كلمة إلى المرأة المسلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه ,
أما بعد :
فإن الدين الإسلامي لم يضيِّق على المرأة في شيء والحمد لله , ومن أصدق الأدلة على ذلك وأوضحها وأقربها إلى الأذهان والعقول أنك لا تكاد تجد امرأةً مسلمةً متمسكةً بدينها ومحافظةً على هويتها وأخلاقها الإسلامية إلا وهي سعيدةٌ في حياتها, موفقةٌ في أعمالها التي أنيطت بها باعتبارها مربيةً للأجيال وصانعةً للرجال , لا تشعر أبداً بتأنيب الضمير أو مصادمة الفطرة أو الشعور بالاحتقار والنقص , ولقد تذكرت شيئاً له علاقة بالشعور بالهوان والنقص عند المرأة, وذلك أني كنت أقرر في أحد الدروس : أن المرأة المتبرجة تنظر إلى نفسها بنظرة النقص والازدراء إذا رأت امرأة متحجبة , وأنها تتمنى لو كانت مثلها في عفافها و حجابها , وأن هذا الشعور لا تخلو منه نفسُ أنثى , إلا أنه ينقص ويضعف على قدر ما عند المرأة المتبرجة من الانحراف وانتكاسة الفطرة , وربما مات هذا الشعور إذا ماتت الأنوثة في نفس المرأة . وأن الذين يحاربون الحجاب , لا يحاربونه لكونه رمزاً دينياً فحسب, بل يحاربونه لأنه رمز وشعار على العفة والفضيلة , ولما فيه من الإحراج للمتبرجات المتهتكات , فإن شعور النقص لا يفارقهن مع رؤية هذا الحجاب الإسلامي . فأرسلت إليَّ إحدى الأخوات الوافدات ممن حضرن الدرس تؤكد هذه الحقيقة , وأنها لمست هذا الشعور عند المتبرجات إبان دراستها في الجامعة .
فالدين الإسلامي كفل للمرأة المحافظة على الفطرة والاستقامة على الأخلاق الفاضلة والشعور بالكمال والسعادة , وأن خروج المرأة عن تعاليم الإسلام و آدابه قد يجعلها سلعةً رخيصة أو لقمة سائغةً أو فاكهةً مباحةً لمن لا يساوي ظفرها لو كانت متمسكةً بدينها وأخلاقها , فالواجب على المرأة المسلمة أن تكون على قدر من الوعي والإدراك , وأن ترضى بما رضي الله لها من الدين والأخلاق والمحافظة , فهذه جنتها في الدنيا , وهو طريقها إلى جنة الآخرة , أما ما يَعِدُها به دُعاة التغريب والفساد فهو شقاؤها في الدنيا , وطريقها إلى شقائها في الآخرة – والعياذ بالله – ** تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ** النساء ( 13-14 )
فهذه ذكرى – والذكرى تنفع المؤمنين – أُذكِّر بها المرأةَ المسلمةَ لتزداد تمسكاً بدينها , وثباتاً على أخلاقها ؛ فإنها لا تعدم في هذه الأيام شيطاناً من شياطين الأنس ُيزهَّدها في آدابها الشرعية , أو يسخر من تعاليمها الإسلامية , فإن هؤلاء كما قال الله عز وجل وهو أصدق القائلين : ** وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ** النساء (27)
وهؤلاء الذين يتبعون الشهوات, قد تعلموا – من دروس وتجارب أساتذتهم الغربيين – أن هذا الميل العظيم للمجتمع لا يتحقق ولا ينجح النجاح المطلوب إلا بإفساد المرأة وإخراجها عن طبيعتها وأنوثتها حتى تتمرد على دينها وأخلاقها , وأن هذا الإفساد للمرأة لا يتحقق ولا ينجح النجاح المطلوب إلا إذا خرج في قالب الدفاع عنها وعن حقوقها , وأنكم إذا رفعتم هذا الشعار ( الدفاع عن حقوق المرأة ) فلن يقف في طريقكم أحد لا حاكم ولا محكوم , وكلما حققتم شيئاً من الإفساد المطلوب غلِّفوه بغلاف الإصلاح والنهوض بالبلاد ... وهكذا تخادعون العامة وتكممون أفواه الخاصة , فمن يعترضكم فإنما يعترض طريق الإصلاح والتنمية ...
فيالله ! كم خُدعت أمم وأفسدت مجتمعات بهذه الأساليب والشعارات . حتى قال باحث أمريكي متخصص في شؤون المرأة : لم نعط المرأةَ حقوقَها, بل أعطيناها اللعنة !
وكتبه / عبدالحميد بن خليوي الجهني
الاثنين غرة ربيع الأول 1431 هـ
ينبع