذا الرواية عنده ، أم سقط ذلك من الناسخ أو الطابع . وفيه عنده قصة مطولة بين سعيد بن عامر وعمر ابن الخطاب . وبنحو ذلك ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 124) وقال :
"رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات ، وله طرق في صفة الجنة" .
كذا قال ! وفي المكان الذي أشار إليه لم يذكر له طريقاً - فضلاً عن طرق - أخرى ، ولا هو أطلق التوثيق كما فعل هنا ؛ فإنه ساق الحديث دون القصة ثم قال (10/ 417) :
"رواه الطبراني مطولاً أطول من هذا ، وتقدم في صدقة التطوع ، ورواه البزار باختصار كثير ، وفيهما الحسن بن عنبسة الوراق ، ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات ، وفي بعضهم ضعف" .
كذا قال ؛ وهو أقرب إلى الصواب من إطلاقه التوثيق هناك ، وفيه إشارة إلى أن في طريق الطبراني - أيضاً - الوراق المذكور ، وهو معروف ، وإنما لم يعرفه الهيثمي ؛ لأنه سقط منه أثناء النقل اسم ابنه فهو حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق ، كما وقع عند البزار وغيره ، على أنه قد تابعه الإمام أحمد كما سبق .
5359 - ( الحمد لله الذي جعلك يا بنية شبيهة بسيدة نساء بني إسرائيل ؛ فإنها كانت إذا رزقها الله شيئاً وسئلت عنه ؟ قالت : (هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب)) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف
أخرجه أبو يعلى من طريق عبد الله بن صالح : حدثنا عبد الله بن لهيعة عن محمد بن المنكدر عن جابر :
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام أياماً لم يطعم طعاماً ، حتى شق ذلك عليه ، فطاف في منازل أزواجه ، فلم يجد عند واحدة منهن شيئاً ! فأتى فاطمة فقال :
"يا بنية ! هل عندك شيء آكله ؛ فإني جائع ؟" .
قالت : لا والله - بأبي أنت وأمي - ! فلما خرج من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم ، فأخذته منها ، فوضعته في جفنة لها ، وقالت :
والله ! لأوثرن بهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نفسي ومن عندي ، وكانوا جميعاً محتاجين إلى شبعة طعام ، فبعثت حسناً أو حسيناً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فرجع إليها ، فقالت : بأبي أنت وأمي ؛ قد أتى الله بشيء فخبأته لك . قال : "هلمي يا بنية !" .
قالت : فأتيته بالجفنة ، فكشفت عنها ؛ فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً ، فلما نظرت إليها بهت وعرفت أنها بركة من الله ، فحمدت الله ، وصليت على نبيه ، وقدمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رآه حمد الله ، وقال :
"من أين لك هذا يا بنية ؟!" .
قالت : يا أبت ! (هو من عند الله يرزق من يشاء بغير حساب) ! فحمد الله ، وقال : ... فذكر الحديث .
فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى علي ، ثم آكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأكل علي ، وفاطمة ، وحسن ، وحسين ، وجميع أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأهل بيته حتى شبعوا جميعاً ، قالت : وبقيت الجفنة كما هي . قالت : فأوسعت ببقيتها على جميع الجيران ؛ وجعل الله فيها بركة وخيراً كثيراً .
ذكره ابن كثير في "التفسير" (1/ 360) .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ، سكت عنه ابن كثير ؛ لأنه ساق إسناده ، وهذه عادته وعادة المحدثين : إذا ساقوا إسناد الحديث ؛ فقد برئت ذمتهم وارتفعت المسؤولية عنهم إذا كان الحديث إسناده ضعيفاً أو موضوعاً .
وقد غفل عن هذه الحقيقة العلمية من قام باختصار "تفسير ابن كثير" وغيرهم ، فيتوهمون أن سكوت ابن كثير عن الحديث معناه أن الحديث ثابت عنده ! وليس كذلك ؛ وبخاصة إذا ساق إسناده ؛ كما بينت ذلك في غير ما موضع.
وهذا الحديث من هذا القبيل ؛ فإن في إسناده عبد الله بن صالح عن عبد الله ابن لهيعة ، وكلاهما ضعيف .
ولجهل الشيخ الصابوني بهذا العلم الشريف ، وبتلك الحقيقة العلمية ؛ فقد أورد هذا الحديث مصححاً له في "مختصره" (1/ 280) ، ثم نقل عزو الحافظ ابن كثير لأبي يعلى من "تفسير ابن كثير" إلى حاشية "مختصره" ؛ موهماً القراء أنه من تخريجه ! فما أحراه بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
"المتشبع بما لم يعط ؛ كلابس ثوبي زور" !
