بارك الله فيكم أخي الحبيب ( الصقار ) ، هذا الكلام مجانب للصواب ، فماء زمزم له صفات ومزايا عن سائر مياه الأرض وإليكم اولاً التفصيل في ذلك :
* أدلة السنة المطهرة على نفعه وفائدته :
1)- عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنها مباركة ، إنها طعام طعم ) ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 5 / 175 ، والإمام مسلـم في صحيحه - كتاب فضائل الصحابة ( 132 ) - برقم ( 2473 ) جزء من الحديث ، أنظر صحيح الجامع 2438 )0
2)- عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام من الطعم ، وشفاء من السقم ) ( السلسلة الصحيحة 1056 ) 0
قال المناوي : ( " خير ماء " بالمد " على وجه الأرض ماء " بئر " زمزم فيه طعام من الطعم " أي طعام إشباع أو طعام شبع من إضافة الشيء إلى صفته والطعم بالضم الطعام " وشفاء من السقم " أي شفاء من الأمراض إذا شرب بنية صالحة رحمانية - وفي قصة أبي ذر أنه لما دخل مكة أقام بها شهر لا يتناول غير مائها وقال دخلتها وأنا أعجف فما خرجت إلا ولبطني عكن من السمن ) ( فيض القدير – باختصار - 3 / 489 ) 0
3)- عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( زمزم طعام طعم ، وشفاء سقم ) ( صحيح الجامع 3572 ) 0
قال المناوي : ( " زمزم " وهي كما قال المحب الطبري بئر في المسجد الحرام بينها وبين الكعبة ثمان وثلاثين ذراعا سميت به لكثرة مائها أو لزمزمة جبريل وكلامه عندها أو لغير ذلك " طعام طعم " أي فيها قوة الاغتذاء الأيام الكثيرة لكن مع الصدق كما وقع لأبي ذر بل كثر لحمه وزاد سمنه يقال هذا الطعام طعم أي يشبع من أكله ويجوز تخفيف طعم جمع طعام كأنه قال إنها طعام أطعمه كما يقال أصل أصلا وشيد أشياد والمعنى أنه خير طعام وأجوده ذكره كله الزمخشري " وشفاء سقم " أي حسي أو معنوي مع قوة اليقين وكمال التصديق ولهذا سن لكل أحد شربه أن يقصد به نيل مطالبه الدنيوية والأخروية ) ( فيض القدير – 4 / 64 ) 0
4)- قال أبو الزبير : كنا عند جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - فتحدثنا ، فحضرت صلاة العصر ، فقام فصلى بنا في ثوب واحد قد تلبب به ، ورداؤه موضوع ، ثم أتى بماء زمزم فشرب ، ثم شرب ، فقالوا : ما هذا ؟ قال : هذا ماء زمزم ، قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ماء زمزم لما شرب له ) 0 قال : ثم أرسل النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة قبل أن تفتح مكة - إلى سهيل بن عمرو : أن اهد لنا من ماء زمزم ، ولا يترك 0 قال : فبعث إليه بمزادتين ) ( صحيح الجامع 5502 ) 0
قال المناوي : ( " ماء زمزم " الذي هو سيد المياه وأشرفها وأجلها قدرا وأحبها إلى النفوس وهمزة جبرائيل وسقيا اسماعيل " لما شرب له " لأنه سقيا الله وغياثه لولد خليله فبقي غياثا لمن بعده فمن شربه بإخلاص وجد ذلك الغوث وقد شربه جمع من العلماء لمطالب فنالوها ، قال الحكيم : هذا جار للعباد على مقاصدهم وصدقهم في تلك المقاصد والنيات لأن الموحد إذا رابه أمر فشأنه الفزع إلى ربه فإذا فزع إليه استغاث به وجد غياثا وإنما يناله العبد على قدر نيته ، قال سفيان الثوري : إنما كانت الرقى والدعاء بالنية لأن النية تبلغ بالعبد عناصر الأشياء والنيات على قدر طهارة القلوب وسعيها إلى ربها وعلى قدر العقل والمعرفة يقدر القلب على الطيران إلى الله فالشارب لزمزم على ذلك ) ( فيض القدير – 5 / 404 ) 0
5)- عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتيت ليلة أسري بي ، فانطلق بي إلى زمزم ، فشرح عن صدري ، ثم غسل بماء زمزم ، ثم أنزل ) ( متفق عليه ) 0
