هل تشعر أن عامة الأشياء تحدث ضد ما تريد ؟
هل تشعر بالحزن لأن شيئا - غير متوقع - حدث ؟
هل تشعر بخيبة الأمل لأن النتائج لم توافق توقعاتك ؟
إن التوقع المسبق للأمور - قبل حدوثها - هو الركيزة الأساسية التي تفسّر شعورنا نحو النتائج لاحقا
هب أنك جالس في بيتك ( بالبيجاما ) ، وثمة سيارة صدمت سيارتك الواقفة بجانب العمارة ، فنزلت مهرولا ب ( بيجامتك ) الى الاسفل لتستوضح الأمر ، إن استوفقك أحدهم وأخبرك أنك شخص غريب حقا ، فمن غير المناسب أن تمشي بالشارع هكذا ، لن تحزن ، فأنت تعرف من البداية أنه ليس من الطبيعي أن تكون في الشارع ببيجامتك .
أما ان ذهبت الى حفل أو اجتماع رسمي ، وأعددت زيّا لهذه الغاية ، ثم تفاجئت بمن يخبرك أن مظهرك غير مناسب !
من المؤكد ستشعر حينها بالانزعاج والاحباط أو الحزن ، فليس هذا التعليق ما كنت تتوقعه !
ولكننا ، لا نريد أن نتوقع ، فالكثير من الحكم والمقولات تمنعنا من التوقع المسبق حتى للأمور التي من الواضح أنها تسير للأسوء
ثمة قطع فضية صغيرة داخل أنفسنا تمنينا أن الجو جميل والطقس معتاد ، فنتجاهل الغيوم التي تنذر بفيضان أو طوفان ، ولا نريد تصديقها . .
ان سبب الاحباط والاكتئاب والحزن ، الذي يصيب البعض لدى حدوث المفاجآت ، هو أن الانسان يأمل ان تبقى الامور على ما هي عليه ولا يريد ان يتخيل ان ثمة شيء تغيّر ، وبرغم قناعتنا ان ( لا شيء يدوم ) ، الا اننا لا نستطيع ان نواجه هذا المفهوم بمصداقية مع انفسنا عند حدوث الأزمات .
إننا - دون أن ندري - نعاكس طبيعتنا البشرية البيولوجية
تخيل أنك جالس في غرفة مضاءة ، وفجأة انقطع التيار الكهربائي ، وساد حولك ظلام دامس
في الثواني الأولى ، لن تتمكن من رؤية شيء ، لأن الظلام سيعيقك تماما ، ولكن بعد قليل ستبدأ عينك في التكيف مع الظلام وتبدأ بمعرفة الأشياء ومواقعها
ان القبول ، هو ما عليك أن تفعله ،
ربما كل النصائح والارشادات ، تذهب في هذا الاتجاه
وعادة ما يخبرك الناس ، أن عليك أن تقبل الوضع الجديد ،
ولكن،
هل من يعلمنا كيف نفعّل القبول في أرضياتنا وكيف نحصل عليه ؟
هل تعلم ما يفعله المدراء عادة ؟
انهم يذهبون للعمل ، لمواجهة ازمات جديدة كل يوم ، ومشكلات غريبة ، والتفكير في حلول ، وصنع قرارات ، وقد يقتضي الامر تغيير استرتيجيات معينة للشركة ، او الإضافة اليها ، أو الحذف منها ........ ولكنهم أبدا لا يختفون ! ولا يجلسون محبطين باكين ! لأن امامهم مسؤولية كبيرة ، وعليهم أن يجدوا حلا!
كل ما عليك إذن ان تعرفه هو أنك مدير نفسك ، وان أمامك مسؤولية كبيرة عليك أن تفعل كل ما بوسعك لأجلها ، وهي مسؤوليتك أنت أمام نفسك وأمام الله .
وأن الحزن لن يجدي ، والبكاء على اللبن المسكوب لن يجدي ، والبقاء في مكانك فيه معارضة لطبيعتك البيولوجية ، وفيه معاكسة لسنة الكون ، فكل الأشياء تتكيف حسب الأوضاع الراهنة ، حتى أبسط أجزاء جسدك ، وكل المخلوقات غير العاقلة .
بإمكانك الآن، أن تفهم أن معنى ( القبول ) هو التكيف وبدء التحرك ضمن الخيارات المتاحة ، وليس الاذعان والاستسلام للأحزان
أنت إن أمعنت التفكير بعيدا عن فوضى الحزن والسوداوية ، ستجد خيطا رفيعا يقودك الى مكان ما خارج بئر الظلام .
فكر بالماء ، الذي يستطيع أن يتكيف في أي حجم أو مجرى يوضع فيه !
نحن نحتاج الى الإيمان بأن الأشياء ( تتغير )، فهذا ما يحدث ، وأن نكفّ عن الانجراف وراء فانتازيا أنفسنا
وبعدها لن يكون في حياتنا ما يسمى ... خسارة مؤلمة
تعلم أن تقرأ ما بين السطور
فحتى الخسائر ، تلزمنا أحيانا ،.........ليس ( لنبكي عليها )
بل لندرك قيمة ( ما بقي في حوزتنا )
حاول دوما أن تنشغل في قراءة ( الحكمة ) مما حصل .....بدل أن تنشغل في البكاء على الاطلال
حينها ..لن تنجرف وراء الأحزان
إن الحزن نفسه ، رسالة بيولوجية من أعماق باطنك
تنذرك أن الأمور ليست على ما يرام وان عليك أن تتحرك لتجد حلاّ
ثم تعلم .. أن تحزن واقفا
حتى يذكّرك تعب ركبتيك ... بنفاد الوقت