ثم إن الحديث - مع ضعف إسناده - ؛ ففي متنه نكارة في نقدي ؛ مثل قوله : "فإني جائع" ؛ لأنه غير معروف مثله عنه - صلى الله عليه وسلم - فيما أذكر !
ومن ذلك قول فاطمة رضي الله عنها لأبيها مرتين :
بأبي أنت وأمي !
فإنه ممجوج مرفوض ؛ كما هو ظاهر لا يحتاج إلى بيان !
ونحوه قولها بعد أن حمدت الله :
وصليت على نبيه .
فإنه ليس معهوداً أيضاً قرن الصلاة على النبي مع حمد الله تعالى في مثل هذه المناسبة ! والله أعلم .
5480 - ( اقضيا يوماً آخر ) (1) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف
أخرجه ابن راهويه في "مسنده" (94/ 1) : عن ابن جريج قال : قلت : لابن شهاب : أحدثك عروة بن الزبير عن عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
"من أفطر في تطوع ؛ فليقضه" ؟
قال : لم أسمع من عروة في ذلك شيئاً ، ولكني سمعت في خلافة سليمان ابن عبد الملك من ناس عن بعض من نساء عائشة أنها قالت :
كنت أنا وحفصة صائمتين ، فقرب إلينا طعام ، فابتدرناه فأكلناه ، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فبادرتني إليه حفصة - وكانت ابنة أبيها - ؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فذكره .
__________
(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن : " انظر ( 5202 ) " . ( الناشر )
5696 - ( أُنْشِدُ اللهَ رجالَ أُمَّتِي لا يَدْخُلُوا الحمَّامَ إلا بِمِئْزَرٍ ، وأُنشِدُ اللهَ نساءَ أمتي أنْ لا يَدْخُلْنَ الحَمَّامَ . ) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف .
أخرجه ابن جميع في (( معجمه )) ( ص 251 ) من طريق بكر بن سهل : حدثنا عمرو بم هاشم : حدثنا موسى بن وردان عن أبي هريرة مرفوعًا .
قلت : وهذا إسناده ضعيف , وله علتان :
الأولى : عمرو بن هشام - وهو البيروتي - , قال الحافظ :
(( صدوق يخطئ ))
والأخرى : بكر بن سهل هذا ؛ قال النسائي :
(( ضعيف )) . وقال الذهبي :
(( مقارب الحال )) !
والحديث ؛ كنت أوردته في (( ضعيف الجامع الصغير )) ( 1345 ) - وقد عزاه لابن عساكر , وأظن الآن أنه عنده من طريق ابن جميع - بناء علي القاعدة المعروفة أن ما تفرد به ابن عساكر ؛ فهو ضعيف , وهذه القاعدة وإن كانت تشذ أحيانًا, فهذا التخريج أكدها في هذا الحديث . والله الموفق .
5697 - ( مَنْ لَبِسَ الصُّوفَ ، وانْتَعَلَ المخصُوفَ ، ورَكِبَ حِمَارَهُ ، وحَلَبَ شاتَهُ ، وأكلَ مع عِيالِه ، فَقَدْ نَحّى اللهُ عنه الكِبْرَ ) .
2 - أنا عبدٌ ابنُ عبدٍ ، أَجْلِسُ كَجَلْسَةِ العَبْدِ ، وآكلُ أكلةَ العبدِ .
3 - وذلك أنَّ النبي ?لم يَطْرُقْ طعاماً قط ، إلا وهو حابٍ على ركبتيهِ .
4 - إنَّ الله عز وجل قَدْ أوحى إليَّ : أَنْ تواضَعُوا ، ولا يَبْغِي أَحَدٌ على أحدٍ .
5 - إنَّ يدَ الله مَبْسُوطَةٌ على خَلْقِهِ ، فَمَنْ رفعَ نَفْسَهُ ؛ وَضَعَهُ اللهُ عز وجل ، ومَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ ؛ رفعَهُ الله عز وجل .
6 - ولا يمشي امرؤٌ على الأرضِ يَبْغِي بها سُلْطَانَ اللهِ عز وجل إلا أَكَبَّهُ اللهُ عز وجل ) . ً
ضعيف جدًا - أو موضوع بهذا السياق والتمام .
رواه السكن بن جميع في (( حديثه )) ( ص420 ) من طريق سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن كثير ابن مرة عن عبد الله بن عمر مرفوعًا قلت : وهذا إسناده واهٍِ بمرة ؛ آفته سعيد بن سنان هذا - وهو أبو مهدي الحمصي - ؛
قال الحافظ في (( التقريب )) :
(( متروك ؛ ورماه الدارقطني وغيره بالوضع )) .
