حُبُّ الحَبِيبِ وَنُورِهِ أَغْرَانِي ** وَانْسَابَ يَغْمُرُ بِالرِّضَا وِجْدَانِي
نَشَرَ الضِّيَاءَ عَلَى الحُرُوفِ فَأَيْنَعَتْ ** وَتَأَلَّقَتْ فِي ثَوْبِهَا الفَتَّانِ
هَبَّتْ عَلَيْهَا نَفْحَةٌ مِنْ عِطْرِهِ ** فَاقَتْ أَرِيجَ المِسْكِ وَالرَّيْحَانِ
ذِكْرَاهُ فَيْضُ جَلالِهَا أَهْدَى لَهَا ** تَاجًا مِنَ اليَاقُوتِ وَالمَرْجَانِ
فَهَتَفْتُ مِنْ فَرْطِ انْتِشَاءِ جَوَارِحِي: ** يَا مُلْهِمَ الأَشْعَارِ وَالأَوْزَانِ
لَوْلاكَ مَا طَافَ القَرِيضُ بِخَاطِرِي ** زِدْنِي وَزَيِّنْ بِالسَّنَا أَلْحَانِي
حَتَّى أَطُوفَ عَلَى رِيَاضِ المُصْطَفَى ** أَسْتَافُ عِطْرَ الزَّهْرِ فِي البُسْتَانِ
وَأَبُثُّ أَبْيَاتَ القَصِيدِ مَشَاعِرِي ** وَخَوَاطِرِي فِي سِيرَةِ العَدْنَانِ
فَالشِّعْرُ فِيهِ عِبَادَةٌ وَأَنَا الَّذِي ** أَحْبَبْتُ فِيهِ يَرَاعَتِي وَبَيَانِي
Ÿ Ÿ Ÿ
مِنْ أَيْنَ تَلْتَقِطُ القَصِيدَةُ خَيْطَهَا ** وَلأَيِّ أَوْجٍ تَنْتَهِي وَمَعَانِ
يَا يَوْمَ أَنْ وُلِدَ الحَبِيبُ فَأَشْرَقَتْ ** شَمْسُ الهِدَايَةِ فِي ذُرَا الأَكْوَانِ
وَتَفَجَّرَتْ فِي الكَوْنِ آيَاتٌ تَشِي ** بِقُدُومِهِ فَلْيَشْهَدِ الثَّقَلانِ
غَاضَتْ بُحَيْرَةُ (سَاوَةٍ) وَتَرَنَّحَتْ ** حَوْلَ البُحَيْرَةِ دَوْلَةُ الصُّلْبَانِ
أَمَّا المَجُوسُ فَنَارُهُمْ قَدْ أُخْمِدَتْ ** كِسْرَى غَدَا مُتَصَدِّعَ الإِيوَانِ
لِلحَقِّ نُورٌ لا يُقَاوَمُ فَانْظُرِي ** وَتَعَلَّمِي يَا أُمَّةَ القُرْآنِ
وَإِذَا تَبَاشِيرُ الضِّيَاءِ تَبَسَّمَتْ ** سَقَطَ الدُّجَى مُتَهَدِّمَ الجُدْرَانِ
Ÿ Ÿ Ÿ
كَالكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ سِفْرُ مُحَمَّدٍ ** أَنَّى نَظَرْتُ فَنُورُهُ يَلْقَانِي
مُنْذُ الطُّفُولَةِ وَالعِنَايَةُ حَوْلَهُ ** وَاليُمْنُ وَالبَرَكَاتُ يَنْهَمِرَانِ
عَاشَتْ حَلِيمَةُ عَيْشَ سَعْدٍ عِنْدَمَا ** حَظِيَتْ بِهِ مِنْ سَائِرِ الغِلْمَانِ
جِبْرِيلُ شَقَّ فُؤَادَهُ مُسْتَخْرِجًا ** مِنْ صَدْرِهِ مَا كَانَ لِلشَّيْطَانِ
كَمْ ظَلَّلَتْهُ سَحَابَةٌ كَمْ سَلَّمَتْ ** بِقُلُوبِهَا الأَشْجَارُ دُونَ لِسَانِ
هَذَا بُحَيْرَا قَدْ رَأَى مِنْ وَصْفِهِ ** مَا آلَ لِلأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ
قَالَ: ارْجِعُوا هَذَا الغُلامُ مُبَارَكٌ ** سَيَكُونُ فِي يَوْمٍ عَظِيمَ الشَّانِ
