وما منا أحد إلا ويخاف أن يكون ممن يختم له بسوء الخاتمة
بكى سفيان الثوري ليلة إلى الصباح فقيل له أبكاؤك هذا على الذنوب فأخذ تبنة من الأرض وقال الذنوب أهون من هذه إنما أبكي خوف سوء الخاتمة" لأنها الأمر الذي يبكي عليه، ويصرف الاهتمام له.
ولذلك قيل لا تكف دمعك حتى ترى في المعاد ربعك، وقيل لا تكحل عينك بنوم حتى ترى حالك بعد اليوم، وقيل لا تبت وأنت مسرور حتى تعلم عاقبة الأمور.
وسمع بعض الصالحين رجلاً ينشد شطر بيت شعر، أيا راهبي نجران ما فعلت هند فبكى ليلته كلها.
فلما أصبح قيل له ما كان شأنك البارحة وما الذي أبكاك فقال: سمعت منشدا ينشد الشطر السابق فقلت في نفسي ماذا قدر علي وما الذي يجري علي فانظر الفرق بينه وبين منشد البيت اهـ.
وقد علمت أن الناس صنفان صنفٌ مقربٌ مصان، وصنفٌ مبعدٌ مهان، صنفٌ نصبت له الأسرة والحجال وجمعت له الرغائب والآمال والأرائك والكلال.
وصنفٌ أعدت له الأراقم والصلال والمقامع والأغلال وضروب الأهوال والأنكال والسلاسل والغسلين والزقوم والضريع والحميم وأنت لا تعلم من أي الصنفين أنت ولا في أي الفريقين كتبت.
آخر:
والذي أبْكَى الجُفُونَ دَمًا
سابقٌ لم نَدْرِهِ كَيْفَ جَرَى
وأَمُور في الوَرَى قَدْ أُخْفِيَتْ
فَدَعِ الأنْفَاسَ فيها صَاعِدِةْ
وأبْكِ لا جَفَّتْ دُمُوعُ العَيْنِ مَا
فَغَدَتْ مِن ذلكَ الدَّمْعِ غُدُرْ
في القَضَاءِ الحَتْمُ فيه وَالقَدَرْ
عن ذَوِي الأَلْبَابِ أَصْحَابِ النَّظَرْ
ودُمُوعَ العَيْنِ مِنَها تَنْحَدِرْ
ضَاعَ مِن أَيَّامِكَ أيَّامَ الغَرَرْ
اللهم اختم بالأعمال الصالحات أعمارنا وحقق بفضلك آمالنا وسهل لبلوغ رضاك سبلنا وحسن في جميع الأحوال أعمالنا يا منقذ الغرقى ويا منجي الهلكى ويا دائم الإحسان أذقنا برد عفوك وأنلنا من كرمك وجودك ما تقر به عيوننا من رؤيتك في جنات النعيم واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
من كتاب "اغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات
قبل هجوم هادم اللذات ومشتت الشمل ومفرق الجماعات"
للشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان