يقولُ الشَّاطبيُّ رحمهُ اللهُ في شأنِ تعيينِ أهلِ الزَّيغِ بأسمائِهم والتَّشهيرِ بهم :
« حَيْثُ تَكُونُ الفِرْقَةُ تَدْعُو إِلَى ضَلَالَتِهَا وَتَزْيِينِهَا فِي قُلُوبِ العَوَامِّ ، وَمَنْ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ،
فَإِنَّ ضَرَرَ هَؤُلَاءِ عَلَى المسْلِمِينَ كَضَرَرِ إِبْلِيسَ،
وهُمْ مِنْ شَيَاطينِ الإِنْسِ،
فَلَابُدَّ مِنَ التَّصْريحِ بِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ البِدْعَةِ والضَّلَالَةِ، ونِسْبَتُهُمْ إِلَى الفِرَقِ إِذَا قَامَتْ لَهُ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّهُمْ مِنْهُمْ ؛
كَمَا اشْتُهِرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِه .
فَمِثْلُ هَؤُلَاءِ لَابُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمْ والتَّشْريدِ بِهِمْ،
لِأَنَّ ما يَعُودُ عَلَى المسْلِمينَ مِنْ ضَرَرِهِمْ إذَا تُرِكُوا، أَعْظَمُ مِنَ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِذِكْرِهِمْ
والتَّنْفيرِ عَنْهُمْ » .
_الاعتصام ( 2 / 731 )
يقولُ الحافظُ الذَّهبيُّ رَحِمهُ اللهُ :
« الصَّدعُ بالحَقِّ عَظِيْمٌ،
يَحْتَاجُ إِلَى قُوَّةٍ وَإِخْلاَصٍ،
فَالمُخْلِصُ بِلاَ قُوَّةٍ يَعجِزُ عَنِ القِيَامِ بِهِ،
والقَوِيُّ بِلاَ إِخلاَصٍ يُخْذَلُ،
فَمَنْ قَامَ بِهِمَا كَامِلاً، فَهُوَ صِدِّيْقٌ » .
_ سير أعلام النبلاء ( 21 / 278 )
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية رحمهُ اللهُ في شأنِ أهلِ الزَّيغِ والضَّلالِ والذَّابينَ عنهم :
« ويَجِبُ عُقُوبَةُ كُلّ مَنْ انْتَسَبَ إلَيْهِمْ ،
أَوْ ذَبَّ عَنْهُمْ ، أَوْ أَثْنَى عَلَيْهِمْ ، أَوْ عَظَّمَ كُتُبَهُمْ ، أَوْ
عُرِفَ بِمُسَاعَدَتِهِمْ وَمُعَاوَنَتِهِمْ ،
أَوْ كَرِهَ الكَلَامَ فِيهِمْ ، أَوْ أَخَذَ يَعْتَذِرُ لَهُمْ
بِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَدْرِي مَا هُوَ ،
أَوْ مَنْ قَالَ : إنَّهُ صَنَّفَ هَذَا الكِتَابَ
وَأَمْثَالَ هَذِهِ الْمَعَاذِيرِ الَّتِي لَا يَقُولُهَا
إلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُنَافِقٌ ؛
بَلْ تَجِبُ عُقُوبَةُ كُلّ مَنْ عَرَفَ حَالَهُمْ ،
وَلَمْ يُعَاوِنْ عَلَى الْقِيَامِ عَلَيْهِمْ ؛
فَإِنَّ الْقِيَامَ عَلَى هَؤُلَاءِ مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ ؛
لِأَنَّهُمْ أَفْسَدُوا الْعُقُولَ وَالْأَدْيَانَ
عَلَى خَلْقٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ ،
وَهُمْ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ،
وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ؛
فَضَرَرُهُمْ فِي الدِّينِ :
أَعْظَمُ مِنْ ضَرَرِ مَنْ يُفْسِدُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ
دُنْيَاهُمْ وَيَتْرُكُ دِينَهُمْ كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ
وَكَالتَّتَارِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ مِنْهُمْ الْأَمْوَالَ
وَيُبْقُونَ لَهُمْ دِينَهُمْ » .
_ مجموع الفتاوى ( 2 / 132 ) .
قال الإمامُ ابنُ قيم الجوزية رحمه اللهُ :
« القلمُ الثَّاني عشر :
القلمُ الجامعُ ، وهو قلمُ الرَّدِّ على المبطلينَ ،
ورفعِ سُنَّةِ المحِقَّينَ ، وكشفِ أباطيلِ المبطلينَ
- على اختلافِ أنواعِها وأجناسِها - ،
وبيانِ تناقضِهم ، وتهافتِهم ،
وخُروجِهم عنِ الحقِّ ، ودُخولهم في الباطلِ .
وهَذَا القلمُ - في الأقلامِ -
نظيرُ الملوكِ في الأنامِ .
وأصحابُهُ أهلُ الحُجَّةِ الناصرونُ
لما جاءتْ بهِ الرُّسلُ ، المحاربونَ لأعدائِهم .
وهُم الدَّاعونَ إلى اللهِ بالحكمةِ
والموعظةِ الحسنةِ ، المجادلونَ لمنْ خَرجَ
عنْ سبيلِه بأنواعِ الجدالِ .
وَأَصحابُ هذا القلمِ حَرْبٌ لكُلِّ مُبطلٍ ،
وعَدُوٌّ لكُلِّ مُخالفٍ للرُّسلِ ؛ فَهم في شأنٍ
وغيرُهُم منْ أصحابِ الأقلامِ في شأنٍ » .
_التبيان في أقسام القرآن ( ص 210 )
لابن القيم الجوزية .
روى عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ ، قَالَ :
جَلَسْتُ إِلَى قَتَادَةَ فَذَكَرَ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ
فَوَقَعَ فِيهِ وَنَالَ مِنْهُ ؛ فَقُلْتُ : أَبَا الْخَطَّابِ :
أَلَا أَرَى العُلَمَاءَ يَقَعُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ ؟
فَقَالَ : يَا أَحْوَلُ أَوَلَا تَدْرِي
أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ابْتَدَعَ بِدَعَةً
فَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُذْكَرَ حَتَّى تُحْذَرَ ؟ ،
فَجِئْتُ مِنْ عِنْدِ قَتَادَةَ ، وَأَنَا مُغْتَمٌّ بِمَا سَمِعْتُ
مِنْ قَتَادَةَ فِي عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ،
وَمَا رَأَيْتُ مَنْ نُسُكِهِ وَهَدْيِهِ،
فَوَضَعْتُ رَأْسِي نِصْفَ النَّهَارِ ،
وَإِذَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَالْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ ،
وَهُوَ يَحُكُّ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ ؛ فَقُلْتُ :
سُبْحَانَ اللهِ ! تَحُكُّ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ ؟
قَالَ إِنِّي سَأُعِيدُهَا .
قَالَ : فَتَرَكْتُهُ حَتَّى حَكَّهَا .
فَقُلْتُ لَهُ : أَعِدْهَا . فَقَالَ : لَا أَسْتَطِيعُ » .
_الاعتصام ( 2 / 731 )