لَوْ أَبْصَرَتْهُ يَهُودُ عَرْبَدَ حِقْدُهُمْ ** وَسَيَقْتُلُونَ الطِّفْلَ دُونَ تَوَانِ
يَا أُمَّتِي غِلُّ اليَهُودِ عَلَيْكُمُو ** مُتَأَجِّجٌ مِنْ سَالِفِ الأَزْمَانِ
كَمْ حَاوَلُوا قَتْلَ الحَبِيبِ المُصْطَفَى ** وَصَنِيعُهُمْ كَمْ بَاءَ بِالخُسْرَانِ
قُولُوا لِمَنْ يُعْطِي اليَهُودَ سَلامَهُ ** وَيُرِيدُ أَمْنًا فِي حِمَى الثُّعْبَانِ
هُمْ أَهْلُ غَدْرٍ وَالخِيَانَةُ طَبْعُهُمْ ** يَا أُمَّتِي هَلْ يُجْمَعُ الضِّدَّانِ
Ÿ Ÿ Ÿ
سِيرِي بِنَا يَا ذِكْرَيَاتُ وَحَلِّقِي ** بِفُؤَادِ مَنْ كَانَتْ لَهُ عَيْنَانِ
سُوقِي لَنَا بَعْضَ المَوَاقِفِ عَلَّنَا ** نَذَرُ الخِضَمَّ نَعُودُ لِلشُّطْآنِ
حَيْثُ الحَبِيبُ مَنَارَةٌ قُدُسِيَّةٌ ** وَمَثَابَةٌ تَسْعَى بِهَا قَدَمَانِ
أَخْلاقُهُ وَصِفَاتُهُ وَفِعَالُهُ ** نُورُ التُّقَى وَالمَنْهَجِ الرَّبَّانِي
فِي حَرْبِهِ فِي صُلْحِهِ فِي سِلْمِهِ ** رَأْيُ الأَرِيبِ وَعِزَّةُ الشُّجْعَانِ
فِي كُلِّ أَمْرٍ لِلحَبِيبِ هِدَايَةٌ ** لِلمُتَّقِي وَالرُّشْدُ لِلحَيْرَانِ
قَبْلَ النُّبُوَّةِ كَانَ نَجْمُ مُحَمَّدٍ ** مُتَأَلِّقًا فِي ثَوْبِهِ النُّورَانِي
هُوَ صَادِقٌ وَهْوَ الأَمِينُ لَدَيْهِمُو ** أَنْعِمْ بِمَنْ حِيزَتْ لَهُ الصِّفَتَانِ
فَاللَّهُ يَعْصِمُ رُسْلَهُ وَيَصُونُهُمْ ** مِمَّا يُلَوِّثُ سِيرَةَ الإِنْسَانِ
تَارِيخُهُمْ كَاليَاسَمِينِ بَيَاضِهِ ** وَأَرِيجِهِ، هُمْ صَنْعَةُ الرَّحْمَنِ
Ÿ Ÿ Ÿ
لَمَّا أَتَتْ "أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ" ارْتَقَى ** جَبَلَ الصَّفَا يَدْعُو إِلَى الإِيمَانِ
بَدَأَ الحَدِيثَ بِحِكْمَةٍ مُتَسَائِلاً ** حَتَّى يُنَبِّهَ غَافِلَ الأَذْهَانِ
لَوْ أَنَّنِي أَخْبَرْتُكُمْ عَنْ غَارَةٍ ** تَأْتِي لَكُمْ مِنْ هَذِهِ الوِدْيَانِ
أَتُصَدِّقُونَ مَقُولَتِي؟ قَالُوا: نَعَمْ ** أَنْتَ الأَمِينُ وَلَسْتَ بِالخَوَّانِ
قَالَ: اسْمَعُوا فَأَنَا إِلَيْكُمْ مُرْسَلٌ ** مِنْ رَبِّكُمْ قَدْ جِئْتُ بِالفُرْقَانِ
لا تَعْبُدُوا إِلاَّ إِلَهًا وَاحِدًا ** إِيَّاكُمُو وَعِبَادَةَ الأَوْثَانِ
فَإِذَا أَبُو لَهَبٍ يُسَفِّهُ قَوْلَهُ ** مُتَطَاوِلاً وَيَلُوذُ بِالعِصْيَانِ
فَتَنَزَّلَتْ "تَبَّتْ يَدَا" لِتَذُمَّهُ ** فِي سُورَةٍ مِنْ مُحْكَمِ القُرْآنِ
