موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > منبر العقيدة والتوحيد

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 02-08-2023, 05:01 PM   #3
معلومات العضو
أحمد بن علي صالح

افتراضي

مَسألةُ السَّفَرِ لزِيارةِ قَبرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ

وزِيارةِ أماكنِ السِّيرةِ النَّبويَّة، كغار حِراءٍ، وجَبل أُحُدٍ، وغيرِهما


الشيخ عَلَوي بن عبد القادر السَّقَّاف

المُشرفُ العامُّ على مؤسَّسة الدُّرَر السَّنِية





الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على خاتَمِ الأنبياءِ والمرسَلين

أمَّا بعدُ:

فقدِ اختلَط على كثيرٍ من الناسِ الفرْقُ بين زِيارةِ القُبور، والسَّفرِ إليها، ومِن ذلك التفريقُ بين زِيارة قبرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ، والسفرِ إليه، وهو ما يُعبَّرُ عنه بشَدِّ الرِّحال؛ فزِيارةُ قُبورِ المُسلِمينَ -لِتَذكُّرِ الآخِرةِ والدُّعاءِ للميِّتِ- قُربةٌ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، ومأْمورٌ بها، وقبرُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وإنْ لم يَثبُت في فَضلِ زِيارتِه على وجهِ الخُصوصِ حديثٌ صحيحٌ ولا حَسَنٌ، بل كلُّ ما ورَدَ فيه ضعيفٌ جدًّا، أو موضوعٌ لا أصلَ له؛ فإنَّه يَدخُلُ دخولًا أوَّليًّا في الأحاديثِ العامَّةِ التي ورَدتْ في فَضلِ زِيارة القُبورِ.


إذا علِمتَ ذلك، فاعلَمْ أنَّ بعضَ العلماءِ المتأخِّرين أجازَ السفرَ لزِيارةِ قَبرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ، بل بعضُهم استحبَّه، أو أوجَبَه، لكِنَّ المتقدِّمين منهم -وعلى رأْسِهم الصَّحابةُ والتابِعون- لم يُنقَلْ عن أحدٍ منهم أنَّه فعَلَه أو أباحه، وأصلُ الخِلافِ بين العلماءِ المتأخِّرين هو فَهمُهم لحديثِ: ((لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلَّا إلى ثَلاثةِ مساجِدَ)) [رواه البخاري (1189)، ومسلم (1397 )]، وفي روايةٍ عِندَ مُسلمٍ: ((لا تَشُدُّوا)).


فالمُجيزون قالوا: معنى الحديث: لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلى مَسجدٍ إلَّا إلى هذه المساجدِ الثلاثةِ، وعليه يجوزُ السَّفرُ إلى أيِّ بُقعةٍ، كقَبرِ وَلِيٍّ أو نَبِيٍّ؛ قُربةً إلى اللهِ تعالى، وشبَّهوا ذلك بالسَّفرِ مِن أجْلِ طلَبِ العِلم، أو أيِّ أمرٍ من أُمورِ الدُّنيا أو الآخِرَةِ.


والمانعون قالوا: معنى الحديث: لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلى أيِّ بُقعةٍ تَقرُّبًا إلى اللهِ عزَّ وجلَّ إلَّا إلى هذه المساجِد الثلاثةِ، وحُجَّتُهم: أنَّه إذا كانتِ المساجدُ -وهي أفضلُ بِقاعِ الأرض؛ فهي بُيوتُ اللهِ، وأحبُّ البِقاعِ إليه- لا يجوزُ السَّفرُ إليها قُرْبةً؛ فغيرُها مِن الأماكنِ مِن بابِ أَولى، أمَّا بقيَّةُ أنواعِ السَّفرِ -سواءٌ كانتْ لطلبِ عِلم، أو غيرِ ذلك- فإنَّها ليستْ سَفرًا لذاتِ المكانِ، بل لتَحصيلِ غَرضٍ ما.


ولا شَكَّ أنَّ مَن يَتأمَّلُ القولَينِ بعدْلٍ وإنصافٍ، يَظهَرُ له قُوَّةُ حُجَّةِ المانعينَ، وصوابُ فَهمِهم للحديثِ، وإلَّا فعَلَى فَهْمِ المُجِيزين يكونُ السفرُ إلى مَسجدِ قُباءٍ مُحرَّمًا؛ لأنَّه ليس من المساجدِ الثلاثةِ، ولكن لو قدَّرْنا أنَّ هناك قبرًا لأحدِ الصالحينَ بجوارِ مَسجدِ قُباءٍ فإنَّه يجوزُ السفرُ إليه، وهذا فَهمٌ لا يستقيمُ!

وممَّا يُؤيِّدُ ذلك فَهْمُ ابنِ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما؛ فعن قَزَعةَ قال: سأَلْتُ ابنَ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: آتِي الطُّورَ؟ فقال: (دَعِ الطُّورَ ولا تأْتِها، وقال: لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلَّا إلى ثَلاثةِ مساجِدَ). [رواه ابنُ أبي شَيبةَ في ((المصنَّف)) (7539 ) بإسناد صحيح].

وبعضُهم قصَرَ الجوازَ على قبرِه الشريفِ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ، وليس معهم دليلٌ.

وزعَم بعضُ الناس أنَّه لم يُحرِّمْ ذلك أحدٌ من العلماء قبْلَ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميَّةَ المُتوفَّى سَنةَ (728هـ)، وهذا غيرُ صحيحٍ؛ فقد حرَّم السفرَ لزِيارة القُبور:


من المالكيَّة: الإمامُ مالكٌ (ت: 179هـ)، والقاضي عِياض (ت: 544هـ).

ومن الشَّافعيَّة: أبو محمَّد الجُويني (ت: 438هـ)، وابنُ الأثير؛ صاحِب (جامعِ الأصولِ) (ت:606هـ).

ومن الحنابِلةِ: ابنُ بَطَّة العُكبريُّ (ت: 387هـ)، وابنُ عَقيل (ت: 513هـ)، وغيرُهما.

قال ابنُ تَيميَّةَ في (مجموع الفتاوى) (1/ 304): (وسُئِلَ مالكٌ عن رجلٍ نَذَر أنْ يأتيَ قبْرَ النبيِّ، فقال مالكٌ: إنْ كان أرادَ القبرَ فلا يأْتِه، وإنْ أرادَ المسجدَ فلْيأتِه، ثمَّ ذكَر الحديثَ: ((لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجِدَ)). ذكَره القاضي إسماعيلُ في "مبسوطِه")اهـ.

وقد أشار المُناويُّ في (فيض القدير) (6/181) إلى هذا النَّقلِ عن الإمامِ مالكٍ بقولِه: (... ما نُقِلَ عن مالكٍ مِن مَنعِ شَدِّ الرحل لِمُجرَّدِ زِيارةِ القبرِ من غيرِ إرادةِ إتيانِ المسجدِ للصَّلاةِ فيه).

وقال ابنُ بطَّةَ في (الإبانة الصغرى) (ص 92): (ومِن البِدَع البِناءُ على القُبورِ وتَجصيصُها، وشَدُّ الرِّحال إلى زِيارتِها). اهـ.

وقال النَّوويُّ (ت: 676هـ) في شرحه لصحيحِ مُسلمٍ (9/106): (واختَلف العُلماءُ في شدِّ الرِّحالِ وإعمالِ المَطِيِّ إلى غيرِ المساجدِ الثلاثةِ، كالذَّهابِ إلى قُبورِ الصالحينَ، وإلى المواضِعِ الفاضلةِ، ونحوِ ذلك؛ فقال الشيخ أبو محمدٍ الجُوينيُّ من أصحابِنا: هو حرامٌ. وهو الذي أشارَ القاضي عِياضٌ إلى اختيارِه). اهـ.

وقال الحافظُ ابنُ حَجرٍ في (الفتح) (3/65) عند شرحِه لحديث: ((لا تُشَدُّ الرِّحال)): (قال الشيخ أبو محمدٍ الجُويني: يَحرُمُ شَدُّ الرِّحالِ إلى غيرِها؛ عملًا بظاهرِ هذا الحديث. وأشار القاضي حُسينٌ إلى اختيارِه، وبه قال عِياضٌ وطائفةٌ). اهـ.

وقال ابنُ قُدامة في (المُغْني) (2/ 100): (فإنْ سافرَ لزِيارةِ القُبورِ والمشاهِد؛ فقال ابنُ عَقيلٍ: لا يُباحُ له الترخُّصُ؛ لأنَّه منهيٌّ عن السَّفرِ إليها؛ قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلَّا إلى ثلاثةِ مساجِدَ)). متَّفقٌ عليه). اهـ.

