بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد الصادق الأمين و على آله الطاهرين و صحابته أجمعين و على من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
إن للمعاصي و الذنوب من الأضرار و الآثار السيئة ما يعود على الفرد و المجتمع بما لا يعلمه إلا الله سبحانه و تعالى ، يقول الرسول - عليه الصلاة و السلام - : " إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه " ، و يقول ابن عباس - رضي الله عنهما - : " إن للحسنة ضياء في الوجه و نورا في القلب و سعة في الرزق و قوة في البدن و محبة في قلوب الخلق ، و إن للسيئة سوادا في الوجه و ظلمة في القلب و وهنا في البدن و نقصا في الرزق و بغضا في قلوب الخلق " .
و المعاصي و الذنوب سبب في هوان العبد على ربه ، و متى هان العبد على ربه لم يكرمه أحد ، يقول الله تعالى : ( و من يهن الله فما له من مكرم ) ، و متى فشت السيئات و الموبقات في المجتمع الإسلامي إلا كان ذلك سببا في ذلته و هوانه بين المجتمعات ، قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم - : " و جعلت الذلة و الصغار على من خالف أمري " ، فالعزة إنما تكون في طاعة الله و رسوله ، يقول الله تعالى : ( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ) .
و من آثار الذنوب و المعاصي أنها تحدث أنواعا من الفساد في الأرض ، يقول الله تعالى : ( ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) ، و المراد بالفساد في الآية الكريمة هو الشرور و الآلام التي تحدث في الأرض جراء معاصي العباد ، فكلما أحدثوا ذنبا أحدث الله لهم عقوبة .
و من آثار الذنوب و المعاصي كذلك تسلط الأعداء و تمكن الأشرار من الأخيار و النقص في الثمرات و انتشار الأمراض ، قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم : " يا معشر المهاجرين خمس خصال أعوذ بالله أن تدركوهن : ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين و الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ، و لا نقص قوم المكيال و الميزان إلا ابتلوا بالسنين و شدة المؤونة و جور السلطان ، و ما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء و لولا البهائم لم يمطروا ، و لا خفر قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم ، و ما لم تعمل أئمتهم بما أنزل الله جل و علا في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم " ، و عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم - : " إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده ، قلت : يا رسول الله ، أما فيهم يومئذ أناس صالحون ؟ قال : بلى ، قلت : كيف يصنع بأولئك ؟ قال : يصيبهم ما أصابهم ثم يصيرون إلى مغفرة من الله و رضوان " .