قلت : ويد الصنع ظاهرة في حديثه هذا , ففقد سرق بعض الأحاديث الصحيحة , وضمها إليه بهذا السياق والإسناد , والكلام عليها لا مجال الآن إليه فأكتفي بالإشارة إليها , وهي :
الفقرة الثانية تراها في (( مجمع الزوائد )) ( 9 / 19,21 ) .
والفقرة الرابعة مخرجة في الصحيحة )) ( 570 )
والخامسة خرجتها في (( ظلال الجنة )) ( 615 - 617 ) , (( الإرواء )) ( 2200 ) ,
و (( صحيحة )) ( 2328 ) , وهي مركبة من حديثين .
والحديث ؛ عزاه السيوطي في (( الجامع الكبير )) لـ ( تمتم وابن عساكر عن ابن عمر ) ,ووقعت فيه الفقرة السادسة بلفظ :
(( ولا يمشي امرؤ علي الأرض شبرًا يبتغي به سلطان الله . . . . . . ) . ولعله
الصواب ؛ فقد ذكر المعلق علي (( المعجم )) تعليقًا علي قوله : (( بها )) أن الأصل : (( به )) . والله اعلم .
5786 - ( كان الذي أصاب سليمان بن داود عليه السلام في سبب امرأة من أهله يقال لها جرادة . وكانت أحب نسائه إليه ، وكان إذا أراد أن يأتي نساءه أو يدخل الخلاء ؛ أعطاهم الخاتم ، فجاء أناس من أهل الجرادة يخاصمون قوماً إلى سليمان عليه السلام ، فكان هوى سليمان أن يكون الحق لأهل الجرادة فيقضي لهم ، فعوقب حين لم يكن هواه فيهم واحداً ، فجاء حين أراد الله أن يبتليه فأعطاها الخاتم ، ودخل الخلاء ، وتمثل الشيطان في صورة سليمان ، قال : هاتي خاتمي . فأعطته خاتمه ، فلما لبسه ؛ دانت له الشياطين والإنس والجن ، وكل شيء . . . الحديث بطوله ؛ وفيه : أن الشيطان كان يأتي نساء سليمان وهن حيض ) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
منكر موقوف
. أخرجه النسائي في (( السنن الكبرى )) ( 6 / 287 / 10993 ) ، وكذا ابن أبي حاتم في (( التفسير )) ؛ كما في (( ابن كثير )) ( 4 / 36 ) ، وابن جرير ( 1 / 357 ) من طريق أبي معاوية : حدثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : . . . فذكره موقوفاً عليه .
قلت : وهذا إسناد جيد ، رجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير المنهال بن عمرو ؛ فهو من أفراد البخاري ، وفية كلام يسير ، وقال الحافظ في (( التقريب )) :
(( صدوق ربما وهم )) .
ولذا ؛ قال الحافظ ابن كثير :
(( إسناده إلى ابن عباس قوي ؛ لكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس رضي الله عنهما - إن صح عنه - من أهل الكتاب ، وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان عليه الصلاة والسلام ، فالظاهر أنهم يكذبون عليه ، ولهذا ؛ كان في هذا السياق منكرات : من أشدها ذكر النساء . . . وقد رويت هذه القصة مطولة عن جماعة من السلف رضي الله عنهم : كسعيد بن المسيب وزيد بن أسلم وجماعة آخرين ، وكلها متلقاة من قصص أهل الكتاب )) .
قلت : ويؤيد ما ذكره من التلقي : ما روى عبد الرزاق وابن المنذر ؛ كما في
(( الدر )) ( 5 / 310 ) عن ابن عباس قال :
أربع آيات من كتاب الله لم أدر ما هي ؛ حتى سألت عنهن كعب الأحبار . . . وسألته عن قوله تعالى : ( وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب ) ؛ قال : الشيطان أخذ خاتم سليمان عليه السلام الذي فيه ملكه . . . الحديث مختصراً (1) ؛ ليس فيه ذكر النساء . قال العلامة الآلوسي في (( تفسيره )) ( 12 / 199 ) :
(( ومعلوم أن كعباً يرويه عن كتب اليهود ، وهي لا يوثق بها ، على أن إشعار ما يأتي بأن تسخير الشياطين [ كان ] بعد الفتنة يأبى صحته هذه المقالة كما لا يخفى .
ثم إن أمر خاتم سليمان عليه السلام في غاية الشهرة بين الخواص والعوام ، ويستبعد جداً أن يكون الله تعالى قد ربط ما أعطى نبيه من الملك بذلك الخاتم ! وعندي أنه لو كان في ذلك الخاتم السر الذي يقولون ؛ لذكره الله تعالى في كتابه )) .
قلت : أو نبيه - صلى الله عليه وسلم - في حديثه . والله تعالى أعلم بحقيقة الحال .