وقال ابنُ الأثيرِ في (جامع الأصول) (9/ 283) في شرحِ حديثِ ((لا تُشَدُّ الرِّحالُ)): (هذا مِثلُ قولِه: (لا تُعمَلُ المَطِيُّ)، وكنَّى به عن السَّيرِ والنَّفرِ، والمُرادُ: لا يُقصَدُ مَوضعٌ من المواضع بنِيَّةِ العِبادةِ والتقرُّبِ إلى اللهِ تعالى إلَّا إلى هذه الأماكنِ الثلاثةِ؛ تَعظيمًا لشأْنِها، وتشريفًا). اهـ.


وقال علَّامةُ حَضرموتَ ومُفْتيها السيِّدُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عُبَيدِ اللهِ السقَّافُ (ت: 1300هـ) في كتابِه (إدام القوت) (ص584): (نصَّ إمامُ الحرَمينِ -ومِثله القاضي حُسينٌ- على تحريمِ السَّفرِ لزِيارةِ القُبور، واختاره القاضي عياضُ بنُ موسى بنِ عيَّاشٍ في (إكماله)، وهو مِن أفضلِ مُتأخِّري المالكيَّةِ، وقام وقعَد في ذلك الشيخُ الإمامُ ابنُ تيميَّةَ، وخَطَّأه قومٌ وصَوَّبَه آخَرون، ومهما يكُن من الأمرِ فَلْيَسَعْه ما وَسِعَ الجُوينيَّ والقاضِيَينِ حُسينًا وعِياضًا، ولكنَّهم أفردُوه باللَّومِ، والقولُ واحدٌ! وقال مالكُ بنُ أنسٍ: مَن نَذَر المشيَ إلى مَسجدٍ من المساجدِ لِيُصلِّيَ فيه، كَرِهتُ ذلك؛ لِقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلَّا إلى ثلاثةِ مساجِدَ)). وقال ابنُ سُريجٍ -وهو مِن كبارِ أصحابِ الشافعيِّ-: "إنَّ الزِّيارةَ قُربةٌ تَلزَمُ بالنَّذرِ". والخَطبُ يسيرٌ لم يُوَسِّعْه إلَّا الحَسَدُ والتعصُّبُ، وإلَّا فالتثريبُ في مَوضعِ الاختِلافِ ممنوعٌ). انتهَى كلام السَّقَّاف.

أمَّا النوويُّ، وابنُ حَجَرٍ، وابنُ قُدامةَ، وغيرُهم من المتأخِّرين فقد قالوا بالجوازِ، لكنَّ المقصودَ هنا هو توضيحُ أنَّ هناك مَن قال بالتحريمِ قبلَ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميَّةَ، لكنْ لشُهرتِه ومَكانتِه، وكذلك لتَشنيعِ خُصومِه عليه وادِّعائِهم أنَّه أوَّلُ مَن قال بذلك؛ اشتُهِرتْ هذه المسألةُ عنه.


وقال بالتحريمِ أيضًا بعدَ ابنِ تَيميَّةَ عددٌ من العلماء؛ منهم:

علَّامةُ اليمنِ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ الصَّنعانيُّ (ت: 1182هـ)؛ قال في (سُبل السلام) (3/ 394): (والحديثُ دليلٌ على فَضيلةِ المساجدِ هذه، ودلَّ بمَفهومِ الحَصْرِ أنَّه يَحرُمُ شَدُّ الرِّحالِ لِقَصدِ غيرِ الثلاثةِ -كزِيارةِ الصالحينَ أحياءً وأمواتًا؛ لِقَصدِ التقرُّب-، كقصْدِ المواضعِ الفاضلةِ؛ لقَصدِ التبرُّكِ بها والصلاةِ فيها) اهـ.

ومنهم: علَّامةُ الهِند السيِّد صِدِّيق حسَن خان الحُسينيُّ (ت: 1307هـ)؛ قال في شرحِه لصحيح مُسلمٍ (5/113): (وأمَّا السَّفرُ لغيرِ زِيارةِ القُبور -كما تقدَّم نظائرُه- فقد ثبَتَ بأدلَّةٍ صحيحةٍ، ووقَع في عصْرِه صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ، وقرَّره النبيُّ عليه السَّلام؛ فلا سبيلَ إلى المنْعِ منه والنهيِ عنه، بخِلاف السَّفرِ إلى زِيارةِ القُبور؛ فإنَّه لم يَقعْ في زمَنِه، ولم يُقِرَّ أحدًا مِن أصحابه، ولم يُشِرْ في حديثٍ واحدٍ إلى فِعلِه واختيارِه، ولم يَشْرَعْه لأحدٍ مِن أُمَّتِه؛ لا قـــولًا، ولا فِعــلًا، وقد كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ يَزورُ أهلَ البقيع وغيرَهم مِن غيرِ سفرٍ ورِحلةٍ إلى قُبورِهم؛ فسُنَّتُه التي لا غُبارَ عليها ولا شَنارَ فيها: هي زِيارةُ القبورِ من دونِ اختيارِ سَفرٍ لها؛ لِتذَكُّرِ الآخِرةِ). اهـ.

ومنهم: علَّامةُ العِراقِ السيِّد نُعمان بنُ محمودٍ الألوسيُّ مُفتي الحَنفيَّة ببغدادَ (ت: 1317هـ)؛ قال في (جلاء العينينِ) (ص518) بعد أنِ انتصَرَ لرأْيِ ابنِ تيميَّةَ في هذا: (ونِهايةُ الكلامِ في هذا المقامِ: أنَّ شيخَ الإسلامِ لم يَنفرِدْ بهذا القولِ الذي شُنِّعَ به عليه، بل ذهَبَ إليه غيرُه من الأئمَّةِ الأعلامِ).

هذا، وقد أعرَضْتُ عن أدلَّةٍ يَستشهِدُ بها الطرَفانِ، لكن لا تُسلَّمُ لهما، وأُسُّ الخِلافِ هو ما ذكَرْتُه.


فمِن أدلَّةِ المُجِيزينَ أحاديثُ فَضْلِ زِيارةِ قبرِ نبيِّنا صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ، وكلُّها ضعيفةٌ لا يَصِحُّ منها شيءٌ، ولو صحَّتْ فهي خارِج مَحلِّ النِّزاعِ، ومنها ما يَرْوُونه مِن (أنَّ بلالًا رضِيَ اللهُ عنه رأَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ وهو في الشامِ في منامِه، وهو يقولُ له: ما هذه الجَفوةُ يا بِلالُ؟! أمَا آنَ لك أنْ تَزُورَني يا بلالُ؟! فانتَبَه حزينًا خائفًا، فركِبَ راحلتَه وقصَدَ المدينةَ)! قال الحافظُ ابنُ حَجرٍ في (لِسان الميزان) (1/359) عن هذه القِصَّةِ: (بيِّنةُ الوَضعِ)، وقال الذَّهبيُّ في (سير أعلام النُّبلاء) (1/358): (مُنكَرٌ). وغيرها مِن الآثارِ والأحاديثِ الضَّعيفةِ والموضوعةِ.


ومِن أدلَّةِ المانعينَ التي أَعرضتُ عنها أَثَرُ أبي بَصْرةَ الغِفاريِّ وإنكارُه على أبي هُريرَةَ رضِيَ اللهُ عنهما ذَهابَه إلى الطُّورِ، وقد تَتبَّعتُ رِواياتِ هذا الأثرِ، فوجَدْتُه ليس في مَحلِّ النِّزاعِ؛ فذَهابُ أبي هُريرَةَ رضِيَ اللهُ عنه إنما كان لِمَسجدٍ هناك، ثم إنَّه وافَق أبا بَصْرةَ بعدَ ذلك.

أمَّا زِيارةُ أماكنِ السِّيرةِ النبويَّةِ -كغار حِراءٍ، وجَبَل أُحدٍ، وغيرِهما- بقَصدِ التعبُّدِ والتقرُّبِ إلى اللهِ تعالى: فبِدعةٌ لا تَجوزُ، ولم يُنقَلْ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّمَ أنَّه فعَلَ ذلك، ولم يُنقَلْ عن أحدٍ مِن صحابتِه رضِيَ اللهُ عنهم أنَّه فعَل ذلك، وهم أعلَمُ الناسِ بعْدَ الأنبياءِ بدِينِ اللهِ، وأطْوعُهم للهِ عزَّ وجلَّ، وفي الحديثِ: ((مَن أحدَثَ في أمْرِنا هذا ما ليس منه، فهو رَدٌّ)) متَّفق عليه.


