أول من يدخل الجنة من خلق الله
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِخَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ )) [1]
فَالْفُقَرَاءُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لَهُمْ حُسْنُ الْعَيْشِ فِي الْعُقْبَى مُجَازَاةً لِمَا فَاتَهُمْ مِنْ التَّنَعُّمِ فِي الدُّنْيَا كَمَا قَالَ تَعَالَى : ** كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ** أَيْ الْمَاضِيَةِ أَوْ الْخَالِيَةِ عَنْ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ صِيَامًا أَوْ وَقْتَ الْمَجَاعَةِ .[2]
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : (( هَلْ تَدْرُونَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ الْفُقَرَاءُ وَالْمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ تُسَدُّ بِهِمْ الثُّغُورُ وَيُتَّقَى بِهِمْ الْمَكَارِهُ وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ فِي صَدْرِهِ لا يَسْتَطِيعُ لَهَا قَضَاءً ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ مَلائِكَتِهِ : ائْتُوهُمْ فَحَيُّوهُمْ فَتَقُولُ الْمَلائِكَةُ : نَحْنُ سُكَّانُ سَمَائِكَ وَخِيرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ أَفَتَأْمُرُنَا أَنْ نَأْتِيَ هَؤُلاءِ فَنُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ ؟ قَالَ : إِنَّهُمْ كَانُوا عِبَادًا يَعْبُدُونِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَتُسَدُّ بِهِمْ الثُّغُورُ وَيُتَّقَى بِهِمْ الْمَكَارِهُ وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ فِي صَدْرِهِ لا يَسْتَطِيعُ لَهَا قَضَاءً ، قَالَ : فَتَأْتِيهِمُ الْمَلائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ "سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ" )) [3]
عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي قال : (( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا" ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَإِنْ شِئْتُمْ أَعْطَيْنَاكُمْ مِمَّا عِنْدَنَا وَإِنْ شِئْتُمْ ذَكَرْنَا أَمْرَكُمْ لِلسُّلْطَانِ ، قَالُوا : فَإِنَّا نَصْبِرُ فَلا نَسْأَلُ شَيْئًا ))[4]
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : (( بَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحَلْقَةٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ قُعُودٌ إِذْ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَعَدَ إِلَيْهِمْ فَقُمْتُ إِلَيْهِمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ : لِيُبْشِرْ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ بِمَا يَسُرُّ وُجُوهَهُمْ فَإِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الأَغْنِيَاءِ بِأَرْبَعِينَ عَامًا ، قَالَ : فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَلْوَانَهُمْ أَسْفَرَتْ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو : حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ )) [5]
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : (( جَلَسْتُ فِي عِصَابَةٍ مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَإِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَسْتَتِرُ بِبَعْضٍ مِنْ الْعُرْيِ ، وَقَارِئٌ يَقْرَأُ عَلَيْنَا ، إِذْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عَلَيْنَا فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكَتَ الْقَارِئُ ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : مَا كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ ؟ قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَ قَارِئٌ لَنَا يَقْرَأُ عَلَيْنَا فَكُنَّا نَسْتَمِعُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ أُمِرْتُ أَنْ أَصْبِرَ نَفْسِي مَعَهُمْ ، قَالَ : فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسْطَنَا لِيَعْدِلَ بِنَفْسِهِ فِينَا ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا فَتَحَلَّقُوا وَبَرَزَتْ وُجُوهُهُمْ لَهُ ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفَ مِنْهُمْ أَحَدًا غَيْرِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ صَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَاءِ النَّاسِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَذَاكَ خَمْسُ مِائَةِ سَنَةٍ )) [6]
عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَالِمٍ اللَّخْمِيِّ قَالَ : بَعَثَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِي سَلامٍ الْحَبَشِيِّ فَحُمِلَ إِلَيْهِ عَلَى الْبَرِيدِ يَسْأَلُهُ عَنْ الْحَوْضِ فَقُدِمَ بِهِ عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ ؟ فَقَالَ : سَمِعْتُ ثَوْبَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( إِنَّ حَوْضِي مِنْ عَدَنَ إِلَى عَمَّانَ الْبَلْقَاءِ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ وَأَكَاوِيبُهُ عَدَدُ النُّجُومِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا ، أَوَّلُ النَّاسِ وُرُودًا عَلَيْهِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : هُمْ الشُّعْثُ رُءُوسًا الدُّنْسُ ثِيَابًا الَّذِينَ لا يَنْكِحُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ وَلا تُفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السُّدَدِ ؛ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : لَقَدْ نَكَحْتُ الْمُتَنَعِّمَاتِ وَفُتِحَتْ لِي السُّدَدُ إِلا أَنْ يَرْحَمَنِي اللَّهُ ، وَاللَّهِ لا جَرَمَ أَنْ لا أَدْهُنَ رَأْسِي حَتَّى يَشْعَثَ ، وَلا أَغْسِلَ ثَوْبِي الَّذِي يَلِي جَسَدِي حَتَّى يَتَّسِخَ )) [7]
عن عبدالله بن عمرو قَالَ : (( كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا حِينَ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَيَأْتِي أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورُهُمْ كَضَوْءِ الشَّمْسِ ، قُلْنَا : مَنْ أُولَئِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَالَّذِينَ تُتَّقَى بِهِمْ الْمَكَارِهُ يَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ فِي صَدْرِهِ يُحْشَرُونَ مِنْ أَقْطَارِ الأَرْضِ )) [8]
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : (( كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَلَعَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ : يَأْتِي اللَّهَ قَوْمٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورُهُمْ كَنُورِ الشَّمْسِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَحْنُ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لا وَلَكُمْ خَيْرٌ كَثِيرٌ وَلَكِنَّهُمْ الْفُقَرَاءُ وَالْمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ مِنْ أَقْطَارِ الأَرْضِ ، وَقَالَ : طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ، طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ، طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ، فَقِيلَ : مَنْ الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : نَاسٌ صَالِحُونَ فِي نَاسِ سَوْءٍ كَثِيرٍ مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ )) [9]
[1] رواه الترمذي في الزهد (2274) ، وصححه الألباني ، وابن ماجه في الزهد (4113) .
[2] تحفة الأحوذي .
[3] رواه أحمد (6282) ، وقال أحمد شاكر في المسند (6/142) : إسناده صحيح .
[4] رواه أحمد (6290) ، ومسلم في الزهد والرقائق (5291) .
[5] رواه الدارمي في الرقاق باب دخول الفقراء الجنة قبل الأغنياء (2721) وانظر الذي قبله .
[6] رواه أبو داود في العلم باب القصص (3181) وصححه الألباني ، وأحمد (11176) .
[7] رواه أحمد (21333) ، والترمذي في صفة القبامة (4256) وصححه الألباني ، وابن ماجه في الزهد (4293) .
[8] رواه أحمد (6363) ، وقال الشيخ أحمد شاكر في المسند (6/208) : إسناده صحيح
[9] رواه أحمد (6775) وصححه الألباني في صحيح الترغيب وقال الشيخ أحمد شاكر في المسند (6/207) : إسناده صحيح