لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ
قال تعالى في سورة آل عِمرآن :
[ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وما تُنْفِقُوا مِنْ شَيئٍ فَإنَّ اللهَ بِهِ عَليم ٌ ]
فيها عِدّة مسائل :
المسألة الأولى :
قوله تعالى : ** لن تنالوا البر ** معناه تصيبوا ، يقال : نالني خير ينولني ، وأنالني خيرا ; ويقال : نلته أنوله
معروفا ونولته قال الله تعالى : ** لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ** أي لا يصل إلى الله شيء من ذلك لتقديسه عن الاتصال والانفصال .
المسألة الثانية :
** البر ** . قيل : إنه ثواب الله ، وقيل : إنه الجنة ; وذلك يصل البر إليه لكونه على الصفات المأمور بها .
المسألة الثالثة :
** حتى تنفقوا ** المعنى حتى تهلكوا ، يقال : نفق إذا هلك . المعنى حتى تقدموا من أموالكم
في سبيل الله ما تتعلق به قلوبكم .
قال الإمام أحمد :
حدثنا روح ، حدثنا مالك ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، سمع أنس بن مالك يقول : كان أبو طلحة
أكثر أنصاري بالمدينة مالا وكان أحب أمواله إليه بئر حاء - وكانت مستقبلة المسجد ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم
يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب -
قال أنس :
فلما نزلت : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )
قال أبو طلحة :
يا رسول الله ، إن الله يقول :
( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )
وإن أحب أموالي إلي بئر حاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله تعالى ، فضعها يا رسول الله حيث
أراك الله [ تعالى ]
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" بخ ، ذاك مال رابح ، ذاك مال رابح ، وقد سمعت ، وأنا أرى أن تجعلها في الأقربين " .
فقال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله . فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه . أخرجاه .
وأخرج عبد بن حميد والبزار عن ابن عمر قال :
حضرتني هذه الآية لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون فذكرت ما أعطاني الله فلم أجد شيئا أحب إلي من
مرجانة جارية لي رومية فقلت :
هي حرة لوجه الله فلو أني أعود في شيء جعلته لله لنكحتها فأنكحتها نافعا .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري أن يبتاع له جارية من
سبي جلولاء ، فدعا بها عمر فقال :
إن الله يقول : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون فأعتقها عمر .
تجميع مِن عِدّة تفاسير
منقول للإفادة