أمَّا إنْ لم يكُن على سَبيلِ التعبُّدِ؛ كأنْ يكونَ للاستعانةِ بزِيارتِها في فَهمِ حوادثِ السِّيرةِ، كالغزواتِ وغيرِها، كما يَفعَلُه بعضُ المُعلِّمين؛ فلا بأسَ بذلك؛ حيثُ إنَّ الأصلَ في الأفعالِ على غيرِ وجْهِ التعبُّدِ الجوازُ، وعلى وجْهِ التعبُّد المنعُ، لكنْ يُشترَطُ لجوازِ زِيارتِها شروطٌ؛ منها:

1- ألَّا يَلتزمَ الزيارةَ في أوقاتٍ مُعيَّنةٍ، وبصُورةٍ وهيئةٍ مُعيَّنة؛ حتى لا تُشبِهَ العِبادةَ.

2- ألَّا يَتعمَّدَ أداءَ عِبادةٍ عِندها؛ كصلاةٍ، أو ذِكرٍ، أو دُعاءٍ، أو قَصدِ التبرُّك بها.

3- أنْ يَتمكَّنَ مِن إنكارِ المنكَرِ مِن بِدَعٍ أو شِرْكيَّاتٍ -إن وُجِدت- بالضوابطِ الشرعيَّةِ المُعتبَرةِ، فإنْ لم يَستطِعْ فعليه مُغادرةُ المكانِ؛ فذلك أضعَفُ الإيمان.

أمَّا عدَمُ ثُبوتِ زِيارةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابِه الكرامِ لهذه الأماكنِ، فإنَّه لا يدُلُّ على حُرمتِها؛ فهذا إنما يُقالُ فيما كان على وَجهِ التعبُّدِ.

لكن قد يُقالُ: إنَّ زِيارةَ مِثلِ هذه الأماكنِ ذَريعةٌ للشِّركِ. فيُجابُ بأنَّ مُجرَّدَ الزِّيارةِ ليس ذَريعةً للشِّركِ، إلَّا إذا هُيِّئت هذه الأماكِنُ بحيثُ تُصبِحُ أماكنَ زِيارةٍ يأْتيها الناسُ أفواجًا ويَقصِدونها قَصدًا؛ فمِثلُ هذا الفِعلِ قد يُؤدِّي إلى جَعْلِها مَزاراتٍ؛ فسَدُّ هذا البابِ مُتعيِّنٌ، وهناك فَرْقٌ بين هذا وذاك لِمَن تأمَّلَه.


واللهُ أعلمُ.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 02-08-2023, 05:02 PM   #4
معلومات العضو
أحمد بن علي صالح

افتراضي

حكم شد الرحال لزيارة القبور

السؤال:

أيضاً يقول في شق السؤال الثالث: هل يجوز شد الرحال لزيارة أي مكان من الصالحين الأموات؟

الجواب:


الشيخ: لا يجوز ذلك؛ أي: لا يجوز للإنسان أن يشد الرحل لزيارة قبر من القبور أياً كان صاحب هذا القبر؛ وذلك لأن زيارة القبور من العبادة كما سبق، فإذا كانت من العبادة فإنه لا يجوز للإنسان أن يشد الرحال إلى مكان يختص بتلك العبادة سوى المساجد الثلاثة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى». وما سوى هذه الأماكن لا يجوز للإنسان أن يشد الرحال إليه تعبداً إلى الله وتقرباً إليه. وزيارة القبور كما أسلفنا هي من العبادة، فلا يجوز للإنسان أن يشد الرحال إلى القبور؛ لأنها عبادة تختص بهذا المكان، وهذا ممنوع في غير المساجد الثلاثة.


https://binothaimeen.net/content/7007

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 02-08-2023, 05:48 PM   #5
معلومات العضو
أحمد بن علي صالح

افتراضي

بطلان دعوى مخالفة ابن تيمية للإجماع (مسألة شدِّ الرِّحال نموذجًا)




الحمد لله الذي علم عباده الإنصاف؛ فقال سبحانه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا** [البقرة: 219]، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على نبينا محمد الذي أرسله ربه لإحقاق الحق، ورد الاعتساف؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه»([1]) .

أما بعد، فإن من أكثر ما اشتهر عن مناوئي شيخ الإسلام ابن تيمية الادعاء عليه بأنه يخالف الإجماع، ولا ريب أنها دعوى عريضة بلا برهان؛ وقد أقدم عليها مخالفو الشيخ؛ بغية تزهيد الناس في كلامه، ورغبة في صرفهم عن أقواله، والباحث المنصف يدرك تمامًا أن دعوى مخالفة الإجماع من الدعاوى الكبيرة التي ينبغي التريث والتثبت في إطلاقها، ويجدر بالعالم ألا يقدم عليها إلا بعد بحث وتفتيش وتنقيب عن أقوال العلماء في المسألة؛ هذا هو دأب المخلصين في دعوتهم الاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، السالكين مسلك الإنصاف في بحثهم.

أعظم المسائل التي شنع بها على ابن تيمية:

من أعظم المسائل التي عورض فيها شيخ الإسلام ابن تيمية: مسألة شد الرحال إلى زيارة القبور، وقد كثر التشنيع عليه بسببها، وحرَّف المناوئون عليه القول فيها، ونقلوا عنه ما لم يقله، وحملوا كلامه ما لا يحتمله، وآلت الأمور إلى استصدار أمر من السلطان بحبس شيخ الإسلام بقلعة دمشق، وكان ذلك في سنة ست وعشرين وسبعمائة (726 هـ)، فبقي شيخ الإسلام مقيمًا بالقلعة سنتين وثلاثة أشهر وأيامًا، بسبب تلك المسألة ولوازمها التي ادعوها عليه، ثم توفي إلى رحمة الله ورضوانه سنة (728 هـ)، وما برح في هذه المدة مكبًّا على العبادة وتلاوة القرآن، وتصنيف الكتب والرد على المخالفين، ومن بديع ما كتبه في تلك المدة قوله: “ومن سنة الله أنه إذا أراد إظهار دينه أقام من يعارضه؛ فيحق الحق بكلماته، ويقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق” ([2]).

ومن أفحش ما شغبوا به على شيخ الإسلام -في مسألة شد الرحال- أن قوله شاذ مخالف للإجماع([3]) ، ووصل الأمر ببعضهم إلى الادعاء بأنه أتى فيها بما لم يقله أحد من المسلمين؛ وقد نقل الحافظ العلائي قولًا لبعضهم -معلقًا على قول شيخ الإسلام ابن تيمية: “بأن إنشاء السفر لزيارة نبينا صلى الله عليه وسلم لا تقصر فيه الصلاة”-: “إنه قول لم يقل به أحد من المسلمين قبله”([4])، وسيأتي في طيات هذا البحث إبطال تلك المزاعم والأباطيل.

وقد جاءت هذه الورقة العلمية محاولة لإرساء قواعد الإنصاف بالرد على تلك الافتراءات، وإظهارًا لبطلان دعوى مخالفة شيخ الإسلام للإجماع في مسألة شد الرحال خاصة، ولا يعد من نافلة القول: التذكير بأنه ليس من شأن تلك المقالة استقصاء القول في حكم شد الرحال والسفر لزيارة قبور الصالحين، وخاصة قبر نبينا صلى الله عليه وسلم، فإن لهذا موضعًا آخر([5]).

تفصيل القول في بطلان دعوى مخالفة الإجماع في مسألة شد الرحال لزيارة القبور من وجوه:

الأول: تحرير محل النزاع في المسألة، وفيه بشاعة ما وصل إليه المخالفين من الافتراء على شيخ الإسلام، والتقول عليه بما لم يقله.

الثاني: موافقة ابن تيمية لما فهمه الصحابة رضي الله عنهم من الأحاديث في المسألة، وفيه نقض صريح لدعوى مخالفة ابن تيمية للإجماع.

الثالث: ذكر أقوال من ذهب إلى القول بالمنع قبل شيخ الإسلام ابن تيمية، من فقهاء المذاهب الأربعة، وبه يعلم أن الإمام ابن تيمية مسبوق بالقول في هذه المسألة، وليس مخترعًا لها، ولا منفردًا بالتشهي والهوى.

الرابع: حجج من نصر القول بالمنع، ممن عاصر تلك المحنة من فقهاء المذاهب الأربعة، وفي ذلك رد عملي على المنكرين عليه، والزاعمين بأنه مخالف للإجماع.

