بين الروح و البدن....كلام قيم لابن القيم.
قال الشيخ الامام محيي السنة و قامع البدعة ابو عبد الله ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه الموسوم بالفوائد :
خلق بدن ابن ادم من الارض وروحه من ملكوت السماء وقرن بينهما .فاذا اجاع بدنه واسهره و اقامه في الخدمة وجدت روحه خفة وراحة فتاقت الى الموضع الذي خلقت منه واشتاقت الى عالمها العلوي .واذا اشبعه ونعمه و نومه واشتغل بخدمته وراحته اخلد البدن الى الموضع الذي خلق منه فانجذبت الروح معه فصا رت في السجن فلولا انها الفت السجن لاستغاثت من الم مفارقتها وانقطاعها عن عالمها الذي خلقت منه كما يستغيث المعذب.
وبالجملة فكلما خف البدن لطفت الروح وخفت وطلبت عالمها العلوي و كلما ثقل واخلد الى الشهوات و الراحة ثقلت الروح و هبطت من عالمها وصارت ارضية سفلية فترى الرجل روحه في الرفيق الاعلى وبدنه عندك فيكون نائما على فراشه وروحه عند سدرة المنتهى تجول حول العرش و اخر واقف في الخدمة ببدنه وروحه في السفل تجول حول السفليات.....
فاثر احسن المعيشتين و اطيبهما و ادومهما و اشق البدن بنعيم الروح ولا تشقي الروح بنعيم البدن فان نعيم الروح و شقاءها اعظم و ادوم و نعيم البدن و شقاؤه اقصر و اهون والله المستعان.