6)- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل ماء زمزم " في الأداوى والقرب ، وكان يصب على المرضى ويسقيهم " ) ( السلسلة الصحيحة 883 ) 0
قال المباركفوري : ( قوله " كان يحمله " فيه دليل على استحباب حمل ماء زمزم إلى المواطن الخارجة عن مكة ) ( تحفة الأحوذي - 4 / 32 ) 0
قال الدكتور ناصر بن عبدالرحمن الجديع صاحب كتاب " التبرك أنواعه وأحكامه " : ( من فضل ماء زمزم وبركته أن الله تعالى اختصه بخصائص شريفة أهمها ما يأتي :
1)- أنه أفضل مياه الأرض شرعا وطبا 0 والأحاديث والآثار تدل على ذلك ، قال العيني معلقا على حديث أبي ذر- رضي الله عنه - في قصة الإسراء والمعراج - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " 000 فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدري ، ثم غسله بماء زمزم000" " متفق عليه ": ( وهذا يدل قطعا على فضلها ، حيث اختص غسل صدره عليه الصلاة والسلام بمائها دون غيرها 0
2)- إشباع شاربه كما يشبعه الطعام 0 فقد ثبت في صحيح مسلم في قصة أبي ذر -رضي الله عنه- : ( أنه قدم مكة ليسلم ، أقام ثلاثين ، بين ليلة ويوم ، في المسجد الحرام ، فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم " فمن كان يطعمك ؟ " فقال أبو ذر : ما كان لي طعام إلا ماء زمزم ، فسمنت حتى تكسرت عكن ( عكن : جمع عكنة وهي الطي الذي في البطن من السمن 0 يقال : تعكن البطن إذا صار ذا عكن - الصحاح للجوهري - 6 / 2165 ) بطني ، وما أجد على كبدي سخفة جوع ( سخفة جوع : أي رقته وهزاله ، والسخف بالفتح رقة العيش ، وبالضم رقة العقل ، وقيل هي الخفة التي تعتري الإنسان إذا جاع ، من السخف وهي الخفة في العقل وغيره – النهاية لابن الأثير – 2 / 350 ) ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم " إنها مباركة ، إنها طعام طعم 0 ) ( تم تخريجه سابقاً ) ، قال ابن الأثير - رحمه الله - : " أي يشبع الإنسان إذا شرب ماءها كما يشبع من الطعام " ( النهاية لابن الأثير - 3 / 125 ) 0
3)- الاستشفاء بشربه من الأسقام 0 وقد أورد الأحاديث الدالة على ذلك ونقل كلام ابن القيم –رحمه الله – حيث يقول : ( وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أمورا عجيبة ، واستشفيت به من عدة أمراض ، فبرأت بإذن الله ) ( زاد المعاد - 4 / 393 ) 0
4)- إنه لما شرب له 0 وقد نقل عن ابن العربي – رحمه الله – تعالى أنه قال عن نفع ماء زمزم : " وهذا موجود فيه إلى يوم القيامة لمن صحت نيته ، وسلمت طويته ، ولم يكن به مكذبا ، ولا يشربه مجربا ، فإن الله مع المتوكلين ، وهو يفضح المجربين " 0
5)- ومن الخصائص الأخرى لماء زمزم ما ذكره الإمام الزركشي : أن الله تعالى خصه بالملوحة ليكون الباعث عليه الملمح الإيماني ، ولو جعله عذبا لغلب الطبع البشري ) ( إعلام الساجد بأحكام المساجد – ص 206 ) 0
ومعنى هذا ما قاله أحد العلماء : إنما لم يكن عذبا ليكون شربه تعبدا لا تلذذا " نقل ذلك الشيخ عبدالله بن حميد - رحمه الله - في كتاب هداية الناسك إلى أهم المناسك - 51 عن ابن عرفه - رحمه الله - " ) ( التبرك أنواعه وأحكامه – بتصرف واختصار – ص 281 ، 286 ) 0
ومن هنا يتضح أثر ونفع ماء زمزم بإذن الله عز وجل ، فكيف به إذا خالط الريق الذي اختلط بكلام الله عز وجل 0
هذا ما تيسر لي أخي الحبيب ( الصقار ) ونورت المنتدى ، زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0