وهذا أوان الشروع في المقصود؛ وأوَّل ذلك تحرير محل النزاع في المسألة، وذلك بإيراد ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية عن نفسه؛ وذلك في نقاط؛ ليتبين للقارئ مدى الافتراء عليه في تصوير المسألة والتشنيع عليه فيها:

الوجه الأول: تحرير محل النزاع في مسألة شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم:

أولًا: لا يدخل في محل النزاع مسألة: استحباب زيارة القبور، ومنها زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل مسجده؛ فقد نص شيخ الإسلام على استحبابها، ونصر القول به؛ استنادًا إلى الأدلة الصحيحة الصريحة في استحباب ذلك، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: “نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها”([6]) ، زاد الترمذي في روايته: “فإنها تذكركم الآخرة”([7]) ، وقال الترمذي: “والعمل على هذا عند أهل العلم، لا يرون بزيارة القبور بأسًا، وهو قول ابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق”([8]).

وقد صرح شيخ الإسلام باستحباب زيارة القبور؛ فقال: “والمجيب [يعني: نفسه] قد عُرفت كتبه، وفتاويه مشحونة باستحباب زيارة القبور، وفي جميع مناسكه، يذكر استحباب زيارة قبور أهل البقيع وشهداء أحد، ويذكر زيارة قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا دخل مسجده، والأدب في ذلك، وما قاله العلماء، وفي نفس الجواب قد ذكر ذلك، ولم يذكر قط أن زيارة القبور معصية، ولا حكاه عن أحد، بل كان يعتقد حين كتب هذا الجواب؛ أن زيارة القبور مستحبّة بالإجماع، ثم رأى بعد ذلك فيها نزاعًا، وهو نزاع مرجوح، والصحيح أنها مستحبة”([9]) ، وتأمل إنصافه مع نفسه في آخر مقولته تلك؛ ليقف المنصف على مدى تجرده في إثبات الحق واتباعه، وعدم استعلائه عليه.

ثانيًا: مسألة السفر لمجرد الزيارة للقبور، وهذه المسألة فيها قولان للعلماء([10]) :

أحدهما: إنه منهي عنه؛ وهذا ما نص عليه إمام دار الهجرة مالك بن أنس، ولم ينقل عن أحد من الأئمة الثلاثة خلافه، وإليه ذهب جماعة من أصحاب الشافعي وأحمد.

والثاني: القول بإباحة ذلك، كما يقوله بعض أصحاب الشافعي وأحمد.

هذا ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية، مع ترجيحه للقول الأول بأن إنشاء السفر لزيارة القبور معصية؛ محتجًّا بجملة من الأدلة، ومن أقواها:

ما رواه الشيخان -البخاري ومسلم- عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، ومسجد الحرام، ومسجد الأقصى”([11])، هكذا بلفظ الخبر، والمراد به النهي؛ يقول الطبري: “النفي أبلغ من صريح النهي؛ كأنه قال: لا يستقيم أن يقصد بالزيارة إلا هذه البقاع؛ لاختصاصها بما اختصت به”([12]) .

وقد جاء النهي صريحًا، فيما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا بلفظ: ” لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى “([13]) .

كما جاء بصيغة الحصر، كما في رواية مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد: مسجد الكعبة، ومسجدي، ومسجد إيلياء “([14]) .

ثالثًا: مسألة من جمع في سفره بين قصد المسجد النبوي، وقصد زيارة قبره؛ وهذه المسألة قد أغنانا شيخ الإسلام عن التنقيب عن قوله فيها؛ حيث أوضح رحمه الله أن الناس في زيارتهم لقبره صلى الله عليه وسلم على أقسام:

منهم: من يقصد السفر الشرعي إلى مسجده صلى الله عليه وسلم، ثم إذا صار في مسجده فعل في مسجده المجاور لبيته الذي فيه قبره ما هو مشروع، فهذا سفر مجمع على استحبابه، وقصر الصلاة فيه.

ومنهم: من لا يقصد إلا مجرد القبر، ولا يقصد الصلاة في المسجد أو لا يصلي فيه، فهذا لا ريب أنه ليس بمشروع.

ومنهم: من يقصد هذا وهذا، فهذا لم يُذكر في الجواب([15])، إنما ذكر في الجواب من لم يسافر إلا لمجرد زيارة قبور الأنبياء والصالحين.

ومن الناس: من لا يقصد إلا القبر؛ لكن إذا أتى المسجد صلّى فيه، فهذا أيضا يثاب على ما فعله من المشروع: كالصلاة في المسجد، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم والسلام عليه، ونحو ذلك من الدعاء والثناء عليه، ومحبته وموالاته، والشهادة له بالرسالة

والبلاغ، وسؤال الله الوسيلة له، ونحو ذلك مما هو من حقوقه المشروعة في مسجده، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم([16]) .

رابعًا: إذا تقرر ما سبق: عُلم أنهما مسألتان، بينهما بون صورة وحكمًا:

المسألة الأولى: زيارة القبور من غير السفر إليها ولا إعمال المطي، وهذه المسألة قد نص فيها شيخ الإسلام على استحبابها، كما تقدم بيانه.

والمسألة الثانية: السفر لأجل زيارة القبور، وهذه هي التي ذكر فيها شيخ الإسلام الخلافَ -وقد تقدم- مع ترجيحه للقول بأنها منهي عنها.

وقد أجاد الحافظ ابن عبد الهادي في بيان هذا بقوله: “السفر إلى زيارة القبور مسألة، وزيارتها من غير سفر مسألة أخرى، ومن خلط هذه المسألة بهذه المسألة، وجعلها مسألة واحدة، وحكم عليهما بحكم واحد، وأخذ في التشنيع على من فرق بينهما، وبالغ في التنفير عنه، فقد حُرم التوفيق، وحاد عن سواء الطريق”([17]) .

وما ذكره الحافظ ابن عبد الهادي من التخليط بين المسألتين هو حال كثير ممن اعترض على شيخ الإسلام، وأكثر من التشنيع عليه، ورميه باللوازم الباطلة من بغضه للنبي صلى الله عليه وسلم وعدم تعظيمه – ومن تأمل كلام الإخنائي المعترض على شيخ الإسلام، وجده من هذا القبيل([18]) – وحاشا شيخ الإسلام أن يصدر منه ذلك؛ فقد تقدم في بعض ما نقلناه عنه كيف أنه يعظم النبي صلى الله عليه وسلم ويفتديه بأبيه وأمه، ولكن كما قيل في أمثال العرب: “لو ذات سوارٍ لطمتني!”([19]) .

الوجه الثاني: موافقة ابن تيمية لما فهمه الصحابة رضي الله عنهم من الأحاديث في المسألة

مما يقوي صحة الفهم الذي فهمه شيخ الإسلام من هذه الأحاديث، ويدعمه: أنه موافق لفهم الصحابة رضي الله عنهم من نهيه صلى الله عليه وسلم أن يسافر إلى غير المساجد الثلاث، ولذلك نراهم يرون أن السفر إلى طور سيناء داخل في النهي، وإن لم يكن مسجدًا، وقد جاء هذا المعنى عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم، منهم بصرة بن أبي بصرة، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وابن عمر -رضي الله عنهم أجمعين- ولعل من أهم فوائد هذه الآثار: بطلان دعوى الإجماع الذي زعمه مخالفو شيخ الإسلام، ودونك هذه الآثار:

الأثر الأول: عن بصرة بن أبي بصرة وأبي هريرة رضي الله عنهما:

قال أبو هريرة رضي الله عنه: فلقيتُ بصرة بن أبي بصرة الغفاري رضي الله عنه فقال: من أين أقبلتَ؟ فقلتُ: من الطور، فقال: لو أدركتُك قبل أن تخرج إليه ما خرجتَ، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد: إلى المسجد الحرام، وإلى مسجدي هذا، وإلى مسجد إيلياء، أو بيت المقدس…”([20]) .

فدل هذا الأثر على أن الصحابي الجليل بصرة بن أبي بصرة رضي الله عنه كان يرى أن إنشاء السفر لزيارة جبل الطور داخل تحت الحديث: لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد…”، ومعلوم أن الطور ليس مسجدًا، وإنما هو بقعة مباركة، وقد سماه الله تعالى بالوادي المقدس، وكلم الله موسى هناك؛ فقال تعالى: {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى** [النازعات: 16]، ومع ذلك فقد فهم الصحابة من الأحاديث عموم النهي عن إعمال المطي والسفر لزيارة الأماكن المقدسة وغيرها من المساجد وغيرها، ولا شك أنهم أعلم من غيرهم فيما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم.

ولمَّا سمع أبو هريرة رضي الله عنه هذا الكلام من بصرة، لم ينكره ولم يعترض عليه، مما يدل على موافقته له فيما قاله ونبهه عليه.

