موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > منبر الفقه الإسلامي > فتاوى وأسئلة أحكام النساء واللباس والزينة

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 04-06-2009, 06:28 PM   #1
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

Thumbs up (&&: رسالة في الدماء الطبيعية للنساء :&&)

(&&: رسالة في الدماء الطبيعية للنساء :&&)


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضِّل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً ‏.‏


أما بعد ‏:‏ فإن الدماء التي تصيب المرأة وهي الحيض، والاستحاضة ، والنفاس، من الأمور الهامة التي تدعو الحاجة إلى بيانها ومعرفة أحكامها ، وتمييز الخطأ من الصواب من أقوال أهل العلم فيها ، وأن يكون الاعتماد فيما يرجح من ذلك أو يضعف على ضوء ما جاء في الكتاب والسنة ‏:‏


1- لأنهما المصدران الأساسيان اللذان تُبني عليهما أحكام الله تعالي التي تعبّد بها عباده وكلَّفهم بها‏.‏

2- ولأن في الاعتماد على الكتاب والسنة طمأنينةُ القلب وانشراح ُ الصدر وطيب النفس وبراءة الذمَّة ‏.‏

3- ولأن ما عداهما فإنما يحتج ُّ له لا يحتجُّ به‏.‏

إذ لا حجة إلا في كلام الله تعالي وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكذلك كلام أهل العلم من الصحابة على القول الراجح، بشرط ألا يكون في الكتاب والسنة ما يخالفُه ، وألا يعارضه قول صحابي آخر، فإن كان في الكتاب والسنة ما يخالفه وجب الأخذ بما في الكتاب والسنة ، وإن عارضه قول صحابي آخر طلب الترجيح بين القولين ، وأُخذ بالراجح منهما


‏ ‏‏[‏النساء‏:‏ من الآية59‏]‏ ‏.‏

وهذه رسالة موجزة فيما تدعو الحاجة إليه من بيان هذه الدماء وأحكامها ‏:‏ وتشتمل على الفصول الآتية ‏:‏


الفصل الأول ‏:‏ في معني الحيض وحكمته ‏.‏

الفصل الثاني ‏:‏ في زمن الحيض ومدته ‏.‏

الفصل الثالث‏:‏ في الطوارئ على الحيض‏.‏

الفصل الرابع ‏:‏في أحكام الحيض ‏.‏

الفصل الخامس‏:‏ في الاستحاضة وأحكامها‏.‏


الفصل السادس‏:‏ في النفاس واحكامه ‏.‏

الفصل السابع ‏:‏ في استعمال ما يمنع الحيض أو يجلبه ، وما يمنع الحمل أو يسقطه


فضيلة الشيخ محمد الصالح بن العثيمين

المصدر

التعديل الأخير تم بواسطة لقاء ; 04-06-2009 الساعة 07:03 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 04-06-2009, 06:39 PM   #2
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

الفصل الأول


في معنى الحيض وحكمته


الحيض لغة ‏:‏ سيلان الشيء وجريانه‏.‏


وفي الشرع ‏:‏ دم يحدث للأنثي بمقتضى الطبيعة ، بدون سبب ، في أوقات معلومة ‏.‏
فهو دم طبيعي ليس له سبب من مرض أو جرح أو سقوط أو ولادة ‏.‏ وبما أنه دم طبيعي فإنه يختلف بحسب حال الأنثى وبيئتها وجوِّها ، ولذلك تختلف فيه النساء اختلافا متبايناً ظاهراً ‏.‏

والحكمة فيه أنه لما كان الجنين في بطن أمه لا يمكن أن يتغذى بما يتغذى به من كان خارج البطن ، ولا يمكن لأرحم الخلق به أن يوصل إليه شيء من الغذاء ، حينئذٍ جعل الله تعالى في الأنثى إفرازات دموية يتغذى بها الجنين في بطن أمه بدون حاجة إلى أكل وهضم تنفذ إلى جسمه من طريق السرة حيث يتخلل الدم عروقه فيتغذى به ، فتبارك الله أحسن الخالقين ‏.‏ فهذه هي الحكمة من هذا الحيض ، ولذلك إذا حملت المرأة انقطع الحيض عنها ، فلا تحيض إلا نادراً ، وكذلك المراضع يقلُّ من تحيضُ منهن لا سيما في أول زمن الإرضاع‏.‏

***

الفصل الثاني




في زمن الحيض ومدته

الكلام في هذا الفصل في مقامين ‏:‏

المقام الأول ‏:‏ في السن الذي يتأتي فيه الحيض ‏.‏

المقام الثاني ‏:‏ في مدة الحيض‏.‏

فأما المقام الأول ‏:‏ فالسن الذي يغلب فيه الحيض هو ما بين اثنتي عشرة سنة إلى خمسين سنة ، وربما حاضت الأنثى قبل ذلك أو بعده بحسب حالها وبيئتها وجوها ‏.‏
وقد اختلف العلماء رحمهم الله ‏:‏ هل للسن الذي يتأتي فيه الحيض حد معين بحيث لا تحيض الأنثى قبله ولا بعده ‏؟‏ وأن ما يأتيها قبله أو بعده هو دم فساد لا حيض‏؟‏ اختلف العلماء في ذلك ‏.‏ قال الدارمي بعد أن ذَكَرَ الاختلاف ‏:‏ كل هذا عندي خطأ ؛ لأن المرجع في جميع ذلك إلى الوجود ، فأي قدر وجد في أي حال وسن وجب جعله حيضاً ‏.‏ والله أعلم (1) ‏.‏
وهذا الذي قاله الدارمي هو الصواب ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه ، فمتي رأت الأنثى الحيض فهي حائض وإن كانت دون تسع سنين أو فوق خمسين سنة ، وذلك لأن أحكام الحيض علقها الله ورسوله على وجوده ، ولم يحدد الله ورسوله لذلك سناً معينة، فوجب الرجوع فيه إلى الوجود الذي عُلقت الأحكام عليه ، وتحديده بسن معين يحتاج إلى دليل من الكتاب والسنة ولا دليل في ذلك ‏.‏