Ÿ Ÿ Ÿ
كُلُّ الأُولَى بُعِثُوا إِلَى أَقْوَامِهِمْ ** بِالبَيِّنَاتِ وَسَاطِعِ البُرْهَانِ
أُوذُوا كَثِيرًا أُخْرِجُوا مِنْ دَارِهِمْ ** وَتَعَرَّضُوا لِغَبَاوَةِ الطُّغْيَانِ
هَذَا الَّذِي قَالَ ابْنُ نَوْفَلَ مُشْفِقًا ** وَمُوَضِّحًا مَا لَيْسَ فِي الحُسْبَانِ
مِنْ يَوْمِهَا وَمُحَمَّدٌ لَمْ يَسْتَرِحْ ** وَمَضَى يُؤَسِّسُ شَامِخَ البُنْيَانِ
فَنَهَارَهُ يَسْعَى وَيَدْعُو لا يَنِي ** وَتَفَطَّرَتْ فِي لَيْلِهِ القَدَمَانِ
وَيَصُدُّهُ مِنْ قَوْمِهِ كُبَرَاؤُهُمْ ** فَيَعُودُ ذَاكَ عَلَيْهِ بِالأَحْزَانِ
نَزَلَتْ "لَعَلَّكَ بَاخِعٌ" رِفْقًا بِهِ ** لَوْ أَدْرَكُوا وَضَعُوهُ فِي الأَجْفَانِ
Ÿ Ÿ Ÿ
كَتَتَابُعِ القَطَرَاتِ آمَنَ ثُلَّةٌ ** وَتَطَهَّرُوا مِنْ وَصْمَةِ الكُفْرَانِ
فَاشْتَدَّ غَيْظُ المُشْرِكِينَ وَأَمْعَنُوا ** فِي البَطْشِ مُنْدَفِعِينَ كَالثِّيرَانِ
لِمَ طَاوَعَتْهُمْ فِي الضَّلالِ قُلُوبُهُمْ ** أَيُنَكِّلُ الإِنْسَانُ بِالإِنْسَانِ
إِنْ شِئْتَ رَدًّا هَاهُمُو أَحْفَادُهُمْ ** جَارُوا عَلَى الأَبْنَاءِ وَالإِخْوَانِ
وَبِدُونِ أَيِّ جَرِيرَةٍ أَلْقَوْا بِهِمْ ** خَلْفَ الشُّمُوسِ وَدَاخِلَ القُضْبَانِ
Ÿ Ÿ Ÿ
الكَرْبُ زَادَ عَلَى النَّبِيِّ وَصَحْبِهِ ** وَجَنَتْ عَلَيْهِمْ شِدَّةُ الأَضْغَانِ
أُمِرُوا بِأَنْ يَتَحَمَّلُوا كُلَّ الأَذَى ** فَتَحَمَّلُوا بِالصَّبْرِ وَالإِذْعَانِ
ضَرَبُوا مِثَالاً رَائِعًا بِثَبَاتِهِمْ ** صَغَتِ الدُّنَى بِالقَلْبِ وَالآذَانِ
مَا زَالَ للدَّرْسِ البَلِيغِ بَرِيقُهُ ** لِلصَّابِرِينَ بِسَاحَةِ المَيْدَانِ
وَلَطَالَمَا عَاشَ الشَّهِيدُ مُتَوَّجًا ** وَيَسِيرُ مَنْ قَتَلُوهُ فِي الأَكْفَانِ
وَلَطَالَمَا بِالسِّجْنِ عَزَّ مُجَاهِدٌ ** وَالخِزْيُ لَطَّخَ هَامَةَ السَّجَّانِ
Ÿ Ÿ Ÿ
لِلطَّائِفِ انْطَلَقَ الرَّسُولُ بِدِينِهِ ** بَحْثًا عَنِ الأَنْصَارِ وَالأَعْوَانِ
أَغْرَوْا بِهِ سُفَهَاءَهُمْ مِنْ جَهْلِهِمْ ** وَاسْتَهْدَفَتْهُ حِجَارَةُ الصِّبْيَانِ
جَلَسَ النَّبِيُّ يَبُثُّ لِلَّهِ الأَسَى ** وَهَوَانَهُ فِي النَّاسِ أَيَّ هَوَانِ
مَا كَانَ أَيْسَرَ أَنْ تُدَكَّ بُيُوتُهُمْ ** فَوْقَ الرُّؤُوسِ وَيُطْبَقُ الجَبَلانِ
لَكِنَّهُ مَا جَاءَ إِلاَّ رَحْمَةً ** فَدَعَا بِقَلْبٍ نَازِفٍ وَيُعَانِي