وقد ألمح الحافظ ابن حجر إلى تلك المعاني مختصرة بقوله: “فدل على أنه [يعني: بصرة بن أبي بصرة] يرى حمل الحديث على عمومه، ووافقه أبو هريرة”([21]) .

الأثر الثاني: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:

عن قزعة، قال: أردت الخروج إلى الطور، فسألت ابن عمر رضي الله عنهما، فقال ابن عمر: أما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم, والمسجد الأقصى”، ودع عنك الطور، فلا تأته([22]) .

وفي هذا الأثر التصريح بالمنع من السفر والخروج لزيارة جبل الطور، مع ما ورد من ذكره في القرآن وتسميته بالواد المقدس، فأين هذا مما لم يرد في فضله أثر صحيح؛ كالقبور ومشاهد الصالحين؟!

الأثر الثالث: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:

عن شهر بن حوشب قال: سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، وذكرت عنده صلاة في الطور، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا ينبغي للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد يبتغى فيه الصلاة، غير المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا”([23]) ، وأبو سعيد الخدري رضي الله عنه هو راوي الحديث -الذي رواه الشيخان-: ” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى “([24]) .

وجه الدلالة من هذا الأثر: أنه عن نفس الصحابي الذي روى حديث النهي عن شد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، وهو الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، ولا شك أن فهم الصحابي -الذي روى الحديث- يقدم على فهم غيره، وخاصة إذا كان من غير الصحابة؛ وهذا ما دفع شيخ الإسلام إلى تأكيد فهمه للحديث بما أورده من تلك الآثار؛ بل نجده يصرح بذلك في قوله: “وهذا النهي من بصرة وابن عمر، ثم موافقة أبي هريرة؛ يدل على أنهم فهموا من حديث النبي صلى الله عليه وسلم النهي، فلذلك نهوا عنه، لم يحملوه على مجرد نفي الفضيلة، وكذلك أبو سعيد الخدري، وهو راوية أيضًا، وحديثه في الصحيحين”([25]) .

الوجه الثالث: ذكر أقوال من ذهب إلى القول بالمنع قبل شيخ الإسلام ابن تيمية، من فقهاء المذاهب الأربعة:

دأب مخالفو شيخ الإسلام في المسائل العلمية على نسبته إلى أنه أول من ابتكر أو اخترع القول في المسألة، وهم بهذا يرومون إلى صد الناس عن قبول ما يمليه عليه اجتهاده، وهذا المسلك بعيد عن الإنصاف، بل هو أشبه بالتعسف في رد الأقوال بالهوى والدفع بالصدر.

وبخصوص مسألة: تحريم شد الرحال لزيارة قبور الأنبياء والصالحين، فقد وافقه على فهمه جمهرة من فقهاء المذاهب الأربعة -ممن سبق شيخ الإسلام- وقصدًا للتسهيل أرتبها بحسب المذاهب الفقهية:

ممن وافق شيخَ الإسلام: الإمامُ مالك، وبعضُ فقهاء المالكية:

قد سبق الإمام مالك بن أنس رحمه الله إلى القول بمنع الوفاء لمن نذر المشي إلى المدينة أو بيت المقدس، من غير أن يقصد الصلاة في المسجدين المقدسين -المسجد النبوي، والمسجد الأقصى-:

جاء في المدونة: “قال ابن القاسم: قال مالك -فيمن قال: علي المشي إلى مسجد بيت المقدس-: فعليه أن يأتي مسجد بيت المقدس راكبًا فليصل فيه.

قال ابن القاسم: ومن قال: عليَّ المشي إلى بيت المقدس، أو إلى المدينة، فلا يأتيهما أصلًا إلا أن يكون أراد الصلاة في مسجديهما، فيأتيهما راكبًا”([26]) ، وفي التفريع لابن الجلاب، والرسالة للقيرواني مثله([27]) .

وقال ابن القاسم في المدونة أيضًا: “وقال مالك: من قال: لله عليَّ أن آتي المدينة، أو بيت المقدس، أو المشي إلى المدينة، أو المشي إلى بيت المقدس، فلا شيء عليه إلا أن يكون نوى بقوله ذلك: أن يصلي في مسجد المدينة أو مسجد بيت المقدس، فإن كانت تلك نيته وجب عليه الذهاب إلى المدينة، أو إلى بيت المقدس راكبًا، ولا يجب عليه أن يمشي وإن كان حلف بالمشي، ولا دم عليه”([28]) .

ويفهم من هذه النصوص: أن نذر الإتيان إلى المدينة أو المشي إليها بمجرده لا يكون طاعة ولا قربة؛ فإن قاعدة المذهب المالكي: أن النذر لا يؤثر إلا في مندوب؛ قال القرافي: “قاعدة: النذر عندنا لا يؤثر إلا في مندوب، فما لا رجحان في فعله في نظر الشرع، لا يؤثر فيه”([29]) .

وبناء عليه: فكل ما ليس مندوبًا -بمعنى قد استحبه الشارع ورغب فيه- لا يوفى بنذره، وهذا عام في كل ما تعمل المطي لأجله، أما بخصوص مسألة شد الرحال والسفر لزيارة القبور، فقد جاء هذا المعنى مصرحًا به عن بعض أكابر المالكية، وهو القاضي إسماعيل بن إسحاق، ورجح شيخ الإسلام أن يكون هذا القاضي الجليل قد فهم ذلك عن الإمام مالك، وهو ما سيتبين في الفقرة التالية.

ومنهم القاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي:

فقد احتج القاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي رحمه الله على المنع من السفر لزيارة القبر، بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد»، مما يدل على ثبوت ذلك عنده عن الإمام مالك، ولهذا يقول في كتابه «المبسوط» -لما ذكر قول محمد بن مسلمة: من نذر أن يأتي مسجد قباء فعليه أن يأتيه- قال القاضي إسماعيل: إنما هذا فيمن كان من أهل المدينة وقربها ممن لا يعمل المطي إلى مسجد قباء؛ لأن إعمال المطي اسم للسفر، ولا يسافر إلا إلى المساجد الثلاثة على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، في نذر ولا غيره، وقد روي عن مالك أنه سئل عمن نذر أن يأتي قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن كان أراد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فليأته وليصلّ فيه، وإن كان إنما أراد القبر فلا يفعل للحديث الذي جاء: «لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد»([30]) .

ومنهم القاضي عياض:

قال القاضي عياض: “وقوله: ” لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد” الحديث: فيه تعظيم هذه المساجد، وخصوصها بشد الرحال إليها؛ ولأنها مساجد الأنبياء، ولفضل الصلاة فيها، وتضعيف أجرها، ولزوم ذلك لمن نذره، بخلاف غيرها مما لا يلزم ولا يباح بشد الرحال إليها لا([31]) لناذر ولا لمتطوع؛ لهذا النهي، إلا ما ألحقه محمد بن مسلمة من مسجد قباء، وإلزامه إتيانه لمن نذره؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء راكبًا وماشيًا…”([32]) .

وصريح كلامه أنه لا يلزم ولا يباح السفر وشد الرحال لغير المساجد الثلاث؛ وهذا الأمر يستوي فيه كل أحد، سواء كان ناذرًا أو متطوعًا، وقد أكد نسبة هذا الأمر إلى القاضي عياض غير واحد من العلماء؛ منهم: الإمام النووي([33]) ، والحافظ ابن حجر([34]) ، وغيرهما([35]) .

ممن وافقه من فقهاء الشافعية:

من أشهر من نقل عنه موافقة ما ذهب إليه شيخ الإسلام: الشيخ أبو محمد الجويني رحمه الله؛ قال إمام الحرمين: “وكان شيخي [يعني: والده أبا محمد الجويني] يفتي بالمنع عن شد الرحال إلى غير هذه المساجد، وربما كان يقول: يكره، وربما كان يقول: يحرم؛ تعلقًا بظاهر النهي” ([36]) .

قال النووي: “واختلف العلماء في شد الرحال وإعمال المطي إلى غير المساجد الثلاثة: كالذهاب إلى قبور الصالحين، وإلى المواضع الفاضلة، ونحو ذلك، فقال الشيخ أبو محمد الجويني -من أصحابنا-: هو حرام، وهو الذي أشار القاضي عياض إلى اختياره”([37]) .

ومنهم القاضي حسين:

لم أجد من صرح به من فقهاء الشافعية، إلا أن الحافظ ابن حجر ذكره بقوله: ” فقال الشيخ أبو محمد الجويني: يحرم شد الرحال إلى غيرها؛ عملًا بظاهر هذا الحديث، وأشار القاضي حسين إلى اختياره، وبه قال عياض وطائفة”([38]) .

