سادت نظرية تلوث الدم كسبب للمرض فترة من الزمن، وتبناها في القرون الوسطى
الطبيب الألماني باراسلزوس. وقد جمدت هذه النظرية لعدم إمكانية إثباتها بالوسائل المادية العلمية. وكان باراسلزوس يرى أن أي مرض يصيب الجسم، ينجم عن نوع من تلوث الدم.
وإذا دققنا في النظريات العلمية التي يقوم عليها الطب الحالي، نجد أن هذه النظرية تنطبق بشكل أو بآخر. حيث نرى أن أمراض التغذية كالسكري وداء المفاصل (النقرس) وفرط شحوم الدم تسبب ترسبات كيميائية عديدة في مختلف أعضاء الجسم كالمفاصل وبطانة الأوعية وشبكية العين.
كما نرى أن العوامل الممرضة الحية من جراثيم وطفيليات وغيرها تفرز مواد سمية في جسم الإنسان تلوث دمه وتجول فيه لتترسب في الأعضاء المختلفة من البدن مسببة فيها المرض.
فمثلاً، التهابات اللوزات والجيوب وخراجات الأسنان التي تفعل فيها المكورات العقدية، تفرز هذه الجراثيم مواد سمية تتجمع في شغاف القلب أو الكليتين أو المفاصل.. والتسممات بالتدخين وتناول المسكرات والمخدرات تشبع الدم من جواهرها الكيميائية وتلوثه، ويجول بها الدم ليرسبها في خلايا الجسم كالخلايا العصبية، وخلايا القصيبات الرئوية وخلايا الفم وجهاز الهضم.
كما نرى أن عمال الصناعات المختلفة يتلوث دمهم بالرصاص والزرنيخ، وعمال مناجم الفحم يتلوث دمهم بذرات الفحم، كل حسب المادة المتعامل معها. وأيضاً فإن التخمرات الهضمية الناجمة عن توزيع الأطعمة وعن التخمة وعن الطعام غير النظيف، تؤدي إلى خلل وفساد عملية الهضم وتكوين السموم التي تترسب في جميع أنسجة الجسم.
ويتلقى الإنسان التلوث من مصدرين:
المصدر الذاتي أو الداخلي:
وهذا المصدر من البؤر المنتشرة في أنحاء الجسم، كالأسنان، اللوزات، جهاز الهضم، الجيوب، الدمامل، الأنف، الأذنين.
وأهم الأعضاء البشرية المفرزة للسموم (الملوثاث) هي:
الكليتان اللتان تفرزان البول، الجلد الذي يفرز العرق، الرئتان اللتان تفرزان الهواء الملوث، والبؤر في الأسنان واللوزتين والجيوب الأنفية وغيرها. والأمعاء التي تهضم الطعام وتفرز البراز.
وأي خلل في هذه الأجهزة إضافة إلى الشيخوخة واستهلاك الجسم من خلال مراحل الحياة وبصورة خاصة استهلاك الكبد الذي يعتبر مستنقع البدن يؤدي إلى تراكم السموم في الدم وبالتالي إلى ترسب هذه السموم في أنحاء الجسم المختلفة.
المصدر الخارجي للتلوث: البيئة بكل مظاهرها.
أعراض تلوث الدم:
التعب العام، خاصة بعد الاستيقاظ.
نقص الشهية للطعام أو بالعكس زيادة الشهية للطعام.
الصداع المزمن.
الآلام المفصلية العامة.
أعراض عصبية كالأرق أو الميل إلى النوم، ضيق الصدر، القلق وغيرها.
الإمساك المزمن، وعسر الهضم أو ما يسمى بحس الامتلاء.
نقص التركيز الفكري والضجر.
أعراض تحسسية جلدية مختلفة مثل خشونة الجلد والحكات وغيرها.. وهذه كثيرا ما تشخص بأنها جرب أو تحسس لبعض المواد المجهولة ويعطى للمريض العقاقير الخاصة مما يزيد الحالة سوءاً.
هذه الأعراض السريرية ليس لها ما يؤيدها من فحوص مخبرية كما أنها لا توصف بمرض معين، ولهذا السبب فإن الطبيب المعالج يقف حائرا أمام مريضه باحثاً عن إرشاد أو توجيه ينصحه به كي يستطيع شفاءه ومعالجته، وهو مقتنع في قرارة نفسه بأنه لم يكشف السبب، ولذلك يحاول الطبيب إقناع مريضه بأن تلك الأعراض كلها نفسية، وقد يصف للمريض وصفة مموهة تحوي بعض الفيتامينات والمسكنات، مما يتقبله المريض.
مبدأ تنقية الدم:
يعتمد هذا المبدأ على استبعاد الأسباب الداخلية والخارجية التي ذكرناها سابقاً، وعلى إعطاء أجهزة الجسم فرصة للراحة، لاستعادة نشاطها بعد الكسل الذي نجم عن التسمم البطيء.
وأما التوصيات التي اعتمدها الأطباء قديماً وحديثاً، فيدخل أغلبها ضمن مبدأ تنقية الدم، وكلها تعتمد على العودة إلى الطبيعة النقية الصافية للإفادة من موادها البكر، وإلى إفساح المجال أمام أجهزة الجسم للتخلص من سمومها التي تراكمت ضمن خلاياه، والعودة إلى تجديد نشاطها وحيويتها.
الملاحظات والأسس التي يلزم اتباعها للإفادة القصوى من توصيات وطرق تنقية الدم:
اتباع نظام غذائي معتدل بعيداً عن التخمة. فما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه.
الإقلال من المقبلات والمشهيات بأنواعها، وخاصة ملح الطعام والسكر، فحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه.
اتباع مبدأ التغذية القائل: “نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع” أو “قم عن الطعام وبك خصاصة، فإن الابتلاء من الامتلاء”، فالافرازات الهضمية وحسن سير العملية الهضمية، تتناسب طردأً مع الشهية وحس الجوع.
الإقلال من الغذاء ذي المصادر الحيوانية، والإكثار من الغذاء ذي المصادر النباتية، فقد ثبت بالأدلة القاطعة أن النباتيين هم أقل عرضة للأمراض وأصفى ذهناً وتفكيراً، وأفضل مقاومة ومناعة.
ومن أهم طرق تنقية الدم فى الطب البديل:
الحجامة.
الرياضة.
الصوم.
تناول الأغذية الطبيعية.
الحمية الغذائية.
وقد سبق الحديث عن الحجامة والرياضة وسوف نستكمل الحديث عن البقية في موضوعات قادمة إن شاء الله.
من مجلة : الصحة والطب .
مع تمنياتي للجميع بالصحة والسلامة والعافية .