(2451) - (روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال فى الفتنة: " اجلس فى بيتك فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فغط وجهك " وفى لفظ: " فكن كخير ابنى آدم " وفى لفظ: " فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل ".
* صحيح.
وهو من أحاديث جمع من الصحابة رضى الله عنهم:
الأول: عن أبى ذر قال: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا ذر , قلت لبيك يا رسول الله وسعديك ـ فذكر الحديث , قال فيه ـ: كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف؟ قلت: الله ورسوله أعلم , أو قال: ما خار الله ورسوله , قال: عليك بالصبر أو قال: تصبر ثم قال لى: يا أبا ذر! قلت لبيك وسعديك , قال: كيف أنت إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت بالدم , قلت: ما خار الله لى ورسوله , قال عليك بمن أنت منه , قلت: يا رسول الله أفلا آخذ سيفى وأضعه على عاتقى قال: شاركت القوم إذن , قلت: فما تأمرنى؟ قال: تلزم بيتك , قلت: فإن دخل على بيتى , قال: فإن خشيت أن يبهرك شعاع السيف , فألق ثوبك على وجهك يبوء بإثمك وإثمه ".
أخرجه أبو داود (4261) وابن ماجه (3958) والحاكم (4/424) والبيهقى (8/191) عن حماد بن زيد عن أبى عمران الجونى عن المشعث بن طريف عن عبد الله ابن الصامت عن أبى ذر.
وقال أبو داود: " لم يذكر المشعث فى هذا الحديث غير حماد بن زيد ".
قال الحافظ فى " التهذيب ": " وقد رواه جعفر بن سليمان وغير واحد عن أبى عمران عن عبد الله بن الصامت نفسه.
فالله تعالى أعلم ".
قلت: أخرجه ابن حبان (1862) عن مرحوم بن عبد العزيز , والحاكم (4/423) وابن حبان أيضا (1863) عن حماد بن سلمة , وأحمد (5/163) عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمى , ثلاثتهم قالوا: حدثنا عبد الله بن الصامت به.
قلت: فهؤلاء ثلاثة ثقات ورابعهم جعفر بن سليمان (1) كلهم لم يذكروا فى الإسناد المشعث بن طريف , فهم أحفظ من حماد بن زيد , وعليه فالسند صحيح , وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "!
ووافقه الذهبى!.
قلت: وحماد بن سلمة إنما احتج به مسلم وحده , ومثله عبد الله بن الصامت.
الثانى: عن أبى موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن بين يدى الساعة فتنا كقطع الليل المظلم , يصبح الرجل فيها مؤمنا , ويمسى كافرا , ويمسى مؤمنا , ويصبح كافرا , القاعد فيها خير من القائم , والماشى فيها خير من الساعى , فكسروا قسيكم , وقطعوا أوتاركم واضربوا سيوفكم بالحجارة , فإن دخل بغى على أحد منكم فليكن كخير ابنى آدم " أخرجه أبو داود (4259) وابن حبان (1869) والبيهقى عن عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن جحادة عن عبد الرحمن بن ثروان عن هزيل بن شرحبيل عنه.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخارى.
وله شاهد من حديث حذيفة , يرويه ربعى بن حراش عنه قال: " قيل: يا أبا عبد الله ما تأمرنا إذا اقتتل المصلون؟ قال: آمرك أن تنظر أقصى بيت من دارك فتلج فيه , فإن دخل عليك فتقول: ها بؤ بإثمى وإثمك , فتكون كابن آدم ".
أخرجه الحاكم (4/444 ـ 445) من طريق الحسين بن حفص حدثنا سفيان عن منصور عن ربعى بن حراش.
وقال: " حديث صحيح على شرط الشيخين ".
قلت: الحسين بن حفص لم يخرج له البخارى , فهو على شرط مسلم وحده. وله طريق أخرى عن حذيفة قال: " إياك والفتن لا يشخص لها أحد , فو الله ما شخص منها أحد إلا نسفته كما ينسف السيل الدمن , إنها مشبهة مقبلة حتى يقول الجاهل هذه تشبه مقبلة , وتتبين مدبرة , فإذا رأيتموها فاجتمعوا فى بيوتكم واكسروا قسيكم , واقطعوا أوتاركم , وغطوا وجوهكم ".
أخرجه الحاكم (4/448) من طريق أبى إسحاق عن عمارة بن عبد عنه وقال: " صحيح الإسناد ".
ووافقه الذهبى.
قلت: عمارة بن عبد قال الذهبى فى " الميزان ": " مجهول لا يحتج به.
قاله أبو حاتم , وقال أحمد: مستقيم الحديث , لا يروى عنه غير أبى إسحاق ".
قلت: وهو بهذا اللفظ شاهد للحديث الأول كما هو ظاهر , وهو شاهد جيد إن شاء الله تعالى.
الثالث: عن خباب بن الأرت أن النبى صلى الله عليه وسلم ذكر فتنة فقال , فذكر مثل حديث أبى موسى إلا أنه قال: " والماشى خير من الساعى , فإن أدركتك فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل ".
أخرجه أحمد (5/110) والآجرى فى " الشريعة " (ص 42 ـ 43) والطبرانى فى " المعجم الكبير " (1/188/1) عن حميد بن هلال عن رجل من عبد القيس كان مع الخوارج ثم فارقها عن عبد الله بن خباب عن أبيه.
وفيه قصة.
ورجاله ثقات غير الرجل الذى لم يسم.
لكن يشهد له حديث جندب بن سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره نحو حديث أبى موسى مختصرا وفيه: " فقال رجل من المسلمين: فكيف نصنع عند ذلك يا رسول الله؟ قال: ادخلوا بيوتكم , وأخملوا ذكركم , فقال رجل: أرأيت إن دخل على أحدنا بيته؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتمسك بيده , ولتكن عبد الله المقتول , ولا تكن عبد الله القاتل , فإن الرجل يكون فى فئة الإسلام فيأكل مال أخيه , ويسفك دمه , ويعصى ربه , ويكفر بخالقه , وتجب له النار ".
أخرجه الطبرانى (1/86/2) عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عنه.
قلت: وهذا إسناد جيد بالذى قبله , فإن شهرا إنما نخشى منه سوء الحفظ , ومتابعة ذلك الرجل القيسى إياه دليل على أنه قد حفظ.
والله أعلم.
الرابع: عن سعد بن أبى وقاص نحو حديث أبى موسى وفيه: " أفرأيت إن دخل على بيتى فبسط يده إلى ليقتلنى؟ قال: كن كابن آدم " أخرجه أحمد (1/185) بسند صحيح على شرط مسلم.
الخامس: عن خالد بن عرفطة قال: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خالد إنها ستكون بعدى أحداث وفتن واختلاف , فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول لا القاتل فافعل ".
أخرجه أحمد (5/292) والحاكم (3/281) من طريق على بن زيد عن أبى عثمان النهدى عنه.
سكت عنه الحاكم والذهبى , وعلى بن زيد هو ابن جدعان , سىء الحفظ , لكن الأحاديث التى قبله تشهد له.
__________
(1) ثم وجدت له متابعا , وهو شعبة , أخرجه البيهقى.
الكتاب : إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى : 1420هـ)