ما جاء في حديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم
"كان يصلي في شهر رمضان في غير جماعة بعشرين ركعة والوتر " .
موضوع .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 2 / 90 / 2 ) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( 73 / 1 - 2 ) والطبراني في " الكبير " ( 3 / 148 / 2 ) وفي " الأوسط " كما في " المنتقى منه " للذهبي ( 3 / 2 ) وفي " زوائد المعجمين " ( 1 / 109 / 1 ) وابن عدي في " الكامل " ( 1 / 2 )
والخطيب في " الموضح " ( 1 / 209 ) وأبو الحسن النعالي في " حديثه " ( 127 / 1 ) وأبو عمرو بن منده في " المنتخب من الفوائد " ( 268 / 2 ) والبيهقي في " السنن الكبرى " ( 2 / 496 )
كلهم من طريق أبي شيبة إبراهيم بن عثمان عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس مرفوعا ، وقال الطبراني : " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد ".
وقال البيهقي : " تفرد به أبو شيبة وهو ضعيف " . قلت : وكذا قال الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 172 ) أن أبا شيبة ضعيف ، وقال الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 4 / 205 ) بعد ما عزاه لابن أبي شيبة : " إسناده ضعيف ".
وكذلك ضعفه الحافظ الزيلعي " في نصب الراية " ( 2 / 153 ) من قبل إسناده ، ثم أنكره من جهة متنه
فقال : " ثم هو مخالف للحديث الصحيح عن عائشة قالت : " ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة " رواه الشيخان " .
وكذلك قال الحافظ ابن حجر وزاد : " هذا مع كون عائشة أعلم بحال النبي صلى الله عليه وسلم ليلا من غيرها " . قلت : ووافقها جابر بن عبد الله رضي الله عنه فذكر : " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أحيا بالناس ليلة في رمضان صلى ثمان ركعات ، وأوتر " .
رواه ابن نصر في " قيام الليل " ( ص 90 ، 114 ) والطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 108 ) وابن حبان في صحيحه ( رقم 920 - موارد ) .
وقد أفسد حديث جابر هذا بعض الضعفاء فرواه محمد بن حميد الرازي حدثنا عمر بن هارون بإسناده عن جابر بلفظ : " فصلى أربعا وعشرين ركعة وأوتر بثلاث " . وأخرجه السهمي في " تاريخ جرجان " ( 75 و276 ) .
قلت : ومع أن إسناده إلى محمد بن حميد لا يصح ، لأن فيه من لا يعرف حاله ، فإن محمد بن حميد وشيخه عمر بن هارون متهمان بالكذب فلا يعتد بروايتهما بله مخالفتهما ! وبالجملة فقد اتفقت كلمات أئمة الحديث على تضعيف حديث أبي شيبة هذا ، بل عده الحافظ الذهبي في ترجمته من " الميزان " من مناكيره .
وقال الفقيه أحمد بن حجر الهيتمي في " الفتاوى الكبرى " إنه شديد الضعف .
وأنا أرى أنه حديث موضوع ، وذلك لأمور :
الأول : مخالفته لحديث عائشة وجابر .
الثاني : أن أبا شيبة أشد ضعفا مما يفهمم من عبارة البيهقي السابقة وغيره ، فقد قال ابن معين فيه : " ليس بثقة " . وقال الجوزجاني : " ساقط " وكذبه شعبة في قصة ، وقال البخاري : " سكتوا عنه " .
وقد بينا فيما سبق أن من قال فيه البخاري " سكتوا عنه " فهو في أدنى المنازل وأردئها عنده ، كما قال الحافظ ابن كثير في " اختصار علوم الحديث " ( ص 118 ) .
الثالث : أن فيه أن صلاته صلى الله عليه وسلم في رمضان كانت في غير جماعة ، وهذا مخالف لحديث جابر أيضا ، ولحديث عائشة الآخر : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد ، وصلى رجال بصلاته ، فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه ، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بصلاته " . الحديث نحو حديث جابر وفيه : " ولكن خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها " .
رواه البخاري ومسلم في " صحيحيهما "
. فهذه الأمور تدل على وضع حديث أبي شيبة . والله تعالى هو الموفق .
( فائدة ) دل حديث عائشة وحديث جابر على مشروعية صلاة التراويح مع الجماعة ، وعلى أنها إحدى عشرة ركعة مع الوتر .
وللأستاذ نسيب الرفاعي رسالة نافعة في تأييد ذلك اسمها " أوضح البيان فيما ثبت في السنة في قيام رمضان " فننصح بالاطلاع عليها من شاء الوقوف على الحقيقة .
ثم إن أحد المنتصرين لصلاة العشرين ركعة أصلحه الله - قام بالرد على الرسالة المذكورة في وريقات سماها " الإصابة في الانتصار للخلفاء الراشدين والصحابة " حشاها بالافتراءات ، والأحاديث الضعيفة بل الموضوعة ، والأقوال الواهية ، الأمر الذي حملنا على تأليف رد عليه أسميته " تسديد الإصابة إلى من زعم نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة " وقد قسمته إلى ستة رسائل طبع منها : الأولى : في بيان الافتراءات المشار إليها .
الثانية : في " صلاة التراويح " . وهي رسالة جامعة لكل ما يتعلق بهذه العبادة ، وقد بينت فيها ضعف ما يروى عن عمر رضي الله عنه أنه أمر بصلاة التراويح عشرين ركعة ، وأن الصحيح عنه أنه أمر بصلاتها إحدى عشرة ركعة وفقا للسنة الصحيحة ، وأن أحدا من الصحابة لم يثبت عنه خلافها فلتراجع فإنها مهمة جدا وإنما علينا التذكير والنصيحة .
سلسلة الأحاديث الضعيفة –
المجلد الثاني
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني