بقلم :د. بسام درويش
بصوت خفيض يحمل بين نبراته قصة معاناة دامت سنين عديدة، وما زالت. لم تنعم بطعم الزواج السعيد لأن الطلاق تم بعد مرور سنة تقريباً من زواجها، حرصت طيلة السنوات الماضية على رعاية ابنها، الذي كانت تعتقد أنه السند الذي يمكن أن يقيها من متاعب الحياة في الكبر.
قاسية كانت الظروف، والدموع محبوسة والبوح بتلك المعاناة لم يكن سهلاً. لقد كبر الابن، وتزوج وتحولت حياتها إلى جحيم حقيقي.باتت تعيش في زاوية منسية من زوايا المنزل الفسيح بمساحته الضيق بإنسانيته.
لا يمكننا القيام بأي شيء إلا بإذن خاص، مضايقات عديدة لإرضاء الزوجة. تحتفظ بآلامها، ومعاناتها التي لا تخف في النهار ولا حتى في الليل. تصرفات مرفوضة دينياً، ومنبوذة اجتماعياً، ولكنها قد تكون موجودة في هذا الحي أو ذاك.
إنه التفكك الأسري. فيما سبق كان التنظيم العائلي يقوم على سلطة الأب التي تدعم أركان الأسرة، أما اليوم وبسبب المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، ونمط الحياة المعاصرة، فقد تغير كل شيء، ولم يعد للأب سلطة، ولا حتى للأم أيضاً.لقد أحدثت تلك المتغيرات انقلاباً في المفاهيم، فتمزقت العائلة، ولم يعد أفراد العائلة يلتقون إلا نادراً.
غياب الأب بسبب العمل، أو الانفصال المؤقت، أو الطويل الأمد يولد مشكلات عائلية تبدو واضحة في سلوك الأبناء، وتنعكس بشكل سلبي على أفراد الأسرة. الطلاق دمار حقيقي للأسرة، وبغض النظر عن الأسباب، فالطلاق لا يعتبر حلاً لمشكلة عائلية، بل يعد بداية لمشكلات أكبر وأعمق قد لا تنتهي حالة تلك الأم رغم أنها أفنت عمرها من أجل ابنها، إلا أنها لم تستطع أن تجعل منه الابن البار، والزوج الصالح.
عاشت هذه الأم تحت سلطة الزوج، ومن ثم تحت سلطة زوجة الابن. تبحث عن حلول، ولكن دون جدوى، كونها لا ترغب بإعلان هذه المشكلة على الأشخاص من حولها.لهذا فقد آثرت الصمت، إلى أن استطاعت أن تمسك بالهاتف، وبصوتها الخفيض المليء بالأحزان روت حكايتها، لكي تكون عبرة للآخرين ودرساً يمكن الاستفادة منه.
الأم تفني شبابها في رعاية الأطفال، وتضحي بزهرة شبابها من أجل مستقبل أفضل لأبنائها، وتظل تنظر إليهم كالأطفال الصغار الذين يحتاجون للصدر الحنون والدفء في زمن الصقيع. مشكلات بسيطة يمكن تجاوزها، وأخرى معقدة يمكن حلها، قبل أن يقع الطلاق الذي يفكك بنيان الأسرة، ويفرق الأحباء. الزوج بات سكيراً حتى لاقى حتفه، والزوجة مهملة في زاوية صغيرة، والابن عاق وفاشل في حياته العملية والاجتماعية.
إنه الطلاق الذي يدفع الجميع ضريبته، وتكون الأم ضحيته.
.................................................. .......................................
رحمك الله يااااااااااأماه وأسكنك فسيح جناته واسعدك الله وبشرك بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ـ اللَّهم آمين .