تمر المرأة أثناء الحمل والولادة بضغوط كبيرة، بينها الله سبحانه وتعالى بقوله: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا**(الأحقاف: 15).
وبسبب هذه الضغوط تعاني بعض النساء من مشكلات نفسية تصيبهن بعد الولادة وتستمر لأيام أو أسابيع، يعدن بعدها لطبيعتهن، لكن بعض النساء تستمر لديهن الأعراض النفسية لفترة طويلة تستلزم مراجعة الطبيبة للعلاج.
ومن العوامل الأخرى المسببة لحدوث المشكلات النفسية: التغير السريع في مستوى الهرمونات في الدم، بالإضافة للتعب المستمر بعد الولادة من سهر وإرهاق وقلة نوم.
تنقسم المشكلات النفسية بعد الولادة إلى:
- اضطراب مزاجي ما بعد الولادة.
- اكتئاب ما بعد الولادة.
اضطراب مزاجي ما بعد الولادة:
يعتبر هذا الاضطراب من المشكلات النفسية البسيطة التي تصيب كثيراً من النساء بعد الولادة. تبدأ أعراض الاضطراب في حوالي اليوم الثالث إلى الخامس من ولادة الطفل، وتختفي تلقائياً بعد مرور أسبوعين دون أن تترك آثاراً ضارة على الوالدة أو الوليد. يحدث في بعض النساء أن يستمر هذا الاضطراب المزاجي أكثر من أسبوعين ويتطور ليصير اكتئاباً.
ومن أعراضه:
- الإحساس بالحزن والكآبة.
- تقلب المزاج.
- التوتر والقلق.
- العاطفية وسرعة البكاء.
- صعوبة في التركيز.
- الإحساس بالتعب والإرهاق.
- الأرق وقلة النوم.
- قلة الثقة بالنفس، وخاصة فيما يتعلق بأمر العناية بالوليد.
- الإحساس بآلام متفرقة في أنحاء الجسم.
- ضعف الشهية.
ما الذي تحتاجه المرأة للتخلص من هذه الأعراض والوصول إلى الحالة النفسية الطبيعية؟
- تحتاج المرأة إلى المساندة والمساعدة من المقربين، وخصوصاً الزوج.
- أخذ قسط كاف من الراحة وتجنب التعب والإرهاق.
- التحدث عن معاناتها مع شخص مقرب.
- مراجعة الطبيبة إذا استمرت هذه الأعراض لأكثر من أسبوعين.
تصاب بعض النساء باكتئاب شديد بعد الولادة يستمر لأكثر من أسبوعين، ولا يختفي دون علاج. يظهر الاكتئاب أحياناً وكأنه امتداد للاضطراب المزاجي الذي حدث بعد الولادة ولم يتماثل للشفاء، وأحياناً تكون الصورة واضحة منذ البداية بسبب شدة الأعراض التي تعاني منها المرأة المصابة.
الأعراض:
تعاني المرأة المصابة بالاكتئاب من بعض هذه الأعراض أو منها كلها، وقد تبدأ المعاناة بعد الولادة مباشرة أو بعد مرور أسابيع عليها.
- الإحساس المستمر بالتعب والإرهاق.
- أرق أو زيادة في النوم.
- الإحساس بالحزن الشديد والاكتئاب.
- فقدان الثقة بالنفس، وخاصة فيما يتعلق بأمر العناية بالمولود والخوف من إيذائه.
- فقدان الشهية أو زيادة الأكل.
- نقصان الوزن أو زيادته.
- فقد الرغبة في أمور الحياة الاعتيادية وخاصة الجنس.
- التوتر والقلق.
- ضعف التركيز.
- الغضب من الوليد وعدم تحمله.
- الإحساس بعدم التقبل من المحيطين.
- الانعزال وتجنب الاختلاط بالناس.
- مشكلات زوجية.
- انعدام الرغبة في الحياة وتمني الموت.
تستمر هذه الأعراض لفترات متفاوتة، وقد تطول أحياناً لتصل إلى عدة أشهر، وأحياناً تصل إلى سنة أو أكثر إذا تركت المرأة المصابة دون علاج.
