(خاطرة لنوار سكجها).
ذات يوم..
في ذات طفولة..
كان لديناصندوق خشبي جميل أغرتنا مساحته أن نتخيله قطارآ ملونآ يأخذنا مع الأصدقاء في رحلة لا قيمة للزمن فيها..ثم منحنا القطار الخشبي حق الصعود بنا نحو السحاب وانزلقنا علي قوس قزح الذي كان يشرب رذاذ المطر من بين أشعة الشمس ..وكذا حتي وصلناغابتنا الجميلة فكانت لدينا مظلة فتخيلناها شجرة وجلسنا تحتها نمارس الأعمال الدرامية التي نسجنا في خيالنا الثري سيناريوهاتها المرتجلة ورحنا ننهمك في تفاصيل هي أقاصي إدراكاتنا الأولي للحياة..
لمسنا القمر...
قطفنا الزهر...
كان الجو حارآ في تلك الغابة حتي أننا اشترينا المرطبات بينما كانت دنيا الكبار تأذن بعواصف ثلجية .
ساعات طوال استنفدت فهمنا وطاقاتنا وخيالاتنا وأصواتنا وابتساماتنا ..حتي تعبنا فنمنا..
ثم ذات يوم..
طلع الصباح..
فاستيقظنا ..
فإذا بنا كبار.
لم يبق من طفولتنا سوي دمي قديمة وقطع خشبية لم تعد تعتلي أقواس قزح..
وإذا بنا نحتمي جدآ في ديسمبر..ونخشي العواصف الثلجية..والأمراض الشتائية وأشياء أخري وفي طوايا نفوسنا تراكمات من خبرات تراكمت صارت مع السنين مسلمات لا نحكم إلابها ولا نؤمن إلا بها.
أما الخيال والحلم..فلم تعد تتولاهما لدينا أي حاسة.
يمضي العمر ونحن ننسي ذلك الطفل الجميل الذي غاب في وديان أنفسنا ننسي أن الإبداع والخيال المطلق الذي أسس كل بداية براءة اختراع لدي الكبار هو أساس الطفولة ومحورها..
يمضي العمر .. ونحن نجتر ذكري أذي صدر من صديق بينما طفلنا يعود يضحك والدمعة في عينيه يروح الشباب والنشاط وأوقات الهمة ونحن لا نملك أدني مهارات الطفل في العمل الجماعي الذي يؤديه الطفل حريصآ علي نجاح العمل لإنجاح اسمه.
الطفل مخلص جدآ في عمله ..واضح جدآ في رؤيته ..الطفل مبدع علي الإطلاق وليس هناك طفل غير مبدع لأنه علي الأقل ليس هناك طفل لا يرسم ..وليس هناك طفل لم يأخذ دورآيمثله في لعبة !
فلنتصفح ما يدركه الطفل..وكيف يعرف ما يريد ويرسم ما يريد..ويقول ما يريد ..بالطريقة التي يريد
فلا نجعل حواسنا تملك زمام إدراكنا بل نسلم القيادة لعقولنا وخيالاتنا بل وأحلامنا ولنبق طفوليي القلب والأسئلة حتي لو زارت رءوسنا مراعي الشيب.
(ذات طفولة)
