حبة "كاميرا" للكشف عن الأورام الخبيثة
آخر الأساليب الطبية المتطورة للكشف عن الاصابة بالسرطان هي حبة صغيرة تعمل كإنسان آلي دقيق الحجم يبتلعها المريض. وتقوم هذه الحبة العجيبة بالبحث داخل الجسم عن أية أورام سرطانية وتنقل النتائج مباشرة إلى جهاز كمبيوتر. ويقول الخبراء الطبيون إن هذه الحبة تزود أيضاً بكاميرا بالغة الدقة وتلتقط نحو 40 ألف صورة عن الأمعاء والجهاز الهضمي خلال دقائق.
ويتوقع الباحثون الذين توصلوا إلى هذا الأسلوب الثوري في الكشف عن الأورام السرطانية خصوصاً داخل المعدة والجهاز الهضمي أن يؤدي ذلك إلى إنقاذ حياة الآلاف من المرضى، وكذلك الاستغناء عن عمليات جراحية معقدة يتم خلالها التأكد من عدم وجود هذه الأورام الخبيثة.
ولا يحتاج الأطباء الذين يراقبون عملية استكشاف هذه الحبوب الدقيقة لأية أورام سرطانية إلى القيام بأي إجراء لاسترجاعها حيث يفرزها جسم المريض مع الفضلات الأخرى.
ويقوم الاتحاد الأوروبي بتمويل هذا الاختراع الثوري وذلك بمبلغ 8,1 مليون جنيه استرليني.
وقد أصبح من الممكن انتاج هذه “الحبة العجيبة” عن طريق التطور التكنولوجي الكبير في فنون التصوير.
وقد بدأت بعض المستشفيات البريطانية المجانية، باستخدام هذا الاسلوب في الكشف عن أورام السرطان على نحو تجريبي، وسيتم بعد ذلك تعميمه على نطاق واسع في التحقق من الأورام السرطانية في الجهاز الهضمي.
ويوضح الخبراء أن هذا الاسلوب الرائد يختلف عن استخدام أي كاميرا عادية دقيقة من قبل داخل الجسم كما كان يحدث من قبل، حيث ان الطريقة القديمة كانت تعتمد فقط على التقاط صور لأي التهابات داخل الجسم، أما الأسلوب الجديد فإنه يقوم على أساس إجراء تجارب داخل المعدة والأمعاء للكشف على وجه التحديد عن الأورام السرطانية حتى في بدايتها، وبعد ذلك فإنه يتم تنبيه الطبيب من خلال نقل نتائج البحث مباشرة إلى جهاز كمبيوتر بما يؤدي في حالات عديدة إلى الاستغناء عن الحاجة إلى إجراء جراحات استكشافية معقدة. وكان باحثون من مستشفى مايو في سكوتسديل بولاية أريزونا الأمريكية قد طوروا كاميرا في حجم حبة الدواء يمكن بلعها، تستطيع الوصول إلى أجزاء من الأمعاء الدقيقة لا تقدر أن تصل إليها طرق تشخيص اخرى، مما يسمح باكتشاف أفضل للالتهابات المعوية.
وقالت الباحثة إيمي هارا إن اختبارات على 52 مريضا باستخدام الكاميرا كانت افضل بكثير في اكتشاف الأمعاء مقارنة بالوسائل المتعارف عليها والتي يستخدم فيها التصوير بأشعة إكس عن طريق الكمبيوتر والصبغة (أسلوب سي تي) للتشخيص.
وأوضحت هارا في تقرير أعلن في الاجتماع السنوي لرابطة الطب الإشعاعي بأمريكا الشمالية أن الكاميرا تظهر أفضل تشخيص إذا ما استخدمت مع أسلوب السي تي، مشيرة إلى أن الكاميرا يمكن ان تصل إلى الأمعاء بكامل طولها الذي يصل إلى 6,7 متر.
وتوضع الكاميرا داخل حبة في حجم كبسولة فيتامينات كبيرة ويبتلعها المريض بعد أن يصوم عن الطعام والشراب لمدة ثماني ساعات، وأثناء رحلة الكاميرا عبر الامعاء ترسل موجات دائمة من الصور الرقمية إلى حزام يلفه المريض حول وسطه.
كما سبق ان اعلن باحثون يابانيون عن تطوير اول كاميرا مجهرية من دون بطارية في العالم تبث ثلاثين صورة فيديو في الثانية خلال تنقلها داخل الجسم البشري بعد ابتلاعها كأي حبة عادية.
وقد بدأت التجارب البشرية الأولى على متطوعين في يونيو/حزيران الماضي في عدد من الجامعات اليابانية، وهو ما زاد الأمل في امكان الاستعاضة عن فحص التنظير (لا سيما بالنسبة إلى مرضى السرطان أو المصابين بالقرحة) الذي يقوم على ادخال منظار من الألياف البصرية الى الجسم من خلال الجهاز الهضمي، حسبما اعلن مسؤول في مختبرات “آر اف سيستم لاب” التي طورت الكاميرا.
واضاف المسؤول في مقر الشركة في ناغانو (وسط اليابان) ان “الجسم سيتخلص من الكاميرا - الكبسولة بعد انتهاء مهمتها، وهي مخصصة لاستعمال واحد اذ لسنا نفكر في استعادة الكاميرات”.
وتوقع ان “تحل الكاميرا التي يبلغ طولها 2,3 سم وقطرها سنتيمترا واحدا محل المناظير المستخدمة حالياً” في غضون سنوات.
وتابع ان سعر الكاميرا سيكون أقل من مائة دولار، في حين سيبلغ سعر جهاز التحكم عن بعد ومعدات المراقبة عشرة آلاف دولار أمريكي.
وسيتمكن الطبيب من التحكم عن بعد بالكاميرا التي تعمل بالموجات الصغيرة (مايكرويوف) وفي الوقت نفسه يعاين الصور التي تبثها خلال تنقلها في الجسم على شاشة للمراقبة.
وقال إن هيئة الاغذية والأدوية في الولايات المتحدة قد تعطي موافقتها على المشروع قبل وزارة الصحة اليابانية.