بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على خير خلق الله أجمعين أما بعد :
اعلم أخي في الله أن العبادات من صلاة و زكاة وحج و صوم إنما شرعت لإقامة ذكر الله, قال تعالى : ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي )
و اعلم رحمك الله أن ذكر الله سبحانه و تعالى طب القلوب ودواءها وشفاء النفوس وجلاءها، وصحة الأجسام من عللها وأدوائها .
و اعلم غفر الله لك أن المرض إذا صادف مريضا ذاكرا لله كان الذكر سببا في دفع مرضه و شفاءه بإذن الله, قال الله تعالى: ( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ) فذكر الله أكبر من أي شيء .
و اعلم شفاك الله إن الأمراض العضوية و النفسية و دهماء السحر و المس و شر العين و الحسد كل ذلك و غيره يدفع بنور الذكر, فكن يا أخي من الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات .
قال تعالى :** الذين أمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب ** الرعد 28.
قال تعالى: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ).
و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ( سبق المفرّدون ، قالوا: و ما المفرّدون يا رسول الله ؟ قال: الذاكرون الله كثيراً و الذاكرات ).
قال ابن عباس رضي الله عنه: المراد يذكرون الله في أدبار الصلوات ، و غدواً و عشياً ، و في المضاجع ، و كلما استيقظ من نومه ، و كلما غدا أو راح من منزله ذكر الله تعالى .
و قال مجاهد: لا يكون من الذاكرين الله تعالى كثيراً و الذاكرات ، حتى يذكر الله تعالى قائماً و قاعداً و مضطجعاً .
و قال عطاء: من صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قوله تعالى : ( وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ ).
وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في رسالته القيمة الوسائل المفيدة للحياة السعيدة : ( ومن أكبر الأسباب لإنشراح الصدر وطمأنينته الإكثار من ذكر الله. فإن لذلك تأثيراً عجيباً في انشراح الصدر وطمأنينته وزوال همه وغمه. قال تعالى ** ألا بذكر الله تطمئن القلوب ** فلذكر الله أثر عظيم في حصول هذا المطلوب لخاصيته، ولما يرجوه العبد من ثوابه أجره في الآخرة ).
و سئل الشيخ الإمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله عن القدر الذي يصير به من الذاكرين الله كثيراً و الذاكرات ، فقال: إذا واظب على الأذكار المأثورة المثبتة صباحاً و مساءً و في الأوقات و الأحوال المختلفة ليلاً نهاراً كان من الذاكرين الله كثيراً و الذاكرات. و الله أعلم.
و إليكم هذه الهدية العظيمة :-
(( أذكار الصباح والمساء ))
قال سماحة الوالد مفتي الديار السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قال حين يصبح وحين يمسي : سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه رواه مسلم .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال : أمسينا وأمسى الملك لله ، والحمد لله ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، رب أسألك خير ما في هذه الليلة ، وخير ما بعدها ، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها ، رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر ، رب أعوذ بك من عذاب في النار ، وعذاب في القبر وإذا أصبح قال ذلك أيضاً أصبحنا وأصبح الملك لله رواه مسلم .
وعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سيد الاستغفار : اللهم أنت ربي ، لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك عليَّ ، وأبوء لك بذنبي ، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال : ومن قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة رواه البخاري .
وعن عبد الله بن حبيب قال : خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا فأدركناه فقال : قل فلم أقل شيئاً ، ثم قال : قل فلم أقل شيئاً ، تم قال : قل : فقلت : يا رسول الله ما أقول ، قال : قل : قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء رواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي بإسناد حسن .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعلم أصحابه يقول : إذا أصبح أحدكم فليقل : اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور ، وإذا أمسى فليقل اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير .
رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ، واسناده عند أبي داود وابن ماجه صحيح .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال : يا رسول الله ، مرنى بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت قال : قل : " اللهم فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شرِ نفسي وشر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم . قال : قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك رواه الِإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي والبخاري في الأدب المفرد بإسناد صحيح ، وهذا لفظ أحمد والبخاري .