وقال أبو حيان في (( تفسيره )) ( 7 / 397 ) :
(( نقل المفسرون في هذه الفتنة وإلقاء الجسد أقوالاً يجب براءة الأنبياء منها ، وهي مما لا يحل نقلها ، وهي من أوضاع اليهود والزنادقة )) . قال الآلوسي عقبه :
(( وكيف يجوز تمثل الشيطان بصورة نبي حتى يلتبس أمره على الناس ، ويعتقدوا أن ذلك المتصور هو النبي ! ولو أمكن وجود هذا لم يوثق بإرسال نبي . نسأل الله تعالى سلامة ديننا وعقولنا ! ومن أقبح ما فيها : تسلط الشيطان على نساء نبيه حتى وطئهن وهن حيض ! الله أكبر ! هذا بهتان عظيم ، وخطب جسيم . ونسبة الخبر إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لا تسلم صحتها ، وكذا لا تسلم دعوى قوة سنده إليه ، وإن قال بها من سمعت )) .
يشير إلى ما كان نقله عن ابن حجر والسيوطي أنهما قالا :
(( سنده قوي )) .
والحافظ ذكر هذا في (( تخريج الكشاف )) ( 4 / 142 ) . والسيوطي في (( الدر المنثور )) ( 5 / 310 ) ، وهما تابعان في ذلك الحافظ ابن كثير كما تقدم . ولا أوافق الآلوسي في عدم تسليمه بقوة السند ، لأنه الذي يقتضيه علم الحديث والجرح والتعديل ، لا سيما وهو موقوف ، وليس كل موقوف هو في حكم المرفوع كما هو معلوم ، وبخاصة إذا احتمل أنه من الإسرائيليات كهذا ، وهو مما نقطع به ؛ لما فيه من المخالفات للشرع كما تقدم ، وبخاصة أنه صح سنده عن ابن عباس أنه سأل كعباً كما تقدم .
ولتمام الفائدة أقول : قال أبو حيان في تمام كلامه السابق :
(( ولم يبين الله الفتنة ما هي ، ولا الجسد الذي ألقاه على كرسي سليمان ، وأقرب ما قيل فيه : أن المراد بالفتنة كونه لم يستثن في الحديث الذي قال : (( لأطوفن الليلة على سبعين امرأة ، كل واحدة تأتي بفارس مجاهد في سبيل الله . ولم يقل : إن شاء الله . فطاف عليهن ، فلم تحمل إلا امرأة واحدة وجاءته بشق رجل . . . )) فالمراد بقوله : ** ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ** ؛ هو هذا ، والجسد الملقى هو المولود : شق رجل )) .
وهو الذي استظهره الآلوسي وغيره ؛ كالشيخ الشنقيطي - رحمه الله - في
(( أضواء البيان )) ( 4 / 77 و 7 / 34 - 35 ) ، وقال بعد أن أشار إلى القصة :
(( لا يخفى أنه باطل لا أصل له . . . يوضح بطلانه قوله تعالى : ** إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ** ، واعتراف الشيطان بذلك في قوله : ** إلا عبادك منهم المخلصين ** )) .
( تنبيه ) : لقد ذكر البغوي في (( تفسيره )) ( 4 / 64 ) حديث الترجمة بنحوه بقوله :
(( وروي عن سعيد بن المسيب قال : احتجب سليمان عن الناس ثلاثة أيام . . . ( الحديث وفيه : ) وذكر حديث الخاتم وأخذ الشيطان إياه كما روينا )) .
فعلق عليه المعلقان اللذان غررا بطلاب العلم بتسويد اسميهما على هذه الطبعة الجديدة من (( التفسير )) بطبعهما تحت اسم المؤلف (( إعداد وتحقيق خالد عبد الرحمن العك . مروان سوار )) ! فقالا : (( وهذا جزء من حديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج 4 / 176 - 177 - و جـ 5 / 68 - 239 )) .
وهذا كذب صرف على (( مسند )) الإمام ، لا أدري والله هل كان ذلك قصداً منهما تشبعاً بما لم يعطيا ، أم هو الغفلة عن التحقيق المدعى والتصحيح ؟ ! لقد حاولت أن التمس لهما عذراً ، فحاولت أن أجد في صفحة التعليق وفي التي بعدها حديثاً مرفوعاً يمكن ربط التعليق به ، والاعتذار عنهما بأنهما أراداه به ، ولكنهما لم يتنبها لخطأ الطابع ، ولكني لم أجد في الصفحتين ما يمكن ربط التعليق به . والله المستعان .
__________
(1) ثم وقفت على إسناده في (( تفسير عبد الرزاق )) ( 3 / 165 - 166 ) قال : أخبرنا إسرائيل عن فرات القزاز عت سعيد بن جبير عن ابن عباس . وهذا سند صحيح على شرط الشيخين .