أَنْ يَفْتَحَ اللَّهُ البَصَائِرَ لِلأُلَى ** فِي الغَيْبِ مِنْ ذُرِّيَّةِ العُمْيَانِ
فَأَثَابَهُ المَوْلَى بِأَعْظَمِ رِحْلَةٍ ** وَاللَّهِ مَا خَطَرَتْ عَلَى الأَذْهَانِ
سُبْحَانَ مَنْ أَسْرَى بِهِ فِي لَيْلَةٍ ** هِيَ فِي كِتَابِ الدَّهْرِ عُمْرٌ ثَانِ
لِلقُدْسِ، وَالذِّكْرَى تُثِيرُ لَوَاعِجِي ** هَا نَحْنُ نَخْشَى صَوْلَةَ الجُرْذَانِ
وَيُذِيقُهُمْ طِفْلُ الحِجَارَةِ بَأْسَهُ ** وَأَخُوهُ صَارَ اليَوْمَ كَالبُرْكَانِ
Ÿ Ÿ Ÿ
أُمِرَ الرَّسُولُ بِأَنْ يُهَاجِرَ خُفْيَةً ** فَقُلُوبُهُمْ أَقْسَى مِنَ الصَّوَّانِ
فَهُمُ الَّذِينَ يُدَبِّرُونَ لِقَتْلِهِ ** وَيُجَمِّعُونَ كَتِيبَةَ الفِتْيَانِ
كُلُّ القَبَائِلِ شَارَكُوا لِيُفَرِّقُوا ** دَمَهُ وَهَذِي فِكْرَةُ الشَّيْطَانِ
خَرَجَ الرَّسُولُ وَبِالفُؤَادِ مَوَاجِعٌ ** فَالرُّوحُ تَعْشَقُ أَطْهَرَ البُلْدَانِ
Ÿ Ÿ Ÿ
نَزَلَ الحَبِيبُ عَلَى المَدِينَةِ مِثْلَمَا ** غَيْثٌ هَمَى بِالبِشْرِ وَالرِّضْوَانِ
فَتَشَرَّفَتْ مِنْ حَظِّهَا بِقُدُومِهِ ** وَتَزَيَّنَتْ بِالحُبِّ وَالعِرْفَانِ
عَمَّ الإِخَاءُ بِهَا وَأُسِّسَ مَسْجِدٌ ** قَامَتْ بِحَقٍّ دَوْلَةُ الإِيمَانِ
يَا دَوْحَةً طَابَتْ غِرَاسًا أَرْسَلَتْ ** طِيبَ العَبِيرِ لِسَائِرِ الأَوْطَانِ
إِشْعَاعُهَا أَحْيَا مَوَاتَ قُلُوبِهِمْ ** وَتَمَتَّعُوا فِي ظِلِّهَا الفَيْنَانِ
هَتَفَ الَّذِينَ رَأَوْا صَحَائِفَ مَجْدِهَا ** يَا رَوْعَةَ الأَزْهَارِ وَالأَغْصَانِ
Ÿ Ÿ Ÿ
كَمْ أَفْسَدَ الكُبَرَاءُ أَتْبَاعًا لَهُمْ ** أَلِفُوا الهَوَانَ وَذِلَّةَ القُطْعَانِ
وَإِذَا السُّيُوفُ تَكَلَّمَتْ فِي مَوْقِعٍ ** فَالرَّدُّ لا يُجْدِي بِغَيْرِ طِعَانِ
يَحْيَا الأَنَامُ وَلِلتَّدَافُعِ حِكْمَةٌ ** فَبِدُونِهِ لا رَدَّ لِلعُدْوَانِ
هَذَا الَّذِي جَعَلَ الجِهَادَ فَرِيضَةً ** أَهُنَاكَ غَيْرُ البَتْرِ لِلسَّرَطَانِ
يَا سَيِّدِي غَزَوَاتُكُمْ غَايَاتُهَا ** عُلْوِيَّةٌ تَسْعَى إِلَى الفُرْقَانِ
مِنْ يَوْمِ بَدْرٍ قُمْتَ تَرْفَعُ رَايَةً ** لِلحَقِّ مَا كَفَّتْ عَنِ الخَفَقَانِ
Ÿ Ÿ Ÿ
يَا فَتْحَ مَكَّةَ أَنْتَ خَيْرُ مُحَدِّثٍ ** عَنْ أَنْبَلِ القُوَّادِ وَالفُرْسَانِ
لَمَّا أَتَى جَيْشُ الهِدَايَةِ فَاتِحًا ** كَالسَّيْلِ كَالإِعْصَارِ كَالطُّوفَانِ