وأما المقام الثاني ‏:‏ وهو مدة الحيض أي مقدار زمنه ‏.‏

فقد اختلف فيه العلماء اختلافاً كثيراً على نحو ستة أقوال أو سبعة ‏.‏ قال ابن المنذر ‏:‏ وقالت طائفة‏:‏ ‏(‏ ليس لأقل الحيض ولا لأكثره حد بالأيام ‏)‏ ‏.‏ قلت‏:‏ وهذا القول كقول الدارمي السابق وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه،وهو الصواب لأنه يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار ‏.‏
فالدليل الأول ‏:‏ قوله تعالي ‏:‏ ‏{‏وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ‏** ‏[‏‏(‏البقرة‏:‏ من الآية222‏)‏‏.‏‏]‏ ‏.‏ فجعل الله غاية المنع هي الطهر ، ولم يجعل الغاية مضي يوم وليلة ولا ثلاثة أيام ولا خمسة عشر يوماً ، فدل هذا على أن علة الحكم هي الحيض وجوداً وعدماً ، فمتى وجد الحيض ثبت الحكم ، ومتى طهرت منه زالت أحكامه ‏.‏

الدليل الثاني ‏:‏ ما ثبت في صحيح مسلم (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة وقد حاضت وهي محرمة بالعمرة ‏:‏ ‏(‏ افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري ‏)‏ ‏.‏ قالت ‏:‏ فلما كان يوم النحر طهرت ‏.‏‏(‏ الحديث‏)‏ ‏.‏ وفي صحيح البخاري (3) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ‏:‏ ‏(‏ انتظري فإن طهرت فأخرجي إلى التنعيم ‏)‏ ‏.‏ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم غاية المنع الطهر ولم يجعل الغاية زمناً معيناً ، فدل هذا على أن الحكم يتعلق بالحيض وجوداً وعدماً ‏.

الدليل الثالث‏:‏ أن هذه التقديرات والتفصيلات التي ذكرها من ذكرها من الفقهاء في هذه المسألة ليست موجودة في كتاب الله تعالي ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن الحاجة بل الضرورة داعية إلى بيانها ، فإن كانت مما يجب على العباد فهمه والتعبد لله به لبينها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بياناً ظاهراً لكل أحد ، لأهمية الأحكام المترتبة على ذلك من الصلاة والصيام والنكاح والطلاق والإرث وغيرها من الأحكام ، كما بين الله ورسوله عدد الصلوات وأوقاتها وركوعها وسجودها ، و الزكاة ‏:‏ أموالها وأنصباءها ومقدارها ومصرفها ، والصيام ‏:‏ مدته وزمنه، والحج وما دون ذلك ، حتى آداب الأكل والشرب والنوم والجماع والجلوس ودخول البيت والخروج منه وآداب قضاء الحاجة ، حتى عدد مسحات الاستجمار إلى غير ذلك من دقيق الأمور وجليلها ، مما أكمل الله به الدين ، وأتم به النعمة على المؤمنين ، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ‏**‏ ‏[‏النحل‏:‏ من الآية89‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْء‏** ‏[‏يوسف‏:‏ من الآية111‏]‏ ‏.‏

فلما لم توجد هذه التقديرات والتفصيلات في كتاب الله تعالي ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم تبين أن لا تعويل عليها ، وإنما التعويل على مسمي الحيض الذي علقت عليه الأحكام الشرعية وجوداً وعدماً ‏.‏ وهذا الدليل ـ أعني أن عدم ذكر الحكم في الكتاب والسنة ، دليل على عدم اعتباره ـ ينفعك في هذه المسألة وغيرها من مسائل العلم ؛ لأن الأحكام الشرعية لا تثبت إلا بدليل من الشرع من كتاب الله ، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، أو إجماع معلوم ، أو قياس صحيح ‏.‏ قال شيخ الإسلام ابن تيميه في قاعدة له ‏:‏ ‏(‏ ومن ذلك اسم الحيض علق الله به أحكاماً متعددة في الكتاب والسنة ، ولم يقدر لا اقله ولا أكثره ، ولا الطهر بين الحيضتين مع عموم بلوى الأمة بذلك واحتياجهم إليه ، واللغة لا تفرغ بين قدر وقدر، فمن قدر في ذلك حداً فقد خالف الكتاب والسنة ‏)‏‏.‏ انتهي كلامه (4) ‏.‏