ومنهم أبو السعادات ابن الأثير:

ويفهم هذا من قوله: “لا تشد الرحال” هذا مثل قوله: “لا تعمل المطي”، وكنى به عن السير والنفر، والمراد: “لا يقصد موضع من المواضع بنية العبادة والتقرب إلى الله تعالى، إلا إلى هذه الأماكن الثلاثة؛ تعظيمًا لشأنها وتشريفًا”([39]) .

وممن وافقه من فقهاء الحنابلة:

الإمام ابن بطة العكبري:

فقد نص صراحة على بدعية السفر لزيارة القبور؛ فقال: “ومن البدع البناء على القبور وتحصينها، وشد الرحال إلى زيارتها”([40]) .

ومنهم أبو الوفاء ابن عقيل:

فقد نص ابن عقيل على النهي عن إنشاء السفر لزيارة القبور؛ فقال -جوابًا عن السفر لزيارة القبور والمشاهد-: “لا يباح له الترخص؛ لأنه منهي عن السفر إليها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد»([41]) .

الوجه الرابع: حجج من نصر القول بالمنع، ممن عاصر تلك المحنة من فقهاء المذاهب الأربعة:

قد عاصر تلك المحنة التي وقعت لشيخ الإسلام -بسبب جوابه بتحريم شد الرحال وإعمال المطي لزيارة القبور- جماعة من فقهاء المذاهب الأربعة، وكان لهم رد فعل إيجابي تجاه ذلك؛ حيث نصروا قول شيخ الإسلام وأيدوه بالحجج والبراهين، ومن هؤلاء:

جواب الشيخ ابن الكتبي الشافعي:

فقال في جوابه: “والذي يقتضيه مطلق الخبر النبوي في قوله صلى الله عليه وسلم: “لا تشد الرحال…” إلى آخره: أنه لا يجوز شد الرحال إلى غير ما ذكر أو وجوبه أو ندبيته؛ فإن فعله كان مخالفًا لصريح النهي، ومخالفة النهي معصية: إما كفر أو غيره على قدر المنهى عنه، ووجوبه، وتحريمه، وصفة النهي، والزيارة أخص من وجه، فالزيارة بغير شد غير منهي عنها، ومع الشد منهي عنها.

وبالجملة: فما ذكره الشيخ تقي الدين على الوجه المذكور الموقوف عليه، لم يستحق عليه عقابًا، ولا يوجب عتابًا”([42])

جواب الشيخ محمد بن عبد الرحمن البغدادي المالكي:

فقال في جوابه عما جرى لشيخ الإسلام من السجن: ” ما أجاب به الشيخ الأجل الأوحد -بقية السلف وقدوة الخلف، رئيس المحققين وخلاصة المدققين، تقي الملة والحق والدين- من الخلاف في هذه المسألة صحيح منقول في غير ما كتاب من كتب أهل العلم، لا اعتراض عليه في ذلك: إذ ليس في ذلك ثلب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا غض من قدره صلى الله عليه وسلم…”([43]) .

جواب الشيخ عبد المؤمن بن عبد الحق الخطيب البغدادي:

فقال في جوابه: “لا يخفى على ذي فطنة وعقل، أنه [يعني: شيخ الإسلام] أتى في الجواب المطابق للسؤال بحكاية أقوال العلماء الذين تقدموه، ولم يبق عليه في ذلك إلا أن يعترضه معترض في نقله، فيبرزه له من كتب العلماء الذين حكى أقوالهم، والمعترض له بالتشنيع؛ إما جاهل لا يعلم ما يقول، أو متجاهل يحمله حسده وحمية الجاهلية على رد ما هو عند العلماء مقبول”([44]) .

جواب الشيخ جمال الدين يوسف بن عبد ابن البتي الحنبلي:

وقد أجاد رحمه الله في تفصيل ما تحتمله صيغة: “لا تشد الرحال”، ثم أعقبه بقوله: “وقد بلغني أنه رزئ وضيق على المجيب [يعني: شيخ الإسلام]، وهذا أمر يحار فيه اللبيب، ويتعجب منه الأريب، ويقع به في شك مريب؛ فإن جوابه في هذه المسألة قاضٍ بذكر خلاف العلماء، وليس حاكمًا بالغض من الصالحين والأنبياء؛ فإن الأخذ بمقتضى كلامه صلوات الله وسلامه عليه في الحديث -المتفق على صحة رفعه إليه- هو الغاية القصوى في تتبع أوامره ونواهيه، والعدول عن ذلك محذور، وذلك مما لا مرية فيه، وإذا كان كذلك فأيُّ حرج على من سئل عن مسألة، فذكر فيها خلاف الفقهاء، ومال فيها إلى بعض أقوال العلماء، فإن الأمر لم يزل كذلك على ممر العصور وتعاقب الدهور…”([45]) .

الشيخ أبو عمرو بن أبي الوليد المالكي:

فقد أجمل ما فصله شيخ الإسلام في المسألة بقوله: “السفر إلى غير المساجد الثلاثة ليس بمشروع، وأما من سافر إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي فيه ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه رضي الله عنهما، فمشروع كما ذكر باتفاق العلماء، وأما لو قصد إعمال المطي لزيارته صلى الله عليه وسلم ولم يقصد الصلاة، فهذا السفر إذا ذكر رجل فيه خلافًا للعلماء…”([46]) .

وقد سجل الحافظ ابن كثير بعض الأخطاء والمجازفات التي وقعت لمناوئي شيخ الإسلام، ومدى بشاعة ما صدر من بعضهم، ثم أعقب ذلك بقوله: “فانظر الآن هذا التحريف على شيخ الإسلام، فإن جوابه على هذه المسألة ليس فيه منع زيارة قبور الأنبياء والصالحين، وإنما فيه ذكر قولين في شد الرحل والسفر إلى مجرد زيارة القبور، وزيارة القبور من غير شد رحل إليها مسألة، وشد الرحل لمجرد الزيارة مسألة أخرى، والشيخ لم يمنع الزيارة الخالية عن شد رحل، بل يستحبها ويندب إليها، وكتبه ومناسكه تشهد بذلك، ولم يتعرض إلى هذه الزيارة في هذه الوجه في الفتيا، ولا قال إنها معصية، ولا حكى الإجماع على المنع منها، ولا هو جاهل قول الرسول ” زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة “([47])، والله سبحانه لا يخفى عليه شيء، ولا يخفى عليه خافية، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ** [الشعراء: 227]”([48]).

اللهم ارزقنا الإنصاف في القول والحكم، واحفظ قلوبنا وألستنا من الوقوع في علماء الأمة وورثة الأنبياء؛ وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) أخرجه البخاري (4552)، ومسلم (1711)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، واللفظ لمسلم.

([2]) ينظر: العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية لابن عبد الهادي (ص: 54، 380) ببعض التصرف.

([3]) ينظر على سبيل المثال: فتاوى د. علي جمعة ضمن موسوعة الفتاوى الإسلامية الصادرة عن دار الإفتاء المصرية (28/ 28).

([4]) ينظر: فتاوى ابن تيمية في الميزان لمحمد بن أحمد اليعقوبي (ص: 477).

([5]) قد نوقشت هذه المسألة بشيء من التفصيل، ضمن مقالات مركز سلف بعنوان: “حكم شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم”، ودونك رابطها: https://salafcenter.org/533/ .

([6]) أخرجه مسلم (1977) من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.

([7]) أخرجه الترمذي (1054)، وقال: حديث حسن صحيح.

([8]) سنن الترمذي ت شاكر (3/ 361).

([9]) الرد على الإخنائي لابن تيمية، تحقيق زهوي (ص: 21).

([10]) ينظر: الصارم المنكي في الرد على السبكي لابن عبد الهادي (ص: 18).

([11]) أخرجه البخاري (1189)، ومسلم [511- (1397)]، واللفظ لمسلم.

([12]) عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني (7/ 252).

([13]) أخرجه مسلم (827).

([14]) أخرجه مسلم [513- (1397)].

([15]) يعني: في جوابه عن السؤال الذي وجه إليه، وقد أقام مناوئوه الدنيا عليه بسببه، وحرفوا القول عنه.

([16]) الرد على الإخنائي ت زهوي (ص: 178- 179).

([17]) الصارم المنكي في الرد على السبكي (ص: 18).

([18]) وقد فند شيخ الإسلام الردود عليه في رسالته القيمة: “الرد على الإخنائي”، وهي مطبوعة مشهورة.

([19]) والمعنى: “لو كان هذا الذي ظلمني ندًّا لي، وكان له شرف وقدر احتملته، ولكنه ليس بكفءٍ، فهو أشد عليَّ”. ينظر: الأمثال لابن سلام (ص: 268).

