ومن سب عائشة يُقتل
قال تعالى:
{يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً{32** وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً{33** وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً**
فهذه الآيات صريحة في أن أزواج النَّبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته ؛ لأن سياق الكلام فيهن ، ولهذا قال ابن كثير بعد أن ذكر رواية مسلم لحديث زيد بن أرقم ، قال : ثُمَّ الذي لا يشكُ فيه من تدبَّر القرآن أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم داخلات في قوله : ** إِنَّمَا يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عنكُمُ الرِجسَ أهلَ البيتِ ويُطهّركُم تَطهيراً **.
فإن سياق الكلام معهنَّ ، ولهذا قال تعالى بعد هذا كله : ** واذكُرنَ ما يُتلى في بُيُوتِكُنَّ مِن ءايات اللهِ والحكمةِ **. أي : اعملن بِما ينزل الله على رسوله في بيوتكن من الكتاب والسنَّة . قال قتادة وغير واحد .
واذكرن هذه النعمة التي خُصصتُنَّ بها من بين الناس ، إن الوحي ينزل في بيوتكن دون سائر الناس ، وقال : وعائشة بنت الصِّديق أولاهنَّ بهذه النعمة ، وأخصهن من هذه الرَّحمة العميمة ، فإنه لم ينزل على رسول الله الوحي في فراش امرأة سواها كما نص على ذلك ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ .
كما أنزل الله عزوجل في براءتِها من قول أهل الإفك آيات في كتابه من سورة النور تتلى إلى يوم القيامة ، وأخبر أنَّها الطيبة المُبرأة التي اختارها الله لنبيه الطيب ، شرعاً وقدراً ، قال تعالى :** والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مُبرَّءُونَ مِمَّا يقولون**.
وقال تعالى :{يعِظكُمُ اللهُ أن تعودوا لمثله أبداً إن كُنتم مؤمنين **
أي : ينهاكم الله متوعداً أن يقع منكم ما يشبه هذا أبداً ، أي : فيما يستقبل ، فلهذا قال : ** إن كُنتم مؤمنين **. أي : كنتم تؤمنون بالله وشرعه ، وتعظمون رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولهذا أورد القاضي عياض في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى ( 2/309 ) عن الإمام مالك ـ رحمه الله ـ قال : من سب أبا بكر يُجلد ، ومن سب عائشة يُقتل. قيل له : لِمَ ؟ قال : من رماها فقد خالف القرآن ، وقال ابن شعبان عنه : لأن الله يقول : ** يعِظكُمُ اللهُ أن تعودوا لمثله أبداً إن كُنتم مؤمنين **. فمن عاد لِمثله فقد كفر .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا والمسلمين جميعاً للقيام بِحقوق رسوله صلى الله عليه وسلم ، وحقوق أهل بيته من قرابته وأزواجه أمهات المؤمنين ، على ضوء ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله رب العالمين. ) اهـ
الوصايا
في
الكتاب والسنة
المجموعة الثالثة
فضيلة الشيخ الدكتور
علي بن محمد بن ناصر الفقيهي