الدليل الرابع ‏:‏ الاعتبار ‏.‏ أي القياس ُ الصحيح المطرد ، وذلك أن الله تعالي علل الحيض بكونه أذى، فمتي وجد الحيض فالأذى موجود، لا فرق بين اليوم الثاني واليوم الأول ، ولا بين اليوم الرابع واليوم الثالث، ولا فرق بين اليوم السادس عشر والخامس عشر ، ولا بين الثامن عشر والسابع عشر ، فالحيض هو الحيض ، والأذى هو الأذى ‏.‏
فالعلة موجودة في اليومين على حد سواء ، فكيف يصح التفريق في الحكم بين اليومين مع تساويهما في العلة ‏؟‏‏!‏ أليس هذا خلاف القياس الصحيح ‏؟‏‏!‏ أو ليس القياس الصحيح تساوى اليومين في الحكم لتساويهما في العلة ‏؟‏ ‏!‏ ‏.‏

الدليل الخامس‏:‏ اختلاف أقوال المحددين واضطرابها ، فإن ذلك يدل على أن ليس في المسألة دليل يجُب المصير إليه ، وإنما هي أحكام اجتهادية مُعرضة ٌ للخطأ والصواب ، ليس أحدهما أولى بالنزاع من الآخر ، والمرجع عند النزاع إلى كتاب الله والسُنة ‏.‏
فإذا تبين قوة القول أنه لا حد لأقل الحيض أو لأكثره وانه القول الراجح ، فاعلم أن كل ما رأته المرأة من دم طبيعي ليس له سبب من جرح أو نحوه فهو دم الحيض من غير تقدير بزمن أو سن إلا أن يكون مستمراً على المرأة لا ينقطع أبداً أو ينقطع مدة يسيرة كاليوم واليومين في الشهر ، فيكون استحاضة ، وسيأتي إن شاء الله تعالي بيان الاستحاضة وأحكامها‏.‏

قال شيخ الإسلام ابن تيميه‏:‏ ‏(‏ والأصل كل ما يخرج من الرحم انه حيض، حتى يقوم دليل على انه استحاضة ‏)‏ (5)‏.‏ وقال أيضاً ‏(‏ فما وقع من دم فهو حيض، إذ لم يعلم انه دم عرق أو جرح ‏)‏ ‏.‏ا هـ(6) ‏.‏

وهذا القول كما انه هو الراجح من حيث الدليل ، فهو أيضاً أقرب فهماً وإدراكاً وأيسر عملاً وتطبيقاً ، مما ذكره المحددون ، وما كان كذلك فهو أولي بالقول لموافقته لروح الدين الإسلامي وقاعدته ، وهي اليسر والسهولة ‏.‏ قال الله تعالي ‏:‏{‏ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ‏** ‏[‏الحج‏:‏ من الآية78‏]‏‏.‏ وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ إن الدين يسر ، ولن يشادَّ الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا وابشروا ‏)‏ رواه البخاري (7) ‏.‏وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه ما خير بين أمرين إلا أختار أيسرهما ما لم يكن إثما(8)‏.‏



حيض الحامل



الغالب الكثير أن الأنثى إذا حملت انقطع الدم عنها ،قال الإمام أحمد رحمه الله‏:‏ ‏(‏ إنما تعرف النساء الحمل بإنقطاع الدم ‏)‏‏.‏ فإذا رأت الحامل الدم فإن كان قبل الوضع بزمن يسير كاليومين أو الثلاثة ومعه طلق فهو نفاس ، وإن كان قبل الوضع بزمن كثير أو قبل الوضع بزمن يسير لكن ليس معه طلق فليس بنفاس ، لكن هل يكون حيضاً تثبت له أحكام الحيض أو يكون دم فساد لا يحكم له بأحكام الحيض ‏؟‏ في هذا خلاف بين أهل العلم ‏.‏

والصواب أنه حيض إذا كان على الوجه المعتاد في حيضها ؛ لأن الأصل فيما يصيب المرأة من الدم أنه حيض، إذا لم يكن له سبب يمنع من كونه حيضاً ، وليس في الكتاب والسنة ما يمنع حيض الحامل ‏.‏

وهذا هو مذهب مالك والشافعي ، واختيار شيخ الإسلام ابن تيميه ، قال في الاختيارات ص ‏(‏ 30‏)‏ وحكاه البيهقي رواية عن أحمد ، بل حكي أنه رجع إليه ا‏.‏ هـ ‏.‏ وعلى هذا فيثبت لحيض الحامل ما يثبت لحيض غير الحامل إلا في مسألتين ‏:‏

المسألة الأولي ‏:‏ الطلاق، فيحرم طلاق من تلزمها عدة حال الحيض غير الحامل ، ولا يحرم في الحامل ، لأن الطلاق في الحيض غير الحامل مخالف لقوله تعالي ‏:‏ ‏{‏ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ‏**‏ ‏[‏الطلاق‏:‏ من الآية1‏]‏ ‏.‏ أما طلاق الحامل حال الحيض فلا يخالفه ، لأن من طلق الحامل فقد طلقها لعدتها ، سواء كانت حائضاً أم طاهراً ، لأن عدتها بالحمل ، ولذلك لا يحرم عليه طلاقها بعد الجماع بخلاف غيرها ‏.‏




المسألة الثانية ‏:‏ أن حيض الحامل لا تنقضي به عدة بخلاف حيض غيرها ؛ لأن عدة الحامل لا تنقضي إلا بوضع الحمل ، سواءٌ كانت تحيض أم لا ، لقوله تعالى ‏:‏ ‏{‏ وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ‏**‏ ‏[‏الطلاق‏:‏ من الآية4‏]‏ ‏.‏
***
يُتبع إن شاء الله
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 04-06-2009, 06:46 PM   #3
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

