مفهوم " العلم في العصر الحديث "
يعدّ مفهوم العلم من المفاهيم الرئيسية في الدراسات المعاصرة؛
خاصة مع الجدل المتزايد حول حصر مفهوم العلم في الجانب التجريبي،
والتساؤل بشأن علمية البحوث الاجتماعية،
وإقصاء الدراسات الدينية والشرعية من وصف العلمية ،
باعتبار المعرفة الدينية "ما ورائية" وقضاياها غيبية ،
لا يمكن اختبارها بالتجربة المعملية ، التي هي مقياس ومعيار العلم التجريبي الحديث.
ويلاحظ أن هذا الاتجاه هو وليد التطور التاريخي والخبرة الغربية حول هذا المفهوم،
مما يجعله منفصلاً عن الشرع الإسلامي.
فقاموا بتعريف العلم على أنه :
-مجموعة متنوعة من فروع المعرفة أو مجالات فكرية تشترك في جوانب معينة.
-فرع من الدراسة تلاحظ فيه الوقائع وتصنف وتصاغ فيه القوانين الكمية، ويتم التثبت منها، ويستلزم تطبيق الاستدلال الرياضيّ وتحليل المعطيات على الظواهر الطبيعية.
-الموضوع المنظم في المعرفة المتحقق منها، ويتضمن المناهج التي يتم بها تقديم هذه المعرفة والمعايير التي عن طريقها يختبر صدق المعرفة.
-مجال واسع من المعرفة الإنسانية، يُكتسب بواسطة الملاحظة والتجربة، ويتم توضيحه عن طريق القواعد والقوانين والمبادئ والنظريات والفروض.
واستنادًا إلى التعريفات السابقة يتضح أن العلم في التعريف الغربي سماته:
- الجمع بين العلم كنظرية وكتطبيق.
- الجمع بين العلم كمنهج للبحث وكمضمون معرفي.
- التوكيد على العلم بمعناه الطبيعي؛ أي الذي يعتمد على التجربة والملاحظة.
- أن العلم يتعلق بمجال أخص من المعرفة العامة.
فمفهوم العلم عند الغرب في العصر الحديث، يرتبط بالمنهج التجريبي
الذي يردّ كل الأشياء إلى التجربة ويخضعها للدراسة المعملية،
كنتيجة لقصور الإدراك البشري عن الوصول إلى بعض الحقائق دون تجربة،
وترجع أصول هذا المنهج إلى العلماء الأوروبيين
وقد تأثرت بعض المعاجم العربية بالتعريف الغربي لمفهوم العلم؛
حيث أطلق العلم حديثًا في احد المعاجم العربية ،
على العلوم الطبيعية التي تحتاج إلى تجربة ومشاهدة واختبار؛
سواء أكانت أساسية كالكيمياء والطبيعة والفلك والرياضيات،
أو تطبيقية كالطب والهندسة والزراعة.
وأبرز مواطن الخطر في هذا التعريف ،
هو الخلط بين مصطلحيْ العقل والحس،
فأصبح المقصود بالعقل هو التجريب الحسي، وعلى ذلك ،
فالخارج عن نطاق الحس خارج عن نطاق العقل والعلم جميعًا،
مما يعني إنكار المعجزات و الغيبيات
يكتسب العلم منزلة سامية في الإسلام؛
وقد تجلت هذه المنزلة الرفيعة في افتتاح نزول القرآن بآيات:
"اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" [العلق:1-5]،
يتضح لنا من هذه الآيات ، مدى سموّ المكانة التي يتبوَّؤها العلماء، واقتران العلم بالإيمان.
ولذلك اهتمّ المسلمون بمصادر تحصيل العلم والتي تمحورت حول النص بشقيْه: الكتاب والسنة،
فقد تكاثرت الشواهد على اعتبار أحكام العقل والحس مصدرين للعلم مع إيضاح حدود كل منهما وضوابطه التي تكفل وصوله للنتائج الصحيحة. ومن الواضح أن الاسلام لم يعارض التجربة العملية كمصدر للعلم، لكنه قوّمها ولم يكتف بها.
وكذلك فإن الإسلام أعطَى العلوم غير الشرعية أهمية كالعلوم الشرعية،
فهي علومٌ البحثُ فيها فرض كفاية يجب أن تقوم به الأمة،
وذلك نابع من أهمية إدراك الاسلام لتحقيق الاستخلاف في الأرض،
وبناءً على ذلك فإن العلم لدى العلماء المسلمين يعبِّر عن ....
ترابط بين علوم الحياة وعلوم الآخرة
" العقلانية " :
يقصد بالعقلانية القدرة على استخدام العقل بصورة صحيحة وبإطار صحيح ، في فهم المجتمع وحل مشاكله ،
فالعقل الذي يعد قائد الانسان ، ومقرر نجاحه وفشله وارتقائه وتراجعه ،
الا ان الغرب ، اختطف هذا المصطلح ليأخذ منحى فلسفي يؤكد أن الحقيقة يمكن أن تكتشف بشكل أفضل باستخدام العقل و التحليل الواقعي – التجربة - و ليس بالإيمان و التعاليم الدينية، وهذا يعود الى فترة التحديث الاوروبية للخروج من عصور الظلام.
