قال نبينا صلى الله عليه وسلم ( ماتقرب الي عبدي بمثل أداء ماافترضت عليه ..ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه.. فاذا أحببته كنت
سمعه الذي يسمع به.. وبصره الذي يبصر به.. ويده التي يبطش بها.. ورجله التي يمشي بها.. فبي يسمع ..وبي يبصر ..وبي يبطش.. وبي
يمشي ..ولئن سألني لأعطينه ..ولئن استعاذني لأعيذنه.. وما ترددت في شئ أنا فاعله كترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن.. يكره الموت
وأكره مساءته.. ولابد له منه ) صحيح البخاري
تضمن هذا الحديث - الذي حرام على غليظ الطبع كثيف القلب فهم معناه والمراد به - حصر أسباب محبته في أمرين : أداء فرائضه والتقرب
اليه بالنوافل .
وأخبر سبحانه أن أداء فرائضه أحب مايتقرب اليه المتقربون ثم بعدها النوافل ..وأن المحب لايزال يكثر من النوافل حتى يصير محبوبا لله ..
فاذا صار محبوبا لله أوجبت محبته الله له محبة أخرى منه لله فوق المحبة الاولى ..
فشغلت هذه المحبة قلبه عن الفكرة والاهتمام بغير محبوبه.. وملكت عليه روحه.. ولم يبق فيه سعة لغير محبوبه البته .. فصار ذكر محبوبه
وحبه ..ومثله الاعلى.. مالكا لزمام قلبه ..مستوليا على روحه ..استيلاء الحبوب على محبه الصادق في محبته.. التي قد اجتمعت قوى محبة حبه
كلها له .
قال تعالى ( ألا ان أولياء الله لاخوف عليهم ولاهم يحزنون الذين ءامنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاخرة لاتبديل
لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم )
فالمؤمن المخلص لله من أطيب الناس عيشا .. وأنعمهم بالا ..وأشرحهم صدرا .. وأسرهم قلبا
..وهذه جنة عاجلة قبل الجنة الاجلة .
من كل شئ اذا ضيعته عوض ..... وما من الله ان ضيعته عوض
وكلما كان وجود الشئ أنفع للعبد.. وهو اليه احوج ..كان تألمه بفقده أشد ..وكلما كان عدمه أنفع له.. كان تألمه بوجوده أشد.. ولاشئ على
الاطلاق أنفع للعبد.. من اقباله على الله ..واشتغاله بذكره.. وتنعمه بحبه ..وايثاره لمرضاته... بل لاحياة له ..ولانعيم..
ولاسرور ..ولابهجة ..الابذلك ..
فعدمه الم شئ له.. وأشده عليه ..وانما تغيب الروح عن شهود هذا العذاب والالم ..لاشتغالها بغيره ..واستغراقها في ذلك الغير.. فتغيب به عن
شهود ماهي فيه ..من ألم الفوات بفراق احب شئ اليها.. وأنفعه لها ..
وهذه منزله السكران المستغرق في سكره.. الذي احترقت أمواله.. و أهله.. وأولاده.. وهو لاستغراقه في السكر.. لايشعر بألم ذلك الفوات
وحسرته ..حتى اذا صحا ..وكشف عنه غطاء السكر.. وانتبه من رقدة الخمر.. فهو أعلم بحاله حينئذ.
وفي أثر الهي ( ابن ادم .. خلقتك لعبادتي ..فلا تلعب... وتكفلت برزقك ..فلا تتعب ...ابن ادم ...اطلبني تجدني ..فان وجدتني ..وجدت كل
شئ ..وان فتك ..فاتك كل شئ ...وأنا أحب اليك من كل شئ ).
فنسأل الله العظيم ...رب العرش الكريم ..أن يجعلنا.. ممن اثر حبه على هواه ..وابتغى بذلك قربه
مع الاحتفاظ بحقوق صاحبها