بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أتعرف أخى الكريم
إن من أصعب الأمور على الرجل
أن يجاهد نفسه وغيره من أجل إيصال الخير للغير
ولكن لا يصل هذا الخير كاملا
ولا يعجز عن إيصال هذا الخير لضيق يد أو قلة حيلة
والأصعب منه
أن يصل هذا الخير ولكن يٌقابل هذا الخير
بالأذى والسفه لجهل الذين أحسن الإنسان إليهم
ولقد رأيت بعيني رأسي هذا كثيرا
زارنى أخ حبيب إلى قلبي - الشيخ عباس - من حوالى 6 سنوات تقريبا
ونظرا لأنه أتانى من سفر بعيد فأخذتنا لهفة الشوق وأنا أسأل عنه وعن حاله وهو يطمئن على أحوالى ونحن لا نزال واقفين على باب الشقة ولم ندخل بعد
دخل ابنه الصغير حوالي 3 سنوات مسرعا إلى داخل البيت - وكنت أعزبا - فوجد زجاجة ماء على المنضدة ولكن لم يكن بها ماء بل وضعت فيها قليلا من ( الكلور المركز) سائل التنظيف الحارق المشهور وبينما نحن منشغلان بالسلام والكلام
والإطمئنان على الأحوال والأخبار
سأله طفله وهو ممسك بالزجاجة :
" أبى انا عطشان ممكن أشرب ؟"
ولم أنتبه أنها لسيت زجاجة ماء
ظننته أتى بها من الثلاجة فقلت له اشرب
وشرب الولد فعلا وفورا أطلق الولد صرخة مدوية شقّت سكون الليل
فهرعنا إلى الداخل وإذا بالولد المسكين يتلوى على الأرض ومن رائحة الكلور تذكرت وكنت أسكن فى الدور العاشر ولا يوجد مصعد كهربي
حمل الرجل ولده ونزل الدرج مسرعا وهو يحاول جاهدا أن يجبر الولد على القئ حتى يتخلص من هذه المادة السامة ويضع يده فى فم الطفل ويضربه على ظهره و و .. إلخ
وانطلقنا بالسيارة فى جنبات الليل البهيم لا نعرف طريقا
- إذ أنى كنت أعمل بهذه البلد حديثا - ولا أعرف فيها حتى أسماء الشوارع
رحنا نسأل عن أى مستشفى أو مكان طبي أو حتى صيدلية
ووصلنا بفضل الله إلى المستشفى أخيرا
فطلب منا الطبيب شراء بعض المتطلبات للعلاج
( بيض - لبن - .. إلخ ) المهم
انطلقنا نشترى هذه الطلبات وراح الولد فى غيبوبة عميقة
وبعد أن أتينا بهذه الطلبات وبعد عدة محاولات شبه يائسة
منّ الله على الطفل بالحياة من جديد
والشاهد من القصة
أن هذا الطفل لما أفاق
نظر بعينين دامعتين إلى أبيه وقال له :
كده يا أبى انت بتضربنى عشان شربت ميه ؟؟
أنت بتضربنى وانا بحبك يا أبي؟؟
فلم أتمالك نفسي من البكاء
إذ أن الولد دخل فى حالة نفسية عصيبة حللها الطبيب النفسي بعد ذلك بأن الطفل شعر بالظلم والاضطهاد إذ أنه استأذن قبل أن يشرب وهو يظن أننا نعاقبه على أنه شرب
فرحت أنظر إلى الولد
يعاتب أباه على أنه ضربه وهو يحبه
فقلت له
وهل تظن يا بني أن أباك لا يحبك فضربك؟
لا يمكن أن يقول عاقل بأن الرجل ضرب ولده ليموت
بل ضربه حتى لا يموت
--------------
هذا هو مغزى موضوعى
أن يبذل الرجل كل ما يملك من أجل إيصال الخير للغير
فيقابل بالأذى والاتهام بسبب سفه وجهل من وصل الخير لهم
وإنا لله وإنا إليه راجعون
منقول