672 - " ولد الزنا شر الثلاثة " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 281 :
أخرجه أبو داود ( 3963 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 1 / 391 ) و الحاكم ( 2 /
214 ) و البيهقي ( 10 / 57 ، 59 ) و أحمد ( 2 / 311 ) من طرق عن سهيل بن أبي
صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فذكره . و زاد البيهقي في رواية : " قال سفيان : يعني إذا عمل بعمل أبويه " .
و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي ، و هو كما قالا .
و تابعه عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة به . أخرجه الحاكم و عنه البيهقي
. قلت : و إسناده حسن في المتابعات و الشواهد .
و تفسير سفيان المذكور قد روي مرفوعا من حديث عبد الله بن عباس ، و عائشة .
أما حديث ابن عباس فيرويه ابن أبي ليلى عن داود بن علي عن أبيه عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولد الزنا شر الثلاثة ، إذا عمل بعمل أبويه "
. أخرجه ابن عدي ( 127 / 2 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 92 / 2 )
و " الأوسط " ( 1 / 183 / 2 ) و قال : " لم يروه عن داود إلا ابن أبي ليلى " .
قلت : و اسمه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، و هو ضعيف لسوء حفظه . و أما
حديث عائشة ، فيرويه إبراهيم بن إسحاق عن محمد بن قيس عنها به . أخرجه هكذا ابن
الأعرابي في " المعجم " ( 8 / 1 - 2 ) من طريق إسحاق بن منصور أنبأنا إسرائيل
عنه . و خالفه أسود بن عامر فقال : حدثنا إسرائيل قال : حدثنا إبراهيم ابن
إسحاق عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة عنها ، به . أخرجه أحمد ( 6 / 109 ) .
قلت : و هذا الاضطراب من إبراهيم بن إسحاق ، و هو إبراهيم ابن الفضل المخزومي
المترجم في " التهذيب " ، و هو متروك كما في " التقريب " و سائر الرواة ثقات .
و هذا التفسير ، و إن لم يثبت رفعه ، فالأخذ به لا مناص منه ، كي لا يتعارض
الحديث مع النصوص القاطعة في الكتاب و السنة أن الإنسان لا يؤاخذ بجرم غيره .
و راجع لهذا المعنى الحديث ( 1287 ) من الكتاب الآخر .
و قد روي الحديث عن عائشة رضي الله عنها على وجه آخر ، لو صح إسناده لكان قاطعا
للإشكال ، و رافعا للنزاع ، و هو ما روى سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق عن الزهري
عن عروة قال : " بلغ عائشة رضي الله عنها أن أبا هريرة يقول : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : ولد الزنا شر الثلاثة . فقالت : ( يرحم الله أبا هريرة )
أساء سمعا ، فأساء إجابة لم يكن الحديث على هذا إنما كان رجل ( من المنافقين )
يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : من يعذرني من فلان ؟ قيل يا رسول
الله إنه مع ما به ولد زنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" هو شر الثلاثة " و الله عز وجل يقول : *( و لا تزر وازرة وزر أخرى )* " .
أخرجه الطحاوي و الحاكم و عنه البيهقي و ضعفه بقوله : " سلمة بن الفضل الأبرش
يروي مناكير " .
قلت : و قال الحافظ : " صدوق كثير الخطأ " . و فيه علة أخرى و هي عنعنة ابن
إسحاق فإنه مدلس ، و مع ذلك فقد قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . !
و رده الذهبي بقوله : " كذا قال ، و سلمة لم يحتج به ( م ) و قد وثق ، و ضعفه
ابن راهويه " .
قلت : و كذلك ابن إسحاق لم يحتج به مسلم ، و إنما روى له متابعة على أنه مدلس و
قد عنعنه . قال الإمام الطحاوي عقبه : " فبان لنا بحديث عائشة رضي الله عنها أن
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكره عنه أبو هريرة : " ولد الزنا شر
الثلاثة " إنما كان لإنسان بعينه كان منه من الأذى لرسول الله صلى الله عليه
وسلم ما كان منه مما صار به كافرا شرا من أمه ، و من الزاني الذي كان حملها به
منه . و الله تعالى نسأله التوفيق .
قلت : و لكن في إسناد حديثها ما علمت من الضعف و ذلك يمنع من تفسير الحديث به .
فالأولى تفسيره بقول سفيان المؤيد بحديثين مرفوعين ، و لو كانا ضعيفين إلا أن
يبدو لأحد ما هو أقوى منه ، فيصار حينئذ إليه . و يبدو من كلام ابن القيم رحمه
الله في رسالته " المنار " ، أنه جنح إلى هذا التفسير ، لأن مؤداه إلى أن
الحديث ليس على عمومه ، فقد ذكر حديث " لا يدخل الجنة ولد زنا " ، و حكى قول
ابن الجوزي أنه معارض لآية *( و لا تزر وازرة ... )* فقال : " قلت : ليس معارضا
لها إن صح ، فإنه لم يحرم الجنة بفعل والديه ، بل إن النطفة الخبيثة لا يتخلق
منها طيب في الغالب ، و لا يدخل الجنة إلا نفس طيبة ، فإن كانت في هذا الجنس
طيبة دخلت الجنة ، و كان الحديث من العام المخصوص .
و قد ورد في ذمه " أنه شر الثلاثة " ، و هو حديث حسن ، و معناه صحيح بهذا
الاعتبار ، فإن شر الأبوين عارض و هذا نطفته خبيثة و شره من أصله و شر الأبوين
من فعلهما " .