إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد آن محمدا عبده ورسوله.
** يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ **
** يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا{
** يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا{
أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
اما بعد:
بمناسبة قدوم شهر الله....شهر المغفرة...شهر الرحمة...شهر العتق من النار...شهر الخير
اسعنت بالله تعالى العليّ الكبير في كلمات هنّ موجزات و قليلات توضّح للصائم كيفيّة الصيام ليكون في اعلى مقام التعبيّة لرسوله صلى الله عليه و سلم لان العمل مشروط بالاخلاص و الاتّباع و الاول لم يطّلع عليه غير علام الغيوب حيث هو سرّ بين العبد و ربّه بيد الاخر يقع اثره عيانا و اصلاحه على عاتق اهل العلم و يتفاقم هذا الاصلاح عند غربة الزمن باهله و ما اغربك يا زمان!!!!
فلذا رأيت ثقلا فوق ظهري و انا دون اهل العلم بكثير فايقنت ان التأجيل و التسويف مرضان مميتان و الموت اقرب من حبل الوريد فاخذت نفسي بسلاسل اجرّها حيث تأبى و قيدتها بقيود الحق فكانت رسالتنا هذه....
فهي رسالة جامعة قاصرة جمعت فيها جميع ما صحّ من احاديث ابي داود رحمه الله في سننه معتمدا على تخريج و تحقيق شامة الشام عليه رحمة الله تعالى محمد ناصر الدين الالباني...
و قاصرة حيث لم تتعدّى غيرها من السنن و الا لكانت افضل و احسن و ان كان في العمر بقيّة و لرمضان اتيّة سوف اردفها باخرى فتيّة..فبُعدا يا منيّة!!!
فبداية الصيام كان كصيام من سبقنا من الامم لقوله تعالى (يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم...)
و وقته بعد صلاة العتمة و شرطه النوم فمن صلّى العتمة فدخل في وقت الصيام فلم يبق عليه الا النوم ليصبح صائما و لا يحل الافطار الا الى اليوم الثاني في نفس وقت صيامه و ان لم يفطر فيبقى صائما الى اليوم الثالث و هكذا....و هو امر شاق لا تستطيعه الامة كما هو الحال مع بداية الصلاة بخمسين.....
فكان من رحمة الله تعالى ان يخفّف الصوم كما خفّف الصلاة فلله الحمد و المنة....
ثم جاءت الرخص و اولها الرفث الى النساء ليلا و الاقتراب منهنّ ثم التخيير بين الصيام او الافطار و الفدية و نُسخ هذا الاخير ليُصبح حكم التخيير على الشيخ و الشيخة ثم جُعل هذا في نطاق الاستطاعة فمن استطاع الصوم من الشيوخ فعليه و الا فالفدية كما هو الحال مع المريض و المعذور و و الحبلى و المرضع....
ثم اصبح الصيام كما هو معهود من بعد الفجر الى غروب الشمس و لا وصال....الحمد لله رب العالمين....
و الشهر اما ان يكون تسعا و عشرين او ثلاثين يوما و لا صيام و لا افطار الا برؤية الهلال الا ان غمّ علينا رؤيته فالاتمام مطلوب مفروض خلافا لابن عمر رضي الله عنه فرأيه لم يعجب ابن سرين و غيره....
و صام الصحابة مع النبي صلى الله عليه و سلم تسعا و عشرين اكثر مما صاموا معه ثلاثين يوما
و شهرا عيد لا ينقصان من حيث الاجر اولا و العدد ثانيا فهو تسع و عشرون عددا كاملا كما هي صلاة القصر (ركعتان تامة) و ثلاثون في الاجر....
و لا يُتقدم رمضان بيوم او يومان الا من وافق صيامه حزبه و عادته فهو يوم صوم له و شك لغيره و من صام يوم الشك فقد عصى ابا القاسم صلى الله عليه و سلم....