الفصل الثالث


في الطوارئ على الحيض


الطوارئ على الحيض أنواع ‏:‏

النوع الأول ‏:‏ زيادة أو نقص ، مثل أن تكون عادة المرأة ستة أيام ، فيستمر بها الدم إلى سبعة ، أو تكون عادتها سبعة أيام ، فتطهر لستة ‏.‏


النوع الثاني ‏:‏ تقدم أو تأخر ، مثل أن تكون عادتها في آخر الشهر فتري الحيض في أوله ، أو تكون عادتها في أوله فتري الحيض في آخره ‏.‏


وقد اختلف أهل العلم في حكم هذين النوعين ، والصواب أنها متي رأت الدم فهي حائض ، ومتي طهرت منه فهي طاهر سواء زادت في عادتها أو نقصت ، وسواء تقدمت أم تأخرت ، وسبق ذكر الدليل على ذلك في الفصل قبله ، حيث علق الشارع أحكام الحيض بوجوده ‏.‏


وهذا مذهب الشافعي ، واختيار شيخ الإسلام ابن تيميه ‏.‏ وقواه صاحب المغني فيه ونصره وقال (9) ‏:‏ ‏(‏ ولو كانت العادة معتبرة على الوجه المذكور في المذهب لبينه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ولما وسعه تأخير بيانه، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقته، وأزواجه وغيرهن من النساء يحتجن إلى بيان ذلك في كل وقت ، فلم يكن ليغفل بيانه ، وما جاء عنه صلى الله عليه وسلم ذكر العادة ولا بيانها إلا في حق المستحاضة لا غير ‏)‏ا هـ ‏.‏


النوع الثالث‏:‏ صفرةٌ أو كدرةٌ ، بحيث تري الدم أصفر ، كماء الجروح ، أو متكدر بين الصفرة والسواد ، فهذا إن كان في أثناء الحيض أو متصلاً به قبل الطهر فهو حيض تثبت له أحكام الحيض ، وإن كان بعد الطهر فليس بحيض، لقول أم عطية رضي الله عنها ‏:‏ ‏(‏ كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً‏)‏ ‏.‏ رواه أبو داوود بسند صحيح (10) ‏.‏ ورواه أيضاً البخاري بدون قولها ‏(‏ بعد الطهر ‏)‏ (11)‏.‏ لكنه ترجم له بقوله ‏:‏ باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض ‏.‏ قال في شرحه فتح البارى ‏:‏ ‏(‏ يشير بذلك للجمع بين حديث عائشة المتقدم في قولها ‏:‏ ‏(‏حتى ترين القصة البيضاء‏)‏ ، وبين حديث أم عطية المذكور في الباب، بأن ذلك أي حديث عائشة محمول على ما إذا رأت الصفرة والكدرة في أيام الحيض ، وأما في غيرها فعلي ما قالت أم عطية ‏)‏‏.‏ ا هـ ‏.‏

وحديث عائشة الذي أشار إليه هو ما علقه البخاري جازماً به قبل هذا الباب ، إن النساء كن يبعثن إليها بالدرجة ‏(‏ شيء تحتشي به المرأة لتعرف هل بقي من اثر الحيض شيء‏)‏ فيها الكرسف ‏(‏ القطن‏)‏ فيه الصفرة فتقول‏:‏‏(‏ لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء‏)‏ (12)‏.‏ والقصة البيضاء ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض ‏.‏

النوع الرابع‏:‏تقطع الحيض،بحيث ترى يوماً دماً ويوماً نقاءً ونحو ذلك،فهذان حالان ‏:‏


الحال الأول‏:‏أن يكون هذا مع الأنثى دائماً كل وقتها،فهذا دم استحاضة يثبت لمن تراه حكم الاستحاضة ‏.‏


الحال الثاني‏:‏ ألا يكون مستمراً مع الأنثى بل يأتيها بعض الوقت ن ويكون لها وقت طهر صحيح ‏.‏ فقد اختلف العلماء رحمهم الله في هذا النقاء ‏.‏ هل يكون طهراً أو ينسحب عليه أحكام الحيض ‏؟‏‏.‏


فمذهب الشافعي في أصح قوليه ينسحب عليه أحكام الحيض فيكون حيضاً ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه وصاحب الفائق (13) ومذهب أبي حنيفة ، وذلك لأن القصة البيضاء لا تري فيه ، ولأنه لو جعل طهراً لكان ما قبله حيضه ، وما بعده حيضة ، ولا قائل به ، وإلا لأنقضت العدة بالقرء بخمسة أيام ولأنه لو جعل طهراً لحصل به حرج ومشقة بالاغتسال وغيره كل يومين ، والحرج منتف في هذه الشريعة ولله الحمد ‏.‏


والمشهور من مذهب الحنابلة أن الدم حيض والنقاء طهر إلا أن يتجاوز مجموعها اكثر الحيض فيكون الدم المتجاوز استحاضة ‏.

