يصيب صغار السن وأعراضه تخدع الأطباء
صحة الأ سرة ... تيبس العمود الفقري بين الانزلاق الغضروفي والروماتيزم
الروماتيزم التيبسي مرض يصيب العمود الفقري وتختلط أعراضه مع أعراض الانزلاق الغضروفي، وكثيرا ما يتم تشخيصه على سبيل الخطأ بالانزلاق الغضروفي، فيدخل المريض في متاهة التشخيص الخاطئ وبالتالي العلاجات الخاطئة والتي تصل إلى جراحة العمود الفقري من دون طائل. هو مرض مزمن كما يؤكد الأطباء.. يصيب المفاصل الطرفية وعلاجه لا يخرج عن التمرينات الرياضية أو جلسات العلاج الطبيعي ومضادات التهاب حتى الآن.
القاهرة ماري يعقوب:
يقول الدكتور فاروق حجاج أستاذ الأمراض الباطنية والمناعة إنه أحد الأمراض الروماتيزمية التي تشكل نحو 1.5 % من مجموع هذه الأمراض والمشكلة هي تأخر تشخيصه لعدم وعي التخصصات الأخرى به، وقد يرجع ذلك إلى الربط دائما بين أوجاع العمود الفقري والجراحات المتخصصة به وارتباطها في أذهان البعض بجراحات المخ والأعصاب أيضا، حيث غالبا ما يتم تشخيصه بالخطأ على أنه انزلاق غضروفي وإخضاع نسبة كبيرة لجراحات العمود الفقري، لذلك تجدر الإشارة إلى أنه إذا جاءت الطبيب حالة مريض يشكو من الألم أسفل الظهر وهو لا يزال صغير السن أي في سن الشباب فيجب عليه أن يتجه تفكيره إلى مرض تيبس العمود الفقري وإجراء الفحص الإكلينيكي والعملي الذي يساعد على التشخيص المبكر، حيث إنه من سوء الحظ أن التغيرات في الأشعة تصاحب هذا المرض بعد فترات من 5 إلى 9 سنوات من الإصابة، لذلك فعند إجراء أشعة الرنين المغناطيسي يتم التركيز على الأماكن المعروفة للالتهاب في هذا المرض وهي مفصل العجز الحرقفي، وأماكن اتصال الأربطة بالعظام وأن يحرص الأطباء على المعرفة التامة بالتفاصيل الباثولوجية للمرض ومدى وضوحها في فيلم الأشعة ذاته لا على التقرير المصاحب لهذا الفيلم والذي غالبا ما يقوم بكتابته أخصائي الأشعة.
ويؤكد دكتور فاروق أن سرعة توجيه المريض للتخصص المناسب يختصر كثيرا من المعاناة على المريض، ولذلك لابد من وجود طبيب الممارس العام أو ما يطلق عليه طبيب الأسرة ممن لديه الدراية الكافية والثقافة الطبية المناسبة والتي تتيح له التفرقة بين تشخيص وآخر لمصلحة المريض.
ويتفق في هذا الرأي دكتور عصام عمارة أستاذ جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري حيث يؤكد أهمية التشخيص السليم والسريع مشيرا إلى أن هذا المرض الذي يصيب المفاصل العلوية، كالكتف والحوض يكون تركيزه أيضا على المفاصل المركزية مثل العمود الفقري أسفل الظهر والرقبة، كما يصيب أماكن ارتباط الأوتار والأربطة بالعظام وله الكثير من الأعراض غير المفصلية، وأحيانا يسبب التهاباً حاداً في قزحية العين وأحيانا أخرى يتسبب في بعض المشاكل بالقلب مثل عدم انتظام ضربات القلب أو اتساع الصمام الأورطي، وقد يسبب بعض التلفيات في الأجزاء العلوية من الرئة، كما أن استخدام المريض به للمسكنات فترات طويلة قد يضر الكليتين والمعدة والجهاز الهضمي.. ولأنه أحد فصائل الأمراض الروماتيزمية السلبية الذي يحدث بعد إصابة ميكروبية بالجهاز الهضمي أو الجهاز التناسلي والروماتيزم المصاحب لتقرحات القولون وهو عادة يصيب الشباب في سن العشرين وأكبر قليلا.. وأهم أعراض آلام أسفل الظهر الذي يأتي غالبا مصحوبا بتيبس أسفل الظهر عند الاستيقاظ من النوم صباحا ويستمر فترة طويلة يتحسن بالتمرينات الرياضية، وفي كثير من هذه الحالات يشخص على أنه انزلاق غضروفي يتبعه مجموعة من إجراءات العلاج الخاطئة وأخطرها الجراحة التي ليس لها داع.
