هذا ما وجدته في النوادي الرياضية النسائية
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الرياضة النسائية عندنا في السعودية ، لم تكن أمراً مثيراً للاهتمام ، إلا في السنوات الأخيرة ، وقد تكلم بعض أصحاب الفضيلة العلماء والدعاة في ضوابط مشروعيتها و ما قد يقع فيها من تجاوزات، فجزاهم الله عنّا خيراً ....
استبشرنا خيراً بوجود نوادي نسائية رياضية مغلقة (
و إن قلّ عددها ) ، لكن أعتقد أن وجود الرياضة في حياة المرأة و الفتاة السعودية أصبح مطلباً ملحاً إلى درجة كبيرة ، و خاصة بعد تزايد و ارتفاع معدلات السمنة بين أوساطنا نحن النساء ، بسبب تغير الحياة المعيشية و توفر سبل الراحة و قلة الحركة ....
أصابني ما أصاب هذه النسبة المرتفعة ، من زيادة في الوزن و ارتفاع بنسبة السكر و الكوليسترول ، وكنت ُ قد اشتغلت ُ كثيراً بالبحث العلمي و الدراسة ، و نسيتُ أن لبدني عليّ حقاً .... حتى جاء اليوم الذي تدهورت فيه صحتي ، في سنٍ صغيرةٍ أصبح (
العرسان) يطرقون فيه باب بيتنا ....
فلا أنا بتلك التي أستطيع تحمل آلام الجلوس الطويل للكتابة و الطلب .. و لا بالقادرة على القيام بأعباء المنزل مع الأسرة أو متطلبات الزوج المنتظر ....
و السبب هو داء (
السمنة ) وقانا الله و إياكم شره ....
رياضة المشي جيدة ، لكنها مملة و مرهقة في ظل أجواء الرطوبة التي أمقتها في مدينة جدة .. و لا أظن أنه أصبح من الأمان الآن أن تخرج الفتاة إلى الشارع لتمارس رياضة المشي ، حتى لو كانت بكامل حجابها ، و أولياء أمورنا قد لا يحتملون تكرر خروجنا للمشي في الشارع أو في المخططات البيضاء، حتى لو اصطحبناهم معنا ...
بالإضافة إلى أن من هي في مثل حالتي ، قد تحتاج إلى برنامج تأهيلي قبل أن تمارس رياضة المشي ، فالأمر بالنسبة لي صعب للغاية ..
قلتُ في نفسي : لعلي أقتني بعض الأجهزة الرياضية في بيتي ، و لعلها تسهل عليّ المشوار ، و تساهم في إنقاص وزني ، فكان الأمر كما كنتُ أرغب، لكن كنتُ بين الفينة و الأخرى أحنُّ لكتابة مقال أو مطالعة برنامج تربوي أو صحيفة أثناء التمرين ، أو أتذكر حاسوبي و كتبي أو يرن هاتفي فأنسى التدريب الذي جدولته لنفسي ، و أتكاسل ، و هكذا ...
آثرتُ أن أبقى سمينة ، قلتُ : وما للسمنة ؟ ألا ترون أن نساء موريتانيا يقوم أهاليهن بإرسالهن إلى بوادي معروفة بـ ــ( تسمين البنات ) و بعدها يصبحن مرغوبات من الرجال هناك ...
[ يعني لو سافرت ُ لموريتانيا فسترتفع أسهمي هناك ....]
ثم قلبتُ اتجاه البوصلة ، فقلتُ :طلب العلم لا يؤثر عليه سمنٌ أو نحافة ، لكن هذه القناعة تغيّرت ، عندما هبط مستواي التحصيلي و قلّت قدرتي على الجلوس ، بسبب الزيادة المطردة جدا ً في وزني ....
كانت الفحوصات الطبية سليمة إلا من ارتفاع بمعدل الدهون و السكر و بعض الضغط على العمود الفقري و مفصل الركبة (
ماذا بقي ؟؟ الحمد لله على كل حال)، و السبب الرئيسي هو السمنة ، و نظراً للآلام التي كنتُ أشعر بها ، كان لا بد من إجراء حميةٍ غذائية ، و تمارين تحت إشراف متخصص ، لأني قد أضر نفسي فيما لو مارست هذه التمارين لوحدي دون إشراف طبي ...
فجاءت فرصة التحاقي بنادي رياضي تابع لإحدى المستشفيات المشهورة (إلى حدٍ ما) عندنا في مدينة جدة ...
كنتُ حريصة غاية الحرص ألا يكون هناك محظورات شرعية في هذا النادي الذي سيستقبل جسدي الثقيل لمدة ساعتين يومياً ..فاستعلمتُ المسئولات بداية ً عن هذا ، فقلن لي : ليس عندنا أي محظورات ، نحن ملتزمون بالشريعة الإسلامية ...[
لم أكن أفقه أن معنى الالتزام بالشريعة الإسلامية معنى "مطاطي" بالنسبة لهن ، لكني وثقتُ فيما قلنه لي ، و دفعتُ الرسوم من أول ساعةٍ التحقتُ فيها بهذا النادي ]
طفتُ في أرجاء هذا النادي ، رأيتُ نسوة يتلقين دروساً في الأيروبيكس ، و أطفالاً يسبحون ، و أخريات ٍ هنا و هناك يهرولن و يرفعن الأثقال ... جوٌ مليءٌ بالنشاط و الحيوية و الخصوصية ... فحمدتُ الله على ذلك ، و اطمأنت نفسي ، و كانت تداعب مخيلتي صورتي و أنا أرى نفسي مشدودة القامة رشيقة نشيطة .... يااااااسلااااااااام ....
غمرني الحماس في داخلي ، إحساس ٌ لم أشعر به منذ زمن ...
كم مرّتْ أيام ، لم أشعر أنني شابة ، كنتُ دائماً أشعر أني عجوز ٌ سيتهشم عظمها في أية لحظة ، إن آلام المفاصل التي أشعر بها كانت تسبب لي اكتئاباً رهيباً ...
و جاء ذلك اليوم الذي ذهبتُ لشراء بذلة رياضية ، كان أخوتي يطلقون التعليقات عليّ ، فقد كان تغييراً جوهرياً سأحدثه في حياتي ، كان أمر ارتدائي بذلة رياضية ، أمرٌ غريب بالنسبة لشابة ٍ عُرفت بالوقار و الرزانة ...
طلبتُ أن يكون ما أرتديه ساتراً ، كان طلباً معقداً مبالغاً فيه (
سموه ما شئتم ) لكنه بالنسبة لي أمرٌ مسلمٌ به و مفروغ ٌ منه ، كقناعة شخصية ، لا أحيد عنها أبداً .
وجدتُ ضالتي في لباس ساترٍ محتشم ... لكن شكلي بدا لي غير مألوف أبداً .. شعرتُ أنني كرةً تتدحرج على الأرض ..
يتبع