‏ وقال في المغني (14) ‏:‏ يتوجه أن انقطاع الدم متي نقص عن اليوم فليس بطهر ، بناء على الرواية التي حكيناها في النفاس ، لأنها لا تلتفت لما دون اليوم وهو الصحيح ـ إن شاء الله ـ لأن الدم يجري مرة وينقطع أخري ، وفي إيجاب الغسل لمن تطهر ساعة بعد ساعة حرج ينتفي ، لقوله تعالي ‏:‏ ‏ {‏ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ‏**‏[‏الحج‏:‏ من الآية78 ‏.‏‏]‏ ‏.‏

قال ‏:‏ ‏(‏ فعلي هذا لا يكون انقطاع الدم أقل من يوم طهراً ، إلا أن تري ما يدل عليه ، مثل أن يكون انقطاعه في آخر عادتها ، أو تري القصة البيضاء ‏)‏ ا ‏.‏هـ ‏.‏


فيكون قول صاحب المغني هذا وسطاً بين القولين ‏.‏ والله أعلم بالصواب ‏.‏


النوع الخامس ‏:‏ جفاف في الدم بحيث تري الأنثى مجرد رطوبة ، فهذا إن كان في أثناء الحيض أو متصلاً به قبل الطهر فهذا حيض ، وإن كان بعد الطهر فليس بحيض ، لأن غاية حاله أن يلحق بالصفرة والكدرة وهذا حكمها ‏.‏
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 04-06-2009, 06:58 PM   #4
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

الفصل الرابع


في أحكام الحيض


للحيض أحكام كثيرة تزيد علي العشرين ، نذكر منها ما نراه كثير الحاجة ، فمن ذلك ‏:‏


الأول الصلاة ‏:‏ فيحرم على الحائض الصلاة فرضها ونفلها ولا تصح منها ، وكذلك لا تجب عليها الصلاة إلا أن تدرك من وقتها مقدار ركعة كاملة ، فتجب عليها الصلاة حينئذ ٍ ، سواء أدركت ذلك من أول الوقت أو من آخره ‏.‏

مثال ذلك من أوله ‏:‏ امرأة حاضت بعد غروب الشمس بمقدار ركعة فيجب عليها إذا طهرت قضاء صلاة المغرب لأنها أدركت من وقتها قدر ركعة قبل أن تحيض ‏.‏


ومثال ذلك من آخره ‏:‏ امرأة طهرت قبل طلوع الشمس بمقدار ركعة فيجب عليها إذا تطهرت قضاء صلاة الفجر ؛ لأنها أدركت من وقتها جزءاً يتسع لركعة ‏.‏


أما إذا أدركت الحائض من الوقت جزءاً لا يتسع لركعة كاملة ، مثل أن تحيض في المثال الأول بعد الغروب بلحظة أو تطهر في المثال الثاني قبل طلوع الشمس بلحظة ، فإن الصلاة لا تجب عليها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ‏)‏ متفق عليه (15) ‏.‏فإن مفهومه إن من أدرك أقل من ركعة لم يكن مدركاً للصلاة ‏.‏


* وإذا أدركت ركعة من وقت صلاة العصر فهل تجب عليها صلاة الظهر مع العصر ‏؟‏ أو أدركت ركعة من وقت صلاة العشاء الآخرة فهل تجب عليها صلاة المغرب مع العشاء ‏؟‏

في هذا خلاف بين العلماء ، والصواب أنه لا يجب عليها إلا ما أدركت وقته ، وهي صلاة العصر والعشاء والآخرة فقط لقوله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ من أدرك ركعة من العصر من قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ‏)‏ متفق عليه (16) ، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ فقد أدرك الظهر والعصر ، ولم يذكر وجوب الظهر عليه ، والأصل براءة الذمة ، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وحكاه عنهما في شرح المهذب (17) ‏.‏


· وأما الذكر والتكبير والتسبيح والتحميد ، والتسمية على الأكل وغيره ، وقراءة الحديث والفقه والدعاء والتأمين عليه استماع القرآن فلا يحرم عليها شيء من ذلك ، فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتكئ في حجر عائشة ‏(‏ رضي الله عنها ‏)‏ وهي حائض فيقرا القرآن (18) ‏.‏


وفي الصحيحين أيضاً عن أم عطية ‏(‏ رضي الله عنها ‏)‏ أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ‏:‏ ‏(‏ يخرج العواتق وذوات الخدور والحُيض يعني إلى صلاة العيدين ـ وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين ويعتزل الحُيض المصلي ‏)‏ (19)‏.‏


*فأما قراءة الحائض القرآن الكريم بنفسها ، فإن كان نظراً بالعين أو تأملاً بالقلب بدون نطق باللسان فلا بأس بذلك ، مثل أن يوضع المصحف أو اللوح فتنظر إلى الآيات وتقرأها بقلبها ، قال النووي في شرح المهذب (20) ‏:‏ جائز بلا خلاف ‏.‏ وأما إن كانت قراءتها نطقاً باللسان فجمهور العلماء على أنه ممنوع وغير جائز ‏.‏


وقال البخاري وابن جرير والطبري ، وابن المنذر ‏:‏ هو جائز ، وحكي عن مالك وعن الشافعي في القول القديم حكاه عنهما في فتح الباري (21)‏.‏ وذكر البخاري تعليقاً عن إبراهيم النخعي لا بأس أن تقرأ الآية ‏.‏

وقال شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتاوى مجموعة ابن قاسم (22) ‏:‏ ‏(‏ ليس في منعها من القرآن سنة أصلاً فإن قوله لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن ‏)‏ حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث(23)‏.‏

