معرفة مِقدار النفس
يقول الإمام إبن القيّم رحمه الله:
** ومنها أنَّ العَبدَ يعرفُ حقيقَةَ نفسهِ, وأنَّها الظَّالمَةُ, وأنَّ ما صَدَرَ مِنها من شرٍّ فقد صَدَرَ من أهلهِ ومعدنهِ, إذ الجَهلُ والظُّلمُ منبعُ الشرِّ كلِّهِ, وأنَّ كلَّ ما فيها من خَيرٍ وعلمٍ وهُدىً وإنابَةٍ وتَقوىً فهو من ربَّها تَعالى, هو الذي زكَّاها بهِ, وأعطاها إيَّاهُ, لا منها, فإذا لم يَشَأ تَزكيَةَ العَبدِ تَرَكهُ معَ دواعي ظُلمهِ وجَهلهِ, فهو تعالى الذي يُزَكِّي من يشاءُ منَ النُّفوسِ, فَتزكو وتأتي بأنواعِ الخَيرِ والبرِّ, ويتركُ تَزكيَةَ من يشاءُ منها فتأتي بأنواعِ الشرِّ والخُبْثِ.
وكانَ من دعاءِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم اللهمَّ آتِ نَفسي تَقواها, وَزكِّها أنتَ خَيرُ مَن زكَّاها أنتَ وليُّها ومَولاها).
فإذا ابتَلى اللهُ العَبدَ بالذَّنبِ عَرَفَ بهِ نَفسهُ ونَقْصَها, فرُتَّبَ لهُ على ذلكَ التَّعريفِ حِكَمٌ ومصالحُ عَديدةٌ, منها أنَّهُ يَأْنَفُ من نَقصِها ويجتهدُ في كمالِها.
ومنها أنَّهُ يعلمُ فَقْرَها دائماً إلى مَن يتولَّاها ويحفظُها**.
[ مفتاح دار السعادة 2/270].