ترى من منا ينسى عندما كنا صغارا ..
وتلك اللهفة التي كانت تتملكنا ونحن نترقب يوم صدور مجلتنا المفضلة ..
ونظل ننتظر وصولها عند بائع الصحف لساعات وساعات ..
هذا الشغف الهائل باكتشاف المجهول والتوق إلى المعرفة ..
وارتباطنا الحميم بشخصياتنا الكرتونية المفضلة .. والتي كانت تزورنا كثيرا في الأحلام..
وقتها كنا نتمنى بشده لو تزيد عدد مجلات الأطفال التي تصدر أكثر وأكثر ..
لتصدر كل يوم خمس أو حتى عشر مجلات ..
وفى رأيي أن العالم العربي يعانى من نقص ـ غير مبرر ـ في عدد مجلات الأطفال التي تصدر .. وهو شيء يدعو إلى الأسى لو قارنا أنفسنا بدول أخرى ..
وبحسبة بسيطة .. تعالوا نمسك قلما وورقة ونحصى عدد مجلات الأطفال التي صدرت خلال العشرين عاما الفائتة..
كم مجلة تصدر ؟ وكم واحدة استمرت وحافظت على صدورها ؟ وكم واحدة توقفت ولم تكمل المسيرة ؟
بالتأكيد الأرقام الناتجة هي محصلة دقيقة لحالنا ..
ليس هذا فقط فلو نظرنا إلى المجلات التي تصدر فعلا ..
سوف يدعونا ذلك الى طرح سؤال مهم وهو :
ما هى الفلسفة العامة التي تصدر على أساسها هذه المجلات ؟
وما الذي تقدمه لأطفالنا في هذا العصر ؟
وهل هى ملائمة لهم ولثقافتنا ؟
هذه الأسئلة ليست على مستوى الكتابة فقط ..
بل على مستوى الطباعة والإخراج الفني والرسومات ..
والتي أرى أنها مازلت ـ في معظمها ـ أسيرة للنمط الغربي في الرسم ..
بمعنى أنها تدور في فلك رسومات المجلات الأجنبية ..
مبتعدين عن ثقافتنا الثرية والتي من الممكن أن تمدنا بالعديد من الشخصيات الكرتونية ..
النابعة منها وتحمل سماتنا الثقافية ..
ولا ننكر أن هناك مجلات تقوم على تنفيذ ذلك مثل ماجد والعربي الصغير وقطر الندى ..
كما أن النشر سواء في المجلات أو دور النشر الخاصة بالأطفال يحتاج إلى طرح العديد من الأسئلة ..
فمن أول وهلة سنلاحظ
أن أي مجلة منغلقة تقريبا حول نفسها وحول مجموعة من الكتاب والرسامين ..
دائرة من الصعب اختراقها إلا بمعجزة .. مكتفيه بذلك دون أي محاولة منها لاكتشاف
أسماء جديدة أو أفكار مختلفة .. أو حتى تقديم مسابقات لاكتشاف مواهب جديدة ..
أما كتب الأطفال فنجد الكثير منها مكرر ومعاد .. فهناك حالة من " تناسخ الكتابة " بشكل رديء ..
معتمدين على إعادة طرح التراث العربي عشرات بل مئات المرات ..
ولا داعي لان أحصى لك عدد الكتب التي تصدر كل سنة .. وهى تعيد تقديم حكايات جحا وأشعب أو القصص الديني .. وتقديمها فى صياغات ضعيفة من ناحية اللغة أو الأسلوب ،،
ربما لا يعبر هذا عن نضوب المواهب فى العالم العربي ..
بقدر ما يعبر عن استسهال المؤلفين ودور النشر ..
باعتبار أن الكتابة للأطفال هى من اسهل ما يمكن .. ويجب ألا نبدد فيها مواهبنا ومجهودنا..
لأنها ببساطة مؤلمة " كتابة أطفال " ..
وربما هى نفس النظرة التي تتلاقى فيها مع نظرة الواقع الأدبي إلى كتاب الطفل باعتبارهم
أدباء من الدرجة الثانية .. وكأن الأدب ينحصر في كتابة القصة والرواية فقط ..
فليس غريبا إذن بعد كل ذلك .. أن نجد كثافة في مجلات الأطفال المترجمة إلى اللغة العربية ..
تحقيقا لشعار " لماذا نتعب أنفسنا في إنشاء مجلة أطفال إذا كان من السهل ترجمتها "
منقووووووووووووووووووول