لأننا كلنا أهل خطأ، ونحتاج كثيراً إلى من يصفح عنًا
ويحلم علينا ليصنع لنا بذلك معروفاً ندين له به أبداً
.
كلنا نخطئ ..
كلنا نذنب ..
كلنا يحتاج ..
.......................... إلى مغفرة .،
░█
كم قسونا وكما تجاوزنا الحدود
والذي يبقى في النهاية بكل تأكيد هو التسامح
.
والحقيقة أن التسامح
متى ما كان أقوالاً لا تدعمها السلوكيات
ومواعظ وكلمات لا تبرهن عليها الأفعال
كان التسامح ضرباً من ضروب التدجيل والزيف
لترويج البضائع اللفظية
░█
من السهل أن ننمق الكلمات والعبارات
ونزيف بها رسومات فنية جميلة
لكنها في النهاية تبقى حبيسة الإطار
ومسجونة في حدود
الألفاظ الزائفة
░█
.. من ثمارهم تعرفهم، هل تجني من الشوك عنباً
ما أسهل التبشير بالتسامح والعدل
لكن الثمار الشوكية العملية تفضح وتعري
وتكشف هذا التبشير المزور!
░█
كلمات جميلة، أقولها، وتقولها أنت
كلنا نقولها بإعجاب وبترنم عذب
لكن الثمار ستكشفنا جميعاً وتعرينا
إنه التسامح !
░█
أعلم أن قضية التسامح ليست بالهينة
ولذلك لا نستغرب أن استعصت على البعض
فالتسامح أمر عظيم ولمعرفة عظمته نريد أن نتعرف على مكانته في حياة وسلوك
][ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ][
░█░█
لست بحاجة للتعريف بشخص ابن تيمية
والعصر الذي عاش فيه رحمه الله، وما تعرض له من عداء
......... وهجوم
.................. وسجن
................................ وتعذيب
.............................................. واعتداء
وكيف كان رحمه الله يقابل ذلك بتسامح وعفو وصفح .
لقد كان شيخ الإسلام يدرك أن الاختلاف أمر طبيعي بل حتمي في هذه الكون
وهذه سنة إلهية
حيث بيّن الله سبحانه وتعالي أن الناس في اختلاف ، وأنهم لا يزالون
كذلك ، وأن الخلاف لا يعرف أحقيته أو بطلانه من كثرة الأعداد أو قلتها
وأن الحق لا يرتبط بالأشخاص والحق أصيل وقديم
وهو الغالب ، بالكلمة والحجة والبرهان
.
ولولا قيمة هذا الصراع لما أوجده الله
فلله الحكمة البالغة كما له الحجة البالغة
و الحياة أرض بلاء ومحكاختبار ودار عمل
فمن شاء فليقدم لنفسه من الأعمال والأقوال ما ستنفعه يوم القصاص الأكبر .
░█░█
العجيب من مواقف التسامح أن تكون في موقف القوة والغلبة
وأن يكون لك الحق فإذا تسامحت مع من ظلمك وهو تحت سطوتك، كنت حقاً
متسامحاً كريم الخلق والنفس.
░█░█
][ منهج ابن تيمية في التسامح ][
(1) قاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية العامة في التسامح
وضع ابن تيمية قاعدة للتسامح في حياته السلوكية والعملية
هذه القاعدة هي مقولته المشهورة :
" أحللت كل مسلم عن إيذائه لي"
لقد كان لسان حال شيخ الإسلام مع أعدائه :
من ضاق صدره عن مودتي
وقصرت يده عن معونتي
كان الله في عونه وتولى جميع شؤونه
وإن كل من عاداني وبالغ في إيذائي لا كدر الله صفو أوقاته
ولا أراه مكروهاً في حياته
وإن كل من فرش الأشواك في طريقي، وضيق عليّ السبل
ذلل الله له كل طريق وحالفه النجاح والتوفيق.
░█░█
(2) التطبيق العملي لقاعدة التسامح التيمية .
