سأنقل مستعيناً بالله عزوجل نبذة عن علوم الحديث من كتب مختلفة وسأعتمد
على أصل ألا وهو الباعث الحثيث
للشيخ أحمد شاكر رحمه الله
شرح اختصار علوم الحديث
للحافظ ابن كثير
( المولود سنة 701 هـ
توفي سنة 774 هـ ) رحمه الله تعالى
مع شيء من الاختصار والتصرف
والغاية هي تقريب معانيه للكثيرين
وأسأل الله تعالى التيسير والتوفيق .
_ إن المسلمين اشتدت عنايتهم
- من عهد المصدر الأول -
بحفظ أسانيد شريعتهم من الكتاب والسنة،
بما لم تُعْنَ به أمة قبلهم،
فحفظوا القرآن ورووه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متواترا،
آية آية،
وكلمة كلمة،
وحرفًا حرفًا،
حفظًا في الصدور،
وإثباتًا بالكتابة في المصاحف،
حتى رووا أوجه نقطه بلهجات القبائل، ورووا طرق رسمه في الصحف،
وألفوا في ذلك كتبا مطولة وافية.
وحفظوا أيضًا عن نبيهم كل
أقواله
وأفعاله
وأحواله،
وهو المبلغ عن ربه، والمبين لشرعه، والمأمور بإقامة دينه.
وكل أقواله
وأفعاله
وأحواله بَيانٌ للقرآن .
وهو الرسول المعصوم،
والأسوة الحسنة.
يقول الله تعالى في صفته :
** وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى** .
سورة النجم 3 - 4
ويقول : ** وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ** .
سورة النحل 44
ويقول أيضًا : ** لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ** .
سورة الأحزاب 21
وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يكتب كل شيء يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهته قريش فذكر ذلك للرسول فقال : ( أكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق ) .
_ رواه أحمد بإسناد صحيح
وأمر المسلمين في حجة الوداع بالتبليغ عنه أمرًا عامًا .
فقال : ( وليبلِّغ الشاهدُ الغائبَ،
فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه ) .
_ رواه البخاري
وقال : ( فليبلغ الشاهد الغائب، فربّ مُبلِّغ أوعى من سامع ) .
_ رواه البخاري
ففهم المسلمون من كل هذا أنه يجب عليهم أن يحفظوا عن رسولهم كل شيء، وقد فعلوا وأدوا الأمانة على وجهها،
ورووا الأحاديث عنه، إما متواترة باللفظ والمعنى، وإما متواترة في المعنى فقط، وإما مشهورة وإما بالأسانيد الصحيحة الثابتة، مما يسمى عند العلماء
( الحديث الصحيح )
و
( الحديث الحسن ) .
واجتهد علماء الحديث في رواية كل ما رواه عنه الرواة، وإن لم يكن صحيحا عندهم،
ثم اجتهدوا في التوثق من صحة كل حديث وكل حرف رواه الرواة،
ونقدوا أحوالهم ورواياتهم،
واحتاطوا أشد الاحتياط في النقل،
فكانوا يحكمون بضعف الحديث لأقل شبهة في سيرة الناقل الشخصية مما يؤثر في العدالة عند أهل العلم.
أما إذا اشتبهوا في صدقه،
وعلموا أنه كذب في شيء من كلامه فقد رفضوا روايته، وسموا حديثه ( موضوعا ) أو ( مكذوبا )،
وإن لم يعرف عنه الكذب في رواية الحديث،
مع علمهم بأنه قد يصدق الكذوب .
وكذلك توثقوا من حفظ كل راو وقارنوا رواياته بعضها ببعض وبروايات غيره،
فإن وجدوا منه خطأ كثيرا وحفظًا غير جيد،
ضعفوا روايته،
وإن كان لا مطعن عليه في شخصه ولا في صدقه، خشية أن تكون روايته مما خانه فيه الحفظ .
وقد حرروا القواعد التي وضعوها لقبول الحديث،
وهي قواعد هذا الفن،
وحققوها بأقصى ما في الوسع الإنساني،
احتياطًا لدينهم .
فكانت قواعدهم التي ساروا عليها أصح القواعد للإثبات التاريخي وأعلاها وأدقها
وإن أعرض عنها - في هذه العصور المتأخرة -
كثير من الناس .
فهذا العلم في الحقيقة أساس لكل العلوم النقلية،
وهو جدير بما وصفه به صديقي وأخي العلامة الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة من أنه
( منطق المنقول وميزان تصحيح الأخبار ) .
أحمد محمد شاكر
مقدمة الكتاب
___________
( يتبع ) ................