شئنا ام ابينا ..............
هذه الظاهرة موجودة في معظم بيوتنا العربية اكثر من أي بيت آخر، وفي تزايد مستمر ، لاسباب قد تكون ضرورية ، وقد تكون كمالية ، وهذا ليس موضوع الحديث ، لان ما نراه ضروريا ، قد يراه البعض كماليا ، وما نراه كماليا ، قد يراه الاخرون ضروريا.
وقد فرضت هذه الظاهرة نفسها موضوعا للنقاش ، رغم الكثير من الاراء المتضاربة حولها.... وانتشار الكثير من القصص والجرائم (سرقة ، قتل ، سحر، تدني مستوى الاخلاق........،......)
ولشدة انتشار معاناة ربات البيوت من الخادمات ، ولكثرة ما كتب حول هذه المعاناة حتى اصبحت الصورة واضحة في اذهاننا عن خطر استخدام الخادمة ، فقد فضلت ان اكتب عن الوجه الاخر للعملة ......... عن معاناة الخادمة نفسها مع ربات البيوت.
واحببت الاشارة ايضا ... الى ان هذه الجرائم لا تتميز بها معظم الخادمات فقط ... بل والكثير من الناس ايضا، لان اسباب الجريمة هي الميل الكبير لعمل الشر ،وخرق القوانين ، ومرتبط ذلك بالبيئة واسلوب التربية والوازع الديني.
واذا كانت اسباب القيام بهذه الجرائم قد تكون مفهومة عند (الخادمات)، الا انها حقا غير مفهومة لدى معظم المجرمين .!
كثير من الامهات العاملات (او غير العاملات) يحتجن الى مدبرة منزل ، كما تصر جمعية الرفق..................................بالانسان !! تسمية العاملات في البيوت.
هذه الخادمة التي تعمل في كثير من المنازل العربية والتي قليل ان نسمع من احد رضاه الكامل عن اسلوب عملها وكثيرا ما نسمع من الشكوى عن مستوى ادائها وعملها...... فهي دوما محور الحديث الناقد في جلساتنا....
وعلى الرغم من كل ما سمعته واسمعه حول الخادمات ، احببت ان انقل حالة واقعية مظلومة ....
لمعرفتي ان بعض الناس يخطئون في فهم معاني المساواة التي نبه اليها ديننا الحنيف.
ومعاني الرحمة والشفقة التي اوصانا بها الرسول الكريم.
صغت معاناتها بإحساسي.... رغم معرفتي بتأثري الدائم بنظريتي الازلية في الحياة ...
وهي ان داخل كل دائرة مهما اشتد سوادها ... هناك دائما نقطة بيضاء مهما كانت صغيرة.
وقد يكون السبب وراء ذلك ....... هو سعيي الدائم للبحث عن ..........الوجه الاخر للحقيقة.
او قد يكون ............ ميلي الفطري الى التفكير العميق ، والحزن الدائم.
ولان صاحبة القصة اصلا ، لا تعلم بأنها مظلومة...! فهي ليست صاحبة الشكوى .
ولشد ما يثير شفقتي ومشاعري ، مظلوم لا يعي ظلم الناس له....!
وهكذا................ تخيلت نفسي مكان صاحبة المعاناة .....
...................................
...................................
...................................
...................................
...................................
...............الشغل مش عيب.............
هذا ما نتحدث به نحن العصريون حين ندخل في حوار ترف ثقافي ..... ونحن جالسون على مقاعدنا الفاخرة .........!
سيدة تنتظرني في مكان معين ومعها صورة لي............. ليسهل التعرف على شكلي!
اسمي..........؟؟
ليس له اهمية...فهذه السيدة ستختار لي الاسم الذي يروق لها...
فأسخف ما احمله حاليا هو اسمي ومشاعري ..............!!
تدعوني لامشي ورائها لندخل السيارة خاصتها.......
الملم اغراضي وحقائبي التي تحمل بعض اوراق الذكريات التي احنو عليها و ارعى تشردها..وبعض الصور لافراد عائلتي....حين يستبد بي الشوق اليهم ، لاجلس في عتمة الليل احاول ان اتفقد ملامحهم خوفا من نسيانها في خضم هذه الحياة الجديدة الغريبة ، من يدري، فقد لا استطيع سماع صوت احدهم طيلة فترة التزامي بالخدمة .
