السرطان.. نظرة عن قرب ... (5)
البعض يشكك في المبالغة بفوائدها
أدوية الكوليسترول تحد من خطر السرطان
قال باحثون أمريكيون إن عقاقير الاستاتين التي تعمل على خفض نسبة الكوليسترول في الدم قد تقلص ايضا من مخاطر الاصابة بالسرطان بنسبة تصل الى 25 في المائة.
وقال الباحثون في دورية المعهد القومي لمكافحة السرطان ان نسبة الاصابة بالسرطان بين متناولي عقاقير الاستاتين من قدامى المحاربين بلغت 4,9 في المائة بالمقارنة مع 2,13 في المائة بين من لا يتناولون هذه العقاقير.
وقال الدكتور ويلدون فيرويل من هيئة الرعاية الصحية لقدامى المحاربين في بوسطن والذي قاد فريق البحث “تدعم نتائجنا افتراض إن الاستاتين قد يقلل مخاطر الاصابة بالسرطان خاصة سرطان الرئة وسرطان القولون والمستقيم”.
وأضاف موضحا ان نسبة انخفاض هذه المخاطر كانت حوالي 25 في المائة على ما يبدو.
واثبتت عقاقير الاستاتين التي تتصدر قائمة العقاقير الاكثر مبيعا في العالم فاعليتها في خفض البروتين الدهني منخفض الكثافة (ال. دي. ال) وهو ما يوصف بالكوليسترول “السيئ” حتى ان بعض الاطباء اقترحوا اضافة هذه العقاقير لامدادات المياه العامة.
ولا تحد هذه العقاقير من مخاطر الاصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية بصورة كبيرة فحسب بل قد تقلل ايضا من احتمال الوفاة من الإنفلونزا والالتهاب الرئوي والتدخين.
وظهر ان عقاقير الاستاتين في المعامل تعمل على ابطاء نمو الخلايا السرطانية وعادة ما كانت تجرى الابحاث عليها بوصفها مقاومة للسرطان. واظهرت هذه الابحاث نتائج متباينة.
وبحث فيرويل وزملاؤه خلال الدراسة السجلات الطبية لنحو 63 الفا من قدامى المحاربين في نظام الرعاية الصحية الخاص بنيو انجلاند في الفترة بين يناير كانون الثاني 1997 وديسمبر/ كانون الاول 2005.
وقسمت الدراسة قدامى المحاربين الى مجموعتين احداهما استخدمت عقاقير الاستاتين - بما فيها عقار ليبيتور الذي تنتجه شركة فايزر وعقار زوكور من انتاج شركة ميرك- والاخرى استخدمت ادوية خفض ضغط الدم لمدة عام على الاقل.
وقال فيرويل انهم اختاروا هاتين المجموعتين لأن المرضى الذين يستخدمون هذين النوعين من الادوية عرضة لمخاطر صحية مشابهة ومن المرجح ان يحصلوا على نفس القدر من الرعاية الصحية.
وخلص الباحثون الى ان متناولي عقاقير الاستاتين تقل لديهم مخاطر الاصابة بكل انواع السرطان بالمقارنة بمن لا يتناولونها بعد ضبط عوامل السن وفحوصات ما قبل السرطان والتدخين وامراض الرئة وغيرها.
وتتبع الباحثون ايضا خمسة انواع من اكثر انواع السرطان انتشارا في مجموعة المرضى التي شملتها الدراسة وهي سرطان البروستاتا والرئة والقولون مع المستقيم والمثانة والورم القتاميني.
وقال: “اكتشفنا ان مخاطر الاصابة تنخفض بشكل ملحوظ بالنسبة للبروستاتا والرئة والقولون والمستقيم”.
واكتشف الباحثون ايضا ان مخاطر الاصابة بالسرطان تتقلص مع زيادة جرعة الاستاتين.
ولم تتطرق الدراسة لسبب خفض الاستاتين لمخاطر الاصابة بالسرطان كما ان الدراسة كانت بها أوجه قصور قليلة منها ان معظم العينة التي شملتها كانت من الذكور البيض مما يمكن ان يؤثر في النتائج.
وقال فيرويل:لا نريد ان نعطي انطباعا ان هذه دراسة مؤكدة النتائج تثبت ان عقاقير الاستاتين تقلل من مخاطر الاصابة بالسرطان، لكنه اضاف ان النتائج قوية بما فيه الكفاية لمزيد من البحث.
وكانت دراسة امريكية قد افادت بأن استخدام مشتقات عقار الأستاتين المخفض للكوليسترول ومنه عقاقير “ليبتور” و”برافاشول” تقلل من مخاطر الإصابة بأنواع خطيرة من سرطان البروستاتا.
وربط تقرير نشرته دورية “أمريكان جورنال أوف أبيديمولوجي” بين استخدام الأستاتين وتقليل مخاطر الإصابة بأنواع عدة من الأورام الخبيثة، إلا أن دراسة واحدة بحثت على وجه الخصوص العلاقة بين سرطان البروستاتا والأستاتين اكتشفت زيادة غير محسوسة من الناحية الإحصائية في مخاطر الإصابة به عند استخدام الأستاتين.
وفي الدراسة المشار اليها قام باحثون أمريكيون من جامعة الصحة والعلوم في بورتلاند بمقارنة استخدام الأستاتين على 100 مصاب بسرطان البروستاتا (منهم 36% يستخدم الأستاتين) و202 رجل من غير المصابين به (من بينهم 49% يستخدمون نفس العقار أيضا).
