جاء في سنن أبي داود وسنن الترمذي وغيرهما:
عن حميضة بنت ياسر عن جدتها يسيرة وكانت من المهاجرات قالت : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس وأعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات ولا تغفلن فتنسين الرحمة ".
عليكن: بمعنى إلزمن وأمسكن ( بالتسبيح ) أي بقول سبحان الله ،( والتهليل ) أي قول لا إله إلا الله ( والتقديس) أي قول سبحان الملك القدوس ،أو سبوح قدوس رب الملائكة والروح .
واعقدن بكسر القاف أي اعددن عدد مرات التسبيح وما عطف عليه ( بالأنامل) أي بعقدها أو برؤوسها يقال عقد الشيء بالأنامل عده (فإنهن) أي الأنامل كسائر الأعضاء (مسؤولات) أي يسألن يوم القيامة عما اكتسبن وبأي شيء استعملن ( مستنطقات ) بفتح الطاء أي متكلمات بخلق النطق فيها فيشهدن لصاحبهن أو عليه بما اكتسبه قال تعالى : "يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون"،وقوله تعالى : " وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم " وفيه حث على استعمال الأعضاء فيما يرضي الرب تعالى وتعريض بالتحفظ عن الفواحش والآثام.
(ولا تغفلن ) بضم الفاء ،أي عن الذكر يعني لا تتركن الذكر ( فتنسين الرحمة ) بفتح التاء بصيغة المعروف من النسيان أي فتتركن الرحمة ، ويجوز أن يكون بضم التاء بصيغة المجهول من الإنساء.
قال القارىء: والمراد بنسيان الرحمة نسيان أسبابها أي لا تتركن الذكر فإنكن لو تركتن الذكر لحرمتن ثوابه فكأنكن تركتن الرحمة
قال تعالى : ( فاذكروني ) أي بالطاعة (أذكركم ) أي بالرحمة .أ.هـ
تحفة الأحوذي: (10/32،31)