✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨
✨✨✨✨✨✨✨✨✨
✨✨✨✨✨✨✨
✨✨✨✨✨
✨✨✨
✨✨
✨
بسم الله الرحمن الرحيم
نظرا لجهل الكثيرين بما يجوز النظر إليه
من المخطوبة أثناء الخِطبة أحببت أن أقدم هذا
البحث من كلام العلاّمة الشيخ الألباني
رحمه الله تعالى من السلسلة الصحيحة
( م 1 ق 1 / ص 197 - 209 )
مع اختصار شديد .
_ استحباب النّظر إلى المرأةِ قبل خِطْبَتِها
95 - ( انظُرْ إليها ، فإنّ في أعْيُـنِ الأنصار
شيئاً ، يعني : الصِّغَر ) .
_ أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار
عن أبي هريرة : أن رجلا أراد أن يتزوج امرأة
من نساء الأنصار فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ...
و أخرجه مسلم في صحيحه بلفظٍ آخر .
96 - ( انظر إليها ، فإِنَّهُ أحرى أن يُؤدَمَ
بينكما )
_ أخرجه سعيد بن منصور في سننه عن
المغيرة بن شعبة ...
قال العلامة الألباني رحمه الله تعالى :
يجوز النظر إليها , ولو لم تعلم أو تشعر به لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
97 - ( إذا خَطَبَ أحدُكُمْ امْرَأةً فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَنْظُرَ إلَيْها إذا كانَ إنّما يَنْظُرُ إلَيْها لِخِطْبَتِهِ وإنْ كانَتْ لَا تَعْلَمُ ) .
_ أخرجه الطحاوي وأحمد ...
وقد عمل بهذا الحديث بعض الصحابة , وهو محمد بن مسلمة الأنصاري , فقال سهل بن أبي حثمة : رأيت محمد بن مسلمة يطارد بثينة بنت الضحاك - فوق إِجّارٍ لها -
( هو السطح الذي ليس حواليه ما يَرُدُ الساقِطَ عنه ) ببصره طرداً شديداً ,
فقلتُ : أتفعلُ هذا وأنت من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟!
فقال : إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يقول :
98 - ( إذا أُلْقَيَ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةُ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا ) .
_ رواه سعيد بن منصور في سننه ...
وما ترجمنا به للحديث قال به أكثر العلماء , ففي فتح الباري ( 9 / 157 ) :
وقال الجمهور : يجوز أن يَنظُر اليها إذا أراد ذلك بغير إذنها ,
وعن مالك رواية : يُشتَرط إذْنُها ,
ونَقلَ الطحاوي عن قوم أنه لا يجوز النظر إلى المخطوبة قبل العقد بحال ,
لأنها حينئذ أجنبية , وَرَدَ عليهم بالأحاديث المذكورة .
فائدة :
روى عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن طاوس قال : أردتُ أنْ أتَزَوج امرأةً ،
فقال لي أبي اذهب فانظر إليها فذهبت فغسلت رأسي وتَرَجَلْتُ
ولبست من صالح ثيابي ,
فلما رآني في تلك الهيئة , قال لا تذهب !
قلت : ويجوز له أن ينظر منها إلى أكثر من الوجه والكفين ,
لإطلاق الأحاديث المتقدمة ولقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ :
99 - ( إذا خَطَبَ أحَدُكُمْ المَرْأَةَ فإنْ اسْتَطاعَ أنْ يَنْظُرَ إلى ما يَدْعُوهُ إلى نِكاحِها فَلْيَفْعَلْ ).
_ أخرجه أبو داود ...
فقه الحديث :
والحديث ظاهر الدلالة لما ترجمنا له ,
وأيَّدَه عمل رَاوِيهِ بِهِ , وهو الصحابي الجليل جابر بن عبدالله رضي الله عنه ,
وقد صَنعَ مثله محمد بن مسلمة ,
كما ذكرناه في الحديث الذي قبله ,
وكفى بهما حجة .
ولا يضرنا بعد ذلك مذهب من قيد الحديث بالنظر إلى الوجه والكفين فقط ,
لأنه تقييد للحديث بدون نص مُقَيِّد ,
وتعطيل لفهم الصحابة بدون حُجّة .
وهذا القول الذي أشار الحافظ إلى استشكاله هو مذهب الحنفية والشافعية ,
قال ابن القيم في تهذيب السنن :
" وقال داود : ينظر إلى سائر جسدها ,
وعن أحمد ثلاث روايات :
إحداهن : ينظر إلى وجهها ويديها .
والثانية : ينظر ما يظهر غالباً كالرقبة والساقين ونحوهما .
والثالثة : ينظر إليها كلها عورة وغيرها ,
فإنه نص على أنه يجوز أن ينظر
إليها مُتَجَردة ! ".
قلت : والرواية الثانية هي الأقرب إلى ظاهر الحديث , وتطبيق الصحابة له , والله أعلم .
