لنبدا اليوم بالقاء نظرة على
النفس البشرية وماهيتها :
ولنتطرق الى ذكر الله عزوجل لها وتفصيله اياها في كتابه العزيز , لانه هو المصدر اليقيني الوحيد بين الغث والسمين اللتي تحمله بطون الكتب
ولنبحر مع القرآن الكريم عبر بعض النصوص القرآنية التي ترد فيها كلمة النفس ومشتقاتها
قال تعالى : ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون )
فالنفس في القرآن الكريم مستقلة عن الحياة الجسدية ..
فأثناء النوم تكون النفس خارج الجسد ، وعلى الرغم من ذلك نرى أن جسد الإنسان لا يفقد الحياة والنمو .. وعلى الرغم من استقلالية النفس عن الجسد في القرآن الكريم ، فإن القرآن الكريم لم يغفل تعلق النفس بالإطلالة الحسية على عالم المادة من خلال الجسد .. فالنفس تشتهي وتأكل عن طريق الجسد ..
طبيعة النفس البشرية في ضوء القران الكريم :
1- قال الله تعالى : ( أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون )
قال الله تعالى : ( وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون )
وقال : ( إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس )
فقوة الشهوة ترتبط بالنفس ( المجردة عن الغريزة ) والهوى
فالنفس تشتهي ( الاكل والشرب والملذات بكامل انواعها )
2- قول امرأة العزيز في القرآن الكريم : ( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم )
إن العبارة القرآنية (إن النفس لأمارة بالسوء ) تشير إلى ارتباط النفس بالإنسان فقط ، لأن الحيوانات تشتهي بغريزتها ، ولا يوجد لديها أمر بالسوء أو بغير السوء ... اما النفس البشرية فامارة بالسوء
3- ولننظر إلى قول الله تعالى : ( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً )
إننا نرى ورود النفس في هذه الصورة القرآنية بصيغة النكرة ( نفساً ) التي تفيد الإطلاق ، وأنه من يقتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً .. فلو كانت الذبابة نفساً فسيكون حكم من يقتلها كحكم من يقتل الناس جميعاً ..
وكما يؤكد القرآن الكريم فإن الإنسان هو من يُحاسب يوم القيامة ، لأنه هو المكلف في الحياة الدنيا من بين جميع المخلوقات المحسوسة في هذه الدنيا .. وورود كلمة النفس في النص التالي بالصيغة المطلقة التي تشمل كل نفس دليل على أن النفس خاصة بالإنسان من بين المخلوقات الأخرى المحسوسة في هذا الكون .. ( ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ، وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ، لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )
4 – ما يؤكد أن النفس جوهر مستقل عن المادة ( الجسد ) ، هو أن الإنسان بعد الموت لا يحس بسيلان الزمن ، فالموت الذي يعني خروج النفس خروجاً نهائياً من الجسد ، يعني أيضاً خروجها خروجاً نهائياً من إطار المكان والزمان .. فلننظر سوية الى نصوص القران
قال تعالى : ( فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام )
وقال : (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون )
وقال : ( ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين )
5 – لما كانت النفس خاصة بالإنسان من بين المخلوقات المحسوسة ، فإن العقل مسألة خاصة بالإنسان من بين هذه المخلوقات ، لأن قوة التعقل ترتبط ارتباطاً كاملاً بالجانب المجرد للنفس .. ولذلك فعدم تعقل الإنسان يجعله كالأنعام ..
قال تعالى : ( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )
النفس البشرية : عليها يقع الجانب الحسي ... ومن خلالها يتزود العقل بالمعلومات الحسية عن طريق الجسد ...
فالنفس تجعل الجسد قادرا على استخدام الحواس وتفصيلها وتمييزها ...
وعن طريق النفس يتزود العقل بالمعلومات اللازمة لوظيفته اللتي خلقه الله لها ...
والعقل في نفس الوقت قد يسير النفس ليجعلها تميز الخبيث من الطيب..
يتبع ...