المرارة.. كيس صغير وألم كبير
المرارة هي كيس متصل بالقنوات المرارية تعمل كمستودع للعصارة الصفراء وهي أيضا مكان حصول الحصى المرارية. وتعد الإصابة بالحصى المرارية احد الأمراض الشائعة في بين الناس وخصوصا في ظل النمط الحياتي الذي يعيشون به والممارسات السلبية التي فرضتها عليهم الحياة المعاصرة، ولتعزيز معرفتنا عن حصى المرارة وأسبابها وكيفية علاجها التقت «الصحة أولا» بـ د. طارق السويفي أخصائي الجراحة العامة وجراحة المناظير في المستشفى الدولي الحديث في دبي والذي حدثنا عنها قائلاً :
فيما سبق كانت نسبة الإصابة بحصى المرارة تتراوح ما بين 2 إلى 5% نتيجة لتغير نمط الحياة والتغذية وازدياد نسبة الدهون في الغذاء، فقد بلغت النسبة 5,18% أي أن من بين كل 100 شخص هناك 18 شخصا يعانون من حصى المرارة وفي بعض الدول في شمال أوروبا نتيجة أيضا لنوعية الغذاء وارتفاع نسبة الدهون لدى مواطنيها تبلغ الإصابة 25%، وحصى المرارة تصيب النساء أكثر من الرجال، اذ ان نسبة إصابة النساء ضعف إصابات الرجال حسب بعض الدراسات وتشير دراسات أخرى إلى أن النساء يصبن بحصى المرارة بنسبة ثلاثة أضعاف مقابل الرجال، ورغم أن حصى المرارة نراها سارية في الأسر لكن لغاية الآن لم يثبت بالدليل القاطع أن هناك ترابطا بالجينات يسبب حصى المرارة، وتختلف هذه القاعدة عند بعض الأسر الذي قد يكون توارث الدهون هو المسبب لانتشار وانتقال الحصى بين أفرادها.
ومن المعروف أن حصى المرارة تزيد نسبة الإصابة بها مع التقدم بالعمر مع أننا في الوقت الحالي نجد حالات إصابة لأشخاص بسن أصغر بكثير من الأعمار المصابة قبل 15 سنة سابقة، ويجب الإشارة هنا الى أن حصى المرارة تصيب مرضى السكري وخصوصا الذين أصيبوا بسن متقدم، وأيضا ليس هناك رابط مؤكد بين الإصابة بالسكر والإصابة بحصى المرارة ولكن تعزى لوجود مشاكل بالدهون.
أنواع عدة :
هناك ثلاثة أنواع معروفة لحصى المرارة وهي حصى الكولسترول والنوع الثاني حصى الصبغة السوداء والثالثة هي حصى الصبغة البنية، أما حصى الكولسترول فهي تحدث بسبب وجود عيوب في الدهون وهي تمثل 75% من حالات الإصابة بالحصى، أما النوع الثاني حصى الصبغة السوداء والتي تمثل 25% من الإصابات بالحصى وهي تحصل بسبب تكسير كريات الدم الحمراء وبسبب نزول الرواسب التي تخلفها تحدث هذه الحصى وبالتالي يكثر عند مرضى الأنيميا والأشخاص الذين يعانون من مشاكل بالدم .
أما النوع الثالث وهو الصبغة البنية والتي ليست لها نسبة مئوية تذكر لأنها نادرة الحدوث وهي الحصى الوحيدة التي لا تتكون بالمرارة فهي موجودة في الكبد وتنزل عن طريق القنوات للمرارة لذلك لونها مختلف لأنها غير متكونة بالمرارة ونسبة الإصابة بها نادرة جدا.
اهم الأسباب :
وحول الأسباب المؤدية للإصابة بالحصى قال د. السويفي: بالنسبة للأسباب العامة للإصابة بالحصى نوضحها بالتالي:السائل المراري يتكون من ثلاثة مكونات وهي الكولسترول والدهون الفوسفاتية والأملاح الكبدية وحتى يبقى هذا المزيج متناغما يجب أن يحافظ كل عنصر على نسبته .
