يفعل الصالحات إلا الصلاة!
السؤال
زوجي إنسان على خلق عالٍ جداً، وكريم النفس، ويخاف الله كثيراً، وطيب القلب لدرجة أن بيته ملاذ لكل المحتاجين، وكل من يطرق بابه يهرع لمساعدته، ربما تقول: إذن أين المشكلة؟ المشكلة أنه يصوم، ولا يصلي، وقد حاولت بكل جهدي أن أعلمه الصلاة، والحمد لله بدأ يصلي، وفرحت وأحسست أنني أملك الدنيا وما فيها، ولكن للأسف فرحتي لم تدم طويلا، فقد عاد إلى سابق عهده، وكلما أحاول أن أنصحه بأن الله أول ما يسأل العبد عن صلاته، فيقول لي: إنما الأعمال بالنيات، الله يعلم ما في قلبي، ومادام لم أغضب ربي بشيء محرم فالله يغفر لي، مشكلته أنه مريض، ويتغوط في لباسه، وتخرج الريح منه، وأنا أقول له هذا ليس عذرًا، غيِّر ملابسك عندما تأتي الصلاة، فيبدأ يثور علي، وأيضا هو مريض بالقلب والسكر، وأخاف عليه كثيرًا، لأن عمره الآن تجاوز الستين، ولم يبق في العمر بقية.. أرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أختي الكريمة، أولاً مرحبـا بك على صفحة الاستشارات المتميزة بموقع الإسلام اليوم، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقك وأخواتك المسلمات الثبات على طاعته، كما أسأل الله لك الخير في الدنيا والآخرة، وأن يصلح لك زوجك، وأن يرده إلى دينه، وأن يهديه إلى صالح الأعمال، وبعـد...
إن سؤالك أيتها الأخت يدور حول النقاط التالية:
أولاً: قلت إن زوجك فيه صفات حسنة من قضاء حوائج الناس، والسعي في مصالحهم، وهذا خلق كريم، كما قلت إنه متدين يخاف الله سبحانه وتعالى، فهذا شيء طيب أيضاً يقبله الله ويرضاه.
ثانياً: إنك قلت إنه لا يصلي، فهذه كارثة لا يقبلها الله سبحانه وتعالى، وكم سعدت كثيراً حينما قرأت -أيتها الأخت الكريمة- وصفك لزوجك بهذه الصفات الجميلة الطيبة، ولكن انقلبت الصورة عندي، وتحولت إلى صورة مظلمة حينما قلت إنه لا يصلي!! إنسان مثل هذا بالتعبير الدارج بين الناس (خسارة في النار) فما عليك أيتها الأخت الكريمة إلا بذل الجهد المضني، وأن لا تملي من الإلحاح عليه في أن يصلي، وأعلميه أن ما يفعله لن يغني عنه شيئا ما دام أنه لا يصلي.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله" وإنها والله لخسارة كبيرة أن يضيع زوجك هذا ما يفعله، وأن يهدم ما قد بناه، وأؤكد عليك اتخذي كل الوسائل الممكنة من تذكير له بأهمية الصلاة، ومن إسماعه محاضرات المشايخ والعلماء والدعاة في عقوبة من ترك الصلاة، وذكريه بكل طرق التذكير، واعلمي أنكِ غير معفية من المسئولية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.. ثم قال: والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسئولة عن رعيتها" وذكريه بأن المرأة في الجنة تكون لزوجها الصالح في الدنيا، وأن الرجل في الجنة يكون لزوجته الصالحة في الدنيا، فإن قبل أن تفترقا في الآخرة فليترك الصلاة.
ثالثاً: إنه يتحلل بنيته، أو بأن قلبه سليم، وأنه مؤمن بالله، وأن الاعتبار يكون بما في القلوب.. وأنا أقول له هذه دعوى كاذبة، فأصدق علامات الإيمان بالله المحافظة على الصلاة، قال الله سبحانه وتعالى: "قد أفلح المؤمنون... ثم ذكر من صفاتهم: والذين هم على صلواتهم يحافظون" فإذا ما كنت مؤمنا حقا فحافظ على الصلاة، ولا تبرر وتقول ربنا رب قلوب، فربنا سبحانه وتعالى نعم هو رب قلوب، ولكن قلوب مَنْ (
قلوب من سلمت قلوبهم من الأمراض والعلل)، وأعظم عله وأخطر مرض على القلب هو (ترك الصلاة).
رابعاً: ذكرتِ أن لزوجك عذراً، وأنه مصاب بانفلات الريح، فهذا قد رخص الله تبارك وتعالى له، ورفع عنه الإثم والحرج.
قال النبي "صلى الله عليه وسلم": "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه "وقد رخص الله سبحانه وتعالى لمن أصيب بعذر من هذه الأعذار -انفلات الريح – سلس البول – التغوط في الملابس – الاستحاضة أي شيء من هذه الأمور- أن يحتاط من أصيب بها أو بشيء منها لنفسه، ثم ما عليه إلا أن يذيل ما تحفظ به عند كل صلاة، وأن يستنجي ويتوضأ لكل صلاة على حدة تيسيراً عليه، ورفعاً لعلل المتعللين.
خامساً:
أوصيك أيتها الأخت بعدة وصايا:
1-
الدعاء بإلحاح إلى الله تعالى بأن يهدي لك زوجك، وأن يحببه إلى الصلاة، وأن يحبب الصلاة إليه.
2-
أوصيك أن تصبري صبرا جميلا، وأن لا تملي من تذكيره والإلحاح عليه في أمر الصلاة "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها".
3-
كما ذكرت لك في ثنايا إجابتي أن توصليه إلى أحد العلماء، أو أن تسمعيه كلام العلماء في قضية ترك الصلاة.
4-
كوني معنا على تواصل دائما على صفحة الاستشارات المتميزة بموقع الإسلام اليوم؛ ففي التواصل معنا عبر هذا الموقع كثير نفع للخاصة والعامة، والله سبحانه وتعالى أسأل أن يحفظكِ وبنات المسلمين من أي مكروه وسوء.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومن والاه. والحمد لله رب العالمين.
المجيب:محمد السعيد القميري