هذا المقال(لمحمد بشير نعمة) الذي يصف لنافيه بالتفصيل معاناة قطف الزيتون واستخلاص زيته.
*************
قال الله تعالي في كتابه الكريمزيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور علي نور يهدي الله بنوره من يشاء).
تلك هي شجرة الزيتون النحيلة والمنتصبة التي تنمو في أسوأ أنواع التربة وما أن تنمو حتي يتعقد جذعها ويلتوي حيث يزرع في ظلها كروم العنب أو بعض الخضروات ومن الممكن تركها بمفردها في الشمس المشرقة دون أن يزاحمها أحد وقد تمضي عليها بضع سنوات دون أن تثمر ،إنها الشجرة التي يزرعها الأجداد ليأكل منها الأحفاد.
لي صديق في العمل لديه بستان كبير من الزيتون قال لي إنه في يوم الجمعة القادم سيتم قطاف الزيتون في بستانه ولقد دعاني لمشاركته في هذا العمل .
إنه عمل ممتع ولكنه شاق وبحاجة إلي صبر
في صبيحة ذلك اليوم انطلقت إلي منطقته القريبة من مدينة دمشق
القريبة إنها مدينة حرستا الجميلة وما أن اقتربت من البستان حتي سمعت أصواتآ تتعالي هنا وهناك إنها أصوات العصي وهم يضربون بها الشجر.
وضعنا الشراشف علي الأرض وقام صاحبنا بضرب الشجرة وهزها ليسقط كل ما هو ناضج ويبقي ما يبقي ليتم مشقه ووضعه في السلة المصنوعة من الصب.
إننا نقطف الزيتون حبة حبة إنه عمل شاق ولا سيما تلك الحبات الكبيرة الناضجة والتي سقطت بين الحصي والتراب.
بعد أربع ساعات جلسنا لنستريح ونشرب الشاي الساخن فهذا يشكو من آلام في ظهره وذلك من تشنج في رقبته وذاك من تلون أصابعه بالسواد وتلك تشكو من جروح في أناملها من عملية القطاف.
قلت لصاحبي لماذا لا تجمعون المحصول بواسطة الآلة؟فذلك أسرع من هذا العمل اليدوي .
فقال لي:إن الآلة تجمع فقط الزيتون المحيط بالشجرة أما الزيتون الموجود في قلب الشجرة والمتشابك من الأعلي والأسفل وبشكل عرضي فلن تتمكن تلك الآلة المسكينة من التقاطه.
لذلك نضطر إلي تسلق الشجيرات وقطفها يدويآ وتمر عملية عصر الزيتون بثلاث مراحل فبعد أن يتم غسل حبات الزيتون وتنقيتها من الأوراق والشوائب عبر قشاط متحرك توضع حبات الزيتون في بوتقة تحت دولابين مباشرة ويتم سحق الثمار والبذور ببطء فتتحول إلي كتلة كثيفة رمادية اللون مائلة للخضرة وتوزع هذه العجينة علي خمسة أقراص مجدولة من الخيوط تفصل الواحد عن الآخر صفائح معدنية ومن ثم يتم وضعها ضمن عمود مركزي شبيه بسيخ الشاورما.
بعد ذلك تدخل العجينة المسحوقة والأقراص مكبسآ مغلقآ يدار يدويآ وما إن تتقلص هذه الأداة الضخمة حتي ينساب من الأقراص الزيت علي قمع في قاع الأرض وحين يتم عصر كل السوائل من العجينة يفتح قفل الآلة وتكشط النفايات المتبقية .
أما اللباب الباقي (الجفت) وهو ذو لون مائل إلي السمرة فكان يستخدم في القديم وقودآ أما اليوم فتتم معالجته كيميائيآ لاستخلاص الزيت.
ما إن انتهي صديقي من عناء قطف الزيتون حتي يأتيه عذاب عصر الزيتون.
أخيرآ وضع صديقي عبوة من التنك تحت الصنبور وانساب الزيت قطرات قطرات ثم ظهر السائل مادة صافية إنه الزيت الصافي وأصبح ينظر إليه بفخر وسرور وهو يشتم رائحته ويتذوق طعمه اللذيذ إنه ذو مذاق خاص إنه من زيت بلادي ودهشت عندما قال لي أن كل مائة كيلو جرام من الزيتون المقطوف تدر حوالي عشرين كيلو جرامآ من الزيت الصافي .
موضوع هادف فعلا , وعلى الرغم من أن الكاتب ذكر أن العملية متعبة وفيها عذاب لصديقة على حد قوله
إلا أن النتيجة كانت تستحق هذا العذاب , على الأقل يضمن الحصول على زيت غير مغشوش وهو مفيد جدا
وقد ذكر في القرآن الكريم