وقال ابن قدامة في « المغني » :
" وَوَجْهُ جَوازِ النظر [ إلى ] ما يظهر غالباً
أن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لما أذِنَ في النظر إليها من غير علمها ,
عَلِم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر عادة ,
إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور , ولأنه يَظهر غالباً ,
فأُبيحَ النظر إليه كالوجه ,
ولأنها امرأة أبيح له النظر إليها
بأمر الشارع , فأبيح النظر منها إلى ذلك كذوات المحارم " .
ثم وقفت على كتاب « ردود على أباطيل » لفضيلة الشيخ محمد الحامد ,
فإذا به يقول :
" فالقول بجواز النظر إلى غير الوجه والكفين من المخطوبة باطل لا يقبل " .
وهذه جُرأَةٌ بالغة من مثله ما كنت أترقب صدورها منه ,
إذ إن المسألة خلافية كما سبق بيانه ,
ولا يجوز الجزم ببطلان القول المخالف لمذهبه إلا بالإجابة عن حجته ودليله كهذه الأحاديث , وهو لم يصنع شيئاً من ذلك ,
بل إنه لم يشر إلى الأحاديث أدنى إشارة , فأوهم القراء أن لا دليل لهذا القول أصلاً , والواقع خلافه كما ترى ,
فإن هذه الأحاديث بإطلاقها تدل على خلاف ما قال فضيلته , كيف لا وهو مخالف لخصوص قوله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلّمَ في الحديث 99 : ( ما يَدْعُوهُ إلى نِكاحِها ) ؟!
فإن كل ذي فقه يعلم أنه ليس المراد منه الوجه والكفان فقط ,
ومثله في الدلالة قوله صَلّى الله عَلَيْهِ وسَلّمَ في الحديث 97 : ( وإنْ كَانَتْ لَا تَعْلَمُ ) !
وتَأيَّد ذلك بعمل الصحابة رضي الله عنهم , وهم أعلم بسنته صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلّمَ
ومنهم محمد بن مسلمة وجابر بن عبدالله ,
فإن كلاً منهما تَخَبّأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها ,
أفَيَظُنُ بهما عاقلٌ أنهما تَخبّأ للنظر إلى الوجه والكفين فقط ؟!
ومثل عمر بن الخطاب الذي كشف عن ساقي أم كلثوم بنت علي - إنْ صح عنه -
فهؤلاء ثلاثة من كبار الصحابة
- أحدهم الخليفة الراشد -
أجازوا النظر إلى أكثر من الوجه والكفين ,
ولا مخالف لهم من الصحابة فيما أعلم ,
فلا أدري كيف استجاز مخالفتهم مع هذه الأحاديث الصحيحة ؟
وعهدي بأمثال الشيخ أن يقيموا القيامة على من خالف أحداً من الصحابة اتباعاً للسنة الصحيحة ,
ولو كانت الرواية عنه لا تثبت ,
كما فعلوا في عدد ركعات التراويح ,
ومن عجيب أمر الشيخ
- عفا الله عنا وعنه -
أنه قال في آخر البحث : قال الله تعالى :
** فَإنْ تَنازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللهِ والرّسُولِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وأحْسَنُ تَأْوِيلًا ** النساء 59 ,
فندعو أنفسنا وإياه إلى تحقيق هذه الآية , ورد المسألة إلى السنة بعدما تبينت ,
والله المستعان ,
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هذا ومع صحة الأحاديث في هذه المسألة , وقول جماهير العلماء بها
- على الخلاف السابق - ,
فقد أعرض كثير من المسلمين في العصور المتأخرة عن العمل بها , فإنهم لا يسمحون للخاطب بالنظر إلى فتاتهم
- ولو في حدود القول الضيق -
تَوَرُّعاً منهم - زعموا -
ومن عجائب الورع البارد أن بعضهم يأذن
لابنته بالخروج إلى الشارع سافرةً بغير حجاب شرعي ,
ثم يأبى أن يراها الخاطب في دارها
وبين أهلها بثياب الشارع !.
وفي مقابل هؤلاء بعض الآباء المستهترين الذين لا يغارون على بناتهم
- تقليداً منهم لأسيادهم الأوربيين -
فيسمحون للمصور أن يُصوِّرُهُن وهن سافرات سفوراً غير مشروع ,
والمصور رجل أجنبي عنهم ,
وقد يكون كافراً ,
ثم يقدمن صورهن إلى بعض الشبان بزعم أنهم يريدون خطبتهن ,
ثم ينتهي الأمر على غير خطبة ,
وتظل صور بناتِهم معهم ليتغزلوا بها , وليطفئوا حرارة الشباب بالنظر إليها ,
ألا فتعساً للآباء الذين لا يغارون ,
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
_ انتهى كلامه رحمه الله تعالى .