وقد كان النساء يحضن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فلو كانت القراءة محرمة عليهن كالصلاة ، لكان هذا مما بينه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وتعلمه أمهات المؤمنين وكان ذلك مما ينقلونه في الناس ، فلما لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك نهياً لم يجز أن تجعل حراماً ، مع العلم بأنه لم ينه عن ذلك ، وإذا لم ينه عنه مع كثرة الحيض في زمنه علم انه ليس بمحرم ‏)‏ ا هـ ‏.‏

· والذي ينبغي بعد أن عرفنا نزاع أهل العلم هل يقال ‏:‏ الأولي للحائض ألا تقرأ القرآن الكريم نطقاً باللسان إلا عند الحاجة لذلك ، مثل أن تكون معلمة تحتاج إلى تلقين المتعلمات ، أو في حال الاختبار فتحتاج المتعلمة إلى قراءة القرآن لاختبارها أو نحو ذلك ‏.‏

الحكم الثاني ‏:‏ الصيام ‏:‏

فيحرم على الحائض الصيام فرضه ونفله ، ولا يصح منها لكن يجب عليها قضاء الفرض منه لحديث عائشة رضي الله عنها ‏(‏ كان يصيبنا ذلك ـ تعني الحيض ـ فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ‏)‏ متفق عليه (24) ، وإذا حاضت وهي صائمة بطل صيامها ولو كان ذلك قبل الغروب بلحظة ، ووجب عليها قضاء ذلك اليوم إن كان فرضاً ‏.‏


أما إذا أحست بانتقال الحيض قبل الغروب لكن لم يخرج إلا بعد الغروب كان صومها تام ولا يبطل على القول الصحيح ، لأن الدم في باطن الجوف لا حكم له ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن المرأة تري في منامها ما يري الرجل هل عليها غسل‏؟‏ قال‏:‏‏(‏نعم إذا هي رأت الماء ‏)‏ (25)‏.‏ فعلق الحكم برؤية المني لا بانتقاله ، فكذلك الحيض لا تثبت أحكامه إلا برؤيته خارجاً لا بانتقاله ‏.‏وإذا طلع الفجر وهي حائض لا يصح منها صيام ذلك اليوم ولو طهرت بعد الفجر بلحظة ‏.‏


وإذا طهرت قبيل الفجر فصامت صح صومها ، وإن لم تغتسل إلا بعد الفجر‏.‏ كالجنب إذا نوي الصيام وهو جنب ولم يغتسل إلا بعد الفجر فإن صومه صحيح ، لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت ‏:‏ ‏(‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماع غير احتلام ثم يصوم في رمضان ‏)‏ متفق عليه (26) ‏.‏


الحكم الثالث ‏:‏ الطواف بالبيت‏:‏

فيحرم عليها الطواف بالبيت ، فرضه ونفله ، ولا يصح منها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت‏:‏‏(‏افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري‏)‏ (27)


واما بقية الأفعال كالسعي بين الصفا والمروه ، والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ومني ، ورمي الجمار وغيرها من المناسك الحج والعمرة فليست حراما ً عليها، وعلى هذا النحو فلو طافت الأنثى وهي طاهر ثم خرج الحيض بعد الطواف مباشرةً ، أو في أثناء السعي فلا حرج في ذلك ‏.‏


الحكم الرابع ‏:‏ سقوط طواف الوداع عنها ‏:‏


فإذا أكملت الأنثى مناسك الحج والعمرة ، ثم حاضت قبل الخروج إلى بلدها واستمر بها الحيض إلى خروجها ، فإنها تخرج بلا وداع لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال ‏:‏ ‏(‏أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض ‏)‏ متفق عليه(28)‏.‏


*ولا يستحب للحائض عند الوداع أن تأتي إلى باب المسجد الحرام وتدعو ، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم والعبادات مبنية على الوارد بل الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم يقتضي خلاف ذلك ، ففي قصة صفية ـ رضي الله عنها ـ حين حاضت بعد طواف الإفاضة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها‏:‏ ‏(‏ فلتنفر إذاً‏)‏ متفق عليه (29) ‏.‏ ولم يأمر بالحضور إلى باب المسجد ولو كان ذلك مشروعاً لبينه ‏.‏


وأما طواف الحج والعمرة فلا يسقط عنها بل تطوف إذا طهرت‏.‏


الحكم الخامس ‏:‏ المكث في المسجد ‏:‏


فيحرم على الحائض أن تمكث في المسجد حتى مصلى العيد يحرم عليها أن تمكث فيه ، لحديث أم عطية ـ رضي الله عنها ـ أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ‏:‏ ‏(‏ يخرج العَوَاتِقُ وذوات الخدور والحُيض‏)‏ ‏.‏ وفيه ‏:‏ ‏(‏ يعتزل الحُيض المُصلي‏)‏ متفق عليه (30) ‏.‏


الحكم السادس‏:‏ الجماع ‏:‏


فيحرم على زوجها أن يجامعها ويحرم عليها تمكينه من ذلك ‏.‏لقوله تعالى ‏:‏ ‏(‏وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ‏)‏ ‏[‏البقرة‏:‏ من الآية222‏.‏‏]‏ ‏.‏ والمراد بالمحيض زمان الحيض ومكانه وهو الفرج ‏.‏ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ اصنعوا كل شيء إلا النكاح ‏)‏ ، يعني الجماع ‏.‏ رواه مسلم (31) ‏.‏


