في الماضي قام العالم ادوارد جنر باختراع التطعيم ضدر مرض الجدري الذي كان يحصد الاف الأرواح
عندما اكتشف ان من يصابون بجدري البقر لا يصابون بالجدري
ولما كان مرض جدري البقر اخف وطأة وخطرا على الانسان فقد جهز كمطعوم ضد الجدري
وعندما اثبت جنر نظريته ، قام بكل بساطة بالتجربة ليحصل على البرهان
وكان مخاطرا اذ قام بتعريض انسان معافى من الامراض الى جدري البقر ، ومن ثم عرضه للجدري الذي يصيب الناس ، فلم يصاب به
وطبعا ما قام به جنر من هذه التجارب لم يعد مسموحا به فالانسان ليس حقلا للتجارب العلمية
وعندما جاء باستور لتطوير مفهوم التطعيم والمناعة والحصانة استخدم الارانب حقلا لتجاربه
ولكن علي العودة الى مفهوم جنر في العلاج من امراض سائدة اليوم ، تحصد الكثير من النفسيات وتغتال الخيال والارادة والعزيمة ، فمعظم الناس اليوم يعانون من الافكار السلبية تجاه انفسهم حتى ان قدرتهم تضاءلت على الانجاز والشفاء والعلاج ، وانتهى لديهم الطموح والأمل
علينا ان نعرف تماما اننا نحن من نفعل هذا بأنفسنا بدون جهود خارجية ولا فيروس ولا جرثومة تأتينا من الهواء الجوي والبيئة المحيطة ، فهي عملية كاملة نقوم بها نحن دون تدخل من أحد .
قم بهذه التجربة ، قف امام المرآة ، واصنع اشكالا مخيفة بنفسك ، الشعر المهوش ، العينان مطفئتان ذابلتان ، الكشرة ( سلام قولا من رب رحيم ) ، ملابس مبهدلة ، ولا مانع من تضع الوانا مائية مختلفة على وجهك ليكتمل فيلم الرعب
صنعت انسانا بشعا ، انظر الى الصورة مقابلك في المرآة لتعرف حجم بشاعته
هل تحب ان ترى هذا الكائن في اي محطة من حياتك ، هل تعتبره كائنا يستحق حياة اجتماعية ، عملية مثلى ؟
ثم اذهب ونظم شعرك وتقاطيعك وارسم ابتسامة على محياك ،والبس ملابس جميلة ، وانظر لنفسك الآن ، ماذا صنعت ؟
وكيف حسنت صورتك ، اليس ظلما ان تبقى انسانا كهذا بعيدا عن الحياة وعن الناس ؟ طبعا نعم
هل هناك أحد في البيت ، هل هناك من يرى حجم الجنون الذي تمارسه .... لا احد ، انت وصورتك في المرآة فقط
هل هناك جدلا من يلطخ ملابسك او يهوش شعرك وينشره في كل الاتجاهات ويلطخك بالألوان القبيحة ، ثم يجبرك ان تبقى بهذا المنظر ..لا طبعا ، انت فقط من تستطيع فعل هذا .
وهذا بالضبط ما نفعله بأنفسنا ، نحن نرسم صورا عاجزة لأنفسنا ،صورا بمنتهى البشاعة
ولا احد يتدخل في هذه الرسومات الا نحن، ثم نقتنع ان هذه هي صورتنا ونعيش في اطارها ونتخلف عن الأيام ونحن أسرى الصور البشعة التي نعطيها عن أنفسنا ولأنفسنا ، رغم ان لا احد يستطيع فعل هذا بنا .
لنحصن انفسنا من هذا الداء علينا ان نخاطر ونقوم بتجربة جنر حية على أجسادنا وصورنا ، فنحصل على المطعوم الذي يؤمن لنا المناعة ، فلا أحد يؤذينا أكثر مما نؤذي أنفسنا ...