814 - " هذان السمع و البصر . يعني أبا بكر و عمر " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 472 :
أخرجه الترمذي ( 4 / 311 ) : حدثنا قتيبة أنبأنا ابن أبي فديك عن عبد العزيز بن
المطلب عن أبيه عن جده - عبد الله بن حنطب . " أن النبي صلى الله عليه وسلم
رأى أبا بكر و عمر ، فقال " فذكره و قال : " و في الباب عن عبد الله بن عمر ،
هذا حديث مرسل و عبد الله بن حنطب لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم " .
قلت : رجاله ثقات ، لكن وقع اختلاف في موضعين من إسناده :
الأول : في رواية ابن أبي فديك عن عبد العزيز هل بينهما واسطة أم لا ؟ فرواه
قتيبة عنه هكذا بدون الواسطة ، و تابعه موسى بن أيوب فقال : عن ابن أبي فديك عن
عبد العزيز . أخرجه ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 385 ) عن أبيه : حدثنا
موسى ابن أيوب به . و قال عنه : " و هذا أشبه " . يعني من الوجه الآتي :
و خالفهما آدم بن أبي إياس العسقلاني ، فقال : حدثني محمد بن إسماعيل ابن أبي
فديك المدني عن الحسن بن عبد الله بن عطية السعدي عن عبد العزيز بن المطلب بن
عبد الله بن حنطب عن أبيه عن جده عبد الله بن حنطب قال : " كنت مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم فنظر إلى أبي بكر و عمر ، فقال " الحديث . أخرجه الحاكم ( 3
/ 69 ) و قال : " صحيح الإسناد " . و قال الذهبي : " قلت : حسن " :
قلت : و لعله يعني حسن لغيره و إلا فإن الحسن بن عبد الله بن عطية السعدي لم
أجد له ترجمة ، لكنه قد توبع كما يأتي ، فقد قال ابن أبي حاتم : " سألت أبي عن
حديث رواه ابن أبي فديك قال حدثني غير واحد عن عبد العزيز بن المطلب به " .
و قد وصله ابن منده من طريق دحيم عن ابن أبي فديك به ، كما في " الإصابة "
للحافظ ابن حجر و قال : " و كذا هو عند البغوي ، و سمى منهم عمرو بن أبي عمرو
و علي بن عبد الرحمن ابن عثمان ، فهذا يدل على أن ابن أبي فديك لم يسمعه من عبد
العزيز ، و قد رواه أحمد بن صالح المصري و آخرون عن ابن أبي فديك هكذا و سموا
المبهمين علي بن عبد الرحمن ، و عمرو بن أبي عمرو . و رواه جعفر بن مسافر عن
ابن أبي فديك فقال : عن المغيرة بن عبد الرحمن عن المطلب بن عبد الله بن حنطب
عن أبيه عن جده قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكره . فهذا اختلاف آخر ، يقتضي أن يكون
الحديث من رواية حنطب والد عبد الله ، و قد قيل في المطلب بن عبد الله بن حنطب
: إنه المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب ، فإن ثبت ، فالصحبة للمطلب بن
حنطب . و الله أعلم " .
قلت : و يتضح من هذا التحقيق أن أكثر الرواة على إثبات الواسطة بين ابن أبي
فديك و عبد العزيز بن المطلب ، و لذلك فقول أبي حاتم في الوجه الأول : " إنه
أشبه " ، ليس بالمقبول ، و قد أشار الحافظ إلى رده بقوله في " التهذيب " :
" و قد سقط بين ابن أبي فديك و بين عبد العزيز واسطة " .
و الموضع الآخر : الاختلاف في مسند الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم هل هو
عبد الله بن حنطب أم أبوه حنطب ؟ فقال ابن أبي فديك في جميع الروايات عنه : إنه
عبد الله ، و قال جعفر بن مسافر عنه عن المغيرة بن عبد الرحمن : إنه حنطب ، كما
تقدم في كلام الحافظ . و لا شك عندي أن الأول أرجح ، لأنه رواية الأكثر ،
فمخالفة جعفر بن مسافر ، لا يعتد بها ، لاسيما و قد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه
، كما يشير إلى ذلك قول الحافظ في " التقريب " : " صدوق ربما أخطأ " .
