ان هؤلاء لهم سمات خاصة وصفات يتميزون بها عن غيرهم من الناس.
ذلك بأنهم الهداة الى الله والدعاة الى كلمته ، والقوامون على دينه ، والذائدون عن حرماته ، والواقفون على مفترق الطريق ، يرشدون الحيارى ، وبيصرونهم اعلام الطريق.
هؤلاء الذين يبلغون رسالات الله والذين اصطفاهم الله لحمل امانته ودعوة الخلق للحق ، عرفوا قدر هذه الامانة فوفوها حقها ووقفوا حياتهم لها ، وضحوا بكل شيء من اجلها ، ولم تصرفهم عنها مباهج الدنيا ، ولا مفاتن الحياة ولا خداع الآمال ...
عرف هؤلاء سنة الله في الكون ، وحكمه في الوجود ، وسره في الخلق ، وجماله في الطبيعة ، فامتلأت قلوبهم ايمانا به ، وحبا له، ولهجت السنتهم بالثناء عليه ، وانحنت اصلابهم اكبارا لجلاله واعظاما لجبروته ، وعفرت جباهم بالتراب تقربا اليه وتذللا بين يديه.
تأدب هؤلاء بأدب الله الذي أدبهم به ، فزهدوا في الدنيا ،وهي في ايديهم ، ولم تمتد اعينهم اليها وهي في ايدي غيرهم ، فجادوا بها وهم اغنياء ، وتنزهوا عنها وهم احوج ما يكونون اليها .....
اعتزوا بسلطان الله فلم يروا لغيره سلطانا ، فصدعوا بالحق ، ونابذوا الباطل ،وصرخوا في المستضعفين : ان يتقووا ، واهابوا بالمستعبدين ان يحطموا سلطان كل طاغية جبار............
قويت ثقتهم بالله ، وامتدت قوتهم الى النفوس الواهنة فأيقظت مشاعرها ، وارهفت احاسيسها ، وامدتهم بالقوة والحماسة.........
نظر هؤلاء الى الناس على انهم مجموعة من القوى ، والمواهب والملكات ، وان عليهم ان يوجهوا هذه القوى وجهة الحق والخير والفضيلة ، وان يأخذوا بها الى المثل الاعلى لتصل الانسانية الى الغاية من الكمال في هذه الحياة ، ولتستعد الى كمال اسمى في حياة ارغد واسعد.................
وابرز صفات هؤلاء الربانيين معرفتهم بالنفوس البشرية معرفة تمكنهم من الطب لها ، وعلاج ادوائها ، وانهم يقفون منها موقف الطبيب اثناء معالجته المريض ، فيأخذه بالرحمة ، ويذيقه مرارة الدواء باللين والكلمة الطيبة .
ارتفع مستوى هؤلاء فعملوا جاهدين على رفع مستوى من يخاطبهم وسموا بهم عن النقائص والسفاسف والتفاهات ، وايقظوا فيهم حاسة الخير وبواعث الادب والنبل.....
ومن صفاتهم انهم يجمعون الشتات ويوحدون الكلمة ويقومون الصف ، وينصاعون للحق ، ويحملون ما صدر من غيرهم على احسن معانيه ما وجدوا له في الخير مذهبا ، ولا يجدون على احد ، ولا يضيقون به او يحقدون عليه ...
كبرت صدورهم فوسعوا الناس على اختلاف درجاتهم ببسط الوجه.
مصادر الدعوة الاسلامية
اكبر الظن ان كثيرا من علماء الدعوة اليوم يبعدون غاية البعد عن هذه الخلال ، مما عوق الاسلام عن النهوض ، وقعد بالمسلمين عن السير الى الغاية الكريمة والامل المرجو....
لقد كان نبي الاسلام يخشى ان تنعدم مقاييس الكفاءة عند المنتسبين للاسلام ، وتضييع موازين الحق بينهم فيقدمون من يستحق التأخير ويرفعون من هو جدير بأن يوضع فيقول صلوات الله وسلامه عليه :
(ان اخوف ما اخافه عليكم ائمة مضلون)
وقد يرى بعض هؤلاء الاستعانة بالجعلة والسفهاء من الناس ، الذين لا يحسنون الحكم على الاشياء ،
فيضعف شأن الحق وتقل النصفة.
وحينئذ تطوى راية العدل ، وتنكس اعلام الهداية ، وتطمس معالم الطريق ، وتطل الفتن برأسها ويعظم شررها ، ويكبر ضررها ، وتفشو الجهالة وتسود الضلالة ، ويتسلط الباطل ..........
فأين هم من سمات الذين يتصدرون الدعوة الى الله ، ويتزعمون الحركة الربانية الهادية تعاليم الاسلام وسيرة السلف الصالح ...؟؟
فهل عرف علماء الدعوة الاسلامية هذه السمات، وهل اخذوا انفسهم بها؟؟