بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الأمين و على آله الطاهرين و صحابته أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
إن أعظم فرائض الإسلام بعد التوحيد و صحة العقيدة هي فريضة الصلاة ، يقول الله تعالى : ( حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى ) و يقول أيضا : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) و يقول أيضا : ( و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و اركعوا مع الراكعين ) و المقصود من إقامتها ليس أداءها فحسب ، بل إقامتها وفق سنة الرسول عليه الصلاة و السلام القائل : " صلوا كما رأيتموني أصلي " ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إقامة الصلاة تعني إتمام الركوع و السجود و التلاوة و الخشوع و الإقبال على الله فيها . و كما جاء الأمر الصريح بإقامتها ، فقد جاء الوعيد الشديد لمن تركها أو تساهل فيها ، قال الله تعالى مخبرا عن حال أهل النار و سبب دخولهم إليها : ( ما سلككم في سقر ، قالوا لم نك من المصلين ) و قال أيضا : ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ) و قال أيضا : ( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ) . فإذا كانت عقوبة من يؤخر الصلاة عن وقتها و يتساهل فيها بهذه الكيفية من العذاب الشديد ، فكيف بحال من يتركها بالكلية .
و مما ينبغي التأكيد عليه أن الصلاة لا بد أن تكون في بيوت الله مع الجماعة ، لقوله تعالى : ( و اركعوا مع الراكعين ) و لقوله أيضا : ( و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك ) فأوجب الله سبحانه و تعالى الصلاة مع الجماعة في حال الحرب و القتال ، فكيف بحال السلم و الأمن . و لو كان أحد يعذر في ترك الصلاة جماعة لكان هؤلاء المشاركون في الحرب و القتال أولى بأن يسمح لهم . و قال رسول الله عليه الصلاة و السلام : " لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار " ، و قد جاء رجل أعمى إلى رسول الله عليه الصلاة و السلام فقال : يا رسول الله ، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فقال له الرسول عليه الصلاة و السلام : هل تسمع النداء للصلاة ؟ قال : نعم ، قال : فأجب .
و من عجب ما نراه الآن أن بعض المنتسبين إلى الإسلام يجهلون قدر الصلاة أو يتجاهلونها و يتغافلوا عنها و لا يقيمون لها وزنا ، فأي دين لهؤلاء الذين يتركون الصلاة مع يسر أعمالها و كثرة ثوابها و منافعها على القلب و البدن ؟ و أي دين لمن يتخلف عن أداء الصلاة مع الجماعة بغير عذر شرعي ؟ فقد عمت البلوى في هذا الزمان من تساهل كثير من الناس في شأن الصلاة مع الجماعة حتى فتن أكثرهم بدنياه و أمواله و بيعه و شرائه و بعضهم بشبابه و صحته و بعضهم بمكانته و جاهه ، و قد نسوا أو تناسوا بأن الحياة قصيرة و الموت يأتي بغتة ثم يحاسبون على أعمالهم ، و أول عمل يحاسب عليه العبد هو الصلاة ، فإن صلحت فقد أفلح و نجح ، و إن فسدت فقد خاب و خسر .