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء رواه الِإمام أحمد والترمذي وابن ماجة ، وقال الترمذي : حديث صحيح وهو كما قال رحمه الله . وعن ثوبان خادم النبي صلى الله عليه وسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من عبد مسلم يقول حين يصبح وحينِ يمسي ثلاث مرات رضيت بالله ربا وبالِإسلام ديناَ وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ، إلا كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة رواه الِإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة بإسناد حسن ، وهذا لفظ أحمد . ولكنه لم يسم ثوبان وسماه الترمذي في روايته ، وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة بلفظ أحمد .
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من رضي بالله ربا وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً وجبت له الجنة .
وروى مسلم في صحيحه أيضاً عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ذاق طعم الِإيمان من رضي بالله رباً وبالِإسلام دينا وبمحمد رسولاً .
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قال حين يصبح أو يمسي : اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك ، وملائكتك وجميع خلقك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، وأن محمداً عبدك ورسولك أعتق الله ربعه من النار . ومن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار . ومن قالها ثلاثا أعتق الله ثلاثة أرباعه من النار ، فإن قالها أربعا أعتقه الله من النار رواه أبو داود بإسناد حسن ، وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة بسند حسن ، ولفظه : من قال حين يصبح : اللهم إني أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، وأن محمداً عبدك ورسولك أعتق الله ربعه ذلك اليوم من النار ، فإن قالها أربع مرات أعتقه الله ذلك اليوم من النار .
وعن عبد الله بن غنام رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قال حين يصبح : اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر فقد أدى شكر يومه ، ومن قال ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته رواه أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة بإسناد حسن ، وهذا لفظه لكنه لم يذكر " حين يمسي " وأخرجه ابن حبان بلفظ النسائي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما .
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح . اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقى ، وأعوذ بعظمتك أن اغتال من تحتي أخرجه الِإمام أحمد في المسند ، وأبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه الحاكم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، من قالها عشر مرات حين يصبح كتب الله له مائة حسنة ، ومحا عنه مائة سيئة ، وكانت له عدل رقبة ، وحفظ بها يومئذ حتى يمسي . ومن قالها مثل ذلك حين يمسي كان له مثل ذلك رواه الِإمام أحمد في مسنده بإسناد حسن .
وعنه رضي الله عنه أيضاً قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : من قال إذا أمسى ثلاث مرات : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم تضره حمة تلك الليلة رواه الِإمام أحمد والترمذي بإسناد حسن . والحمة سم ذوات السموم كالعقرب والحية ونحوهما .
وأخرج مسلم في صحيحه عن خولة بنت حكيمِ رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من نزل منزلاَ فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك
وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبيه عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى : أصبحنا على فطرة الِإسلام وعلى كلمة الِإخلاص وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلماً وما كان من المشركين أخرجه الِإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح .
وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة أنه قال لأبيه : يا أبت إني أسمعك تدعو كل غداة " اللهم عافني في بدني ، اللهم عافني في سمعي ، اللهم عافني فيِ بصري لا إله إلا أنت " تعيدها ثلاثا حين تصبح وثلاثا حين تمسي ، وتقول : اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وأعوذ بك من عذاب القبر لا إله إلا أنت ، تعيدها حين تصبح ثلاثاً وحين تمسي ثلاثاً ، قال : نعم يا بني إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهن فأحب أن أستن بسنته رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي بإسناد حسن .
ويشرع لكل مسلم ومسلمة أن يقول في صباح كل يوم لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة حتى يكون في حرز من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي لما تقدم في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب ، كتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر من ذلك ، ومن قال : سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر
رحم الله الشيخ و أسكنه فسيح جناته
و اعلم أخي في الله أن القران الكريم هو أعظم الذكر و أشرفه و هو الأصل الدوائي لجميع الأمراض الروحية و العضوية و النفسية .
قال أبي أبي العز الحنفي صاحب كتاب شرح العقيدة الطحاوية : ( فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة. وما كل أحد يؤهل للإستشفاء به. وإذا أحسن العليل التداوي ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم واستيفاء لشروطه لم يقاوم الداء أبداً. وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهماً في كتابه ).
أسال الله لكم السلامة و العافية