.. الغموض قد يكون طريقة من طرائق البحث عن توافق مناسب بين الفكرة والمتلقي..
في ظل عجز اللغة في وظيفة التواصل الافتراضي..
وقد يكون الغموض حالة إثارة للمتلقي للبحث..
ان الانسان بطبيعته لا يطيق الغموض ولا يحتمله،
فإذا وجد نفسه امام ظاهرة او حدث أو واقعة لم يستطع فهمها،
راح يستكمل التفسير من خياله ، ويقدم تفسيرا من عند نفسه
ثم يصدّقه !
ويكون بهذا قد تغلب على الغموض المنكود ....ووصل الى ما يحسبه الوضوح المنشود !
الم تر كيف ان الانسان القديم كان يعجز عن تفسير المرض مثلا ،
فيفترض له اسبابا من عنده ، ويرد البلاء للارواح الشريرة وغضب الالهة ،
او الهواء الفاسد ؟
ثم يتعامل مع افتراضاته على انها حقيقة،
لأنها اراحته من الغموض واوصلته الى ما يعتقد انه وضوحا....
وهذا ما نجده ايضا في المجتمعات التي تغيب عنها المعلومة ....
حيث تلجأ الى نشر الاشاعات وتصديقها ،
سعيا منها لازالة الغموض الذي يحيط بالاحداث والوقائع من حولها،
او تفسير تلك الاحداث من خلال نظرية المؤامرة
كطريقة ايضا ،،،،، تريحها من الغموض وتشعرها - ولو كذبا - بالوضوح .
ان اهتمام الانسان بوضع تفسيرات لما لا يتجاوزه ذهنه
يبين سعيه الدائم الى الوضوح
رغم ان ما حظي به الوضوح كقيمة ومفهوم ودراسة ،وبحث ما زال قليلا ، ويحتاج الى المزيد.
فالواضح ما يكون ظاهرا ، يقدم نفسه بنفسه !
انه كما الشمس الساطعة في كبد السماء الصافية عند الظهيرة في يوم صيفي
ليس مبهما ولا غامضا ولا ملتبسا ، ولا يثير الحيرة ولا الشك ولا التساؤل
لا خفيا ، معلنا لا سريا ، بيّنا لا متواريا...ولا محتجبا
ولا مختبئا خلف ستار....
ولا يستعصي على الفهم.
فالعبارات الواضحة مثلا...... هي التي تعبر عن الموضوع ،وتبين مضمونه ،ومداه ،وتميزه عن سواه ،
بحيث نفهم منها ما اريد الاخذ به وما اريد تركه ،
دون ان تدع مجالا للشك بمعناها ،ودون ان تحمل مدلولات متضاربة ، او يتداخل مفهومها بمفاهيم اخرى مشابهة
قال الجاحظ في حديث عن البيان ....
كلما كانت الدلالة اوضح وافصح ، وكانت الاشارة ابين وانور ،كان انفع وانجع .
وكذلك فإن للوضوح في مجال الاتصال الانساني اهمية عظيمة ،
وله الاثر الاكبر في وصول المعنى المراد الى المتلقي،
سواء كانت الرسالة لفظية ، مكتوبة ، او بالاشارة او اللمحة او الابتسامة او النظرة او الاعراض
واية ظروف تعيق وتشوش وصول الرسالة الصحيحة من شأنها ان تثير كثير من المشاكل والاضطرابات سواء الاسرية او العمليه او الاجتماعية.
وعلم الاتصال الانساني اسس اصلا ..... لمحاربة الغموض
ورغم عشق الانسان للوضوح ومقته للغموض،
ولكن.........
كيف من الممكن ان نتخيل الحياة بلا غموض ؟؟؟؟