خواطر في الرقية الشرعية
المعنى الشرعي واللغوي للرقية :
لا يختلف معنى الرقية في الشرع عن المعنى اللغوي كثيرا إذ الرقية هي العوذة في اللغة أي الملتجأ ( القاموس المحيط - مادة " عوذ " 428 ) فالمرقي يلتجئ إلى الرقية لكي يشفى مما أصابه وسواء تلك الرقية كانت مشروعة أو ممنوعة هذا في اللغة 0
أما في الشرع فالمراد بالرقية المشروعة : هي ما كان من الأدعية المشروعة أو الآيات القرآنية 0
وقد عرفها بعض أهل العلم بما يلي :
قال شمس الحق العظيم أبادي : ( الرقية : هي العوذة بضم العين أي ما يرقى به من الدعاء لطلب الشفاء ) ( عون المعبود شرح سنن أبي داوود - 10 / 370 ) 0
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( الرقى بمعنى التعويذ ، والاسترقاء طلب الرقية ، وهو من أنواع الدعاء ) ( مجموع الفتاوى - 1 / 182 ، 328 - 10 / 195 ) 0
،،،،،
إذاً الرقية الشرعية هى التعويذ بالله من شر كل ذي شر ..
وقد أتضح لنا هذا في سورة الفاتحة في العبادة والإستعانة بالله "والعبادة قد وردت في القرآن الكريم أنها الدعاء"
وفي الحديث ( الدعاء العبادة ) يدل عليه قوله تعالى : ** وَقَالَ رَبُّكُمْ ادعونى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الذين يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ ** [ غافر : 60 ]
كما نرى في المعوذتين وفيهما الإستعاذة بالله من شر كل شيء ..
وكذلك الأدعية التي وردت في السنة النبوية المطهرة "بسم الله ..أعيذك بعزة الله وقدرته من شر ما تجد وتحاذر، بسم الله أرقيك وهكذا ..
من هذا السياق نجد أن الإستشفاء يعتمد على دعاء الله تعالى والتوكل عليه والتحص بذكره ..
وفي الفاتحة والمعوذتين وعد من الله تعالى أن يعيذ بها منأستعان به عن طريقها ..
وما أستحدث من إجتهادات الرقاة وتجاربهم تقسيم الآيات إلى سحر وعين ومس وصعق وحرق وغيرها..
سؤالي هنا هل تصنف هذه التقسيمات تحت مسمى الرقية الشرعية بمعنى التعويذ...؟
أم تعد وسيلة لتعذيب وتحدي الجان...؟
التقسيم سالف الذكر لا يأخذ معنى الإستعانة وإنما تأخذ طابع أعتماد الراقي على أستخدامه الآيات حسب ما يرى
عن طريق إجتهاده وكيفية تأثر المصاب بالآيات ..
وهذا يتضح من نية الراقي في تعذيب أو حرق أو قتل أو طرد أو شفاء أو هداية ..
و الملاحظ أنه قد يجتمع عند الراقي نفسه أو غيره نيتان نية أستخدام تقسيم الآيات وبراعته في إستخدامها
مع الدعاء والتوكل على الله ..
ولا يستخدم الرقية فقط بمعنى التعوذ بالله من شرور الإنس والجن وحسن التوكل عليه ..
** يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ** أي: فإن الله كاف من توكل عليه، ** أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ **
[ الزمر : 36 ]، ** وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ** [ الطلاق : 3 ].
وكثيرا ما يقرن الله بين العبادة والتوكل، كما في قوله تعالى: ** فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ** [ هود : 123 ]،
** قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ** [ الملك : 29 ]،
** رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا ** [ المزمل : 9 ]،
وأمر الله تعالى المؤمنين أن يقولوا في كل صلواتهم (6) مرات متعددة: ** إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ **
[ الفاتحة : 5 ].
،،،،،
يوجد فرق بين أن تقرأ الفاتحة والمعوذتين وأذكار الإستشفاء بنية الإستعاذة بالله بواسطتها ويكون اليقين بأن الله يشفي من دعاه بها..
و بين أن تقرأ آيات السحر والعين والمس بحجة تعذيب وحرق الجن وطرده ..
فالحالة الآولى توكل على الله بكفايتك شر المعتدي ..
والحالة الثانية تعتمد على قوة تأثيرك في الجن بالتكرار والتنويع في القراءة ومتى تقرأ ومتى تحجم و وهكذا وهى مناورة الجن وتحديه ...
خواطر في الرقية الشرعية
كتبتها / أم سلمى
بتاريخ 28/ 3/ 2010/ م
اليوم الأحد