لأن ابن تيمية رجل يقول الخير ويفعله ويؤسس التسامح ويمارسه
لذلك وجدنا حياته كلها صورة صادقة وتعبير دقيق لهذا القاعدة
إنها فلسفة الثمار التي يؤمن بها
░█░█
:: بعض الأمثلة العملية لتسامح ابن تيمية ::
،‘
(أ).. موقف ابن تيمية من خصمه علي بن يعقوب البكري الصوفي .
ألف شيخ الإسلام ابن تيمية رسالة مختصرة بعنوان ( الاستغاثة)
وهي رسالة علمية بالأدلة الشرعية في حكم الاستغاثة
وكان الأليق بالعلماء الذين يختلفون معه
أن يتصدوا لمثل هذه المسألة بالدليل والبرهان
العلمي بعيداً عن التكفير والحكم بالزندقة والشتائم والسباب.
لكن الشيخ الصوفي علي البكري كان رده على هذه الرسالة
بالحكم على شيخ الإسلام ابن تيمية بالكفر والزندقة والخروج عن ملة الإسلام!!
ولم يكتف الشيخ الصوفي البكري - عفا الله عنا عنه -
بمجرد التكفير بل بالغ في إيذاء
ابن تيمية بالقول والعمل، فقد قام باستعداء العوام
على الشيخ وحرض الجند وأصحاب الدولة على شيخ الإسلام وشهر به
وأقذع الشتيمة في حقه .
وكان الشيخ الصوفي البكري من أشد الصوفية على شيخ الإسلام ابن تيمية
ففي محنة الشيخ مع الصوفية سنة 707هـ
حول قضية الاستغاثة طالب بعضهم بتعزير شيخ الإسلام
إلا أن الشيخ البكري طالب بقتله وسفك دمه !!
وفي سنة 711هـ تجمهر بعض الغوغاء من الصوفية بزعامة الشيخ البكري
وتابعوا شيخ الإسلام ابن تيمية حتى تفردوا به وضربوه
في المقابل تجمع الناس وشاهدوا
ما حل بشيخ الإسلام من أذية وتعدي
فطلبوا الشيخ البكري فهرب
وُطلب أيضاً من جهة الدولة فهرب واختفى
وثار بسبب ما فعله فتنة
وحضر جماعة كثيرة من الجند ومن الناس
إلى شيخ الإسلام ابن تيمية لأجل الانتصار له والانتقام من خصمه
الذي كفره واعتدى عليه .
░█░█
والسؤال هنا ..؟
ما هو موقف شيخ الإسلام من هذا الرجل الذي كفره وحكم عليه بالزندقة
ثم وثب عليه وضربه ونتش أطواقه.... ؟؟
حينما تجمع الجند والناس على ابن تيمية يطالبون بنصرته
وأن يشير عليهم بما يراه
مناسباً للانتقام من خصمه البكري الصوفي؛
أجابهم شيخ الإسلام ...
" أنا ما أنتصر لنفسي " !!
فماج الناس والجند وأكثروا عليه وألحوا في طلب الانتقام؛
فقال لهم :
" إما أن يكون الحق لي، أولكم أو لله
فإن كان الحق لي فهم في حل ~)
وإن كان لكم فإن لم تسمعوا مني فلا تستفتوني وافعلوا ما شئتم
وإن كان الحق لله فالله يأخذ حقه كما يشاء ومتى يشاء"
░█░█
ولما اشتد طلب الدولة للبكري وضاقت عليه الأرض بما رحبت هرب واختفىعند من ...؟??
هرب واختفى في بيت ابن تيمية وعند شيخ الإسلام لما كان مقيماً في مصر
حتى شفع فيه ابن تيمية عن السلطان وعفا عنه !!
فانظر إلى عظيم تسامح هذا الإنسان
░█░█
.(ب)... موقف ابن تيمية من خصومه الذين تسببوا في سجنه وطالبوا بقتله .