شعرت انني اسمع السيارة تنوح........وهي تلملم اشلائي الحزينة...!!
مشاعر كثيرة تتضارب في ذهني عن وضع اولادي المساكين الذين تركتهم برفقة امي العجوز المتهالكة ....!!
تواصل السيدة الطريق دون ان تلتفت الي بكلمة واحدة ...
ادخل البيت ورائها بخطوات متعثرة ....
اسمع صوتا من بعيد...... هل احضرتها ؟؟؟
وابدأ بمحاولة تصور حجم العمل المطلوب مني حسب مساحة هذا البيت....!!
لم اسمع من احد كلمة......اهلا وسهلا.........
الكل يحاول فحصي كأنني كائن غريب قدم لتوه من المريخ،
وسوف يعود اليه فور انتهاء مهمته!!
ترمي الي ببعض ثيابها القديمة ... وتفرض على الاستحمام لانظف نفسي مما قد احمله الى هذه البيئة البورجوازية من ......(مذكرات جرثومية) قد تكون لا تزال عالقة بي من بيتي الاصلي ............!
وتنبه علي بشكل خاص غسل شعري بالكاز....! خوفا من المخلوقات الغريبة التي من المحتمل جدا ان احملها من بيئتي الفقيرة بأمان بين خصلات شعري لتستقر نهائيا في هذا القصر الجميل..............!
سيدتي :
ورغم كل الكلام الذي نتفوه به لسد فراغات ثقافتنا الدينية و الفكرية عن مفاهيم........
المساواة بين البشر
واذا كان العمل (مهما كان نوعه ) هو شيء مشرف.......
حسب ما نقول في حواراتنا الفارغة.. وليس هناك فروقا فعلا بين البشر كما ندعي بأفواهنا ....
فيا ترى .........................؟؟
ما هو موقفك اذا ذهبت لاجراء مقابلة عمل ... وطلبت اليك ادارة العمل ......
غسل شعرك بالكاز قبل البدء بممارسة الوظيفة ؟؟؟؟؟؟
ثم تبدأ بشرح برنامج عملي ..........
الاستيقاظ في الساعة الخامسة صباحا لتحضير الاولاد للذهاب الى المدرسة .... هؤلاء الاولاد المشاكسون،.... والذين هم من عمر ابنائي ، ويتطاولون علي بالشتم والسب ، اذا لم ارد على نداءاتهم فورا ، ثم اغرق في الاعمال اليومية حتى الساعة الواحدة والنصف ليلا
وهذا ليس كل ما يجب ان اتحمله في هذا البيت الغريب ..........
هناك ذلك الاب الذي لا تنتهي طلباته.............
وسيدتي نفسها..... والتي تدعي انها لا وقت لديها بسبب انشغالها بالعمل .....!!
هذا العمل الذي تذهب اليه وقتما تشاء وتعود منه وقتما تشاء.........!!
ترى كيف كانت حياتهم قبل ان احضر اليهم ؟؟
هل كانت هذه السيدة (الارستقراطية) تلبي كل طلباتهم ....اذا كان هذا الحال؟ فكيف كانت توفر الوقت اللازم للجلوس هذه الساعات الطويلة على الهاتف ؟ او لامضاء هذا الوقت الطويل خارج المنزل ؟؟
واذا كانت بهذه النظافة الفائقة والتي تفرضها علي في شؤون المنزل ... فلماذا ارى بيوت العنكبوت في زوايا الجدران .... وبقايا حلويات الاطفال مدسوسة داخل زوايا التدفأة المركزية!
هذا هو برنامجي اليومي ....... يا من تكيلون لي الذم وعدم الرضا على عملي...!!
كل ما اطلبه............... الانسانية في التعامل معي ... واعطائي الحد الادنى من درجات الاحترام ........وما اطلبه ليس مستحيلا ولا مكلفا
مراعاة انني انسانة اولا .. وام ثانيا
اليس من حقي ان اتذكر امي واولادي ...... والذين تبعدني عنهم مسافات طوال ...
الا تعلمون ما ينتاب الانسان من مشاعر عندما يتذكر اهله وذويه والذين ليس من وسيلة للتواصل معهم الا رسائل قليلة جدا بين حين واخر ؟؟
ثم...........................
الست امرأة من لحم ودم.... لي مشاعر كالآخرين ....؟؟ افرح ان وجه احدهم لي المديح واحزن ان كال لي التوبيخ والشتائم ؟؟