دَخَلَ الحَبِيبُ وَفِي النُّفُوسِ هَوَاجِسٌ ** مِمَّا جَنَوْهُ تَشُبُّ كَالنِّيرَانِ
يَتَحَسَّسُونَ رِقَابَهُمْ مِنْ خِيفَةٍ ** شَبَحُ الجَرِيمَةِ مَاثِلٌ لِلجَانِي
وَقَفَ النَّبِيُّ مُسَائِلاً: مَا ظَنُّكُمْ؟ ** قَالُوا: كَرِيمُ العَفْوِ وَالغُفْرَانِ
قَالَ: اذْهَبُوا فَلأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ يَا ** قَوْمِي عَلَيْكُمْ فِي الدِّيَارِ أَمَانِي
مَنْ لاذَ بِالبَيْتِ الحَرَامِ بِدَارِهِ ** وَعَلَى الَّذِي يُؤْوِي أَبُو سُفْيَانِ
Ÿ Ÿ Ÿ
أَنَا إِنْ نَظَرْتُ إِلَى مُلُوكِ زَمَانِنَا ** لَمْ يَثْقُلُوا فِي كِفَّةِ المِيزَانِ
فَذَوُو الجَلالَةِ وَالفَخَامَةِ أُرْكِسُوا ** وَالخَرْقُ فِي أَثْوَابِهِمْ مِتْرَانِ
وَكَبِيرُ أَكْبَرِ دَوْلَةٍ لا يَسْتَحِي ** مِنْ فِعْلَةٍ هِيَ شِيمَةُ الحَيَوَانِ
وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَى الحَبِيبِ مُحَمَّدٍ ** طِبِّ القُلُوبِ وَمَجْمَعِ الإِحْسَانِ
فَإِذَا القِيَادَةُ وَالطَّهَارَةُ فِي الذُّرَا ** كَالنُّورِ وَالمِصْبَاحِ مُقْتَرِنَانِ
Ÿ Ÿ Ÿ
هَذَا مِثَالٌ وَاحِدٌ فِي طَيِّهِ ** عِبَرٌ لأَهْلِ الجَاهِ وَالسُّلْطَانِ
سَارَ الرَّسُولُ وَزَوْجُهُ فِي لَيْلَةٍ ** وَمِنَ الصَّحَابَةِ قَدْ رَآهُ اثْنَانِ
فَتَسَارَعَتْ خُطُوَاتُهُمْ فَإِذَا بِهِ ** يَدْعُوهُمَا لِتَمَهُّلٍ بِحَنَانِ
هَذِي صَفِيَّةُ زَوْجَتِي قَالُوا لَهُ: ** أَنَشُكُّ فِيك؟! أَذَاكَ فِي الإِمْكَانِ؟!
فَأَجَابَهُمْ بِحَقِيقَةٍ مِثْلِ الضُّحَى ** فَلْتَحْذَرُوهَا يَا بَنِي الإِنْسَانِ
إِبْلِيسُ يَجْرِي فِي ابْنِ آدَمَ مِثْلَمَا ** تَجْرِي الدِّمَا فِي سَائِرِ الأَبْدَانِ
Ÿ Ÿ Ÿ
يَا سَيِّدِي هَذِي خَوَاطِرُ شَاعِرٍ ** يَحْيَا بِعَصْرِ الزُّورِ وَالبُهْتَانِ
يَا سَيِّدِي أَنَا وَاحِدٌ مِنْ أُمَّةٍ ** تَسْعَى إِلَى دَوَّامَةِ النِّسْيَانِ
وَرَأَيْتُ سِيرَتَكَ الزَّكِيَّةَ قِمَّةً ** يَحْبُو عَلَى أَعْتَابِهَا تِبْيَانِي
فَرَجَوْتُ أَنْ أُجْزَى بِخَالِصِ نِيَّتِي ** يَوْمَ الوُقُوفِ بِسَاحَةِ الدَّيَّانِ
يَا رَبِّ فَاجْعَلْهَا لَدَيْكَ وَدِيعَةً ** مَذْخُورَةً لِلشَّاعِرِ الدَّهْشَانِ
يَا رَبِّ وَاجْعَلْنِي بِقُرْبِ حَبِيبِنَا ** مُتَنَعِّمًا بِالحُورِ وَالوِلْدَانِ
وَانْصُرْ بِفَضْلِكَ أُمَّتِي وَارْفَعْ بِنَا ** فِي كُلِّ وَادٍ رَايَةَ القُرْآنِ