وصارت العلوم الطبيعية هي علوم سيطرة الإنسان على الكون والطبيعة، وهذا جوهر وغاية العقلانية المرتبطة أصلا بالعلمانية وهكذا بدأ الاهتمام من جانب تلك الحقول المعرفية لتقديم تعريفات دقيقة للمفاهيم، والسعي لتحويلها إلى مصطلحات بالغة الدقة، فظهرت قواميس المصطلحات الطنَّانة الرنَّانة
من دلالات مادة "عقل" في اللغة ، كما في لسان العرب: الجامع لأمره،
مأخوذ من عقلت البعير إذا جمعت قوائمه،
وقيل "العاقل" الذي يحبس نفسه ويردها عن هواها،
أُخذ من قولهم قد اعتقل لسانه إذا حُبس ومنع الكلام.
والمعقول: ما تعقله بقلبك.
والعقل: التثبت في الأمور.
والعقل: القلب، والقلب العقل.
وسُمي العقل عقلا؛ لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك،
وبهذا يتميز الإنسان من سائر الحيوان، ويقال: لفلان قلب عقول، ولسان سئول، وقلب عقول: فهم. وعقل الشيء يعقله عقلا أي فهمه.
لقد عُنِيَت الشريعة الإسلامية بالعقل عناية لم تسبقها اليها شريعة أخرى.
فالعقل أساساً لفهم الدين ودلائله، والاعتبار به،
و الخطاب بالاسلام موجه إليه ، أو قائم به وعليه، من التفكر والتدبر والنظر في العالم،
وهي من أعظم وظائف العقل، ومداخل العقيدة والإيمان.
وما بين الدين والعقل علاقة ارتباط وثيقة العرى وهي علاقة وظيفية متبادلة تتعلق بدور العقل في فهم وتطبيق الدين الذي يوسع المدارك ومدارات لعقل ومصادر معرفته،
وإساءة فهم هذه العلاقة أو القصور في فهم أبعادها يولّد انحرافا في التفكير والاعتقاد والسلوك.
وهكذا كان مفهوم العلم في الاسلام الذي يفيد العناية بالعقل، مفهوم شامل يبتغي معرفة الله والتقرب إليه،
بما يحقق مهمة الخلافة في الأرض، وعمارة الكون والحياة،
سواء كانت هذه العلوم نابعة من القرآن الكريم والسنة ،
أو نابعة من علوم الكون الطبيعية.
"مصطلح الإسلام السياسي" :
دائما ما يطلق بوصفه شيء سيء وخاطىء، فهو إسلام متطرف يجب الحذر من إنتشار أفكاره وأطروحاته!! والهدف واضح وهو منع الحكم بالشريعة الإسلامية،
وتكفينا سيرة أشرف الخلق وخاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام التي تمثل الأسوة الحسنة والضوء الذي يستنير به كل من ينتمي لأمة الإسلام أفرادا وجماعات وأمم،
فقد حكم دولة الإسلام التي عمت أرجاء المعمورة،و كان خلال فترة قيادته نعم القدوة لكل من أراد النجاح في الحكم والسياسة،
فكان الحاكم السياسي الخبير، والقائد العسكري المحنك، والمحلل الإقتصادي البارع،
يقود في السلم والحرب، ويوقع المعاهدات، ويقضي بين الناس،ويجتبي الأموال ويوزعها،
ومع أنه كان النبي المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى،
فقد ظل مستعينا بآراء ومشورة ذوي الخبرة والإختصاص من صحابته الكرام ،
تحت مظلة كتاب الله وسنة رسوله الكريم،
فعاشت الدولة الإسلامية في أوج مجدها وعزها،
وكانت نموذجا للدولة المثالية في نظامها الداخلي و سياستها الخارجية.
فالحديث عن شمولية الإسلام وعظمة التشريع فيه طويل،
مصطلح (الوسطية ) :
قال تعالى :
(وكذلك جعلناكم أمة وسطا) أي كما جعلنا القبلة وسطا, كذلك جعلناكم اءمة في حالة اعتدال , لا يشوبها افراط ولا تفريط في كل جوانب حياتها.
فأما في تناول الغرب لمفهوم (الوسطية)
تبدو رغبتهم واضحة في تمييع الدين وتغييب السنة عن المجتمع سلوكا ومظهرا
من خلال تفسيرهم لهذا المصطلح على غير حقيقته في القرآن الكريم
وتطبيقه العملي في واقع الأمة عبر فكر وسلوك نبينا محمد عليه الصلاة والسلام
وصحابته الكرام ومن بعدهم أئمة وأعلام الإسلام عبر التاريخ،
وقس على ذلك مصطلحات غلافها الظاهري جميل !!
أما باطنها وما ترمي إليه فيهدف إلى تمييع الاسلام وتقليل اثره في النفوس .
مضاف إليها عدد من أطباق الحلوى المسماة بحقوق المرأة وحقوق الإنسان وحرية الفرد!!
وما تلبيسهم هذا وإنزالها على المعنى الذي يريدونه وما تهواه أنفسهم،
إلا في سبيل التمهيد والتخطيط لإرساء قواعد مذاهب فلسفية وفكرية وسياسية في المجتمع المسلم ،