م / هي الأرض البائرة التي لا يعلم لها مالك .
ذكر المصنف – رحمه الله – تعريف إحياء الموات . والمَوَات بفتح الميم والواو الأرض التي لا مالك لها من الآدميين ولا ينتفع بها أحد .
وهذا معنى قول المصنف – رحمه الله – البائرة : المتروكة التي لم تزرع .
التي لا يعرف لها مالك : هذا شرط الموات ، أن تكون الارض التي يراد إحياؤها لا يعلم لها مالك معين .
تعريف الموات عند الفقهاء : هي الأرض المنفكة عن الاختصاصات وملك معصوم .
المنفكة عن الاختصاصات : أي التي لا يختص بها واحد بعينه ، كالأرض الخراب الدارسة التي لا يملكها أحد ولا يتعلق بها مصلحة عامة .
فالأرض التي فيها مصلحة لأهل البلد فلا يجوز إحياؤها ، كأن تكون الأرض مدفن الأموات لأهل البلد ، أو كانت هذه الأرض يستنبطون منها الملح أو يأخذون منها الحجارة أو غير ذلك فلا يجوز إحياؤها .
وملك معصوم : أي : ما جرى عليه ملك معصوم بشراء أو عطية أو غيرها ، فلا يملك بالإحياء لأنه ملك لصاحبه .
إذاً يشترط لإحياء الأرض الموات شرطان :
الأول : ألا يكون لها مالك معين .
الثاني : ألا تكون من اختصاصات البلد .
ذكر المصنف – رحمه الله - بما يحصل الإحياء فقال :
ذكر – رحمه الله – أن الإحياء يحصل بالتحويط ، أي يبني جداراً منيع يحيط بها ويحميها ، ويكون كما جرت به عادة أهل البلد ، ومعنى منيع : ألا يدخل إلى ما وراءه إلا بباب .
هذا الأمر الثاني مما يحصل به الإحياء ، وهو حفر بئر في الأرض الموات ووصل إلى الماء ، فهذا يكون إحياء .
هذا الأمر الثالث مما يكون به الإحياء ، وهو سوق الماء وإجراؤه إلى الأرض الموات من عين أو نهر ونحوهما .
§سقيها بماء المطر لا يكون إحياء .
م / أو منع ما لا تزرع معه .
--------------
هذا الأمر الرابع ما يحصل به الإحياء ، وهو قلع الأشجار والأحجار المانعة من زرعها وسقيها ، ويزيل عنها ما لا يمكن زرعها معه .
مثال : فيها أشجار وحشائش لا يمكن زرعها معها فجاء بجرافه وقلعها فهذا احياء .
م / ملكها بجميع ما فيها .
-------------
أي : إذا فعل بها ما مضى من الإحياء فقد ملك الأرض ومنافعها ومعادنها الباطنة ملكاً له شرعاً لحديث عائشة . عن النبي e قال ( من أعمرَ أرضاً ليست لأحد فهو أحق ) رواه البخاري .
وعن سعيد بن زيد . عن النبي e قال ( من أحيا أرضاً ميتةً فهي له ، وليس لعرق ظالم حق ) رواه أبو داود
§هل يشترط إذن الإمام لإحياء الموات ؟ اختلف العلماء على قولين :
القول الأول : أنه لا يشترط .
وهذا مذهب الجمهور .
للحديث السابق ( من أحيا أرضاً ميتة ..... ) فالرسول e حكم بملكية الموات لمن أحياه ولم يذكر إذن الإمام .
واستدلوا – أيضاً – بأن الأرض الموات ليست ملكاً لبيت المال ، بل هي مال مباح ، كالاحتشاش والاحتطاب ، والمباح لمن سبقت يده إليه ، وقد سبقت اليد إليه بالإحياء ، فهو لمن أحياه .
القول الثاني : أنه يشترط إذن الأمام .
وهذا مذهب أبي حنيفة . وذلك لأمرين :
الأول : أن الأرض الموات في سلطان الإمام ويعتبر بولايته على البلدان واضع اليد عليها ، فلا يُستولى على ما تحت يده إلا بإذنه .
الثاني : أن الإحياء من غير إذن الإمام قد يدفع إلى التزاحم والنزاع .
والصحيح الأول أنه لا يشترط ، لكن في هذا الزمان ينبغي أن يكون بإذن الإمام لما يترتب من عدم الإذن المفاسد والنزاعات والخصومات .
م / إلا المعادن الظاهرة .
--------------
أي : ولا يملك بالإحياء المعدن الظاهر ، وهي التي لا تحتاج إلى عمل ، بل يتوصل إليها بلا مؤنة ، كالملح والجص والكحل ، فهذه لا يجوز إقطاعها ، بل الناس فيها شركاء ، كالكلأ ومياه الأودية .