العديدون مقتنعون أن الفرصة - أو ما يظنونها فرصة - هي واحدة ولن تتكرر إن لم يتم استغلالها بالطريقة المثلى للإفادة منها على المدى الطويل.
قد تعرض لك فرصة ما ، أمنية ما ، جيدة بنظرك ، وقد تعتقد أنها خلاصك الوحيد.
فتوليها كل مشاعرك واهتمامك ، وتصبح من أولى أولوياتك ، ظنّا أنها الوحيدة والفريدة والنادرة .
بصفتي أعيش منذ فترة طويلة،
فقد تبين لي بالبرهان والمنطق والتجربة أن هذا الكلام غير صحيح وان الفرصة قد تعود ، ربما ، في ظرف حياتي آخر ، وقد لا نكون حينها ننتظرها
أو أن غياب هذه الفرصة حتما سيفتح مجالا لأشياء أخرى قد نكتشف لاحقا أنها أكثر أهمية،
أو على أقل تقدير ... قد تكون في هذه الفرصة التي نظنها خلاصنا ..هلاكنا ، ومجرد غيابها عنها ، فرصة أخرى جيدة جدا .
قال أحد الحكماء ، ثمة نوعان من المرار
أن تضيع منك الفرصة التي طالما تمنيتها وحرصت عليها ،
وان تعود اليك وقد تغيّرت الأمنيات وتغيّرت أنت نفسك ، ولم تعد تلك في قائمة اهتماماتك
أوافق هذه الحكمة ، رغم أنني أشعر أن عودة الفرصة بعد ضياعها - أصبح ما أصبح اهتمامنا بها - يعطينا شعور من الثقة بالنفس والراحة والزهو ، وبأننا كنا حقا... نستحقّها ، كما أني لا أستطيع تجاهل حقيقة أن هناك الكثير من شعور الرثاء والأسى على أمنية طالما تخيلناها ثم غدت آخر اهتماماتنا عندما تحوّلت الى حقيقة ، رغم ما يتضمنه هذا الاحساس من رضا كامل يغمر النفس ويحقق معادلة التعويض ..في أي صورة .
أحيانا.. نجري بجد وكفاح تجاه إحدى الامنيات التي كلما سعينا إليها ، ابتعدت عنا ،
وبعد أن نتعب ونقرر الجلوس ، تأتينا الأمنية التي طالما طاردناها وبذلنا لأجلها الغالي والنفيس ، وتتركنا في غمرة تساؤلات ..ترى ؟ هل كان الأمر يستحق ذاك العناء ؟
والإجابات تفاجئنا أحيانا .
كوننا لا نعلم ماذا يمكن أن يحدث غدا ، وكون الانسان متغير ، يفسّر ما يحصل لنا من اختلاط المشاعر وتعدد الآراء
فإنسان اليوم قلّما يكون إنسان الغد ،
إن كل شيء في هذا الكون يفاجئنا حتى أنفسنا !
والعلامات المتغيّرة الموجودة في الكون ، موجودة في النفس ،
نحن لا نعلم ونحن في ظل انكسارنا وهطولنا الداخلي ، أننا قد نضحك غدا مما نبكي له اليوم ،
لأننا لا نثق تماما أن الأشياء تتغير .. وأننا نتغيّر .
نتوق الى الأبدية ، ونتعلق بأشياء وأمان نظن أننا بثباتها وتحقيقها سنبقى ، إلى الأبد .
كل شيء في حياتنا من أشياء وأماني يعكس ( إلى الأبد ) ، حتى وإن لم نعترف بها
نربو صغارا على مقاعد الدراسة .. فهو صديقي إلى الأبد ، وهي صديقتي إلى الأبد
نكبر ونلصق عبارة إلى الأبد حيث وطئنا ، وبمن قابلنا من أشخاص ...لطالما طاروا من حياتنا ...إلى الأبد .
تأخذني الذكريات فأحنّ الآن ، إلى مسلسل طفولتي المفضل ، الولد الخشبي
كبرنا نحن ، ولا زال طفلا
كم أغبط ( بينوكيو ) نعمة احتمالية الحياة طويلا .. بعدي !