يُطلق عليها في كتب علم النفس " متلازمة ستوكهولم "
ومن الطريف ان هذا الاسم جاء بعد حكاية اقتحام بنك في ستوكهولم ، وقام اللصوص باحتجاز أربع رهائن من موظفي البنك لمدة ستة أيام ،
التناقضات الغريبة والتي استهوت علماء النفس وعلماء الجرائم ، أن الضحايا في هذه الفترة طوّروا نوعا من مشاعر التعاطف والحب والارتباط بمعتقليهم ، وحتى بعد فكّ أسرهم بقي هذا التعاطف شهورا طويلة ، فقد قاموا برصد مبالغ مالية للدفاع عنهم في المحكمة .
تتشابه " متلازمة ستوكهولم " مع " قصة الجميلة والوحش "
ذلك الوحش الذي كان يعرف مدى بشاعة صورته ودمامة منظره ، والذي ما كان يستطيع ان يصبح جميلا الاّ إن أحبته فتاة جميلة ، فقام باحتجاز فتاة جميلة في قصره وعاملها بكل رقة وحب ودلال ، لتقول له كلمة الحب السحرية التي يصبح جميلا على إثرها .
وتخيّلت الحسناء أنها أحبت ذلك الوحش الدميم لأنه كان يشكل بالنسبة لها خطرا وتهديدا على حياتها نظرا لأنها سجينته ،وإلى جانب هذا الخطر كانت ترى على الجانب الآخر تعامله الراقي المحبب المصطنع والدعم الذي كان يوفره لها ، والذي كان يتكلّفه ، لكراهيته لنفسه وصورته البشعة ورغبته في أن يصبح جميلا ... وقد ترجم الشاعر نزار قصة " الجميلة والوحش" في بعض أبيات شعره
( قولي أحبك كي تزيد وسامتي، فبغيّر حبّكِ لا أكون جميلا ).
إن متلازمة ستوكهولم أو....."عقدة الجميلة والوحش، كما أرى "، منتشرة الحدود وفي كل أنواع العلاقات الانسانية ، حتى أنها قديمة منذ الأزل ، فبيولوجيا ، يأتي المولود الى الحياة وبداخله غريزة الإلتصاق بمصدر الحماية والدعم وبنفس الوقت ..مصدر القوة ومصدر التهديد ..... وهي الأم ،
يكبر .... وتبقى غريزة الالتصاق بداخله ، الى من يوفّرون له الحماية والدعم والحب، وهذا ما يسبب الصدمة وصعوبة الانفصال عند وقوع المتناقضات ، بين صورة التعامل الحسن ، والصورة الحقيقية للوحش دميم الصورة بشع الأخلاق .
وقد يقع الإنسان تبعا للنظرية الفطرية والخلقية هذه ، أسيرا في أيدي الوحوش البشعة ، والتي يكون هدفها الحصول على خلطة الحب السحرية التي يستطيعون بها النظر الى أنفسهم الدميمة في المرآة والشعور أنهم أصبحوا أكثر جمالا .
فكما تخفي مساحيق وعمليات التجميل البشاعة الشكلية
يخفي تكلّف الحب والاهتمام والرقي في التعامل ، النفوس البشعة المجرمة والتي يختنق صاحبها اشمئزازا من صفات اجرامية بشعة تلازمه ، فيضطر الى احتجاز ضحية جميلة .. ويتصنّع كافة التصرفات والأخلاق ، ليحصل على حبها ، فيقنع نفسه بالنظر في المرآة ويوهمها أنه حصل على الخلطة السحرية ..وأنه أصبح جميلا .... ...
علينا دوما أن نبحث فيما وراء صورة الوحش الدميم ، فهو لن يصبح جميلا ..مهما حاول اقناعنا ..أو حاولنا تعليمه.