ولأن المسلمين أجمعوا على تحريم وطء الحائض في فرجها ‏.‏ فلا يحل لا مرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يُقدم على هذا الأمر المُنكر الذي دل على المنع منه كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين ‏.‏ فيكون ممن شاق الله ورسوله واتبع غير سبيل المسلمين ، قال في المجموع شرح المهذب ص 374 ج 2 ‏:‏ قال الشافعي ‏:‏ ‏(‏ من فعل ذلك فقد أتي كبيرة ‏)‏‏.‏ قال أصحابنا وغيرهم ‏:‏ ‏(‏ من استحل وطء الحائض حُكم بكفره ‏)‏ ا هـ ‏.‏ كلام النووي ‏.‏


وقد أبيح له ولله الحمد ما يكسر شهوته دون الجماع ، كالتقبيل والضم والمباشرة فيما دون الفرج ، لكن الأولى ألا يباشر فيما بين السرة والركبة إلا من وراء حائل ، لقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ ‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض ‏.‏ متفق عليه (32) ‏.‏


الحكم السابع ‏:‏ الطلاق‏:‏


فيحرم على الزوج طلاق الحائض حال حيضها ، لقوله تعالى ‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ‏**‏ ‏[‏الطلاق‏:‏ من الآية1‏.‏‏]‏‏.‏ أي في حال يستقبلن به عدة معلومة حين الطلاق ، ولا يكون ذلك إلا إذا طلقها حاملا ً أو طاهراً من غير جماع ، لأنها إذا طلقت حال الحيض لم تستقبل العدة حيث أن الحيضة التي طلقت فيها لا تحتسب من العدة ، وإذا طُلقت طاهراً بعد الجماع لم تكن العدة التي تستقبلها معلومة حيث أنه لا يعلم هل حملت من هذا الجماع ، فتعتد بالحمل ، أو لم تحمل فتعتد بالحيض ، فلما لم يحصل اليقين من نوع العدة حرُم عليه الطلاق حتى يتبين الأمر ‏.‏


فطلاق الحائض حال حيضها حرام ٌ للآية السابقة ، ولما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فأخبر عمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فتغيظ فيه رسوا الله صلى الله عليه وسلم وقال ‏:‏ ‏(‏ مُره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد ، وإن شاء طلق قبل أن يمس ، فتلك العدة التى أمر الله أن تُطلق لها النساء ‏)‏ (33)‏.‏


فلو طلق الرجل امرأته وهي حائض فهو آثم ، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى ، وأن يرد المرأة إلى عصمته ليطلقها طلاقاً شرعياً موافقاً لأمر الله ورسوله ، فيتركها بعد ردها حتى تطهر من الحيضة التى طلقها فيها ، ثم تحيض مرةً أخري ثم إذا طهرت إن شاء أبقاها وإن شاء طلقها قبل أن يجامعها ‏.‏


ويستثني من تحريم الطلاق في الحيض ثلاث مسائل ‏:‏


الأولى ‏:‏ إذا طلق قبل أن يخلو بها ، أو يمسها فلا بأس أن يطلقها وهي حائض ‏.‏ لأنه لا عدة عليها حينئذ ، فلا يكون طلاقها مخالفاً لقوله تعالى ‏:‏ ‏{‏فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ‏**‏ ‏[‏الطلاق‏:‏ من الآية، 1‏.‏‏]‏‏.‏

الثانية ‏:‏ إذا كان الحيض في حال الحمل ، ويبق بيان سبب ذلك ‏.‏

الثالثة ‏:‏ إذا كان الطلاق على عوض ، فإنه لا بأس أن يطلقها وهي حائض ‏.‏


مثل أن يكون بين الزوجين نزاع وسوء عشرة فيأخذ الزوج عوضاً ليطلقها ، فيجوز ولو كانت حائضاً ‏.‏ لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن إمراة ثابت ابن قيس بن شماس جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ‏:‏ ‏(‏ يا رسول الله ، إني ما أعتب عليه في خلق ولا دين ، ولكن أكره الكفر في الإسلام ‏)‏ ‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ أتردين عليه حديقته‏؟‏ ‏)‏ قالت‏:‏نعم‏.‏فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم‏:‏‏(‏أقبل الحديقة وطلقها تطليقه ‏)‏‏.‏ رواه البخاري (34) ‏.‏ ولم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم هل كانت حائضاً أو طاهراً،ولأن هذا الطلاق افتداء من المرأة عن نفسها فجاز عند الحاجة إليه على أي حال كان‏.‏


قال في المغني معللاً جواز الخلع حال الحيض ص 52 ج 7ط م ‏:‏ ‏(‏ لأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل الضرر الذي يلحقها بطول العدة ، والخلع لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والمقام مع من تكرهه وتبغضه ، وذلك أعظم من ضرر طول العدة ، فجاز دفع أعلاهما بأدناهما،ولذلك لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم المختلعة عن حالها‏)‏‏.‏ا‏.‏هـ‏.‏ كلامه ‏.‏


وأما عقد النكاح على المرأة وهي حائض فلا بأس به ؛ لأن الأصل الحل ، ولا دليل على المنع منه ، لكن إدخال الزوج عليها وهي حائض ينظر فيه ، فإن كان يؤَمن من أن يطأها فلا بأس ، وإلا فلا يدخل عليها حتى تطهر خوفاً من الوقوع في الممنوع ‏.‏