([20]) أخرجه مالك في الموطأ (1/ 108)، وأحمد في المسند (23848)، والنسائي في المجتبى (3/ 113)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2/ 55)، وقال العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (7/ 252): ورجال إسناده ثقات. اهـ. وصححه الألباني في إرواء الغليل (3/ 228).

([21]) فتح الباري لابن حجر (3/ 65).

([22]) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 418)، والأزرقي في أخبار مكة (2/ 65)، وصححه الشيخ الألباني في تحذير الساجد (ص: 94).

([23]) أخرجه أحمد في المسند (11609)، وأبو يعلى في المسند (1326)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 3): هو في الصحيح بنحوه، وإنما أخرجته لغرابة لفظه، رواه أحمد، وشهر فيه كلام، وحديثه حسن. اهـ. وقال الألباني في الإرواء (3/ 230): وهذا سند لا بأس به في المتابعات والشواهد. اهـ.

([24]) أخرجه البخاري (1188)، ومسلم [415 – (827)].

([25]) الرد على الإخنائي (ص: 188).

([26]) المدونة الكبرى (1/ 565).

([27]) التفريع في فقه مالك بن أنس (1/ 280)، والرسالة للقيرواني (ص: 88).

([28]) المدونة الكبرى (1/ 565).

([29]) الذخيرة للقرافي (4/ 85).

([30]) ينظر: الرد على الإخنائي (ص: 44) بتصرف يسير.

([31]) هكذا على الصواب، وفي المطبوع: “إلا”.

([32]) إكمال المعلم بفوائد مسلم (4/ 448- 449).

([33]) شرح النووي على مسلم (9/ 106).

([34]) فتح الباري لابن حجر (3/ 65).

([35]) كالعيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (7/ 254).

([36]) نهاية المطلب في دراية المذهب لإمام الحرمين (18/ 430)، والعزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير للرافعي (12/ 392)، والمجموع شرح المهذب للنووي (8/ 475)، وروضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي (3/ 326)، وكفاية النبيه في شرح التنبيه لابن الرفعة (8/ 321).

([37]) شرح النووي على مسلم (9/ 106).

([38]) فتح الباري لابن حجر (3/ 65).

([39]) جامع الأصول لابن الأثير (9/ 283- 284).

([40]) الإبانة الصغرى لابن بطة (ص: 366)، والصارم المنكي في الرد على السبكي (ص: 251).

([41]) ينظر: المغني لابن قدامة (2/ 195).

([42]) العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية (ص: 360).

([43]) المرجع السابق (ص: 361).

([44]) المرجع السابق (ص: 364).

([45]) المرجع السابق (ص: 367).

([46]) المرجع السابق (ص: 369).

([47]) أخرجه مسلم (976)، وأبو داود (3234)، والنسائي (2034)، وابن ماجه (1569)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، واللفظ لابن ماجه.

([48]) البداية والنهاية ط. إحياء التراث (14/ 143).


https://salafcenter.org/5349/

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 02-08-2023, 05:50 PM   #6
معلومات العضو
أحمد بن علي صالح

افتراضي

حكم شد الرِّحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم


بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم وبعد:

فمن المعلوم أن زيارة القبور للعبرة والعظة أمرٌ مستحب، وكان قد نُهي عنه في أول الأمر؛ ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا»([1]). وفي رواية عن أنس مرفوعًا: «ثُمَّ بَدَا لِي أَنَّهَا تُرِقُّ الْقَلْبَ، وَتُدْمِعُ الْعَيْنَ، وَتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ، فَزُورُوهَا وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا»([2]). وهذا الحكم يشمل قبور المسلمين جميعًا، بما فيهم قبور الأنبياء والصحابة والصالحين.

ولأن زيارة القبور شيء، وشدّ الرِّحال إليها وإنشاء السفر لها شيءٌ آخر؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدِ: مَسْجِدِي هَذَا، وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى»([3]). فلا يجوز إنشاء السفر إلى القبور لزيارتها؛ فإنها مثل باقي بقاع الأرض لا فضل لها، ولا تشد الرحال إلى بقعة لفضلها إلا إلى هذه البقاع الثلاثة المذكورة في الحديث، وهذا لا يعني تحريم السفر مطلقًا، بل تحريم قصد مكان لاعتقاد أفضليته إلا لهذه البقاع الثلاث، فلا يدخل في الحديث السفر لطلب العلم، ولا للتجارة، ولا للعمل؛ لأن المسافر في هذه الأمور، لا يقصد بقعة معينة لفضلها، فلا يدخل في الحديث.

لأجل هذا كان المشروع في حق المسلمين هو شدُّ الرَّحل إلى المسجد النبوي، وقصده بالزيارة، ثم بعد ذلك يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فهما من جملة القبور التي تستحب زيارتها للعظة والاعتبار، وليس لأن لها فضلًا، أو أنها أماكن للعبادة، أو أماكن تجاب فيها الدعوات، فكل هذا من ذرائع الشرك؛ وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من ذرائع الشرك: اتخاذ مواضع القبور مكانًا للعبادة، فقال صلى الله عليه وسلم: «لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ مِثْلَ مَا صَنَعُوا([4]). وقال صلى الله عليه وسلم: «اللهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا، لَعَنَ اللهُ قَوْمًا اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»([5]).

إذن فزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لها أحوال:

الأولى: أن تكون بغير شدِّ الرَّحل، فهذه جائزة، كزيارة سائر القبور، بل مندوبة إذا قصد بها تذكر الآخرة.

الثانية: أن تكون بشدِّ الرَّحل، وفي هذه الحالة ينظر إلى مقصود الزائر: إما أن يريد المسجد فقط، أو القبر فقط، أو المسجد والقبر معًا:

فأما إن أراد المسجد فقط، فالحديث يدل على استحباب ذلك، وله أن يزور القبر بعد ذلك إن شاء.

وإن أراد القبر فقط: فهذا لا يجوز؛ لأنه لا يجوز شدُّ الرَّحل إلى القبر.

وإن أرادهما معًا، فهو جائز؛ لأن المسجد هو الأصل، والقبر تبع له([6]).

وكثيرًا ما يُتهم السلفيون بأنهم لا يحبون النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم يُحرِّمون زيارة قبره صلى الله عليه وسلم على كل أحد ولو كان بالمسجد النبوي، وهذا الاتهام قديم، اتُّهم به شيخ الإسلام ابن تيمية، وثار عليه صوفية عصره، وهُوجم هجومًا شديدًا([7])، وهذا هو دأب أهل البدع يتهمون مخالفيهم بما ليس فيهم.

والمخالفون في هذه القضية يدَّعون أن السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم القرب، وأجلِّ العبادات([8])، وفيما يأتي سنعرض لشبهاتهم، والرد عليها، ونبدأ أولًا بتقرير بعض الأمور:

1- لا بدَّ أن نقرر هنا أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة على كل مسلم ومسلمة، بل لا يكون المسلم كامل الإيمان إلا بأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبَّ إليه من نفسه والناس أجمعين([9]).

وأكمل الناس في تحصيل هذه المحبة هم أصحابه – رضوان الله عليهم – فهم خير هذه الأمة، وهم الذين نصروه وذبُّوا عنه، وهم أعلم الناس بشرع الله، ولذا كان فهمهم للدين هو الفهم الصحيح الذي لا ينبغي العدول عنه([10]).

وتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم الواجب على هذه الأمة لا يكون إلا بما شرع هو صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث: «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ»([11]). فتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون بما هو محرم.

إذا تدبرت هذا جيدًا، ثم علمت أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين عاشوا معه ورأوه ونصروه، وفدَوه بأنفسهم، وبالغوا في تعظيمه في حياته بكل أمر مشروع لهم، لم ينقل عن واحد منهم – على عظيم محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وشوقهم إليه – أنه شد الرَّحل إلى القبر، أو أنه قال: إن ذلك مستحب، وأن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مماته كزيارته صلى الله عليه وسلم في حياته، وكذلك التابعين من بعدهم، ولا ينقلون عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا واحدًا في فضل قبر النبي صلى الله عليه وسلم عن سائر القبور، أو أنه موضع للدعاء([12])، علمت أن من يقول هذا متَّهِم للصحابة في دينهم، مبالغٌ في ذمهم، ومدعٍ لنفسه أنه أعلم بالحق منهم.

2- لم يكن ابن تيمية أول من قال بهذا القول، بل صرح به قبله: أبو محمد الجويني من الشافعية ([13])، والقاضي عياض من المالكية ([14])، وابن بطة([15])، وابن عقيل([16]) من الحنابلة، وابن الأثير من الشافعية، والصنعاني، والقنوجي، والسقاف، وغيرهم، فادِّعاء حصول الإجماع على خلاف هذا القول مجازفة.