ومن المهم معرفة أن الاكتئاب الذي يصيب النساء بعد الولادة يعد مشكلة خطيرة، وخاصة إذا ترك دون علاج، فالأم تتعرض لفشل حياتها الزوجية، وخاصة إذا لم يتفهم الزوج وضعها ومعاناتها، كما أنه يشكل خطراً على الأم والطفل كليهما فتضعف العلاقة الطبيعية بينهما، ويزيد الخطر أكثر فيما إذا كان لدى الأم أفكار تدعوها لإيذاء نفسها أو طفلها.
النساء المعرضات للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة:
تكون بعض النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب من غيرهن، وهؤلاء هن:
- النساء اللاتي سبق لهن الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.
- النساء المصابات أو اللاتي سبقت لهن الإصابة بالاكتئاب غير المتعلق بالأمومة.
- النساء اللاتي يوجد لديهن تاريخ عائلي للإصابة بالاكتئاب أو اكتئاب ما بعد الولادة.
- النساء اللاتي يعانين من اضطرابات شديدة قبل الدورة الشهرية.
- النساء اللاتي لديهن مشكلات زوجية، أو اللاتي ليس لهن علاقات حميمة مع الأقارب والأصدقاء.
- المرور بمشكلات وصدمات أثناء فترة الحمل أو بعد الولادة مباشرة.
- صعوبة الولادة.
- الولادة المبكرة أو المتأخرة.
- فصل الأم عن الطفل لأسباب تتعلق بأي منهما.
- صعوبات أو مشكلات تتعلق بالطفل، مثل صعوبة في الرضاعة أو النوم بسبب بعض الأمراض أو التشوهات الخلقية.
العلاج:
- اللجوء إلى الله سبحانه وطلب العون.
- التنفيس عن النفس وإخبار المحيطين بالأعراض التي تشعر بها المرأة المصابة.
- طلب المساعدة من الزوج والأقارب، وخاصة فيما يتعلق بالعناية بالمولود.
- أخذ قسط كاف من الراحة والنوم.
- الترفيه عن النفس بالقراءة أو الرياضة أو بالقيام بشيء مفيد.
- الإقرار مع النفس بعدم ضرورة الوصول إلى الكمال في العناية بأمر الطفل.
- اللجوء إلى الطبيبة وإخبارها بالمعاناة في وقت مبكر؛ لأن نتيجة العلاج تعتمد على البدء به مبكراً.
- الالتزام بمواعيد الأدوية وجرعاتها التي تصفها الطبيبة.
- إخبار الطبيبة عند الرغبة في إرضاع الطفل طبيعياً لتختار الأدوية التي لا تضر بالطفل.
- تحتاج بعض النساء لدخول المستشفى لتلقي العلاج والعناية اللازمة، وهذا القرار تتخذه الطبيبة حسب ما تراه من شدة الأعراض المرضية ودرجة تأثر الأم أو الطفل بها، وخاصة في حالة عدم وجود من يهتم بالمرأة ويساندها ويشرف على علاجها في البيت.
- لابد من الانتباه إلى تقوية علاقة الأم بالوليد والتأكد من عدم رفضها له، ويكون ذلك باتباع الخطوات التالية:
- إرضاع الطفل طبيعياً كل ساعتين أو ثلاثة في مكان هادئ ووضع مريح لكل من الوالدة والرضيع، مع محاولة التطلع في عيني الطفل أثناء الرضاعة. وهذا ينطبق كذلك على الطفل الذي يتغذى على الحليب الصناعي.
- وضع الطفل بعد الرضاعة لينام في مكان هادئ، ومحاولة أخذ فترة من الراحة أثناء نومه.
- التحدث مع الرضيع ومناغاته من وقت لآخر.
- الطلب من الآخرين (الأب والأقارب) المشاركة في العناية بالمولود وإعطاء الأم فترات من الراحة.
- الخروج في نزهة بصحبة الطفل الوليد من وقت لآخر.
- التحدث مع الأطفال الآخرين لمنع غيرتهم من الطفل الوليد، وبيان حب الأم لهم جميعاً.