و قد خالفهم في موضع آخر من السند ، و هو أنه جعل شيخ ابن أبي فديك المغيرة بن
عبد الرحمن ، و ذلك مما لم يذكره أحد منهم ، لكن الخطب في هذه المخالفة سهل ،
لأنه يمكن أن يكون المغيرة هذا من جملة أولئك الشيوخ الذين أشار إليهم دحيم في
روايته عن ابن أبي فديك .
ثم وجدت لجعفر متابعا عند ابن عبد البر في " الاستيعاب " ( 1 / 401 - النهضة )
و قال : " و المغيرة بن عبد الرحمن هذا هو الحزامي ضعيف ، و ليس بالمخزومي
الفقيه صاحب الرأي ، و ذلك ثقة " .
فإذا ترجح أن الحديث من مسند عبد الله بن حنطب ، فهل هو صحابي أم لا ؟ اختلفوا
في ذلك ، و قد جزم بصحبته ابن عبد البر و هو مقتضى قوله في رواية الحاكم .
" كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، و مثلها رواية ابن أبي حاتم عن ابن
أبي فديك عن غير واحد ، ففيها قوله : " كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه
وسلم " . و كذلك رواية موسى بن أيوب عن ابن أبي فديك ، كما في " الإصابة "
و قال عقبها : " فهذا يقتضي ثبوت صحبته " .
قلت : و هو الذي نرجحه . و إذا عرفت ذلك ، فالإسناد عندي صحيح كما قال الحاكم ،
لأن السعدي لم يتفرد به ، بل تابعه جماعة منهم عمرو بن أبي عمرو و هو ثقة .
و الله أعلم .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع " بهذا اللفظ من رواية الترمذي و الحاكم ،
و بلفظ : " أبو بكر مني بمنزلة السمع و البصر من الرأس " .
برواية أبي يعلى عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أبيه عن جده ، قال ابن عبد
البر : و ما له غيره ، ( حل ) عن ابن عباس . ( خط ) عن جابر .
قلت : و هو بهذا اللفظ شاذ عندي أو منكر ، لمخالفته لرواية الجماعة عن ابن أبي
فديك في لفظه المتقدم الذي فيه قرن عمر مع أبي بكر ، خلافا لهذا ، و لم أقف على
إسناده إلى المطلب لننظر هل هو شاذ أم منكر . و أما حديث ( حل ) فلم أره في
" فهرس الحلية " ، لكن ذكر المناوي أن في إسناده الوليد بن الفضل ، و قد قال
الذهبي في " الميزان " : " قال ابن حبان : يروي الموضوعات " ، ثم ذكر له حديثا
قال : إنه باطل . و في " اللسان " : " و قال الحاكم و أبو نعيم و أبو سعيد
النقاش : روى عن الكوفيين الموضوعات " .
و أما حديث ( خط ) عن جابر ، فهو صحيح ، و إسناده حسن ، لكنه يختلف في متنه عن
هذا بعض الشيء و لذلك رأيت أن أفرده بالتخريج ، و هو الآتي .
815 - " أبو بكر و عمر من هذا الدين كمنزلة السمع و البصر من الرأس " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 476 :
أخرجه الطبراني و الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 8 / 459 - 460 ) من طريق عبد
الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد حسن ، رجاله كلهم ثقات و في ابن عقيل كلام من قبل حفظه لا
ينزل به حديثه عن هذه المرتبة التي ذكرنا . و أخرجه ابن شاهين في " فضائل
العشرة المبشرين بالجنة " من " السنة " له ( رقم 70 - نسختي ) من طريقين عن
الحكم بن مروان حدثنا فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر .
" أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يبعث رجلا في حاجة مهمة و أبو بكر عن
يمينه و عمر عن يساره ، فقال له علي بن أبي طالب : ألا تبعث أحد هذين ؟ فقال
.... " فذكره . لكن الفرات هذا متروك ، فلا يستشهد به .
و له شاهدان آخران من حديث عمرو بن العاص و حذيفة بن اليمان ، أخرجهما الهيثمي
في " مجمع الزائد " ( 9 / 52 - 53 ) .