وإذا تغيرت هذه النسب نتيجة إفراز الكبد دهونا زائدة أو فوسفات أقل فيحدث ترسيب لهذا المزيج ويبدأ بتسقيط الرمل المتواجد داخله وعند حدوث هذا تتكون الحصى، ولكن كأننا هنا نلقي باللوم الكامل على الكبد وليس الكبد السبب الوحيد وذلك لأن 99%من الحصى تكون في المرارة وواحدا بالعشرة بالمئة يتكون بالكبد .
إذا هناك سبب موجود بالمرارة، فالمرارة هي التي تحدث بها الالتهابات والتي تنتج بكتيريا تكون النواة التي تتكون الحصى حولها، وهناك بعض الحصى عند فحصها تحت المجهر تجد أن باطنها من خلايا سقطت من داخل المرارة أي هي التي تعطي النواة لتكوين الحصى، والمرارة أيضا ليست عضوا خاملا فقط للتركيز بل هي عضو متحرك أولا يركز السائل المراري وبالتالي يفرز مواد ويركز مواد، ونجد أنه عند حدوث التهابات في جدار المرارة تمنع هذه العملية من الحدوث فالسائل يبقى دون حراك ويسبب تكون الحصى.
حول الوسائل العلاجية لحصى المرارة أشار د. السويفي الى إن العلاجات تختلف مع الزمن ففي الماضي كان العلاج عن طريق بعض الأدوية التي تقوم بتذويب الحصى وقد استخدمت هذه الأدوية لفترة طويلة ولكن كان لهذا العلاج آثار جانبية كثيرة أهمها الفشل الكلوي، لذا تم إيقافه ثم بدأ إجراء تكسير للحصى عن طريق أجهزة خاصة .
ولكن هذه الأجهزة كانت تؤدي في بعض الأحيان لتجريح جدار المرارة وهذا يزيد فرصة تكون الحصى مرة أخرى وفرصة الإصابة ثانيا تشكل 50% من الحالات، وفي حالات معينة نلجأ لأدوية الإذابة إذا كانت حالة المريض لا تسمح بإجراء عملية جراحية له، والجراحة كانت بالسابق الجراحة التقليدية أما الآن أصبحت عن طريق المنظار من خلال فتحات صغيرة جدا مما يساعد المريض على المغادرة بنفس اليوم بينما الجراحة التقليدية تحتاج لشق كبير والمريض كان يوضع في العناية المركزة لمدة يوم ويبيت في المستشفى من 4 إلى 5 أيام ناهيك عن الآلام بسبب كبر الشق .
أما الآن مع المنظار انتهى كل ما سبق لأن الفتحات الصغيرة حلت المشكلة وبدون آلام، ولكن لغاية الآن حساب المشاكل من مضاعفات العمليات بالنسبة للعمليات التقليدية والمنظار تثبت أنها بالنسبة للمنظار أقل من العمليات التقليدية والمشكلة الوحيدة بالنسبة لجراحة المنظار هي أن نسبة 1% من عمليات المناظير نضطر لتحويلها لعمليات تقليدية لأننا نبحث عن جزء تشريحي معين لكي نستأصله وفي بعض الحالات نصل إلى أن الحالة لا يمكن علاجها إلى إذا قمنا بعملية جراحية تقليدية .
وأكد د. السويفي أن الوقاية من حصى المرارة قد تكون صعبة لأن المريض ليس له علاقة بالإصابة بها ولو أردنا إلقاء اللوم على زيادة الدهون فهي ليست السبب الوحيد ولهذا تعتبر الوقاية منها صعبة لأن أسباب الحصى داخلية ومن الصعب السيطرة عليها
المصدر: مجلة البيان
مع تمنياتي للجميع بالصحة والسلامة والعافية .