الحكم الثامن ‏:‏ اعتبار عدة الطلاق به ـ أي الحيض ـ ‏:‏

فإذا طلق الرجل زوجته بعد أن مسها أو خلا بها وجب عليها أن تعتد بثلاث حيض كاملة ، إن كانت من ذوات الحيض ، ولم تكن حاملاً لقوله تعالى ‏:‏ ‏ {‏وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ‏** ‏[‏البقرة‏:‏ من الآية ،228 ‏.‏‏]‏‏.‏أي ثلاث حيض ‏

.‏ فإن كانت حاملاً فعدتها إلى وضع الحمل كله ‏.‏ سواءٌ طالت المدة أو قصرت ، لقوله تعالى ‏:‏‏**‏وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ‏**الطلاق‏:‏ من الآية،4‏.‏‏]‏‏.‏

وإن كانت من غير ذوات الحيض كالصغيرة التى لم يبدأ بها الحيض والآيسة من الحيض لكبر أو عملية استأصلت رحمها أو غير ذلك مما لا ترجو معه رجوع الحيض ، فعدتها ثلاثة اشهر لقول الله تعالى ‏:‏ {‏وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ‏** ‏‏[‏الطلاق‏:‏ من الآية ،4‏.‏‏]‏‏.‏

وإن كانت من ذوات الحيض لكن أرتفع حيضها لسبب معلوم كالمرض والرضاع ؛ فإنها تبقي في العدة وإن طالت المدة حتى يعود الحيض فتعتد به، فإن زال السبب ولم يعد الحيض بأن برئت من المرض أو انتهت من الرضاع وبقي الحيض مرتفعاً ؛ فإنها تعتد بسنةٍ كاملة من زوال السبب ، هذا هو القول الصحيح ، الذي ينطبق على القواعد الشرعية ، فإنه إذا زال السبب ولم يعد الحيض صارت كمن ارتفع حيضها لغير سبب معلوم ، وإذا ارتفع حيضها لغير سبب معلوم ، فإنها تعتد لسنةٍ كاملة ٍ تسعة اشهر للحمل احتياطاً لأنها غالب الحمل ، وثلاثة أشهر للعدة ‏.‏

* أما إذا كان الطلاق بعد العقد وقبل المسيس والخلوة فليس فيه عدة إطلاقاً ، لا بحيض ولا غيره لقوله تعالى ‏:‏‏ {‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ‏**‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ من الآية،49‏.‏‏]‏ ‏.‏


الحكم التاسع ‏:‏ الحكم ببراءة الرحم ‏:‏


أي بخلوه من الحمل،وهذا يحتاج إليه كلما أحتيج إلى الحكم ببراءة الرحم وله مسائل ‏:‏

منها ‏:‏ إذا مات شخص عن امرأة يرثه حملها ، وهي ذات زوج ، فإن زوجها لا يطأها حتى تحيض، أو يتبين حملها ، فإن تبين حملها ، حكمنا بإرثه ، لحكمنا بوجوده حين موت موروثه، وإن حاضت حكمنا بعدم إرثه لحكمنا ببراءة الرحم بالحيض ‏.‏


الحكم العاشر‏:‏ وجوب الغسل ‏:‏


فيجب على الحائض إذا طهرت أن تغتسل بتطهر جميع البدن ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش ‏:‏ ‏(‏ فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة ، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي ‏)‏ رواه البخاري (35)‏.‏


*وأقل واجب في الغسل أن تعم به جميع بدنها حتى ما تحت الشعر، والأفضل أن يكون على صفة ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث سألته أسماء بنت شكل عن غسل المحيض فقال صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور ، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى تبلغ شئون رأسها ، ثم تصب عليها الماء ثم تأخذ فرصة ممسكةً ـ أي قطعة قماش فيها مسك فتطهر بها ـ فقالت أسماء ‏:‏ كيف تطهر بها ‏؟‏ فقال ‏:‏ سبحان الله فقالت عائشة لها ‏:‏ تتبعين أثر الدم ‏)‏ ‏.‏رواه مسلم (36)‏.‏


*ولا يجب نقض شعر الرأس ، إلا أن يكون مشدوداً بقوة بحيث يخشي ألا يصل الماء إلى أصوله ، لما في صحيح مسلم (37) ‏.‏ من حديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ‏:‏ ‏(‏ إني امرأة أشد شعر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة ‏؟‏وفي رواية للحيضة والجنابة ‏؟‏ فقال ‏:‏ لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين ‏)‏‏.‏ وإذا طهرت الحائض في أثناء وقت الصلاة وجب عليها أن تبادر بالاغتسال لتدرك أداء الصلاة في وقتها ، فإن كانت في سفر وليس عنها ماء أو كان عندها ماء ولكن تخاف الضرر باستعماله ، أو كانت مريضة يضرها الماء فإنها تتيمم بدلاً عن الاغتسال حتى يزول المانع ثم تغتسل ‏.‏


وإن بعض النساء تطهر في أثناء وقت الصلاة ، وتؤخر الاغتسال إلى وقت آخر تقول‏:‏ أنه لا يمكنها كمال التطهر في هذا الوقت ، ولكن هذا ليس بحجة ولا عذر لأنها يمكنها أن تقتصر على أقل الواجب في الغسل ، وتؤدي الصلاة في وقتها ، ثم إذا حصل لها وقت سعة تطهرت التطهر الكامل ‏.‏
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 07:19 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com