و رؤية كل بلد تتعلق بمحيطه فمن رأى هلال رمضان في المدينة لا يعني رؤية الهلال في الشمام فالمدنيين يصومون و الشاميين يفطرون و هذا في الاقطار الواسعة و الشام اربعة دول صومهم واحد و افطارهم واحد............
و كان صلى الله عليه و سلم يصوم اكثر شعبان بل كله و يصله برمضان لحديث ام سلمة...
و الصوم بعد منتصف شعبان لمن ليست له عادة صيام منهي عنه...
و تكفي في رؤية هلال رمضان شاهد واحد..
و السحور هو الفيصل بين صيامنا و صيام اهل الكتاب من قبلنا و هو غداء مبارك و وقته قبل اذان بلال اي قبل بياض الافق الذي يذهب عرضا لا طولا...
و الاذان اذنان اذان قبل الفجر الصادق و انما هو في ليل و آخر عند الفجر الصادق و شرحت هذا مطولا في رسالتي (توقيت الصلوات غير دقيق في الامساكيات) و ( الرد الباهر على من زعم اني مكابر)و غيرهما...
و من سمع اذان بالا و الاناء قُبيل فيه فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه فليشرب بعد الفجر الصادق و هذه رخصة و الرخص يحبها الله تعالى...
و لا يفطر الصائم حتى يذهب قرص الشمس في البحر و هو قدوم الليل,و ظهور الديت متعلق بتعجيل الافطار و مخالفة اليهود و النصارى فانهم يؤخرون و لا نؤخر....
و الافطار يكون على رطب قبل الصلاة او على تمرات او ماء و مقولة الافطار (ذهب الظمأ و ابتلّت العروق و ثبت الاجر ان شاء الله)
و الافطار قبل الغروب لغيم و اجتهاد لا قضاء فيه على الارجح, و واصل الصوم للرسول لان الله يطعمه و يسقيه فهو ليس كهيئتنا...
و من احب الوصال فالى السحر و الافطار عند الغروب افضل....
و الصوم عن الغيبة و قول الزور كالصوم عن الطعام و الشراب فلا رفث فمن قاتلك او شاتمك فقل له اني صائم مرتان جهرا...
و صب الماء لشدة الحر مباح و لغيره و الصائم لا يبالغ في الاستنشاق خوفا من دخول الماء الى جوفه...
و افطر الحاجم و المحجوم خوفا من جهد الاخر على اكمال صيام و من الاول على المعاونة عليه و الا فرخّص به صلى الله عليه و سلم...
و الكحل للصائم لا يضر و من تقيئ عمدا فليقض و الا فلا قضاء عليه للعذر...
و من استطاع ان يتمالك عن الشهوة و بسترسل بها فليقبّل و الا فلا خوفا من الوقوع في المجامعة...
و ليس الشيخ كالشاب فالرخصة للاول لانه يملك نفسه....
و من اصبح جنبا فليكمل صومه, و من اتى اهل في رمضان فعليعه عتق رقبة فان لم يستطع فصيام شهرين متتابعين فان لم يستطع فاطعام ستين مسكينا و الفقير يتصدق على نفسه ويصوم يوما و يستغفرربه و قيل هذه خاصة بذاك الصحابي....
و من اكل ناسيا فلا شيء عليه فانما اطعمه الله و سقاه...و من عليه قضاء ؤمضان فائت فليقض في شعبان كفعل عائشة رضي الله عنها...
و من مات و عليه صيام صام عنه وليّه و الصوم في السفر على التخيير فمن شاء صام و من شاء افطر...
الا الاقتراب من العدو فالفطر افضل...
و ليس من البر الصيام في السفر لمن شقّ عليه ذلك...
و يفطر المسافر اثناء مفارقة بلدة و لا ضير ان كانت عيناه تشاهد بيته فهذه هي السنة...
و لا يجوز صوم يوما العيد و ايام التشريق....