3- هذا كله فيما إذا خلت زيارة القبر من المنكرات الفعلية والاعتقادات الكفرية، فمن الشرك الأكبر اعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم يرزق وينفع ويضر وهو في قبره.

ومن ذرائع الشرك: اعتقاد أن الدعاء عند قبره خير من الدعاء في مكان غيره، أو التمسح بالقبر، أو تقبيله؛ لأن تعظيم القبر من ذرائع الشرك ([17]).

ثانيًا: أدلة المخالفين والجواب عنها

1- قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا** [النساء: 64]. والمجيء إليه بعد وفاته يكون بالذهاب إلى قبره([18]).

والجواب: أن المجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غيبته ومماته هو الرجوع إلى ما أمر به، فالمجيء إليه كالدعاء إليه، والردِّ إليه، كما في قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ** [النساء: 59].

أما مجيء الإنسان عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: استغفر لي. فلم يفعله أحد من الصحابة ولا التابعين، ولا واحد من سلف الأمة المعروفين في القرون الثلاثة، ولو كان ذلك معروفًا بينهم لنقل إلينا([19]).

قال ابن تيمية: «ومن شبه من زار قبر شخص بمن كان يزوره في حياته، فهو مصاب في عقله ودينه»([20]).

2- ما روي من الأحاديث في فضل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها:

«مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي»([21]).
«مَنْ حَجَّ الْبَيْتَ ولَمْ يَزُرْنِي فقَدْ جَفَانِي»([22]).

«مَنْ حَجَّ فَزَارَ قَبْرِي بَعْدَ وَفَاتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي»([23]).

والجواب عن هذه الأحاديث: أنها كلها بين ضعيفة وموضوعة، فلا يثبت بها حكم شرعي([24]).

وعلى فرض صحتها فلا دليل فيها على جواز إنشاء السفر إلى القبر؛ فإن غايتها استحباب المجيء إلى القبر، وهذا خارج عن محل النزاع ؛ إذ النزاع ليس في مجرد المجيء، وإنما في إنشاء السفر للمجيء.

3- أن حديث النهي عن شد الرِّحال المراد به المساجد، فالمعنى: لا تشد الرِّحال إلى مسجد إلا ثلاثة مساجد. وعليه فشد الرَّحل إلى القبر غير داخل في المنع من شد الرِّحال.

وقالوا: هذا التأويل متعين؛ لأن تأويله بالمكان يقتضي تحريم السفر لطلب العلم والتجارة، وهذا لا يقوله أحد([25]).

والجواب: يلزم من هذا التقدير جواز شد الرَّحل إلى البقعة التي بجوار مسجد غير المساجد الثلاثة، ولا يجوز ذلك إلى المسجد الذي بجوارها. وهو باطل.

وعلى فرض صحة ذلك التقدير، فالمساجد هي أفضل البقاع، فإذا منع من السفر لأفضل البقاع فيما عدا هذه الثلاثة، فما دونها يدخل بطريق الأولى.
ولا يلزم من تقدير المستثنى منه بأنه المكان تحريم السفر مطلقًا؛ إذ المقصود منع قصد المكان بالسفر، فلا يدخل فيه السفر لطلب العلم أو التجارة؛ لأن المقصود من السفر لذلك ليس المكان لذاته، بل المقصود هو طلب العلم أو التجارة([26]).

ويدل عليه استدلال ابن عمر بهذا الحديث عندما سأله قزعة وقال: آتي الطور؟ فقال له: دع الطور ولا تأتها، واستدل بالحديث([27]).

4- أن وسيلة القربة قربة بالاتفاق، وزيارة القبر مندوب إليها، فوسيلتها وهي السفر من القربات كذلك([28]).

والجواب: أن هذه دعوى لا تستقيم، فلا بد للوسيلة التي يتوسل بها إلى تحصيل الواجب أن تكون مباحة في الأصل، ثم إن كونها وسيلة للقربة لا يجعلها قربة بذاتها، وإطلاق هذه الدَّعوى باطل؛ فإن الوسائل المحرمة يحرم التوصل بها إلى الواجبات والمستحبات، كالاعتكاف في غير المساجد الثلاثة، فإنه يحرم السفر إليه بنص الحديث وهو مستحب([29]).

هذا هو مجمل ما استدلوا به والجواب عنه، ومن أراد تفصيل القول أكثر من ذلك فليراجع كتاب ابن عبد الهادي: “الصارم المنكي في الرد على السبكي”، ورسالة شيخ الإسلام ابن تيمية المسماة بـ “الإخنائية” أو “الرد على الإخنائي”، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام، والله وحده الهادي إلى سواء السبيل.



‏إعداد اللجنة العلمية بمركز سلف للبحوث والدراسات [تحت التأسيس]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

([1]) رواه مسلم (977) من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.

([2]) رواه أحمد في المسند (13487).

([3]) متفق عليه: رواه البخاري (1189)، ومسلم (1397)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([4]) متفق عليه: رواه البخاري (435)، ومسلم (531)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

([5]) رواه أحمد (7358) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([6]) الصارم المنكي في الرد على السبكي (ص242).

([7]) هوجم شيخ الإسلام بسبب هذه المسألة هجومًا شديدًا، وافتُري عليه في نسبة أقوال له، وتفصيل ذلك تجده في الصارم المنكي في الرد على السبكي لابن عبد الهادي، فقد تتبع السبكي في كتابه شفاء السقام في زيارة خير الأنام، ورد عليه فيما زعم، وكتب ابن حجر الهيتمي الجوهر المنظم في زيارة القبر الشريف النبوي المكرم، وافترى فيه على ابن تيمية، وسبَّه سبًّا مقذعًا.

([8]) الجوهر المنظم (ص42).

([9]) لحديث أنس المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين». رواه البخاري (15)، ومسلم (44).

([10]) راجع مقال: معيارية فهم الصحابة، وهو من إصدار مركز سلف.

([11]) رواه البخاري (3445) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

([12]) سيأتي بيان أن كل هذه الأحاديث بين ضعيفة وموضوعة.

([13]) نقله النووي في شرح صحيح مسلم (9/106- إحياء التراث).

([14]) المصدر السابق

([15]) الإبانة الصغرى (ص366)، وذكره ابن عبد الهادي في الصارم المنكي (ص251).

([16]) نقله ابن قدامة في المغني (2/100).

([17]) انظر: فتح المجيد (1/401 وما بعدها) باب: ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانًا تعبد من دون الله.

([18]) الجوهر المنظم (ص12)، بل جعل قوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ** [النساء: 100]. دال على أن زيارته بعد وفاته كزيارته في حياته (ص17)!!.

([19]) انظر: جامع الرسائل لابن تيمية (2/376).

([20]) الرد على الإخنائي (ص150)

([21]) رواه الدارقطني (2695) وغيره، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وضعفه ابن حجر، ونقل عن العقيلي والذهبي وابن خزيمة وغيرهم ما يقتضي تضعيفه جدًّا. انظر: التلخيص الحبير (4/1638)، وقال ابن عبد الهادي: لم يصححه أحد من الأئمة المشهورين. انظر: الصارم المنكي (ص20).

([22]) رواه ابن عدي في الكامل (7/ 2480)، وابن حبان في المجروحين (2 / 73)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وقال الحافظ الذهبي في الميزان (3 / 237): موضوع، وأورده الصغاني في الأحاديث الموضوعة (ص 6)، والشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة (ص 42)، وحكم عليه الشيخ الألباني بالوضع. انظر: السلسلة الضعيفة (1/ 119).

([23]) رواه الدارقطني (2693) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه راو مجهول ، وانظر : الصارم المنكي (ص62).

([24]) كما في الهوامش السابقة، وانظر الكلام عليها تفصيلًا في الصارم المنكي.

([25]) الجوهر المنظم (ص31).

([26]) انظر: قاعدة عظيمة (ص94).

([27]) رواه ابن أبي شيبة (7539)، وصححه الألباني في تحذير الساجد (ص127).

([28]) ذكره شيخ الإسلام في الإخنائية (ص427) عن الإخنائي.

([29]) انظر: الإخنائية (ص 427- 433).


https://salafcenter.org/533/

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 03-08-2023, 08:37 PM   #7
معلومات العضو
رشيد التلمساني
مراقب عام و مشرف الساحات الإسلامية

افتراضي

جزاك الله خيرا ونفع بك

 

 

 

 


 

توقيع  رشيد التلمساني
 لا حول و لا قوة إلا بالله
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 08:25 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com