ويرى دكتور عصام أن وسائل التشخيص التقليدية كالأشعة العادية لا يمكنها تشخيص المرض في مراحله الأولى، وهناك الرنين النووي المصاحب لنوع من الصبغة من شأنه إظهار المرض في مراحله المبكرة مما يسهم في توجيه المريض للعلاج السليم والمناسب في وقت مبكر ويعفيه من خوض جراحة لا داعي لها. كما كان العلاج التقليدي لهذا المرض في حالة عدم التشخيص السليم والدقيق يعتمد أيضا على مضادات الالتهاب والعلاج الطبيعي، ولا يوجد علاج للسيطرة على المرض ومنع تطوره، حيث ينتهي الأمر بالمريض إلى تقوس كامل لجميع فقرات الظهر لدرجة انه لا يستطيع الرؤية أمامه، ولكن منذ خمس سنوات ظهر نوع جديد من الأدوية تستخدم حاليا في السيطرة على حالة الروماتويد الشديد، والتهابات القولون التي لم تكن تستجيب للعلاج بالطرق التقليدية.. هذه الأدوية نوع من العلاجات البيولوجية، ولكن كما يقول يعيبه ارتفاع تكاليفه بالنسبة للمرضى المصريين.. وهناك أدوية أخرى تحت التجريب. مثل “بامدروتيت” ويتضمن نوعين من الأدوية التي كانت تستخدم أساسا لعلاج هشاشة العظام.. ويؤكد دكتور فاروق حجاج، أن هذه العقاقير لا تخلو من مضاعفات، رغم أنها قد تعطي نتائج إيجابية أكثر من غيرها بالنسبة لتيبس العمود الفقري، وذلك مثل عقار الثاليدوميد الذي أحدث ضجة عالمية حين ظهوره في القرن الماضي لما تسبب عنه من تشوهات بالأجنة والمواليد وهو يعطى تحت إجراءات طبية صارمة لعلاج بعض الالتهابات الجلدية المزمنة ويتم تجريبه حاليا لعلاج هذه الحالات من أمراض الروماتيزم التيبسي وعلاج العمود الفقري والمفاصل. وهناك أدوية أخرى تعطى لزيادة كثافة العظام مع الأدوية البيولوجية وهي تعطي مفعولا ونتائج مرضية في السيطرة على الأمراض بمنطقة العمود الفقري ولكن يعيبها فضلا عن ارتفاع سعرها أنها تؤخذ عن طريق الحقن بالوريد، كما يتطلب الأمر مزيدا من الوقت لتجربة هذا العقاقير واختبار نتائجها، حيث إن عمرها في علاج العمود الفقري التيبسي لا يتعدى عامين.
ومن ناحية أخرى، فإنه رغم أن الأدوية البيولوجية الأخرى أثبتت فعاليتها النسبية في السيطرة على هذا المرض إلا أن من تأثيراتها التي يجب الوقوف عندها هي أنها توقف فعل مادة “t.n.f” بجسم الإنسان وهي مادة مهمة لمقاومة البكتيريا والفيروسات التي تعيش داخل الخلية، لذلك يجب التنبيه إلى ذلك من جانب الطبيب عند العلاج بهذه الأدوية، إذ يجب عمل اختبار درن الجلد للمريض قبل إعطائه هذه الأدوية مع متابعة المريض الدورية بفحصه بالأشعة الصدرية كل مدة لا تزيد على ستة اشهر تجنبا للمضاعفات.
((( مجلة الصحة والطب )) ... مع تمنياتي للجميع بالصحة والسلامة والعافية .