وتبين أن استخدام عقار الأستاتين أدى لانخفاض مخاطر الإصابة بسرطان البروستاتا بنسبة 62% فيما بقيت العلاقة العكسية بين استخدام الأستاتين ومخاطر الإصابة بالسرطان فقط لدى الرجال المصابين بأنواع خبيثة من الورم.
وأشار الباحثون إلى أن هناك حاجة إلى دراسات أخرى لتوضيح الآليات المرتبطة بالأثر المضاد لسرطان البروستاتا في الأستاتين.
وأوضحوا أنه إن تم تأكيد النتائج التي توصلوا إليها من خلال دراسة من منظور أوسع فإنها ربما تقدم الدليل المطلوب للأخذ في الاعتبار استخدام عقاقير الأستاتين في منع الإصابة بسرطان البروستاتا.
من جهة ثانية تشير نتائج دراسة ايطالية إلى أن عقاقير الاستاتين قد تساعد أيضاً في منع اختلال نبضات القلب الذي يمكن أن يؤدي إلى الوفاة.
وتبين الدراسة أن الاستاتين (له صلة بانخفاض ملحوظ بنسبة 19 ب المائة في احتمالات الموت المفاجئ بأمراض القلب).
ويحدث الموت المفاجئ عندما يتوقف نبض القلب فجأة أو يحدث خلل في النبض بشكل لا يكفل استمرار تدفق الدم.
وتحدث الأزمة القلبية عند انسداد شريان يغذي عضلة القلب بالدم ويعجز القلب عندئذ عن ضخ الدم بشكل سليم.
ودرس الدكتور جياكومو ليفانتيسي وزملاء له في مؤسسة كونسورزيو ماريو نيجري سود لبحوث الصيدلية في شيتي بإيطاليا بيانات من 10 دراسات كبرى تضمنت 22275 مريضاً فاحصين علاجات تمت بعقاقير استاتين مثل ليبتور وزوكور على سبيل المثال وتضمنت معلومات عن حدوث الموت المفاجئ المرتبط بأمراض القلب.
وكتب الباحثون في الدورية الأمريكية لأمراض القلب أنه بمتابعة على مدى أربعة أعوام وأربعة شهور فإن احتمال حدوث الموت المفاجئ بلغ نسبة 3 في المائة بين مرضى تلقوا علاجاً بعقاقير الاستاتين ونسبة 8,3 في المائة بين مرضى آخرين.
وجاء الانخفاض في احتمال الموت المفاجئ مستقلاً عن التغيرات في مستوى الكوليسترول بالدم.
وخلص الباحثون الإيطاليون إلى أن (جزءاً من الفائدة الطبية للعلاج بالاستاتين قد يكون متمثلاً في انخفاض الخلل في نبض القلب المهدد للحياة).
الى ذلك نشر في “المجلة الطبية البريطانية” مقال للدكتور اوفي رافينسكوف الطبيب السويدي المتخصص في علاج الكوليسترول ذكر فيه ان هنالك القليل الذي يعرف حول الآثار الجانبية لتناول الاستاتين بجرعات اكبر. وقد درس الدكتور رافينسكوف واثنان من زملائه البارزين هذه الآثار الجانبية وهم يقولون ان هنالك احتمال وجود مشكلات نفسية وعصبية مثل سرعة الاثارة والتهيج وفقدان الذاكرة وضعف العضلات، وهذا الامر يقود الى صعوبة المشي والشعور بالالم وفي حالات نادرة الاصابة بانهيار خلايا الاعصاب والفشل الكلوي.
ويقول الدكتور رافينسكوف “انني على صلة مع ما بين 80 الى 90 من العلماء ممن يرون ان فوائد الاستاتين مبالغ فيها وان الآثار الجانبية لم تؤخذ مأخذا جادا بما يكفي”.
ويعارض هؤلاء المتشككون العديد من الادعاءات التي تثار في ما يتعلق بفوائد ادوية تخفيض مستوى الكوليسترول، ويطرحون تساؤلا حول التفسيرات التي تقدم حول نتائج التجارب الاكلينيكية الكبرى وهم يقولون ان بعض الحجج التي تقدم لتبرير استخدام الدواء لا تظهر اي فرق في معدل الحياة بين من يتناولون الاستاتين ومن لا يتعاطون تلك الادوية.
كما ان احدى اكبر نقاط الخلاف في هذه القضية تدور حول الفئة التي قد تستفيد من هذه الادوية اذ يقول المتشككون ان استخدام الاستاتين لم يثبت انه منع الوفاة قبل الاوان بالنسبة للذكور ممن هم فوق الخامسة والستين.
ويقول الدكتور جون ابرامسون انه “لا توجد دراسة ضابطة تظهر ان أدوية الاستاتين المخفضة للكوليسترول قد تفيد الاناث ممن لا يعانين من امراض القلب”.
وبينما يطرح الدكتور رافينسكوف ومؤيدوه تساؤلات حول قيمة وفائدة الاستاتين لكن اخصائيين آخرين واثقون من ان هذه الادوية تعود بالفائدة على مستخدميها.
ويؤكد الدكتور توم ساندرز استاذ التغذية في جامعة لندن ان “هنالك فوائد جمة لادوية تخفيض الكوليسترول بالنسبة للذكور ممن هم فوق 55 عاما وذلك بغض النظر عن مستوى الكوليسترول في الدم لديهم وكذلك الامر بالنسبة للنساء ممن هن فوق الستين”.